أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - أفكار خارج شرنقة














المزيد.....

أفكار خارج شرنقة


حسام علي

الحوار المتمدن-العدد: 7294 - 2022 / 6 / 29 - 22:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن دامت في انكلترا حروب داخلية (أهلية) وسادت المكائد السياسية أغلب رحاها بين البرلمانيين والملكيين ما بين الاعوام 1642 و 1650 والتي انتهت بغلبة البرلمانيين، ما أدى الى اعدام الملك تشارلز الاول والانتهاء من سلطة الكنيسة واحتكارها لزمام الامور في البلاد. فكان المنتصر الاول خلال الحرب هي الدفة الاقتصادية التي طردت منافسيها من الساحة السياسية.
فحصلت فيما بعد هذه الحرب، تحولات جديدة في أذهان عامة الناس وطريقة عيشهم التي طالما خضعت لعواطفهم، فتشكلت تيارات وميول فكرية مختلفة وإن كانت متناقضة فيما بينها بداية ولادتها، إلا أنها عبرت عن نفسها ومارست أدوارها بكل جرأة، لم تكن تشهدها من قبل في ظل سيادة التسلط الكنيسي.
تلك التيارات الفكرية، تمتعت منذ البداية بالنظرة الواقعية الى العالم، نظرة متطلعة لمستقبل، قادر فيه أي انسان أن يصنع ما يشاء، بمعونة ما يتوصل اليه من علم وفن، فتفتقت وتحررت الافكار وطريقة التعامل معها، مثلما تتفتق الشرنقة فتخرج منها فراشة تصول وتجول بين أزهار الحدائق التي حرمت منها طويلاً.
لذلك، فقد شهدت (البشرية) في انكلترا عهد الاكتشافات والاختراعات المتزايدة، نظراً لما أولته هذه البشرية من أهمية للتوسع في أجواء الحرية الفكرية الى أقصى ما يمكن. وصارت المجازفة والإصرار بفضل استثمار التقدم العلمي، في ولوج زوايا الحياة بكل ما فيها، شيئان لا يمكن أن يحدهما حد ولا تقيدهما قيود.
فبلغ أهل المدن والطبقات المتوسطة بفضل "مجازفاتهم" الكثيرة وخروجهم عن المألوف المقيت، مكانات اقتصادية عالية، وعلى ضوء ذلك أيضاً، نراهم لم يترددوا في تبوء أفضل المراتب الاجتماعية والسياسية التي كان لابد من أن تتناسب مع مكانتهم الاقتصادية الجديدة.
على ضوء ذلك، بدأت تلك الطبقات الجديدة في أفكارها والتي اكتسبت مواقع اجتماعية لائقة لها بفضل جهودها المتأتية من أفكار راقية متطورة لا تخاف التشكيك حتى تتيقن، بدأت بإزالة كامل العقبات والتراكمات المتخلفة المتوارثة، بالتزامن مع تكريس ممارسة الحريات في مجالات هامة ارتبطت بطبيعة العلاقات والمعاملات الحياتية.
وكان منطق أنا أعلم اتركني بمفردي، هو الذي مهد الطريق أكثر لتخطي حواجز ومفاهيم الكنيسة التي وضعها سادة الكنائس وخدامهم. أنا أعلم، فلا حاجة لي بتعاليمك، أنا أعلم أن القتل لا يجوز وأن السرقة لا تجوز وأن الاعتداء لا يجوز وأن الخيانة لا تجوز وأن المساعدة والتسامح والتعاون امور طبيعية يتمتع بها كل انسان طبيعي، فهي تجوز. أنا أعلم أن الافعال السيئة غير لائقة وأن الافعال الحسنة تجلب رضى الناس ورضى الخالق. أنا أعلم أنني لو امتلكت أموالاً كثيرة فلابد من مساعدة الفقراء، ومد يد العون للمحتاجين، فلا تجعلني أضطرب بتفاسيرك وتبيان حججك الواهية، اتركني بمفردي، أفكر مثلما يحلو لي، وأعمل مثلما أرغب به، وطبقاً لما أنا أعلمه. فلا داعي لتعاليمك وهوس أفكارك.
لذا، فقد شهدت الفترة اللاحقة في انكلترا تطهيرات دينية من الشوائب الطارئة التي حصلت والمظاهر الشكلية الزائفة التي روّج لها سادة الكنائس لتحقيق ملذاتهم وشهواتهم، فتحطمت سلطة البابا المركزية، وبعد أن تبين أن البابوية إنما هي سلطة تتبع شخصاً واحداً ومؤسسات تابعة، هي السلطة المسؤولة عن تفشي أوجه الفساد في المعمورة. وهذا ما دفع بضحايا التمييز والظلم الى تفويت الفرصة على الذين كانوا يستغلون براءاتهم وطيبة قلوبهم الى الانقلاب عليهم وقطع دابرهم.
فما حدث في انكلترا وفي فرنسا فيما بعد وتحديداً في عام 1789، كان قد عكس وحدة النهضة الفكرية والاتفاق على رص صفوفها في عموم اوروبا، ما أثمر عن غرس الفسيلتين الانكليزية والفرنسية، نبتات يانعة أدهشت اوروبا ذاتها، كما أدهشت العالم.
فترتب عن هذه النتائج الايجابية التي نالتها اوروبا بفضل تجدد افكارها وشن هجومها على الافكار القديمة الكنيسية، تحولات كانت على درجة عالية من النجاح والتميز، أهمها، تهديم صروح كانت أشبه بكابوس طالما جثى على الصدور لم يعي أحد ثقله، إلا بعدما تحركت ونشأت الافكار، فتحررت وتبينت الصالح واتبعته، ورصدت الطالح فطردته، فغنمت معايير انسانية جديدة رممت بها حضارتها وسعت الى تدعيم قواعدها. وما على شعوب في العالم النامي اليوم، سوى ان تجدد افكارها هي الأخرى، لتطيح برؤوس طالما همشت أدوارها وعطلت انجازاتها مستغلة عواطفها، بإفراط.



#حسام_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء من التأريخ
- الشك واللاأدرية
- أمريكا وخيانات العرب
- الجهل وانحدار الحضارات..
- اليابان.. أمة لا تنام، العراق.. أمة تريد أن تنام
- إنسان الغرب لا يبيع عالم الدنيا بطموح عالم الآخرة
- أفول عقول..
- الصورة الإلهية بنظر الماديين
- بين مطار الانبار ومطار دبي الدوليين.. مليارات
- ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية
- أصل الصراع الديني الدنيوي.. أطماع بشر!!
- من كوكس الى برايمر.. العراق تحت الانتداب
- حكم العسكر وسلطة الجيش
- دع فاسدون.. دعني أحكم
- سر لقاء برسي كوكس بالملك فيصل قبل إجراء العملية الجراحية له ...
- خطبة فيصل الأول يوم تتويجه ملكاً على العراق
- كم دولة عربية بحاجة الى قيس سعيد؟
- إرادة الأفراد والإرادات العليا
- صورتان في عالمنا لا تتغيران - الشرق والغرب-
- عراقيون فوق القانون


المزيد.....




- أمريكا.. السجن 53 عاما لرجل قتل طفلا من أصل فلسطيني وأصاب وا ...
- -ديلي ميل-: ملفات سرية للمخابرات المركزية الأمريكية تكشف وجو ...
- تطبيق تيمو يوقف بيع البضائع الصينية -بشكل مباشرة- لعملائه في ...
- إسرائيل تقرر توسيع العملية العسكرية في غزة وتستدعي عشرات الآ ...
- إصابة عدد من الأشخاص إثر اصطدام سيارة بحشد في شتوتغارت الألم ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخَين أُطلقا من اليمن
- محكمة أمريكية تقضي بسجن قاتل الطفل الفلسطيني وديع الفيومي 53 ...
- ماسك: الحظر المحتمل لحزب -البديل من أجل ألمانيا- سيكون -هجوم ...
- باكستان تناشد حلفاءها في الخليج المساعدة في تهدئة الأوضاع مع ...
- الحوثيون: استهدفنا موقعا في إسرائيل


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - أفكار خارج شرنقة