أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد عبدالحسين جبر - رؤية الكاتب بعد عشرين عاماً















المزيد.....

رؤية الكاتب بعد عشرين عاماً


وليد عبدالحسين جبر
محامي امام جميع المحاكم العراقية وكاتب في العديد من الصحف والمواقع ومؤلف لعدد من

(Waleed)


الحوار المتمدن-العدد: 7761 - 2023 / 10 / 11 - 12:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل أشهر كنت أتجول في شارع المتنبي وكعادتي أمرُّ على بسطات الكتب او المكتبات القديمة لأتصفح ما فيها من كتب كُتبت في فترات متفاوتة من قبل كتّاب لامعين الذين ربما يفوت الجيل الجديد مطالعة نتاجاتهم المهمة جداً بفعل ترند مواقع التواصل الاجتماعي لكّتاب جدد ، وإذا بي اجد كتاب بعنوان " عبدالكريم قاسم : رؤية بعد العشرين " للكاتب العراقي الشهير " حسن العلوي " واعجبتني مقدمة الكتاب ومحتوياته في قائمة الفهرس ، فقلت لأقتنيه ربما يعطيني افكار جديدة عن ضابط عراقي انهى الحكم الملكي في العراق وانتهى نهاية مأساوية وظل وسيظل طيلة فترات التاريخ مثيراً للجدل السياسي والفكري والتاريخي ، لا سيما في كل شهر تموز من كل عام تطفو ذكرى ثورته في الرابع عشر من هذا الشهر لتعيد الجدل حوله الى الواجهة
رُكن الكتاب في مكتبتي لأشهر وربما لأكثر من سنة حتى مددتُ يدي اليه قبل ايام وهكذا علاقتي بكتب مكتبتي دائما ، ان الكتاب يقف طويلاً في رفوفها منتظراً الوقت الذي يجلس بين يدي ليتحدث لي ، ولا ادري أهو يختار وقت قراءته ام انا ، الا ان هناك محّرك داخلي يأمرني بين الفترة والاخرى على قراءة كتاب ما ربما يستلم نداءه من الكتاب نفسه!
في صفحاته المائة وثمان وستون تناول الكاتب في كتابه الذي اصدره في لندن عام ١٩٨٣ بعد عشرين سنة من مقتل الزعيم عبدالكريم قاسم مختلف الموضوعات والشبهات والادعاءات والروايات عن هذا الزعيم وثورته ، برؤية جديدة تتسم بالموضوعية طالما انها مُورست في وقت عمّ الهدوء حول ثورة مضت هي ورجالها وما عادت تؤثر في الكاتب ترغيبا او ترهيبا . اعجبتني دقة الكاتب في تناول المسائل الذي ناقشها وحاكمها برؤية ناضجة بعيدة عن الموالاة او الاختلاف الحزبي وهذا حياد مطلوب في كل كاتب ، ليأخذ القارئ منه وجه الحقيقة ناصعة بدون أية تشويش او تزويق او اكاذيب .
سجّل الكاتب منذ البداية اعتراضه على الطريقة التي أُسقط بها قاسم حينما اهدى كتابه الى رائد الوطنية الأولى حسب تعبيره " الزعيم النبيل كامل الجادرجي ، ذكرى نصيحة خالصة بان لا يموت عبد الكريم قاسم، خارج قبة البرلمان وذكرى كفاحه المجيد من اجل ان يحيا العراق تحت قبة البرلمان" ليخبرنا في نهاية مقدمته للكتاب بأنه " اعتمدنا هذه المحاولة أربعة مصادر، خامسها روح الحياد وهي عدسة العين وطبلة الأذن والذاكرة ومحسن حسين الحبيب الضابط الحر والمعارض المبكر لعبد الكريم قاسم أما دار الزوراء التي تبنت المشروع فحسبها أنها خطت أولى خطواتها نحو الصعاب ، والربح هو ربح عبد الكريم قاسم قتل ومعه دينار ومئتا فلس فحمل معه إلى العالم الآخر ثورة وجمهورية وأرضاً لا مكان فيها لقبره"
و حينما تقرأ الكتاب ستلمس معي دقة التفاصيل التي وظفّها الكاتب في فهم شخصية زعيم الثورة الجمهورية الاولى و بالتالي فهم اهداف ونتائج الثورة نفسها ، فمثلا يذكر في الصفحة (9) من الكتاب طريقة معيشة الزعيم في بيت اهله بأنهم " بعد أن خصصوا له غرفة الدرج التي تضم سريراً حديدياً مع خزانة خشبية مزججة امتلأت بما لا يقل عن مئتي كتاب وقد سمرت على الجدران مشجبة ملابس تحتها جعبة للعصي العسكرية.." ليحدثنا عن ام الزعيم وعلاقته بها " كانت أم حامد في عقدها السابع ممشوقة القامة باسقة مستديرة الوجه، يميل لونها إلى الحمرة مع بياض شديد وقد لفت شعر راسها وعنقها بفوطة بيضاء لم يكن لنا عهد بها، فأمهاتنا يستعملن الفوطة السوداء، وكانت اذا تحدثت أسرعت فتتعثر الكلمات في فمها فتأخذها حالة من اللكنة المحببة وقد منحت نفسها صلاحية التصدي لكل خارج على ما تراه صحيحاً، ولم يكن زوج او ام او ابنة ابن اين يغضب الغضب تصبه ام حامد على رأسه ، كان ولدها عبدالكريم قد خصص لها شهريا ثلاثين دينارا الى جانب عشرة دنانير من حامد، وخمسة من ولدها الصغير عبداللطيف نائب الضابط الذي يسكن حي تل محمد في احدى الدور الحكومية الصغيرة ولم يترك داره بعد ثورة ١٤ تموز.."
لينقل لنا طريفة عن الزعيم في يوم نجاح الثورة بأنه " وفي الساعة العاشرة والنصف ليلاً حضر الزعيم عبد الكريم قاسم إلى داره وهو يرتدي قميصاً عسكرياً وبنطالاً وسدارة ويحمل بيده رشاشة صغيرة. وسلمنا عليه واحداً واحداً وكان زر قميصه ما قبل الرقبة مقطوعاً أثناء الحركة، فنهضت ابنة شقيقه السيدة فردوس وأخذت زراً من قميص قديم وخاطته دون أن تعلم أن الزر الجديد يتشكل من أربعة ثقوب وأزرار القميص من اثنين فظهر ذلك واضحاً في أول صورة نشرت له في الصحف" وهكذا يستمر بتسليط الضوء اكثر واكثر على شخصية هذا الزعيم القادم من طبقة البسطاء والفقراء حتى انه انفرد حسب تعبير الكاتب عند افتخاره بوالده بأنه " بدا يفتخر بوالده ليس بنشر شجرة لنسب مزور أو صحيح، وليس بادعاء الإمارة أو الثراء، ولكن لأن والده كما يقول هو حامل الفأس التي أوقعت فيه جروحاً بالغة، وهذا نمط جديد من الفخر، لم يجرؤ عليه رئيس للوزراء قبل عبد الكريم ولا بعده، ولقد نقل معه إلى السلطة حياده المذهبي والعشائري ونظافته من هذه الامراض، إذ تحقق للعراقيين جو متكافئ الفرص، فأحدث بذلك خسائر كبرى لتجارة الطائفية ولجمعياتها السرية والعلنية"
ليكمل الكاتب كتابه مواكباً الزعيم وثورته منذ انطلاقتها ومرورا بممارسة الحكم الى نهاية زعيمها المأساوية ومن ثم المقارنة بينه وبين زعماء اخرين ومناقشة مدى تحقيق اهداف الثورة و مواقف الاحزاب من الزعيم وخطواته وموقفه منها وعدم السماح لها استغلال الدولة لمصالحها الحزبية مطلقا .
اهمية الكتاب تكمن كما ذكرت ان الكاتب كتبه بعد ان كان شاهداً وفاعلاً ضد الزعيم نتيجة موالاته لحزب معارض ، ومن ثم عاش الاحداث السياسية التي تلت سقوط حكومة الزعيم وراقب وتابع تصرفات الحكام الذين جاءوا من بعده عن كثب وبالتالي حينما كتب كتابه يكون قد اتضحت له الصورة كاملة و اصبح تحليله و آرائه اقرب الى الحقيقة لا سيما وانه كتبها في وقت ليس فيها ربحا او خسارة مع الزعيم بل بالعكس فيها خطورة على تنقية جانب الزعيم و الادلاء بالشهادة كما هي تجاه خصومه ، ولولا انه وقت كتابة الكتاب كان في العراق لكان الان احد شواهد المقابر الجماعية نتيجة آرائه في الكتاب غير ان لندن حفظته و منحته السلامة آنذاك ، الكتاب وثيقة تاريخية مهمة متأكد يفيد المتنورين غير المتحزبين او ضيقي الافق ودليل واضح على عدم استغراب تغير الآراء تبعا لتغير الرؤية والنضج و معرفة الخفايا والخبايا بعد حين .



#وليد_عبدالحسين_جبر (هاشتاغ)       Waleed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتقاد بصيغة ندم
- جعلتني تائها معك في التائهين يا معلوف
- كنت محايداً تجاه قضية ال(57 )حتى رأيت!
- أعرض ودع : ايداع الاثاث الزوجية نموذجا
- هلا بالمحامين العرب
- التعهد بحفظ السلام والسلوك
- حسنات الابرار سيئات المقربين
- المطالبة بحضانة البالغين
- هل يمكن ان تتجاوز المحكمة نصوص القانون في تقدير العقوبة؟
- هل عقوبة السجن مدى الحياة ملغاة؟
- مسؤولية اتحاد الحقوقيين عن نصوص قانونه غير الدستورية.
- اذا كان اتحادنا يعمل وفق مفاهيم البعث فعلامَ اجتثاث البعثيين ...
- بين نفقة الزوج الحي والحي الصناعي!
- الروتين يوحدنا
- محكمة التمييز تعلمنا
- التعليق على القرارات القضائية
- الاعلام ثم الاعلام ثم الاعلام
- العودة الامريكية الثانية للعراق .
- يفصرمون
- من فلسفة الشعر الشعبي العراقي


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد عبدالحسين جبر - رؤية الكاتب بعد عشرين عاماً