أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غيفارا معو - حوار مع الأديب والشاعر ماهين شيخاني















المزيد.....



حوار مع الأديب والشاعر ماهين شيخاني


غيفارا معو
باحث وناشط سياسي ,واعلامي

(Ghifara Maao)


الحوار المتمدن-العدد: 7715 - 2023 / 8 / 26 - 19:44
المحور: الادب والفن
    


من ربوع الجزيرة الخضراء مروراً ب الدرباسية مهد الخضرة والجمال وطيب المعشر حيث فيها يتلاقى جميع الاعراق والاديان والمعتقدات نلتقي مع شخصية استثنائية محبوب العائلة في البداية ثم أصبح محبوب من المجتمع بهدوئه وثقافته وتواضعه خاض في رحاب السياسة بقلم جريء وصوت للحق والحقيقة مهما كانت الصعوبات التي وصلت في بعض الاحيان الى حد التهميش المتعمد وفي الأدب قاصا وشاعراً ملتزما بقضايا المجتمع عامة والفقراء خاصة وفنان نرحل مع ريشته الى آفاق جد بعيد نبحر دون ملل إنه ابن الدرباسية الأديب ماهين شيخاني ونبدئ معه حوارنا بالسؤال الاعتيادي ......

س1_ حبذا لو عرّف الأديب(الشاعر والقاص): ماهين شيخاني بنفسه، وقدمته لمحبيه وقراءه وبالتفصيل؟.
ج – في البداية أشكركم وأرحب بكم وبمجلة هيلما الغراء أيما ترحيب , فتحت عيني عام 1960 في مدينة الدرباسية (سوريا ) الواقعة جغرافياً على الحدود الفاصلة بين سوريا و تركيا , كانت ناحية صغيرة , ليس بمقدوري مبارحتها , ما زلت أستنشق هواءها وروحي تسرح في فضاءها , أعشقها وأحب ناسها , كتبت في الصحف والمجلات عدة منها : متين و خبات وكولان ( كانت تصدر باللغة العربية ) وبيف والدوريات الكردية بشكل عام الحزبية والمستقلة , وجريدة الكفاح العربي والثورة السورية في التسعينات وفي الفترة الأخيرة في صحيفة ذا ليفانت اللندنية وصحيفة كوردستان .
- شاعر باللغة الكردية.. و قاص باللغة العربية , لي مجموعة قصصية على المواقع الكردية بعنوان : ( على ضفاف الخابور ) طبعت عام 2014. ومجموعة شعرية باللغة الكوردية بعنون : Evroît طبعت عام 2019 ولي عدة نتاجات نشرت في المواقع لكنها لم تطبع لحد الان .ولي مشاركات ثقافية في المهرجانات الشعرية والأمسيات وفي مواقع الانترنت .
وصفتني ذات مرة موقع كوردستريت:"بأنه آلبير كامو العصر...ورجل الأحاسيس المرهفة.." وغيرها من وصفوني ببائع السلال في إشارة إلى القصة الفلكلورية الكردية (zembîl firoş) المعروفة لما وجد فيها الكاتب من تضحية وإيثار تماثل تماما ما في شخصيته فدفع به الأمر إلى وضع صورتي الشخصية في اللوحة التي رسمتها ل زمبيل فروش. هي قصة من التراث الكردي , كما تعلمون عن أمير طيب اسمه "زمبيل فروش" أي بائع السلال، استقامة هذا الأمير وما يمتلك من نبل وأخلاق وتضحية وإيثار، على الرغم من أنني لا أؤمن بانتقال الأرواح من شخص إلى آخر أو بالتخاطر والتقمص، إلا أنني أحس بأن هذه الصفات تلاصق روحي، موجود في شخصيتي، وساكنة في كل جزء من أجزائي، ذاك الإنسان الطيب، المحب، الخير، الصادق مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع الغير، المرهف جداً والمتأثر بالكلمة والمشهد والمقربين مني يعلقون أحياناً بأنني متأثر حتى بنسمة الهواء، رسمت لوحة "زمبيل فروش" (بائع السلال) فلم تشفِ غليلي فقصصت صورتي ووضعت صورة رأسي المقصوصة موضع رأسه، حينها كتب المرحوم الأستاذ "فرهاد جلبي" مقالة على المعرض الذي كنت مشاركاً فيه: ها هو الأمير "ماهين شيخاني" حاملاً سلاله سالكاً درب أميرة القصر... الخ. أنا زمبيل فروش (بائع السلال ) هذا العصر ( عصر التكنولوجيا والانترنيت).

س2_ البدايات لكل كاتب وشاعر وأديب بدايات كيف كانت بداياتك وما هو اول جنس أدبي أستهواك وكتبته وهل تسعفك الذاكرة الى ذكره هنا ؟.
ج - لا أعلم كيف توطدت العلاقة بيننا ومتى نضجت و أينعت بالضبط ...كل ما تسعفني الذاكرة عندما كنت طفلاً وتحديداً في مرحلة الإعدادية هو ولعي الشديد بالمجلات والمطالعة وجمع الكتب من روايات , قرأت المجموعة الكاملة لأعمال جبران خليل جبران ولمعظم كتاب مصر الكبار احسان عبد القدوس ونجيب والحكيم وعبد الحليم عبد الله وسلسلة روايات جرجي زيدان وقصص أجاثا كريستي واشعار لوركا والبياتي ونزار ووو غيرهم، وأيضا معظم الروايات العالمية و الأدب الروسي في فترة ما كانت متوفرة في المكتبات . وترافق ذلك الحين نمو الحس والشعور القومي لدي وكانت النتيجة الانضمام للنشاط والعمل السياسي والقراءة بنهم وقتها كنت أحس بأن هوايتي تختلف عن هوايات مجاييلي كنت دائماً بتوق كبير الى قراءة المزيد وأصبحت استعير الكتب لمن يكبرني او اعلم من لديهم كتب او مجلات وأصبحت أتعرف على الكتاب والأدباء من خلال أعمالهم , فالمطالعة زادت معرفتي بهم...الأجانب العرب وفيما بعد الكورد , في عام 1984، وقتها كتبت قصة قصيرة بأسلوب الكاتب التركي الساخر "عزيز نسين"، ساعدني على ذلك شاب كان يعمل في إحدى المكتبات العامة، الذي كان يعيرني الكتب بشكل دائم ودون مقابل، لن أنسى معروفه أبداً، ولدى قراءتي القصة القصيرة والقصيرة جداً، كنت أحس بأنها لا تروي ظمئي، فيدفعني شعور خفي إلى العوم في بحر القصة القصيرة وكتابتها، وهكذا كانت البداية. ..؟. لكن مجازا اعتبر علاقتي مع الكتابة حين نشر لي أول قصة قصيرة في مجلة ( مه تين ) الصادرة عن الفرع الأول للديمقراطي الكوردستاني أتوقع عام1995 العدد 39, والحق يقال فقد أتى أسمي من كوردستان العراق وبأسماء مستعارة في ذاك الحين.
س3_ أنت عضو في اتحاد العام الكتاب والصحفيين الكُرد في سوريا ، برأيك ماذا أضافت لك هذه العضوية و ماذا أضفت اليها على وقع التحولات الجارية في المنطقة ؟.
ج – صحيح أنا عضو في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكورد في سوريا , ويعتبرني الأستاذ ابراهيم يوسف من المؤسسيين لرابطة الكتاب وحاولنا جاهداً للعمل ضمن اتحاد واحد , للأسف الان العدد اكثر من أربعة , لكن باعتقادي الأديب لا تصنعه المؤسسات او الاتحادات , بل أعماله المميزة التي تلامس مجتمعه و تجذب انتباه القارىء , و تسليط الأضواء على التحولات الجارية , ولا بد من وجود مساحة للحرية وهي المساحات الخصبة التي يعدو فيها الابداع ..لذلك فان المبدع بطبيعته ميالاً للتحرر من كل شيء.. الاديب قد يحتاج الى دعم مادي او تسهيل مهمة طبع كتبه .. وأن كثير من المبدعين أهمل نشر كتاباتهم .. لكنهم أعلام ثقافية خفاقة ولا يستطيع أحد تجاوزه ..
الاتحادات لا تخلق للأديب رقياً , بل الاديب يضيف لها اشياء بنشاطاته وتطلعاته الابداعية بجهوده المخلصة .. الأديب هو من ينجح نشاط الاتحاد بشكل مباشر .. لكن لا توجد امكانية العمل الحر والدعم الشريف .. النشاطات في الداخل في الأماكن والاتحادات الممولة من جهات داعمة , تطبع وتنشر لكل من هو قريب منهم بل وتحتفل به.
واتحاداتنا الكوردية مع الأسف هي متصارعة على المسؤولية وليس على الخدمة .. بل ان اسهاماتهم في طباعة الكتب للأدباء والكتاب للقريبين منهم ولدينا الكثير من الملاحظات غير المسرة عليها..

س4_كيف ترى العلاقة الجدلية بين السياسة والأدب و أعمالك الأدبية ؟ برأيك هل لذلك انعكاس على كتاباتك أو تأثير عليها ؟.
ج – هذا السؤال شائك ولا بد من توضيح قليلاً من خلال متابعاتي وقراءتي , لا شك لهما تأثير على كتاباتي الأدبية والسياسية فأنا أبحر في عالم المقالة و الرأي أيضاً, و السياسة كما قال عنها عالم الاجتماع الأمريكي هارولد لاسويل: هي دراسة السلطة التي تحدد من يحصل على ماذا ومتى وكيف، والواقعيون يعرّفون السياسة بأنها فن الممكن أو أن فن الممكن هو سياسة. السياسة أنواع متعددة ومنها الداخلية والخارجية، والأساسية والاقتصادية، وسياسة التكتل والاحتواء.
أما الأدب كما هو المتعارف عليه أنه الكلام المنمق , الجميل البليغ المؤثر الذي يعبر عنه بالكتابة، وفق صياغة تلتزم بعناصر الكتابة أو تتمرد عليها بإبداع متجدد، وهناك من يعتقد أن فوائد الأدب تتلخص في الجمال والمتعة فقط..
ويقال هما عالمان متناقضان مختلفان، الأدب بشفافيته وثرائه بالمشاعر الانسانية، والسياسة بجفافها وفقرها للمشاعر الانسانية، فهل هما مختلفان حقاً؟ وإن لم يكونا مختلفين فما الذي يجمع بينهما؟ وهل الأدب يؤثر في السياسة أم أن السياسة تؤثر في الأدب؟
قد تبدو للوهلة الأولى هذه التساؤلات لا قيمة لها، لأن الأدب له عالم والسياسة لها عالم آخر، ولكن حين ندقق النظر ونمعن التفكير نجد أنهما يتبعان لعالم واحد وهو عالم الانسان، وحين تخطئ السياسة وتعتقد بأنها تتعامل مع المواطن (الرقم ) أو الملف تفقد انسانيتها، وبالتالي تفقد ثقة المواطن بها. وحين يخطئ الأدب ويعتقد بأنه جزيرة نائية عن قارة السياسة، يتحول لمجرد تعابير وجمل تتحدث عن أي موضوع، ولكن هذا الموضوع لن يمس العصب الأساسي لحياة القارئ، فيتحول العمل الأدبي إلى مجرد لوحة فنية مكتوبة ولكنه ليس إيقاظا للضمير ولا نهضة بالفكر.
الأدب يتمتع بامتياز التنوع، بينما السياسة تفتقد للتنوع إلا بحالة وجود سياسيين مبدعين مجددين وجريئين ليقدموا على إحداث التغيير. التنوع الأدبي يفرز أدبا ملتزما يتحدث عن قضايا انسانية عليا، أو أدبا عاطفيا غارقا في المشاعر وبرغبة كاملة من الكاتب، أو أدبا تاريخيا يؤرخ أدبياً لأحداث تاريخية، لا حصر لأنواع الأدب، لأنه جزء من عالم الإبداع بشموليته ولامحدوديته. ولكن ومع كل هذا التنوع للأدب لا يزال يؤثر في السياسة، الأدب يجعل القارئ العادي يكتشف نواحي جديدة في حياته ليس لأنه لا يعرفها، ولكن لأنه يتجاهلها فيأتي الأدب ليوقظ فكره ويلفت نظره لما هو منسي أو مدفون في واقعه أو ذاته.
أي أن الأدب يملك خاصية تشكيل فكر وشعور القارئ برغبة وإرادة كاملة من القارئ، أما السياسة فإنها لا تمتلك خاصية التشكيل هذه، ولكن تمتلك خاصية التطبيق لما تريد وحتى رغماً عن إرادة القارئ أو المواطن، يضطر للخضوع بدافع البقاء ولكنه وبأعماقه يرفض ما هو قسري، ينفذ ما تريد السياسة منه ولكنه ليس حليفا لها، وحين تأتي الأزمات التي تعصف بالدولة يكون المواطن أول من يشهر عداءه ، بل وسلاحه بوجه هذه الدولة التي تجاهلت خياراته. لذلك كان الأدب وبأحيان كثيرة يشكل خطرا على السياسة، لأنه يؤشر للقارئ الى مكامن الخطأ، يستفز مشاعره، ويشحذ أفكاره، يمده بالقوة الروحية لكي يقول لا، فأغلب الثورات والتغييرات الجذرية في العالم كانت نتيجة أفكار، مجرد أفكار ولكنها غيرت أمم او بدلت حكاماً ؛ لهذا لا يجب تسخيف الأدب، ولا يجب أن تتم كتابته بسطحية، لأنه بنية أساسية في تشكيل فكر وسلوك الشعوب، ولابد لكاتب الأدب أن يكون على دراية واسعة بالسياسة، ليس لأجل أن يقوم بعمل الثورات، بل لأجل أن يكون واعياً بدروه، مدركاً أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتقه، لأنه يكتب وهناك من يقرأ له، أما إذا كان يكتب ليضع أوراقه بدرجٍ ما فيمكنه أن يكتب ما يشاء. حين يفكر الكاتب بهذه الصورة تصبح كتاباته حتماً جدية ومسؤولة، لأنه يعلم وبعمق أنه عنصر مؤثر ولا يهم عدد من يؤثر فيهم، المهم أن يكون ما يكتبه يترك رنينا وصدى لدى من يقرأ له.
من أشهر الجمل الأدبية لرجل سياسة هي جملة مكونه من كلمتين قالهما مارتن لوثر كينغ فغيرت تاريخ السود بأمريكا: ‘لدي حلم’. ويقول الرئيس مسعود البرزاني " من حقنا ان نحلم بدولة " ومن الأمثلة على تأثير الأدب في السياسة كتابات فولتير ومونتيسكيو اللذين مررا أفكارهما المنتقدة لسياسة السلطة عبر المسرح والشعر، وكذلك بلزاك و زولا وهيجو. ويمكن للأدب أن يكون مزعجا، بل وخطيرا بالنسبة للسياسة لأنه الوسيلة الأولى والأكثر عفوية للتعبير عن ارادة الحرية والتغيير..
ومن ناحية أخرى، وإن كان الأدب له أثر في السياسة، فإن الأدب أيضاً كان ولا يزال له عميق الأثر على أصحاب السلطة من ملوك وأمراء وحتى الجنرالات، منهم الإمبراطور اليوناني هادريان الملقب بالإمبراطور المثقف، ونابليون الذي جعل الأدب يخدم أهدافه السياسية؛ كما أن الأدب بالنسبة لأصحاب السلطة هو فرصة لتخليد أعمالهم وصفاتهم عبر أعمال أدبية تبقى خالدة حتى بعد رحيلهم، وهو ما يدركه كل رجل سلطة، ويكفي أن نطلع على العدد الضخم للمؤلفات الأدبية التي تناولت حياة رجال السلطة من كل الجنسيات وفي كل العصور، التي لا تزال تلاقي رواجاً كبيراً لندرك أهمية الأدب بالنسبة لأي سياسي.
ولكن هناك علاقة أخرى وهي الأكثر أهمية بين الأدب والسياسة، وهي مدى تأثير الأدب على فكر وشخصية رجل السياسة. من المؤكد أن شخصية رجل سياسي يمتلك ثقافة أدبية عميقة تختلف تماماً عن شخصية سياسي لا اهتمام لديه أو دراية بالأدب. حين نعلم بأن الدراسات العلمية أثبتت أن قراءة الأدب رفيع المستوى يشحذ القدرات العقلية، ويمنح العقل أبعاداً فكرية واسعة وينشط خلايا الدماغ، ندرك أن الانسان المثقف يختلف عن الانسان غير المثقف، وتتسع دائرة الاختلاف هذه حين يتعلق الأمر برجل السياسة. وقد ساد الاعتقاد في مجتمعنا بأن رجل السياسة يجب ألا تكون له معرفة بالأدب، بل إن الأدب عالم لا علاقة له بالسياسة التي عالمها المصالح والأموال والمطامع بل والمؤامرات، ولكن الحقيقية هي أن إبتعاد الأدب عن المفاهيم السياسية أفرز عالما سياسيا جافا جشعا وغير انساني، الهدف لديه يبرر الوسيلة. ولا يمكن لأحد أن ينتقد رجل السياسة بأنه لا يمتلك المعرفة الأدبية الكافية بل ولا يهتم بالأدب، لأننا نعتقد بأن الأدب عالم منفرد بذاته بهذا الوجود، عالم يخص فئة ما من البشر، ونكاد لا ندرك أن الأدب هو انعكاس للانسانية على سطور وحروف الكاتب، وأن الكاتب لا يكتب ما يرى أو يسمع، فكل انسان يرى ويسمع، ولكن الكاتب يكتب عما يدور في مساحة الفكر والشعور بأبعاد تتجاوز حدود حواس الانسان العادي، لذلك وحين يكون رجل السياسة رجل أدب أيضاً، فإنه يكون من عظماء رجال السياسة وتدخل مقولاته التاريخ، ويكون مرجعا أدبيا وسياسيا بنفس الوقت لما لديه من اتساع انساني استوعب المفاهيم السياسية ومزجها بالمفاهيم الأدبية ليكون أكثر فهما، أكثر تعاطفاً، أكثر إبداعاً لكل ما يدور من حوله؛ يقول إليانور روزفلت: ‘ أحياناً أتساءل، إذا كنا سوف ننضج في سياساتنا بأن نقول اشياء محددة تعني شيئا حقيقيا، ام أننا سوف نستعمل دائماً عموميات يرضى بها الجميع التي وفي الحقيقة لا تعني سوى القليل’، هذه المقولة البسيطة تلخص صدق رجل سياسة مع ذاته وأنه انطلق من شعور انساني أدبي بعدم الرضى عن المراوغة وعدم الصدق في السياسة. ويقول ديفيد إيزنهاور: ‘ الشعب الذي يقدر امتيازاته فوق مبادئه ينتهي بأن يخسرهما معاً’. وهي مقولة يمكنها أن تكون أدبية أو سياسية وبعمق انساني وأخلاقي واضح. إن تقليص مساحة الأدب في السياسة خصوصاً في الزمن المعاصر، أنتج نوعا آخر من السياسة، سواء في الغرب أو في الشرق الأوسط ، انتج شخصيات لا تهمها سوى مصالحها الخاصة، وحتى لو اهتمت بمصلحة بلدها فهو اهتمام شديد الأنانية والمادية والنفعية تزول أمامه كل الاعتبارات الانسانية، وهو أخطر ما تقدمه السياسة في زمننا المعاصر، أصبح رجل السياسة شخصية تُثير الخوف والقلق لأنها مجردة من نظرتها الانسانية للأمور. الأدب ليس مجرد صور بلاغية أو روايات ممتعة، إنه أحد الأدوات المهمة بتطوير الحس الانساني، سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي، حتى أن السياسة تتقلص مساحتها أمام امتداد انسانية الأدب وتتحول لموضوع من مواضيعه، أما الأدب فلن يكون أبداً ضمن برنامج شخصية سياسية ترشح نفسها لمركز ما، ولكنه سيكون حتماً حاضراً بنظرة الناخبين له، لأنهم ينتخبون صفاته الانسانية لا مكتسباته المادية.
و لا بد من الإشارة إلى وجهة نظر البعض بأن السياسة مصالح قد يستخدم فيها الكذب والاحتيال، وكل الأساليب الملتوية وأحياناً قد تتطلب المنافع والمصالح ، بينما الأدب إنساني يعبر بصدق عن معاناة الناس وآلامهم وأحلامهم وتطلعاتهم لحياة أجمل، وبالتالي فإن السياسة والأدب لا يلتقيان، ولا يجوز أن يختلط الأدب بالسياسة وهذا راي البعض ( المستقلين) .
لكن حسب قناعتي فقراءة الأدب الجيد تسهم بشكل مباشر في تطوير القدرات الفكرية وتوسيع وتعميق النظرة للحياة، بكل ما فيها وهذا ما يحتاجه السياسي، وكذلك يحتاج الأديب للمعرفة بخفايا السياسة، حتى يكتب عن علم ودراية، وبالتالي فالعلاقة بين الأدب والسياسة علاقة تشاركية، ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخروهذا رأي اخر .
هذا الرأي واقعي الى حد ما , في تحديد الجانب المظلم من العمل السياسي، لكن كيف نستطيع أن نعزل الأدب عن السياسة؟ كيف نكتب دون أن نشير ونلمح إلى الظلم والطغيان وسياسة القوة التي تفرض على الشعوب وتنتهك حرياتها؟
الأديب المبدع مثقف سياسياً، ومتابع لكل ما يحدث على أرض الواقع، وكذلك السياسي الذكي يقرأ الأدب ويستعمله في خطابه حتى يضيف له البلاغة والجمال، فالسياسة دون الأدب سياسة جافة وغير مؤثرة، الأدب المبدع يبحث في الماضي ويغوص في التاريخ ويستخلص العبر والأخطاء ويستشرف المستقبل ليفتح الطريق امام السياسة نحو قرارات سليمة.
الأدب الجيد في أجناسه المختلفة هو المصدر الفكري الأول للشعوب التي تنشد العدل والإنسانية والحرية، هو الذي يكشف للبشر الحقيقة التي تخفيها وسائل الإعلام والمصالح
وأخيراً، نستطيع القول "السياسي دائما يتقدم على المثقف ويسرق منه دوره في التأثير"
س5_برأيي الأديب(الشاعر والقاص) ماهين شيخاني هل القاص قد يكون شاعرا من خلال تأثير المفردة الشعرية على نصوصه لكن سرديات النص وثيمته والابطال تحد من ذلك؟
ج- القصة والشعر هما جنسان أدبيان ولكن لكل جنس هويته , يمكن توظيفهما واستخدامهما في النص ليترتقي الى ذروة الابداع وليس لأسره في غلبة جنس على آخر.... وانا لست مع طغيان الخطاب الشعري على السرد .. سيكون تجنيا لان للسرد جمالياته وعالمه الذي يميزه .. وكذلك استخدام السرد وطغيانه على الصورة الشعرية في القصيدة .. كل شيء بمقدار ويوظف للارتقاء بالعمل.. وان الافراط في الشعرية قد ينعكس سلباً ويسبب الابهام والتعتيم الصورة السردية ..
أما استخدام الصور الشعرية في الوصف والتشبيه واختزال السرد, يعطي القاً وجمالاً ورونقاً للسرد حيث يساهم في الصياغة اللغوية الانيقة المكثفة المؤثرة .. فالشعر هو الثوب الجميل الذي ترتديه القصة ..
ولا يمكن للقاص ان يشتغل دون أدواته الشعرية .. ستتحول الى حكاية قد تبهرك أحداثها ولكن لا تشدك لغتها وحبكتها ولا تحلق في فضائها لان الشعر يمنحك جناحين لتنطلق بهما حسب مهارتك وقوتك .

س6_القصيدة المعاصرة تحولت الي نص مفتوح تتقاسمه الدراما والحكائية القصصية.... اين هي قصيدتك من هذه التحولات الشعرية؟
ج- انا من محبي الشعر الكلاسيكي , أشعار ملايي جزري وأحمدي خاني وفقي تيران والمتنبي وأحمد شوقي وحافظ ابراهيم والرصافي والجواهري ونزار....الخ .لكن من الطبيعي ان ينفتح النص الشعري مع التطور البشري ويتأثر مثله مثل غيره بالمعاصرة ك( القصة- الموسيقا- الرسم - السينما - التصوير ..الخ ) ويتبادل التأثير معها ، مما يعني أن البقاء في دائرة الوصف والانشاء والنظم والخطابية والتقريرية والايقاعات الخارجية الرتيبة ، لا يتعدى دائرة التمرينات الأولية المرتبكة ، ولابد من تجاوزها الى لغة الايحاء والرمز والاسطورة والايقاعات الداخلية ، وايقاع الفكرة ، والتي اغتنت بتقنيات الفنون الأخرى ، وبمعارف العصر وعلومه ، وخاصة الفلسفة وعلم النفس .
وتجربتي الشعرية تدرجت هي الأخرى في تأثرها بالمستجدات ، كتبت الشعر العمودي والغنائي والحر، ، كأشكال أكثر مرونة وقدرة على استيعاب التوجهات الجديدة للشعر المعاصر .

س7_ما الذي يُحفّزك على الدّخول إلى محراب الكتابة، حزن بوزن ثقيل، فرح أكبر من جبل، أمْ تأتيك و كفى؟
ج – هذه الحالات والانفعالات التي ذكرتها جميعاً تحفّزُني على الدّخول إلى محراب الكتابة، و لكن أشدّها إلهامًا و وقْعًا عليَّ هي الحزن وبالوزن الثّقيل ، و هذا يعود لحساسيّتي المُفرطة ، فالكاتب حين يدخل محرابه
احيانا يسيل من قلمه الدم و الدموع عوضاً عن المداد . اما بالنسبة للفرح لاشك هناك لحظات خاطفة نلمحها دون لمسها فهي بخيلة بحق بعض البشر .
فرحٌ أكبرُ من جبلٍ، أجلْ، لأنّه يُبكيني أيضا، فيختلط الفرحُ... بالدّمعِ... بالحبرِ...ِ بالكلمات... أمّا الحالة الثّالثة، أنّها تأتيني و كفى، ليس بمعنى كفى الجافّة، و إنّما ال"كفى" الّتي يُخالطها استياء و حسرة و ألم و عدم رضى لوضعٍ ما، لحالة ما، أو لمشهد ما سلبًا أو إيجابًا و استحسانًا.

س8_تكتب القصة القصيرة؛ وغالبا ما نرى مودة وحميمية بين القاص وكلماته، حدثنا عن العلاقة بينك وبين شخصيات قصصك ؟
ج - معظم شخوصي القصصية امنحهم شيء من ذاتي على سبيل المثال مجموعتي القصصية على ضفاف الخابور , أفصل الشخوص بمقاسَاتٍ تُعْجِبُنِي، سلبًا كانت أم إيجابًا , أقبحهم أو أجملهم , ففي قصة " ليتني كنت السابع " كشفت الوجه الحقيقي لضابط الأمن وهذا ما حصل معي مع الضابط وتصرفاته اللا إنساني . وحقيقةً إِنَّ المبدعَ يخلقُ شخصيَّاتِهِ ويمنحُهَا شيئًا ممَّا هو لَهُ في الواقعِ .. وبعضًا من الشخوص تَحْدُثُ بَيْنَنَا ألفةٌ تَمُدُّ جسرًا منَ الحَمِيميَّةِ النَّادِرَةِ .. أغرقُ في تفاصيلِها ومجاهلها .. أشعرُ أَنَّنِي أخلقُهَا حَقًّا .. ، والقولُ إِنَّ الكاتبَ بطلُ أعمالِهِ، لا يشطُّ كثيرًا عنِ الحقيقةِ؛ فالكاتبُ – غالبًا – حاضرٌ نفسيًّا وثقافيًّا وهو يُفَصِّلُ مقاساتِ شخصيَّاتِهِ، وهو يرسمُ مساراتِهَا ومداراتِها .. ثمَّ يأتي الخيالُ والتَّصَوُّراتُ والدَّوَاعِي الإبداعيَّةُ لتزيينِ أو تشينِ الشَّخْصِيَّةِ، فيُوَاشِجُ الكاتبُ بينَ هذهِ وتلكَ لِيُخْرِجَ لنا شخصيَّةً أو شخصيَّاتٍ تتركُ في نفوسِنَا الأَثْرَ اللَّامِعَ الَّذِي ابتغَاهُ.
س9_ أيهما أسهل كتابة القصة القصيرة أم القصيرة جدًّا؟
ج - القصة القصيرة جداً هو نوع حديث من الأدب انتشر في الفترة المعاصرة بشكل واسع وأصبح نوعاً سردياً قائماً بحد ذاته، تعتبر بالحجم أصغر من القصة القصيرة وقد لا تتجاوز بضعة أسطر وأحياناً قد لا تكون أكثر من سطر واحد. واختيار مناسب للعنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها. كما انها تعتمد على تكنيك المفارقة بمعنى ان يتحدث الكاتب عن شيء ثم يصل لنهاية غير متوقعة ومفاجئة للقاريء
اما القصة القصيرة : فهي تعتمد بالأكثر على حدث معين وشخوص قلة قد يكون البطل فقط او شخوص ثانوية معه وهي عبارة عن نقطة ضوء لحدث معين . ، أي أن كل شئ فيها يكاد يكون واحداً .. الفكرة الواحدة / الحدث الواحد / شخصية واحدة / هدف واحد / نهاية منطقية واحدة ..
والتكثيف الشديد مطلوب لتحقيق أعلى قدر من النجاح للقصة القصيرة ..
فالقصة القصيرة رصاصة كما يقول يوسف ادريس حيث وهبت قصته " نظرة " ما لم تهبه بعض الروايات لأصحابها ..
وبالنسبة كلما قل عدد صفحات القصة القصيرة زاد تكثيفها لإبراز المعنى وقد ظهر في الفترة الاخيرة قصص قصيرة لا تزيد عن بضعة اسطر ولكن لابد من التكثيف لإبراز الحدث والتركيز عليه, و خلق احساس حيوي حتى لو لم يكن هناك صراع خارجي ولم يكن هناك الا شخصية واحدة فقط ولكن يجب ان يكون هناك عنصر تشويق للقارئ لمعرفة نهاية القصة...
حقيقة كلاهما ليسَ سهلًا .. " ولادَةُ النَّصِّ الصَّادِقِ تشبِهُ الولادَةَ الحقيقيَّةَ بما فيها من موتٍ ينجبُ الحيَاةَ.. لكنَّ كتابَةَ القصَّةِ القصيرَةِ جدًّا هيَ أصعبُ كثيرًا من كتابَةِ القِصَّةِ القصيرَةِ؛ لأَنَّ كاتبَهَا يغوصُ في شِبْرٍ سَرْدٍ، وعليهِ أن يعودَ من هذا الشِّبْرِ السَّرْدِيِّ بِكُنُوزٍ ولآلئَ تدُلُقُ الفرحَ المأمولَ في أعماقِ المُتَلَقِّي .. وتعبِّئُهُ اندهاشًا وانبهارًا وافتتانًا."
وبمعنى آخرَ؛ عليهِ أن يُصِيبُ قلبَ المتلقِّي برصاصَةٍ واحدةٍ .. غيرَ القِصَّةِ القصيرَةِ التي يَمْلِكُ القَاصُّ كثيرًا منَ الرَّصَاصِ لتحقيقِ المطلوبِ.
س10_ الأدب بمختلف أجناسه في ظل السوشيال ميديا وتناثر الاتحادات والمؤسسات الثقافية عامة كيف يراها ماهين شيخاني ؟
ج - السوشيال ميديا حالة تقنية متطورة مثلها مثل بقية التطور والتقدم في التكنولوجيا لها سلبياتها وايجابياتها , حيث بإمكان المهتم الحصول على المعلومة المطلوبة بسهولة ببحث صغير في المحركات المتوفرة
اليوم نقف أمام عالم مختلف تمامًا وهو عالم التكنولوجيا والعولمة الذي جعل العالم قرية صغيرة تؤثر وتتأثر بما يحدث داخلها، وبما أننا الآن نتحرك ونتأثر بوسائل التواصل الاجتماعي في كل شيء وأصبح كل شيء في واقعنا المادي يعتمد عليها، كان من الطبيعي جدًا أن يتأثر بها الأدب كذلك، سواء تأثر إيجابي أم سلبي، ولكن للأسف الشديد أتى الأمر بشكل معاكس، فرغم أنه أعطى فرصة جيدة للقراء بمشاركة انطباعاتهم عن الكتب والإسهام في الاحتفاء بكاتب جيد، ولكنها على الناحية الأخرى أعطت لكثيرين، ممن ليس لهم قيمة حقيقية ولا يقدمون محتوى هادف، حجمًا أكبر مما يستحقونه.
حيث أتيحت الفرصة ,فأصبح كل مؤثر يكتب كتابًا كنوع من التخليد لنفسه في التاريخ الأدبي وهو لا يفقه شيئًا أو يرغب في شيء إلا أن يزداد شهرة على شهرته وينعتونه بالمثقف، كما لا ننسى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المبيعات، فأصبح هناك كتب تتأثر بشهرتها على الإنترنت لتنجح تجاريًا وتأخذ مكانة لا تستحقها.
وأصبح الأدب يتأثر بعدد متابعي المؤلف، فتهرع دار النشر للتعاقد مع الكتاب الذين يمتلكون عددًا كبيرًا من المتابعين، حتى إن لم يكونوا موهوبين، للتأثير على المبيعات بعد ذلك، وكل ذلك أثر على جودة المحتوى الأدبي بشكل عام وأصبحنا نتابع كل ما ليس له قيمة ويختفي الكاتب الحقيقي وسط كل هذا الزخم.
أصبحنا نستخدم الكيبورد بديلاً عن القلم الذي رافقنا منذ ثلاثة عقود ، وأصبحت الكتابة الإبداعية لدينا منذ ذلك متوائمة نفسياً مع ذاكرتنا الإبداعية تماماً، بخاصة مع رغبتنا في أن تكون صفحتنا الإبداعية نظيفة بلا شطب، كما اعتادنا قبل ظهور الكمبيوتر. " لقد جاء التعامل مع ما أتاحته الثورة التكنولوجية من وسائل بالنسبة لي ضرورة منهجية في تكويني الذي يميل دائماً نحو الجديد. اتسعت بالطبع صلتي بالإنجاز التكنولوجي المعاصر من خلال إنشاء أكثر من صفحة أعلن من خلالها صفتي وأقدم شيئاً من كتاباتي وأشعاري ورسوماتي ، وكذا المواقع التي تقدم ضمن أنشطتها القصة والشعر. وكنت أتابع التعليقات، فهي مهمة جداً للمبدع، وطبعاً هناك اكتشفت أن بعض المترددين على هذه المدونات والمواقع الثقافية مريض بسرعة السأم، فهو يبحث عما هو مثير، ومكتوب في أقل كلمات، كما تنتشر المجاملات، ولكنك لا تعدم وجود زميل أو أكثر يهتم بما تكتبه، ويقدم رؤية لنصك، وهذا النوع من الأصدقاء والقراء هو ما أريده".
إلى أن السوشيال ميديا خلق جسراً ثقافياً بين البشر، وذلك من خلال عمليات الترجمة التي انتشرت بفضل الإنترنت ووسائل التواصل، والندوات والمؤتمرات ، إلى جانب ما أتاحته هذه الوسائل من النشر اللحظي للنصوص، من دون حاجز رقابي، أو حدود مكانية للتلقي، إلى جانب تأثير الإنترنت ومواقع التواصل عى فنيات الكتابة نفسها وجمالياتها ولغتها بشكل ما.
س11_ ما الصعوبات والعوائق التي يواجهها الكاتب ، في مسيرته الإبداعية.. وفي نشر نتاجه الأدبي؟
ج – بالنسبة لوضعنا الكوردي وبالأخص في الجزء الغربي ( كوردستان سوريا ) عقبات كثيرة لا تعد ولا تحصى – الأمنية حدث ولا حرج - وأكبرُ الصُّعُوبَاتِ وأعسرُهَا هيَ الطباعة و النِّشْرُ , تكلفة الطباعة مرهقة بالنسبة للكاتب الذي يعاني من ضنك العيش وليس هناك جهة أو مؤسسة داعمة له . ثمَّ الانتشَارُ الذي يليقُ بالكاتب المبدعِ .
س12_ الهايكو، الشذرة، من الألوان الجميلة والجديدة ..كيف تراها وما مستقبلها برأيك على الساحة الثقافية عموما ؟
ج- حسب اطلاعي هو نوع من الشعر الياباني يعتمد على كلمات قليلة وبسيطة. بصراحة لا أستسيغ هذا النوع من الكتابة , ربما يتناسب مع عصر السرعة ويناسب البعض ,
إليكم هذان النموذج :
"يا للبِركةِ العتيقةِ
يقفزُ ضِفدعٌ
ويترددُ صوتُ الماءْ"
++++++
"يا لسعادَتي
بعبورِ النهرِ أيامَ الصيفِ
ونعلايَ بينَ يدي" (يوسا- بوسون)
ربما في يابان هما أجمل صور شعرية ولكنها لا تعنيني بشيء , الشعر العربي والكوردي هما من يزلزلا كياني ,كل شخص له خبرة في مجال ما ولكن جاهل في مجال آخر ولكن ليس من المستحيل أن يتعلم ويكتسب مهارة جديدة أن أمتلك الرغبة والإرادة الكافية.
الهايكو بات يستحوذُ على اهتمامِ جمهورٍ منَ القرَّاءِ، بعدَ أن تَعَهَّدَهُ لفيفٌ منَ الشُّعُرَاءِ المُبدعينِ العربِ ، وأعني كتبوهُ بروحٍ عربيَّةٍ خالصةً، تخلُّصًا من قيودِ التَّأطيرِ اليابانيَّةِ التي ظلَّت تحصرُهَ في تقديسِ الطَّبِيعَةِ، الهايكو العَرَبيُّ تَخَلَّصَ منَ أصفادِ الشَّكْلِّ، والتَّقيُّدِ بعددِ المَقَاطِعِ الصَّوتيَّةِ أيضًا .. والاشتغالِ على مكوِّناتِها وموجوداتِهَا.. فالهايكو العربيُّ خرجَ من هذهِ الشَّرْنقَةِ الضَّيِّقَةِ الخَانِقَةِ، ليُحَلِّقَ في آفاقٍ أَرْحَبَ وَأَخْصَبَ، فَصَارَ الهايكو غوصًا في أعماقِ النَّفْسِ البشريَّةِ، واندغامًا معَ الحيَاةِ، وتمهايًا معَ الجَمَالِ، وذوبانًا في عوالمِ الحلمِ والخيالِ والمَجَازِ، واستلهامًا للذاذاتِ الفلْسَفَةِ وغيرها.وحتى بات بعض الكتاب الكورد يهتمون بها ,أَمَّا ما يَخُصُّ الشَّذْرَةَ المعاصرَةَ، فهيَ الآنَ أكثرُ إبهارًا ممَّا كانتِ عليهِ، فهيَ مغموسِةٌ في نهرِ الدَّهْشَةِ بانجذابِهَا للشِّعْرِ، والتزامِهَا بالاختزالِ والإيجازِ والتَّلمِيحِ، واقترابِهَا من أعماقِ الفَلْسَفَةِ، واعتنائِهَا بِالبعدَينِ الإنسانيِّ والجَمَالِيِّ..
و" لعلَّ كُتَّابًا عَرَبًا أفذاذًا كانوا روَّادِ الشَّذرَةِ الأَدبيَّةِ، بدءًا بالنِّفَّرِيِّ، صاحبِ المقولَةِ الذَّهْبِيَّةِ ” كلَّمَا اتِّسَعَتِ الرُّؤيَةُ ضَاقَتِ العَبَارَةُ ” وابنِ عربيٍّ، ومنَ الشَّاذِرِينَ العربِ المُعَاصِرِينَ ثَمَّةَ كتابٌ كَتَبُوهَا بإتقانٍ وإدهاشٍ كجبران خليل جبران، وكامل الشِّنَّاوي، وعلي مصطفى المصراتي، وغادة السَّمَّان، وإبراهيم الكوني، ومحمَّد أحمد الزويِّ، وعمر علوي ناسنا، فضلًا كتَّابٍ عالميِّينَ من أمثالِ نتشه، إلياس كانيتي، إميل سيوران، فرناندو بيسوا،كارل كراوس، وغَيْرِهِمْ."
س13_ هل تعتبر قلمك شاهد عصر يؤرخ الواقع ويكتب للمستقبل.. وهل برأيك
استطاع الأدب حمل رسالته في طرح هموم ومشاكل هذه الفترة العصيبة.. أم مازال يعول عليه الكثير؟
ج - القَلَمُ الصَّادِقُ شاهدٌ حقيقيٌّ بكل تأكيد على عصرِهِ، وعينٌ لا تغفلُ عن رصدِ كلِّ شيءٍ، وأحاولُ أن أكونَ صادقًا لأُنْقَلَ للأجيالِ القادمَةِ صورةً واضحةً عن راهنٍ مفزعٍ. وهذا ليسَ تزكيَةً لقلمي ولا لنفسي , فكثيرًا منَ الأعمالِ الأدبيَّةِ استطاعت حمل رسالتها وُجَاهِرُت بصدقِهَا، ونابزَت الطغاةَ والجبابرَةَ والقتلةَ .. وتصرخُ في وجوهِهِم بكلِّ ما أوتيَتْ من تعابيرٍ وأساليبَ .. وكثيرٌ منَ الأصواتِ أُخْمِدَتِ بِالرَّصَاصِ والمَشَانِقِ والتَغييبِ خلفَ جدرَانِ الحيَاةِ، أو خلفَ قضبَانِ السُّجُونِ في أحسنِ الأَحْوَالِ. ومازلنا ننتظرُ أن يبقى المبدعُ نصيرًا للحقِّ والصِّدْقِ، منحازًا للحَيَاةِ والحرِّيَّةِ والعدلِ والخيرِ والجمالِ، وخصيمًا للباطلِ والظلمِ والعدوانِ، عدوًا للقُبْحِ والمَوْتِ والظَّلامِ.
س14_ ماهي النتاجات الأدبية التي قدمها ماهين شيخاني للمكتبة الإنسانية ما طبع منها والمخطوطات والمشاريع المستقبلية لك في هذا الاتجاه وما رأيك في دور النشر في هذه الوقت ؟.
ج - بالرغم من تكريس جل الجهود في خدمة الثقافة والفن الكرديين، إلا أنني لازلت أشعر بأن محصولي قليل ، الظروف والأوضاع العامة والخاصة التي عشتها والتي وقفت عائقا أمام الكثير من طموحاتي وامنياتي وهذه هي حصيلة سني عمري و نتاجاتي الأدبية القصصية:
▪《على ضفاف الخابور》مجموعة قصصية باللغة العربية، صدرت مؤخرا عن دار تموز، والتي تعبر في مجملها وبين طياتها عن واقعنا المؤلم من خلال قصص ترفض الظلم وتعريه وبجميع أشكاله السياسية والاجتماعية.
▪《evrodît》مجموعة شعرية باللغة الكردية , طبعت ونشرت عام 2019.
اما الغير مطبوع :
▪《الرائحة》مجموعة قصصية باللغة العربية.
▪《لوحة آناهيتا》أيضا مجموعة قصصية باللغة العربية.
▪《لا املك سوى هذا القلب》: مجموعة شعرية باللغة العربية.
▪ 《 آراء ومواقف في الشأن الكردي 》 مجموعة مقالات .
▪ 《 حوارات ورؤى 》.
كما عملت في مجال الصحافة في المجلات (بوهار الكردية- المنبر العربي).ولي مشاركات ثقافية في المهرجانات الشعرية والأمسيات الأدبية وأكتب بشكل مستمر في الصحف والمواقع الالكترونية.
س15_ كلمة أخيرة يوجهها الأديب ماهين شيخاني الى قراء ومتابعي مجلة هيلما الأدبية ؟
ج - جزيل الشكر والتقدير لكم ولمجلتكم الموفقية والنجاح الباهر أخي الكريم ولإتاحة هذه المساحة لنا وعلى هذا الحـوار المُمتع، حيث كانت أسئلتك مُتنوعة حركت شجوني وأحاسيسي ورجعتني سنين مضت، مسك الختام أعطر التحايا القلبية لكم ولكل القراء والمتابعين الأعزاء، مع خالص الأمنيات ودوام التوفيق والسَّــداد، ودمتم بود وعطاء وتألق .



#غيفارا_معو (هاشتاغ)       Ghifara_Maao#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الأديبة والناقدة التونسية فتحية دبش
- حوار مع الأديب السوري جورج عازار
- القضية الكردية والصراع السوفيتي والامريكي في منطقة الشرق الأ ...
- حوار مع الكاتبة همرين مراد ...حاورها حسن خالد
- القضية الكردية وجوهر النضال
- حوار مع الكاتب و الباحث الاجتماعي : حسن خالد
- قراءة في كتاب مذكرات ثوري متقاعد ....
- آذار فِي كُلِّ حِينٍ
- قراءة في كتاب كسرة خبز للكاتب حسن إبراهيمي
- حوار مع الشاعر محمود مراد
- قراءة في رواية رجال في الشمس للكاتب الفلسطيني الخالد غسان كن ...
- حوار مع الكاتب والأديب أحمد حيدر
- حوار مع الاديب كامل عبدالحسين الكعبي
- حوار مع الأديبة الكُردية شمس عنتر
- حوار مع الفنانة التشكيلية والأديبة السورية نضال سواس
- أجمل نص ..وصفحات الافتراضي ..
- الرواية ما بين التحديث والتزييف
- مأساة العلم في المحرقة السورية
- حوار الكاتبة والروائية السورية هند زيتوني
- حوار مع الشاعرة الليبية الهايكست نينة السرتاوي


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غيفارا معو - حوار مع الأديب والشاعر ماهين شيخاني