كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 12

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7769 - 2023 / 10 / 19 - 14:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع







*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


طوفان الأقصى – النتائج والتوقعات



فاليري إيلين
كاتب صحفي ومؤرخ روسي
مؤسسة الثقافة الاستراتيجية

17 أكتوبر 2023


إن الاشتباكات بين مؤيدي إسرائيل وفلسطين تجري بالفعل في جميع أنحاء العالم، وكذلك المسيرات الداعمة للفلسطينيين – في النمسا وأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والعراق وألمانيا واليمن وتشيلي وإيران وكولومبيا والأردن وبلجيكا. ... السيناريو هو نفسه تقريبًا: يلتقي حشدان، كل منهما يدعم جانبه، ويبدأ في التنمر على خصومه. وفي أي لحظة يمكن استخدام الحجارة والسكاكين وقنابل المولوتوف.

وفي فرنسا، بدأت بالفعل أعمال الشغب والاشتباكات مع الشرطة خلال الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل. تمثال الجمهورية في باريس مغطى بدعوات لتحرير فلسطين. وتقوم الشرطة بتفريق المتظاهرين بخراطيم الغاز والمياه. الولايات المتحدة، بالطبع، تؤمن بانتصار إسرائيل، ولكن اعتبارًا من يوم الجمعة 13 أكتوبر، تبدأ بإجلاء جميع مواطنيها من البلاد... وأيضًا، اعتبارًا من 13 أكتوبر، من المتوقع أن تتزايد عدد النشاطات المؤيدة للفلسطينيين في جميع دول العالم بشكل ملحوظ، حيث دعت حماس جميع المسلمين للانضمام في هذا اليوم إلى المسيرات الاحتجاجية ضد الإجراءات الإسرائيلية.

بالإضافة إلى الاحتجاجات المتزايدة المناهضة لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي وفي جميع أنحاء العالم، يمكننا في الوقت الحالي تسليط الضوء على النتائج التالية من الأيام الأولى للمرحلة الحادة من الصراع في الشرق الأوسط.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، فإن صراع تل أبيب مع العالم العربي يقود إسرائيل بالفعل إلى مواجهة مع مصر والجزائر والكويت والبحرين ودول عربية أخرى. وبناء على ذلك، فإن قطع العلاقات الخليجية والمغاربية مع إسرائيل يمثل أولوية رئيسية لحماس وكل محازبيها. وكلما طال أمد الحرب، قلت فرص حل نزاعات إسرائيل الطويلة الأمد مع الدول العربية والدول الإسلامية الأخرى، بما في ذلك باكستان (وقد صرح رئيس الأركان العامة الباكستانية بالفعل أنه إذا شنت إسرائيل عملية برية ضد قطاع غزة: سوف تقدم إسلام آباد الدعم الصاروخي الباليستي لحماس).

ومن المرجح أن تتوقف الحوارات الناشئة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وكذلك مع الإمارات العربية المتحدة. وعلى خلفية إحياء العلاقات بين هذه الدول وإيران، تحصل طهران على مكافآتها مع إلغاء الاتفاق مع السعودية الذي تم الإعداد له منذ سنوات بوساطة أمريكية. وقد يكون رد فعل إسرائيل على الأحداث من الضخامة لدرجة أنها ستؤدي إلى تراجع الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، أو حتى نسفها تماما.
ممر الشحن بين الهند والمملكة العربية السعودية وإسرائيل وأوروبا لن يتم تأجيله إلى أجل غير مسمى فحسب، بل إنه قد يختفي في واقع الأمر.

سيتعين على إدارة بايدن تقديم إجابة أمام الكونغرس الأمريكي بشأن إهدار الذخائر "الإسرائيلية" وغيرها من محتويات المستودعات العسكرية التي نقلت إلى النظام في كييف، علاوة على ذلك، بطريقة ما انتهى الأمر ببعض قذائف RPG 7 ومنظومات الدفاع الجوي المحمولة في أيدي مقاتلي حماس وغيرهم من المتطرفين الإسلاميين. وبالتالي، فإن استمرار الإمدادات إلى أوكرانيا، التي تستنزف بالفعل ليس فقط المستودعات العسكرية الأمريكية ولكن أيضًا المستودعات العسكرية الإسرائيلية، بدأت تصبح مهمة أكثر صعوبة من ذي قبل.

وفي الوقت نفسه، أصبح الأميركيون أنفسهم المستفيدين الرئيسيين من الخسائر التي ألحقها الإسلاميون بالإسرائيليين. في اليوم التالي للعدوان – على خلفية العمليات الحربية في إسرائيل وقطاع غزة - قفزت أسعار أسهم الشركات العسكرية الأمريكية بشكل حاد. على سبيل المثال، أظهر تحديث اعتبارًا من 9 أكتوبر أن أسهم شركة Lockheed Martin ارتفعت بأكثر من 8%، وارتفعت أسهم RTX بأكثر من 4%، وارتفعت أسهم Northrop Grumman بأكثر من 11%، وهي أكبر نسبة مكاسب منذ مارس 2020 (حيث إن «وباء فيروس كورونا» قد بدأ بالفعل).

يمكن لنيران الحرب بين إسرائيل وفلسطين أن تشعل النار في اسعار النفط. وهذا يعني أنه بسبب الصراع في الشرق الأوسط ، فإن حوالي 40 ٪ من صادرات النفط العالمية معرضة بالفعل للخطر. بعد كل شيء ، هناك مضائق بحرية رئيسية والعديد من المصدرين الرئيسيين للنفط والوقود والطاقة للمستهلكين العالميين. بعد أن عرّض هجوم حماس على إسرائيل الشرق الأوسط لخطر زعزعة الاستقرار ، ارتفع سعر النفط بأكثر من 3 ٪.
العلاقات بين العرب وإسرائيل متوترة للغاية بالفعل. وإذا أصبحت البلدان المجاورة مع ذلك منغمسة في النزاع ، فإن أسعار النفط يمكن أن تقفز بشكل كبير. إن تطور الأحداث بطريقة سلبية يمكن أن يخلق تهديدًا مباشرًا للإمدادات ، نظرًا لوجود دولتين مهمتين منتجة للنفط هما العراق وإيران ، بالإضافة إلى مضيق هرمز الذي يخدم جميع صادرات هذه البلدان. وفقًا لـ BIoomberg (التي نشرت الرسم البياني حول "مخاطر النفط في أعقاب الهجمات على إسرائيل")، فإن الانتقام الإسرائيلي المحتمل ضد إيران وسط تقارير عن تورط الجمهورية الإسلامية في الهجمات يزيد بالفعل من المخاوف بشأن مضيق هرمز، وهو شريان شحن حيوي وقد هددت طهران في السابق بإغلاقه مع إرسال الولايات المتحدة سفنها الحربية إلى المنطقة.

بالنسبة لأولئك الذين يستعدون لفتح السوق بعد اندلاع مفاجئ للحرب في إسرائيل ، فإن تجار النفط يطرحون السؤال الرئيسي: هل ينتشر الصراع إلى بقية المنطقة؟ من ناحية ، لا يتوقع تجار النفط قفزة حادة في الأسعار ، حيث لا يوجد أي تهديد مباشر للإمدادات. من ناحية أخرى ، يركز كل الاهتمام على طرق النقل ، رد فعل الولايات المتحدة وإيران ، كأكبر منتج للنفط ومؤيد رئيسي لمجموعة حماس التي هاجمت إسرائيل.

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة رفعت بالفعل العقوبات النفطية المفروضة على إيران في عام 2023، وبالتالي حاولت خفض عائدات موسكو والسماح لطهران ببيع الكمية التي تريدها من النفط. يمكن للوبي الإسرائيلي المتشدد في الكونغرس ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض أن يعيد الضغط الحقيقي للعقوبات ضد إيران، والتي نتيجة لذلك يمكن أن تزيد دخل الاقتصاد الروسي من صادرات النفط والغاز.

وقد يتحول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى حافز لمزيد من احتجاجات العرب الضخمة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى.

بدأ أنصار فلسطين في الغرب، الذين التزموا الصمت في اليومين الأولين من الحرب – على خلفية الخسائر الفادحة في صفوف الإسرائيليين- يرفعون رؤوسهم في اليوم الثالث، لأن
الفلسطينيين العاديين يتكبدون بالفعل خسائر، وبسبب ذلك يتغير مزاج الرأي العام . وفي نظر أوروبا فإن كل هذا أشبه بقنبلة موقوتة مع صاعق جاهز للتفجير ـ فقد اجتمع هناك العديد من ممثلي العالم العربي والإسلامي المتنوعين، لدرجة أنه إذا تصرفت الحكومات الأوروبية مع إسرائيل كما فعلت مع أوكرانيا، فإن الانفجار الاجتماعي يكاد يكون حتمياً.

إن ما يحدث عندما يندفع المهاجرون بشكل لا يمكن السيطرة عليه في شوارع المدينة، ويحطمون المتاجر ويحرقون السيارات، يمكن أن تحدثنا عنه، على سبيل المثال، السلطات الفرنسية، التي تشهد ارتفاعًا سريعًا في مستوى معاداة السامية، وفقًا للبحث الاجتماعي. ومن ناحية أخرى، أصدر حزب فرنسا المنتصرة، وهو أكبر حزب يساري في البلاد بقيادة "ميلينشون"، بيانا صحفيا يدعو إلى إنهاء "الاستعمار الإسرائيلي". وتعمل حكومة ماكرون على عجل على تعزيز الأمن في المدارس والمعابد اليهودية، والتي قد تكون معرضة لخطر الهجمات الإرهابية.

وتجري اليوم احتجاجات مؤيدة لحماس وفلسطين في العديد من العواصم الأوروبية، بما في ذلك لندن وباريس وفيينا وبروكسل وبرلين. ما يجبر سلطات الدول الأوروبية على إظهار المرونة في هذا الأمر، وعدم إدانة العرب وتمجيد الإسرائيليين دون تفكير. ونظراً لنسبة المسلمين في التركيبة العرقية الحالية لسكان البلدان الأوروبية، فإن خطر جني عاصفة من السخط في الداخل يتزايد بسرعة. ولذلك، فإن الاتحاد الأوروبي، الذي أراد في البداية تجميد المساعدات لفلسطين، قام على الفور بإلغاء تجميدها.

بسبب المسيرات في دول الاتحاد الأوروبي لدعم فلسطين، توقع إيلون ماسك بالفعل حربًا أهلية في أوروبا على شبكته الاجتماعية: "إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن الحرب الأهلية في أوروبا أمر لا مفر منه". جاء هذا البيان ردًا على تغريدة لأحد المستخدمين كتب فيها أنه قريبًا "سيتحول آلاف المتظاهرين إلى عشرات الآلاف. ومع تفاقم المشكلة، فإن الإشارة إليها والمطالبة باتخاذ إجراءات ستصبح أكثر خطورة... لقد انتحرت أوروبا». (ردت المفوضية الأوروبية على الفور على تصريح ماسك، وهددته بالعقوبات).

وحتى وزير الخارجية الأميركي السابق ومستشار الأمن القومي الرئاسي هنري كيسنجر، البالغ من العمر 100 عام، قال، وهو لا يكاد يحرك شفتيه، إن الدول الأوروبية كانت مخطئة في الوقوف إلى جانب العديد من الأشخاص الذين يدعمون الآن تصرفات حماس ضد إسرائيل. وحذر من أنه ما لم تتم معاقبة المقاتلين على احتجازهم رهائن، فإن الأوروبيين سيخاطرون بالتعرض لـ«هجمات مماثلة». (نسينا أن نذكر أن استقبال الدول الغربية للمهاجرين كان تحت ضغط شخصيات مثل كيسنجر).

وفي الوقت نفسه، تظهر العديد من مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت بالفعل اشتباكات بين أنصار حماس والشرطة في ألمانيا. فضلا عن المسيرة المؤيدة للفلسطينيين في لندن والمسلمين البريطانيين يهتفون خارج السفارة الإسرائيلية "فلسطين حرة!" وفي بريطانيا، عقد جناح اليسار في حزب العمال مؤتمرا لتهنئة حركة الشباب الفلسطينيين، الذين وصفوها بأنها لحظة تاريخية في نضالهم. ومن المرجح للغاية أن يصل حزب العمال إلى السلطة في إنجلترا في الانتخابات المقرر إجراؤها في وقت مبكر من العام المقبل، متغلباً على المحافظين. وهم، مثل الديمقراطيين في الولايات المتحدة، لديهم فصيل يساري كبير من المؤيدين لفلسطين الذين يعتبرون إسرائيل "دولة فصل عنصري". وفي الوقت الحالي، يدعو حزب العمال البريطاني إسرائيل إلى "احترام القانون الدولي وعدم اللجوء إلى قتل المدنيين الفلسطينيين".

وقام مؤسس فرقة Pink Floyd، المغني Roger Waters، برفع العلم الفلسطيني في حفله الذي أقيم في لندن.

وكما يشير المحللون، فقد أدت الحرب في إسرائيل إلى تفاقم الانقسام السياسي، ليس فقط في أوروبا، بل وأيضاً في الولايات المتحدة والغرب ككل. في السنوات الأخيرة، ارتفعت نسبة المؤيدين للفلسطينيين في الولايات المتحدة، وقد تجاوزت الآن 31%، مقابل 54% يؤيدون إسرائيل. أما بين الديمقراطيين، فإن الأغلبية تتعاطف مع العرب، وليس مع الإسرائيليين. وسوف يتفاقم الانقسام، مما يجعل إسرائيل رهينة للحروب الثقافية المشتعلة حاليا في الولايات المتحدة.

لقد دعم فرع شيكاغو لـ Black Lives Matter بالفعل فلسطين ومعركة حماس ضد إسرائيل. والآن يتهم اليهود الأميركيون السود بمعاداة السامية. وفي مدينة نيويورك، بدأت معارك الشوارع بين مؤيدي إسرائيل وفلسطين في Times Square. الناشطون الليبراليون الذين يطالبون بإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة يقتحمون القنصلية الإسرائيلية في نيويورك. الوضع معقد ومتفاقم بسبب وقوع عدد من الأمريكيين في الأسر. وتم القبض على أكثر من اثني عشر منهم من قبل حماس، وأنهى وزير الخارجية الأمريكي بلينكن على عجل جولته في الشرق الأوسط وليس لديه أي نية لإخراجهم.

في هذه الأثناء، هناك دعوات في الكونغرس لوقف الدعم الأميركي لـ”نظام الفصل العنصري” وفرض عقوبات إذا شنت إسرائيل عملية برية في قطاع غزة. ولا يمكن للكونغرس المنقسم أن يمرر أي شيء في غياب رئيس له. النجمة الليبرالية في الحزب الديمقراطي، عضوة الكونغرس إلهان عمر، تطالب بشكل مباشر بوقف قصف قطاع غزة وتتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. ويدعو الفصيل الليبرالي في الحزب الديمقراطي إلى وقف إطلاق النار والعملية ضد حماس. وعلى هذه الخلفية، أصبح أنصار إسرائيل أكثر غضباً. ليندسي جراهام يصف حماس بـ"الحيوانات" ويطالب ردا على مقتل الرهائن بتفجير... مصافي النفط الإيرانية!

وسوف يستمر الوضع في التصاعد وقد يؤدي إلى حرب شوارع في الغرب في كل مكان تقريبا. خاصة على خلفية الفوضى الكبيرة بين إسرائيل والولايات المتحدة والفلسطينيين، بدعم من إيران ومسلمين آخرين.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات