أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - اَلْمَوْتُ لَيْسَ حَلًّا وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ















المزيد.....

اَلْمَوْتُ لَيْسَ حَلًّا وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7748 - 2023 / 9 / 28 - 18:06
المحور: الادب والفن
    


قد أنظر الى الوجود من الوجهة الفنية الاستيتيقية كمنهج في تأمل الأشياء ومحاولة فهمها دون الغرق في مهامــــه النظــرة، فليس السعي وراء ما يسمى ( الموجود الأصيــل) يفضي بالضرورة الى الغاء جميع العلاقــات والوشائج و التمرد على جميع الأوضاع التي لا تنسجم ورؤانا، بل وإحداث قطيعة بين السابق الذي عشته في الزيف والحالي الذي آكتشفت فيه "الأصالة" المفقودة والتي كانت منذ البدء كامنة في دواخلي، ولما أزحت الغشاوة عن مقلي الحسيرة ( لأن من المفترض لي مقل كثيرة عليّ بذل مجهود لمعاينة وحدس عملها ) واستبصرت الموجودات تيقنت أن الأشياء وجواهرها وأصولها تخضع لوجودي أنا الخــاص لا وجودها هي ...
سعي مثل هذا قد يفضي الى تمرد مطلق لا يبقي لا يذر يحطم فيما يحطم جميع المرافئ بما فيها مرفأ الذات نفسها _ الحقيقة الوحيدة التي يمكن أن أملكها _ الخشية أن يغدو السعي وراء الخلْق الجديد سعيا سيزيفيــا دونكيشوتيـا لتقع ذاتي في براثن لجج لا نهاية لتوالد أغوارها السحيقة ...
في رواية "الانتباه" لمورافيا تُغرِق الذات نفسَها في الأسفار والحركة الشبيهة بحركات الخذروف آخذة موقفا نافرا من الزمن والمكان والناس والعالم والكون والكائنات .. انهم هنـاك وكفى كما كانوا دائما سيظلون كذلك .. ان الذات ترنو الى الآفاق البعيدة بمنظار خاص كامن في الذهن في النفس فلا ترى الا أنقـاض بسيطة معقدة هدمتها "هزة انتباه" شديدة ليمسي ما يوجد في الخارج كله يبابا من الارتيابات والشكوك، و أي تعالق معه سيفضي بالضرورة الى رتابـة وبـرم وضجر وخـراب .. إن ال" فيروس" الذي خول لنا نوع المنظار هذا سرعان ما سيسحق الرائي تحت وطأة غشاوة جديدة أكثر سمكا من سابقاتها، بل سيودي بها أولا، بمعية باقي الموجودات .. إنْ مت ضمآنا فلا نزل القطر .. على حد تعبير شاعرنا القديم .. وتكون النتيجة كمن سعى الى وقد سيجارة وانتهى به المطاف الى حرق المنزل برمته وهو فيه، لتنخرط الذات في جو من الخمول والشعور بلا جدوى المحاولة مادامت الحركات والسكنات محكومة مسبقا بوجود شامل لا جدوى فيه .. فهل نكتفي بما هو "ذهنــي" ونُقصي ما يبدو خارجا .. أم .. العملية لن تجديَ مادام الخراب شمل جميع الأنحاء .. إن الزوجة "ايميلي" طفقت تحتقر زوجها طيلة مسار رواية مورافيا لتكتشف في نهاية المطاف أنها كانت واهمة .. على أي هذا ما صرحت به لزوجها في خضم جوابها عن سبب عدم ذهابها مع مُنتِج الفيلم .. قالت .."لأني فكرت هذا الصباح، فأدركت أني أخطأت تجاهك .. وأن كل شيء لم يكن إلا سوء تفاهم" ( ١ ) .. لقد فقدت الزوجة كل الرواء الذي كانت ترنو به الى العالم لتجد نفسها أمام خواء محكم الإغلاق .. وليس يجدي أي شيء في عالم مثل هذا مترع بفراغ لا نهاية لمتاهاته الملتبسة ... وتطرح الرواية سؤالا مضمنا .. مَن يحتقر من في علاقة الزوج بزوجته ؟ ألم يكن الزوج منذ البداية يعتبر تلك التي تسمى زوجته زوجة موجودة هناك وكفى ؟؟ زوجة تحتاج لشقة وشفقة وسكينة وحِضن وحيطان ؟؟ أليست هذه الحيطان نفسها قد آعترتها التعرية كمعالم عالم متلاش ينهار ؟؟ .. لقد أبدع بذكاء الفرنسي "جون لوك غودار" حينما أشار لهذه الخصيصة في فيلمه "الاحتقار" 1963 _ عن طريق ابراز الجدران وهي تفقد رواءها وطلاءها في انتظار ولوج عالم الخـواء الذي لا ريب فيه .. ولقد أبدعت مجموعة "بينك فلويد" الانجليزية وهي تسعى الى هدم هذا الجـدار السميك الذي يفصل شخصية "بينك" عن عالمها الخارجي في البوم «الجدار the wall »، وفي الفيلم الشهير بالعنوان نفسه من إخراج الانجليزي"ألان باركر"...
إن الزوجة شعرت بأنها لم تعد ضمن موجودات الزوج الأصيلة، أي أنها مجرد "آخر Autre" بتعبير سارتر في عالم مشبع بالزيف (٢) .. إذن فلتفعل ما شاءت مادام أمورها الخاصة لا تدخل في مجال انتباهه ولا تهمه في شيء .. لمَ الانتظار ..؟؟.. لنغرق أنفسنا فيما يسمى العـدم بتجلياته المتنوعة .. "الخيانة" كمثال في الرواية أو الجنس الرديف الموازي لهذا العدم كما في رواية "الانتباه" لمورافيا أو في روايات عربية كثيرة جدا كتبت اثر النكسات والنكبات العربية المتتالية حتى لكأنني أرى الذوات العربية الشاعرة بالاغتراب عن واقعها "الزائف" راكبة تلكمُ "السفينة" .. سفينة النجاة التي كتبها "جبرا ابراهيم جبرا" باحثة عن جزائر واهمة .. ولن أضرب أمثلة من عناوين لروايات سارت هذا المسار، فهي كثيرة على أية حال ...
فإلى متى هذا البحث اللامجدي ؟ لقد فعله "أوليس" في ملحمته، عشرون سنة قضاها بعيدا نائيا عن "بينولوب" زوجته التي هناك .. لو كان يحبها _ومعنى الحب هنا اعتبارها ضمن العوالم الأصيلة للذات لا خارجها ضمن وجود زائف، لو كان يعتبر وجودها أصيلا لما أطال الغياب؛ بل لما سافر أصلا .. ان المسألة عتيقة إذن كخمر هرمة لم تعد تثير آنتشاء أحد .. فإلى متى هذا الهروب من "الانتباه" الى "اللا انتباه"؟؟ (لا ضرورة لاستخلاص رواية من يومياتي، فروايتي قد كتبتُها وانتهيت منها حتى دون أن أنتبه الى ذلك) (٣) .. ليصير الوجـود بحثـا عن زمـن تالف كما لدى "بروست " الباحث عن زمنا ما في زمــنه الضائـــع .. هذا الوجود لم يوجد يوما ما في ماهيته بل في ذهن ذوات ترنو الى المــوت كحـل سعيـد لِلَاأصالة الوجود .. يغدو صبح الذات في موت كامو السعيــد (٤) صبحا تخاله جديدا فيستحث "مارسو" (٥) الغريب تنفيذ حكم الاعدام وسط صباحات زائفة مفعمة بالحقد والضغينة رغم نداءات شخصية "لانج" المخرج المتكررة في فيلم "الاحتقار" الذي أخرجه "غودار" عن رواية مورافيا نفسها عام 1963 حيث لم يكف عن إعادة لازمة "الموت ليس حلا ولا يمكن أن يكون نتيجة وحلا " لدوامة الوجود هذه ...

☆إشارات :
١_رواية : "الاحتقار" صفحة 244 منشورات دار الآداب _ بيروت_ ترجمة جورج طرابشي ...
٢_في فيلم (الهِر) الفرنسي الإيطالي عام ١٩٧١ المقتبس من رواية لجورج سيمينون نلفي الإشكال نفسه عندما تقع الزوجة الخمسينية (سيمون سينيوري) في حبال الغيرة من هر زوجها الستيني ( جون غابان)
٣_رواية "الانتباه" صفحة 388
٤_رواية لألبير كامو
٥_رواية (الغريب) لألبير كامو



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حِنَّاءُ آلْمَوْتَى
- خَاطِرَة عَشْرِينْ
- لَقَدْ كَانَتْ سَعِيييييدَة
- مُنَاجَاة
- لَا لِقَاءَ بَيْنَ آلْمُتَوَازِيَات
- أَشُمُّ أَسْمَعُ أَلْمُسُ وأرَى
- بَلْدَةُ (الْفَحْص) .. تِلْكَ آلْقِيَامَةُ آلْمُنْتَظَرَة
- آهَاااوَااا..ذاكَ آلصوتُ آلقادمُ مِنَ آلجنوب
- هِمَمٌ تَطْفَحُ بِآلْمُمْكِنِ وَآلْمُحَالِ
- مُكَابَدَة
- مَا تْقُولْ عْلَاشْ مُوتْ واقَفْ
- وَلَازَالَ آلْمُنْتَظِرُونَ يَنْتَظِرُونَ
- زِلْزَاااال
- هَلْ ..
- كَانَتْ تُحِبُّ آلتُّرَابَ
- يَقْضُونَ ... لكن لا ينقرضون
- زَلَازِلُ آلْقِطَاف
- حُلْمُ لَقْلَاق
- راسكولنيكوف
- آلُ يَغْنَانَ


المزيد.....




- ممثل حماس في لبنان: لا نتعامل مع الرواية الإسرائيلية بشأن اس ...
- متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة عبر قناة Tr ...
- تطوير -النبي دانيال-.. قبلة حياة لمجمع الأديان ومحراب الثقاف ...
- مشهد خطف الأنظار.. قطة تتبختر على المسرح خلال عرض أوركسترا ف ...
- موشحة بالخراب.. بؤرة الموصل الثقافية تحتضر
- ليست للقطط فقط.. لقطات طريفة ومضحكة من مسابقة التصوير الكومي ...
- تَابع مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة المؤسس عثمان الجزء ...
- مصر.. إحالة 5 من مطربي المهرجانات الشعبية للمحاكمة
- بوتين: روسيا تحمل الثقافة الأوروبية التقليدية
- مصادر تفنّد للجزيرة الرواية الإسرائيلية لتبرير مجزرة النصيرا ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - اَلْمَوْتُ لَيْسَ حَلًّا وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ