|
نواب التغيير وناخبوهم
محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 7747 - 2023 / 9 / 27 - 18:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ اليوم الأول لانتخابهم بدأ نواب التغيير يتواجهون مع ثلاثة أنواع من الضغوط. مع تقاليد برلمانية مجافية للديمقراطية، ومع زملائهم في المعارضة البرلمانية، والثالث، وهو الأصعب، مع ناخبيهم من قوى الثورة. حداثة تجربتهم النيابية أظهرتهم ضعفاء أمام تقاليد راسخة في برلمانات ما بعد الطائف أرساها نهج نظام الوصاية المخابراتي، نهج جعل نواب الأمة ممثلين لمن كان يضع أسماءهم في اللوائح المعلبة لا للناخبين. مع هذه النهج صار النائب ممثلاً لزعيمه أو لحزبه ومن مهماته كتابة تقرير لضباط الأجهزة. في هذا المناخ دخل التغييريون ليشرّعوا داخل برلمان غير جاهز للتشريع وتقتصر مهمته على تنفيذ إملاءات المراجع العليا، فصدقوا تمثيلية تشكيل اللجان ثم وقعوا في فخاخها. إنجازهم الأهم تمثل في تحريكهم مياه راكدة يلعب فيها الرئيس الدهري لعبة المصادقة ويصنع فيها خلطة عجيبة من المعارضة والموالاة تضيع معها حدود المحاسبة، خلطة قوامها تواطؤ أهل المحاصصة وتسترهم بالطائفية واستخدامهم إياها درعاً واقياً وجسر عبور إلى انتهاك الدستور ومخالفة القوانين. التغييريون فضحوا المستور فقالوا داخل البرلمان ما كانت تقوله الثورة في الساحات. مناسبة الانتخابات الرئاسية كانت مناسبة لاختبار إمكاناتهم التغييرية، فخضعوا لامتحانين، مع قوى في البرلمان كانت قد شاركت في ثورة الساحات، ومع ناخبين ينتمي معظمهم إلى قوى منظمة في ثورة الساحات. لكل امتحان معاييره وقواه الفاحصة. في الامتحان الأول لم يصمد التغييريون طويلاً دفاعاً عن استقلاليتهم وعن حريتهم وتنوعهم ضد أي انضباط حزبي وضد أي احتواء؛ لكن رفضهم الالتحاق بزملاء لهم في خندق المعارضة ذاته كان مكلفاً على الصعيد الإعلامي، فبدل أن يعملوا على تشكيل جبهة واحدة مع سواهم من أهل المعارضة في مواجهة المنظومة، وجدوا أنفسهم أمام ضغوط حاولت التضييق عليهم إلى حد الاستتباع، ما جعل من تنوعهم تخبطاً، ولاسيما حين توقفت مبادرتهم الرئاسية في منتصف الطريق. الامتحان الثاني مع الناخبين. لا شك في أن الفضل في فوزهم يعود إلى اجتماع مروحة واسعة من قوى التغيير المتنوعة، من أهل اليمين ومن أهل اليسار ومن المتحدرين من تجربة الرابع عشر من آذار ومن مستقلين و من جيل جديد من الشباب ومن المغتربين على نحو خاص. أكثر الانتقادات حدة أتتهم من مؤيدين ومحبين ومناضلين يساريين متحدرين من 14 آذار ما زالوا يعتمدون معايير حزبية متوارثة. لا شك في أن لهؤلاء دوراً مهماً في إيصال النواب التغييريين إلى البرلمان. تكمن أهميته في الجهود المبذولة لتشكيل لوائح موحدة. تحقق الفوز لا بفضل عدد أصواتهم بل بفضل جهدهم التجميعي. لكن مبالغتهم في تقدير حجمهم وفي تحديد دورهم جعلهم يتصرفون وكأنهم وحدهم صانعو الفوز ، فيما أثبتت الوقائع أن استجابة الحزب الشيوعي "الرسمي"، لأول مرة منذ الطائف، للانخراط في تحالف مع قوى المعارضة في بعض الدوائر، هو الذي حقق فوز نائبين في دائرة الجنوب الثالثة، فيما أفضى موقفه السلبي من تجميع القوى وسياسته التحالفية في دوائر أخرى إلى خسارته وخسارة مرشحي الثورة مواقع محتملة. بدا الانتصار وكأنه طفح على جلد الثورة يشي بمرض داخلي خطير. بديلاً من البناء على ما تم إنجازه، تعزيزاً للتعاون بين قوى المعارضة ولتوسيع صفوف التحالف، شرع بعض أطرافه بالعمل على بعثرة ما جرى تجميعه، تحضيراً لهزيمة محتمة في الدورة اللاحقة. شعور الأبوة حيال نواب الثورة خطر على الثورة ونوابها. هم، على حد قول جبران، ليسوا أبناء ناخبيهم بل أبناء الثورة.
#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)
Mokaled_Mohamad_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثنائيات المغلوطة (6)الخارج والداخل
-
الأسئلة المغلوطة (5) احتلال أم تدخل؟
-
أفعل التفضيل أفضل التعطيل
-
الثنائيات المغلوطة(4) الخوف والغبن
-
في سبيل قيام تيار وطني ديمقراطي في الجنوب
-
في سبيل بناء الوطن والدولة
-
سبب افتراقي عن الحزب الشيوعي
-
محمد علي مقلد
-
مع العلمنة أم ضدها؟
-
مع الحوار أم ضده
-
مع قضية المثليين أم ضدها؟
-
حين تخبط المعارضة خبط حولاء
-
في نقد 13 نيسان (24) مصالح أم مساعدات دولية؟
-
(24)البطركية المارونية عمرت. المارونية السياسية دمرت
-
(23)الممانعة ونقد الحرب الأهلية
-
ما بعد رياض سلامة ليس كما قبله
-
في نقد 13 نيسان (22) الصحافة
-
بكاء على الهريسة لا على الحسين
-
في نقد 13 نيسان المجتمع المدني 21
-
في نقد 13 نيسان (20)النظام السوري
المزيد.....
-
ماذا نعلم عن -صفقة التبادل- بين إسرائيل و-حماس- في اليوم الـ
...
-
ماذا نعلم عن سلطان الجابر رئيس COP28 في الإمارات؟
-
قلادة حول عنق ماسك بنقوش عبرية وعلاقتها بغزة تثير تفاعلا.. م
...
-
Duster الشهيرة أصبحت أجمل وأكثر تطورا!
-
خدعة ذكية تجعل الأطفال يأكلون المزيد من الخضار!
-
أسس ما بعد العولمة
-
العقيد البحري دانديكين: لن يستطيع الناتو إغلاق بحر البلطيق أ
...
-
اليابان تفرض عقوبات على أربع مؤسسات وأربعة أشخاص
-
-أ ف ب-: سماع دوي إطلاق نار كثيف في جنوب عاصمة غينيا بيساو
-
قطر: إسرائيل استخدمت على ما يبدو مواد محرمة في حربها على غزة
...
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|