أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - الليل طويل يا حمد















المزيد.....

الليل طويل يا حمد


عادل علي عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 7721 - 2023 / 9 / 1 - 01:43
المحور: الادب والفن
    


الليل طويل في العراق ، هيا شدّ الرحال ، واسرج حصان الأفق ، فذراع البحر مفتوحة كالسماء . العيون المغمضة الباصرة تعيش بيننا عناوين وأسماء ، مفتوحة على امتداد الدرب ، ومغمضة عندما تكون الحقيقة قريبة كأصابع اليد / هيا اعقد العزم فهناك يختبئ الالق / سبعة قرون وأنت تتسمع إلى عالمك المضمحل ، علّ ذاك الأمل يسري على قشك المتيبس / الفضاءات التي غادرتك ستلتقي بك من جديد / فالزمن داعر كغانية الحانة / الأيام التي تتعاقب عليك لا ترحم عمرك / فلطالما انهزم حصانك في ذلك المضمار القريب / الأعمار كالزهور تتألق وتذوي / او كالصباحات العشارية / عندما تأخذك أقدامك بين بائعات القيمر الصباحي والخبز الحار / هناك في ذلك السوق الذي لا يعترف بالوجود / المتسكعون الذين ملوا الطواف افترشوا باحة السوق وراحوا يغطون في نوم عميق / أغان الصباح وصوت القرآن تنبعث من تلك الأجهزة الخشبية التي تنتشر في تلك المقاهي المتكاسلة / الفراق حكاية قديمة لا تعبأ بها / ومثلما قالوها فاز باللذات من كا... / حسبك فان قلبي مثلما يقول أهلنا (ارجيج) / لا عليك مجرد أن تتلبس دور الذئب ولو لمرة واحدة / الفراق الذي يشخص بنا مرمي كأرملة الشتاء تنتظر أول طرقة لتعلن عن آخر ورقة مفلسة / ها هي الريح تعلن عن لعبتها (الختيلة) التي دائما ما توهم بها أمثالي من اليائسات / فلا وقت لعودة الشباب في زمن يزخر بالمتقاعسين .
ها قد وصلنا كردستان / الرحلة كانت ملآى بالأحاسيس المهزومة / كنت استحضر مشاهد لي في اربيل وقت احتدام الحرب اللعينة / ما الجديد وراء القلعة ، ثمة كاكا يسكن بيتا قديما سيوصلنا بسيارته القديمة إلى بداية انطلاقنا / هناك ترتسم لديك معان لم تصبها تقصياتك / المهم انك ترتجز شيئا من شعر بصري خصيبي يوغل في أحاسيسك الهشة / العجلة التي تحملنا تصيب النساء بالدوار / لكن الضحك القديم راح يضفي على العائلة جديدا حتى هتفت أحداهن هل وصلنا اليونان ؟ أخذنا الضحك ونحن نفّطن السائق على أن يطلق ضحكاته إلا انه كان لا يقوى على هضم عربيتنا / في دهوك تناولنا شرابا لم نألفه كان طعمه بين الشاي والليمون وواصلنا الطريق ونحن نمسك بلفات الروست التي أمتعتنا / كنت أتلمس بين الفينة والأخرى جيبي المثقل بست جوازات / في محطة التفتيش كان الجنود الكرد يمطروننا بنظرات يمتزج فيها الشزر والعتب حتى أحسسنا للوهلة الأولى أن امرا جللا ينتظرنا لا محالة / بقيت سيطرة واحدة – هذا ما أفصح عنه السائق – والذي كان يستمع إلى أغان كردية بدبكات جبلية سريعة وموسيقى ثابتة / لم يكلف الشرطي المتثائب نفسه حتى بقراءة أسماء جوازاتنا وأشار إلينا بعد أن تسلم آخر علبة من التمر المعسل .
القرى التركية التي تسبق ثغور المدن كالخالات التي تزيد جمال الوجه / كانت الطبيعة تتغالى ببهائها وكأنها قد حلت في هذا البلد فقط / كان كل شيء جميلا الجبل والمرج والأبقار التي انتشرت بانتظام وكأنها تقبل الأرض شكرا وعرفانا للرب على هذا السحر الطبيعي العجيب / الخضرة المجنونة كانت تخترق طيف اللون وتسمو به حتى همست بنفسي أن ثمة ألوان يجهلها فنانونا / كان الفلاحون لا يشبهوننا إلا بإطلاق شواربهم المنتظمة والتي يتغالون بها وكأنها تميزهم عن أبناء المدن القريبة من العاصمة / ولكم تمنى كل منا أن يستقر بجنب تلك الخضرة او ذلك المرج والشلال الذي يحكي قصة الجمال / تسابق الأطفال على شراء الحلوى التركية والتي وجدوا فيها طعما يختلف عن الحلوى المخزونة لدبنا والتي تفقد طعمها أحيانا / تجولنا في إحدى القرى وكنا نضحك بنشوة طفل / لعبنا الكرة وتجمهر علينا بعض من أكراد الأتراك الذين كانوا يعرفون شيء من العربية / استنشقنا هواء نقيا وملانا جعاب قلوبنا به / قال احدنا حلمكم فللتو الوصول فهناك إذ يستقر الجمال وأردف : أولم تشاهدوا ذئاب الليل ضحك بعض الأطفال / حين واصلنا سير عربتنا المؤجرة الجديدة والتي انطلقت بنا إلى أزمر كانت بدايات من توجس تتوالى علي / ولأول مرة رحت أفكر بالموت .
درب الكبرياء طويل وعسير / وقد لا تألف معالمه / قد توهمك مواقفك على انك سجلت في غضاضة أيامك موقفا استثنائيا يجعلك بمصاف أولئك الثوار الذين أناروا دروب الغير / إلا انك تصطدم بصغر أدوارك وأنت ترى متحفا يضم بأروقته أسماء عظماء لطالما ولجوا المعمورة بخطى ثابتات تركت اشراقة بصمة لن تتكرر / في أزمر التي تطل على ذلك الفضاء المفتوح وكأنه آخر الكون كان الضباب اسودا وهو يعانق أفق البحر بخيوط دخان تتوالى على مساحاته / كنا نرقب ذلك الوجه الذي اطل علينا من خلف الحانة التي ضمت أجسادنا المرتجفة / راح يتطلع بنا واحدا واحدا / ابتسم ابتسامة صفراء بعد أن أحال الأمر لصديقة القبطان الذي هاتفة بلغة أشبه ما تقترب من اليونانية / كان الكابتن يشاطر سحناتنا السمر إلا انه ابتسم إلينا وصافحنا واحدا تلو الآخر وهو يكرر عبارة واحدة لعلها معنية بالتحية / أقلتنا سيارة قديمة لا اعرف نوعها كان يستر مؤخرتها غطاء سميك ثبت بحبال بحرية / أزمير او كما يسمونها أزمر- بالمناسبة فهناك مدينة كردية تحمل ذات الاسم – تقع غربي تركيا وقد وصلناها من خلال الخط الحديدي الشهير بها وهي المدينة التي استعمرها الإغريق والتي أعاد بناؤها انتيجنوس الأول كانت مركزا مسيحيا معروفا وفيها انطلقت فكرة الكنائس السبع كانت وما زالت تعتز بأتاتورك الذي طرد اليونانيين منها وأفضل ما فيها أنها مولد الشاعر هوميروس صاحب الإلياذة / كان بحر ايجة الحزين يستصرخنا / أبصرنا الزورق التابوت ولا ادري لماذا استحضرت الشراع كفنا / همست بالكابتن بإنجليزية متواضعة كيف يسع زورق مخصص لعشرة أفراد أكثر من عشرين او أكثر لكنه ابتسم وقال حلمك فنحن ننتظر وجبة جديدة قيل لي إنها ستصل بعد ساعة / كنا قد دفعنا ما نملك بعد أن حولنا عملتنا إلى اليورو / قلت له أنا انسحب لكنه ، رد فورا نعم ولكن المال دفعته للشركة ولا ادري أي شركة تلك التي تتعامل بالتهريب ومن دون أي ضابطة لسلامة البشر / شاورت الآخرين الذين كانوا يرددون العبارة الاتكالية المعروفة (حشر مع الناس ... ) ويا له من عيد ذلك الذي أكثرنا فيه الصراخ العويل إلى أن انتهينا إلى ذلك الساحل البارد الذي استلقينا عليه بلا رجعة .



#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصالون الرياضي في البصرة (المنطلق والهدف )
- حب في درجة 50 مئوي
- خربشات
- عبدة الشيطان
- ما قالته الدموع الهوامل في رثاء (رعد هامل) :
- اخيرا .. سافر مسافر شنان للقاء ربه !
- (ناصر الكناني) الرجل الذي اخترق جدار العصامية
- نعم ايها الزاهد :
- انطولوجيا مدينة : (القسم الاول ) الزبير قبل سبعينات القرن ال ...
- آريون
- لاث محطات مربدية (المحطة الثانية)
- ثلاث محطات مربدية (المحطة الثالثة)
- لاث محطات مربدية (المحطة الاولى )
- ورقة نقدية
- عطشان تركي
- ومضات شاخصة من جلسة اتحاد الادباء والكتاب لمناسبة يوم السرد
- يوم الزبير الدامي الشيخ احمد ..العود احمد
- الفنان الكبير ماجد عباس : الحرص المسؤول والمهنية العالية ..
- حسن زبون العنزي ( شهادة بطعم العلقم) :
- حسن زبون العنزي قطار الرحيل السريع


المزيد.....




- صيحات استهجان في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل جيري ساينفيل ...
- كل عام وأنتم بخير عمالقة السينيما يتنافسون.. أقوى أفلام عيد ...
- بسبب دعمه لإسرائيل.. صيحات استهجان في جامعة أميركية ضد الممث ...
- بالفيديو.. صيحات استهجان في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل ج ...
- أجدد أفلام ومسلسلات الكرتون.. ثبت الآن تردد قناة ماجد MAJID ...
- رابط خطوات الحصول على أرقام جلوس الدبلومات الفنية 2024 عبر ا ...
- “ماما حرامي سرق لولو” تردد قناة وناسة أطفال 2024 شوف مسلسلات ...
- “مترجمة Hd” مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 24 عبر قنوات عرض ...
- وفاة الفنان العراقي عبدالستار البصري بعد معاناة مع المرض
- تحت الركام


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - الليل طويل يا حمد