أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - الشك واللاأدرية














المزيد.....

الشك واللاأدرية


حسام علي

الحوار المتمدن-العدد: 7282 - 2022 / 6 / 17 - 14:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الشك واللاأدرية حالتان لا تقتصران على مكان معين أو فترة معينة، فهما تحدثان عادة لأي فرد. وبرأيي أنهما تصيبان أصحاب الفكر النير والباحثون عن الحقائق بعقلانية وليس بفوضوية أو عشوائية. فالشك أو اللاأدرية، من صفاتهما أنهما قادرتان على إيجاد نقاط استفهام مهمة في جدار أية حضارة قائمة. فتمثل حالة الشك مثلاً، حالة توعوية جديدة بأفكارها تجاه محاولة إقامة نظام حياتي يناسب التقدم الحاصل في أي مجتمع.
فأي انسان هو قائم تحت تأثير حكم الحياة ونظامها وشعوره اللامريح الذي ينتابه أحياناً كثيرة بسبب الضغوطات المختلفة والمتنوعة، وبحسب البيئة التي يعيشها أو بحسب مكانة الانسان ذاته، إجتماعيا، وأنه على هذا الأساس يكون بحاجة الى الاستقلال الروحي والدعم المعنوي، وهو ما يتولى توفيره (باعتقاده) مذهب الشك أو اللاأدرية. لا سيما أنه يمكن ملاحظة بوادر هذا الميل في الظهور أكثر، كلما زادت خطابات دعاة الدين أو وعاظ السلاطين باتجاهات مختلفة ولا منطقية آماد طويلة، بحيث تخالف أصل الدين ومفهومه ومبادئه. وهنا يتوجب على هذا الانسان أيضاً في هذه الحالة العمل والمشاركة والإسهام لأجل الاستمرار في إثبات الوجود بين الآخرين على أقل تقدير.
وهذا يعني، أن الانسان عموماً عندما يقع تحت تأثير ضغوطات الحياة بأشكالها الإرادية واللاإرادية، فهو لا يستثمر عقله دائماً في التفكر والتأمل حتى في مستقبله، لأجل الخروج ولو للحظات من دوائر الضغوطات تلك. على هذا الأساس يمكن للسلطويين في حال سقوطه بأوهام دعاتها وتأثيراتهم المعنوية، أن يطمئنوا إليه وهو المسالم بأفكاره تجاههم. لذا، فأن مذهبي الشك واللاأدرية يمكن لهما البروز أكثر في حال سادت علاقات اجتماعية ناجمة عن إشاعة تفاهات وسفاهات تنضوي تحت رؤىً بمسميات دينية، هي في الحقيقة مغايرة ولا تحمل أية دلائل منطقية وصادقة وأمينة لحقيقة ظهور ذات الدين. فتنبري للحياة العامة أفكاراً جديدة ربما تكون بعيدة عن المفاهيم الدقيقة لتعريفات الأديان تجاه معاني الوجود والخلق، وكذلك تجاه الحياة المدنية، فتلجأ الى تبرير الكون والوجود والعلاقات العامة، تبريراً لا صحيحاً أحايين كثيرة، فتؤثر على الفرد والمجتمع في آن واحد.
بصريح العبارة، في حال سيادة مناحٍ حياتية دنيوية تتماشى مع أصحاب نوايا دنيئة ومزاعم لاإيمانية أو ممن يطبلون لدعوات كاذبة مضللة لكسب العواطف وتهميش العقول، فلا يمكن ألا نتوقع حصول سرعة في انتشار هذان المذهبان، الشك واللاأدرية بأوسع انتشار. ما يعني أن التوجه اللاأخلاقي لأي حياة يحياها الانسان هو ما يدفعه بشكل اكثر نحو الدخول الى عالم يرفض الخضوع أو الاستسلام للقوانين السائدة، مهما كانت مصادرها. عليه، ما دام الشك أو اللاأدرية يمنحان الطمأنينة للنفس بنظر هؤلاء المشككين، فهما سوف يبيحان له، ربما الإفراط في تناول مواضيع أخرى تشكل وضعاً أكثر تهديداً على حالة المجتمع، خاصة لو افترضنا توسع وانتشار المعتنقين لهذين المذهبين أغلب أرجاء المجتمع.
هذا من شأنه أن ينعكس مباشرة على عمل وسلوك وأخلاق وافكار المعتنقين، ما يؤدي بالنتيجة الى حصول صدامات في رواق العلاقات الاجتماعية بين أطراف المجتمع، وحدوث فجوات أو شروخ في الجدار، ربما تكون بمثابة فرصة سانحة لجهات معينة، خارجية أو داخلية، لإستغلال الموقف وتمرير معتقدات جديدة مدعومة لأجل تهديم اركان الدين على يد رجال دين، بنهاية المطاف.
فيحدث إضطراباً فكرياً ينجم عنه بما يشبه القانون الحاكم الذي آمن ببنوده معتنقو مذهب الشك، بأن الإنسان ليس مرغماً على الطاعة، وإن توجب عليه ذلك فهو إزاء قوانين الطبيعة وبتحكيم عقله والمنطق، فقط. ليشعر أنه بكامل حريته الفكرية وشامل اختياراته الحياتية. فيتعزز دور الانسان حياتياً، بانتهاج سلوكه دون تأثيرات لإرادات عليا من جهة، ومن جهة أخرى، ستتوقف عندها حالات الانقياد لقوانين الحكومات واضعي القيود وجالبي المشاكل للبشرية.
ما يرسخ أفكاراً للمشككين بأن الانسان يمتلك القدرة دائماً على تمييز القوانين الصالحة والطالحة منها، فيرفض ما يجدها مخلة بقيمه ووجوده كإنسان. فيصبح الناس في هذه الحالة متساوون أمام القانون الجديد الذي بنظرهم يساير أوضاع العصر الاجتماعية.
خلاصة القول، أن أي انسان يمتلك عقلاً وفكراً حريين، هو بحاجة الى وجود اهتمامات به ككائن مستقل، ذي عقل وإرادة، يتمتع بأخلاق وآراء ومسؤوليات لها دورها في المجتمع. وهو بذات الوقت لا يمكنه الانفصال عن المجتمع حتى لو كان ذلك تدريجياً، بل أنه يبحث دائماً وبالفطرة عن كل مكان يكون أرقى، من شأنه أن يطوره ويلبي احتياجاته بكل راحة واطمئنان، وبما يتضمنه من اعتراف حقيقي، سواء بانتهاج اسلوب الشك أو عدمه، بأهميته كإنسان.



#حسام_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا وخيانات العرب
- الجهل وانحدار الحضارات..
- اليابان.. أمة لا تنام، العراق.. أمة تريد أن تنام
- إنسان الغرب لا يبيع عالم الدنيا بطموح عالم الآخرة
- أفول عقول..
- الصورة الإلهية بنظر الماديين
- بين مطار الانبار ومطار دبي الدوليين.. مليارات
- ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية
- أصل الصراع الديني الدنيوي.. أطماع بشر!!
- من كوكس الى برايمر.. العراق تحت الانتداب
- حكم العسكر وسلطة الجيش
- دع فاسدون.. دعني أحكم
- سر لقاء برسي كوكس بالملك فيصل قبل إجراء العملية الجراحية له ...
- خطبة فيصل الأول يوم تتويجه ملكاً على العراق
- كم دولة عربية بحاجة الى قيس سعيد؟
- إرادة الأفراد والإرادات العليا
- صورتان في عالمنا لا تتغيران - الشرق والغرب-
- عراقيون فوق القانون
- دقيقة صمت.. رجاء
- لا تغير في الواقع دون تغيير في الوعي


المزيد.....




- بعضها أوقف التصدير... ما هي الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة ...
- الآلاف يرفعون علم روسيا العملاق في قبرص احتفالا بيوم النصر
- لجنة فلسطينية تدعو أهالي الضفة والقدس والداخل للانتفاضة إسنا ...
- ساحة حرب.. مشاهد مروعة لهجوم نشطاء على مصنع -تسلا- في ألماني ...
- -كتائب القسام- تفجّر نفقا بقوة إسرائيلية في رفح
- الدفاع الروسية تعلن تدمير 3 دبابات -ليوبارد- ألمانية ودبابتي ...
- تأهل المتسابقة الإسرائيلية في مسابقة -يوروفيجين- وسط تظاهرات ...
- السفارة الروسية في الإمارات تنظم أمسية احتفالية بمناسبة الذك ...
- إسرائيل تتحدث عن مغادرة مقاتلين من -حماس- رفح وتكشف عن استرا ...
- لسبب غريب.. صينيون يدهنون وجوههم باللون الأسود (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - الشك واللاأدرية