أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 5














المزيد.....

السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 5


حسام علي

الحوار المتمدن-العدد: 7675 - 2023 / 7 / 17 - 02:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يراد دراسة أسس السياسة الفرنسية الاستكبارية، فأن ذلك يقتضي البحث في المنطلقات التي تحرك هذا الاستكبار، سواء في بعدها التاريخي أو المعاصر. ويجب أن لا تقف هذه الدراسة عند الظواهر المادية المشاهدة والمجردة. فالحدث السياسي الذي نعيشه اليوم هو نتيجة طبيعية لمجموعة من العوامل والأحداث الجزئية. ولهذا، فأن وجود الاستكبار الفرنسي في العراق أو في تشاد، إنما هو متصل بمجموعة من العوامل والخلفيات، تجمعت موضوعيا و تأريخيا لتشكل تواجدا عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا استكباريا أو كل ذلك مجتمعا.
ومن ثم تساهم هذه الخلفيات في بناء هذا الكيان الاستكباري الذي نشعر بثقله و قبحه في مجالات متعددة. وإذن، يجب أن ألا تجمد أو تتوقف دراسات المستقبل أو البحوث المقدمة عن أسواق لتصريف البضائع أو بيع الاسلحة أو محاولة السيطرة على منابع الطاقة إلى آخر ذلك. إن هذا النوع من الدراسات والتحاليل إضافة الى كونها غير موضوعية وغير علمية في معرفة الاستكبار الفرنسي أو الاستكبار العالمي مستقبلا، وبالتالي سيجد البعض أنه من الممكن القفز فوق الأحداث وتجاوز الوقائع ونسيانها من خلال الاتفاقيات الدولية والثنائية، خصوصا بالنسبة لأطراف الاستكبار العالمي. وبعد ذلك تتشابك الايادي وتسدد الضربات للشعوب المستضعفة أو كما نلاحظ ذلك في نوع آخر من التعاون والتشابك لدى طبقة من الحكام الجدد مع أسيادهم القدامى من أبناء "المستعمرات" القديمة للاستكبار الفرنسي، حيث تحول أعداء الأمس الى أصدقاء يتعانقون أمام قصر الإليزيه.
فالحبيب بورقيبة لم يمنعه جهاده من أن يكون حليفا للفرنسيين في سياساتهم الاستكبارية ويكون حبيبا وصديقا لميتران. بل ويسير في منواله عدد آخر من أمثاله، وهذاما كان يدركه وبعد له الجنرال ديغول، فالعالم ما زال مفتوحا اقتصاديا وثقافيا وحتى سياسيا، وأن هناك دورا لفرنسا يجب أن تلعبه، وأن هناك موازنة أوسع من موازنة الاستعمار التقليدي المباشر. إنها موازنة الدول التي تملك التكنولوجيا والقوة، والدول التي لا تملك هذه المقومات و لا تملك القوة للدفاع عن نفسها، أو كما يقال دول الشمال ودول الجنوب، أو بتعبير أدق (الدول المستكبرة) و (الدول المستضعفة)، وبذلك تساوى الروس في أفغانستان مع الاستكبار الغربي في لبنان وفلسطين، فهم يملكون نفس الاستكبار الغربي في لبنان وفلسطين، وهم يملكون نفس النوع من المبررات الشكلية وهي "التمدن" و "التحديث" ونقل الحضارة الى هذه الشعوب المستضعفة.
يجب أن لا نقع في نفس الخطأ النوعي عند البحث في الأسس والمنطلقات الاستكبارية الفرنسيةن فلنلقي بهمومنا ومشاكلنا على الاحتكارات العالمية أو الحروب الصليبية. ثم بريطانيا العظمى يمكنها أن تقوم بدور الحليف القوي أو التابع القوي لأمريكا. أما فرنسا فلا يمكنها ذلك مطلقا أن عليها أن تفكر باختيارات صعبة: أما أن تكون التابع الضعيف أو الانزواء عن المسرح السياسي العالمي. وهذا يعني أن فرنسا قد تفقد دورها التاريخي والاستكباري، على أننا نلاحظ أن ديغول قد حاول أن يلملم أطراف كبرياء هذا الاستكبار العتيق، فيخرج من فيتنام، فيحاول الفرنسيون تصفية تواجدهم في سوريا ولبنان، ثم أخيرا تصفية تواجدهم ونفوذهم في شمال أفريقيا وبقية مستعمراتها.
إن الجنرال ديغول وجد أن المعادلة الدولية الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية قد أفرزت على الساحة العالمية قوتين عظميين هما: الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي. أما أمريكا فأنها إضافة الى رغبتها في الهيمنة على أوروبا فهي غير قادرة على حماية حلفائها الغربيين نوويا، وذلك راجع الى طبيعة الحرب النووية ونوعية الاسلحة المستعملة فيها، إذ أن قدراتها التدميرية الشاملة لا تتيح الفرصة لامريكا أن تشارك في الدفاع أو توفير الحماية، ولذلك فقد كان رأي ديغول انه اذا تعرضت أوروبا للخطر، فأن أي رئيس أمريكي سوف يتردد مائة مرة قبل أن يستعمل الرادع النووي، وأنه سوف يستعمل الرادع النووي إذا تعرضت نيويورك أو واشنطن أو شيكاغو للخطر. أن تصورات ديغول السياسية هذه كانت دقيقة وصائبة، وأخرجت فرنسا من الخيارات الصعبة. فقد أولت مصالح فرنسا أهمية سياسية وجوهرية جعلتها في المقام الأول وبذلك أمكن تحسين صورة الاستكبار الفرنسي. وقد تبلورت هذه السياسة بشكل واضع في جملة من المسائل، كالعلاقات الدولية ومسألة بناء قوة نووية فرنسية مستقلة ومن جهة ثانية أوروبية مشتركة، حتى وصل الامر بديغول الى تجميد عضوية فرنسا في حلف الأطلسي.

السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، من إصدارات المركز الاسلامي للأبحاث السياسية/1986م



#حسام_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 4
- السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 3
- السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 2
- السياسة الفرنسية في الشرق الاوسط /1
- تظاهرات بعثرت أوراق !!
- أساليب التعبير القرآني في مواجهة السنن الجاهلية -3
- أساليب التعبير القرآني في مواجهة السنن الجاهلية -2
- أساليب التعبير القرآني في مواجهة السنن الجاهلية -1
- نفي الشيخ مهدي الخالصي
- دولة قطر.. والمونديال الأشم
- يمكن للحيوان أن يثبت حيوانيته، لكن هل يمكن لكل إنسان أن يثبت ...
- صناعة الفقراء !!
- جريدة الاستقلال أول جريدة بغدادية معارضة
- فن التهميش في المجتمعات العربية
- جائحة الشاف ما شاف
- بغداد.. يا جبهة الشمس للوجود
- لماذا هرب الفيل من العراق؟
- أفكار خارج شرنقة
- شيء من التأريخ
- الشك واللاأدرية


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 5