أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - الصورة الإلهية بنظر الماديين














المزيد.....

الصورة الإلهية بنظر الماديين


حسام علي

الحوار المتمدن-العدد: 7258 - 2022 / 5 / 24 - 00:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كتابه المتين "الدوافع الى المادية" أشار الاستاذ مرتضى مطهري الى وجهة نظر "اوغست كونت" حول الخالق، قائلاً: إنَّ الصورة الالهية التي كان يتصورها الناس آنذاك والتي كانت تعلل وقوع أي حدث أو فعل وتطوراته، الى وجود رغبة الله دون مقدمات في التدبير. حين كان يمثل في خيالهم، الموجود الخيالي المهول أو الساحر الذي يمد سحره من عالم الغيب فيصيب به من يشاء في عالم الطبيعة، دون حساب.
فعلى سبيل المثال، عندما كان يصاب أحد الأشخاص بالحمى، فأنه كان ينسب ذلك الى فعل الله للانتقام من ذلك الشخص بسبب سوء تصرفه أو عمله أو بسبب إضماره حقداً لأخيه أو ما شابه، ولكن بعد أن تقدم العلم وعُرف أن مرض الحمى لم يسببه الله بل كان بسبب نوع خاص من الميكروبات، هنا بات على الله أن يتراجع خطوة – في نظر الناس الماديين – مقابل التقدم العلمي الذي حصل. وعلى هذا المنوال فان كل تقدم كان يصيب أي نوع من العلوم ويفسر في ذات الوقت علة جديدة، فأنه سيحتم إزاحة خطوات أخرى متتالية عن الله، الى الوراء.
ولما تكشّفت للغالبية العظمى وخصوصاً المفكرين والواعين منهم، إن كل تلك العلل لم تكن من أفعال الله بالمرة، توجب إذن – في هذه الحالة – إقالة الله من منصبه الرفيع وإنهاء خدماته الى الأبد. لذلك أخذ هذا الاسلوب الفكري بالتوسع أكثر فأكثر، حتى صوّر الحياة ببعدها المادي فقط، آخذاً بنظر الاعتبار ضرورة اللجوء الى متعها الحسية الظاهرة والملموسة والترويج لها. ومعللاً في نفس الوقت، في حال عدم إمكانية نيلها والتلذذ بها على أكمل وجه من قبل البعض، فأنهم سوف يلجأون مرة أخرى الى تلك القيم المعنوية، بعدما لم يعد لهم لا حول ولا قوة إلا أملاً بها.
بمعنى أن الخطأ الذي وقع فيه " أوغست كونت " ومَنْ ناصره، أنهم أوكلوا مجموع الآثار والظواهر المجهولة العلة الى الله، وكان أن حلّ كل إكتشاف علمي جديد محل كل ظاهرة كانت مجهولة، وبهذا بدأت تضيق دائرة الوظيفة الالهية – في نظرهم – الى الحد الذي تنصل الناس عن إلههم تماماً فيما بعد. ذلك أنهم تصوروا أن الله يمكن أن يقف الى صف كل العلل التي كانت في نظرهم مجهولة، أو ربما أمست معلومة لاحقاً، فلا فرق.
ولهذا فإن ما دعى اليه الاستاذ المطهري وأشار له: “إنّ التصور الالهي الصحيح هو أن ننظر الى الكون من أوله الى آخره جميعاً كوحدة متناسقة خلقها الله، لا أن نركِّز على جزء من هذه الوحدة فنتساءل من الذي صنعها، أهو الله أم الطبيعة؟ فاذا لم نعرف العلة بوضوح نسبناه الى الله، أما لو عرفنا علته، قلنا هو مخلوق للطبيعة ولا شأن لله تعالى به ".
لذا فإن على الانسان أنْ يتقبل ذهنياً وبشكل مرضي أنَ لله صورة تمثل له رمزاً أبدياً للخالق الحميم الرؤوف المحب للعدالة والمساواة، المانح للحرية والاستقلالية الفكرية في تفسير مطلق الأمور، وهو القادر على توفير الأمان والطمأنينة، والساعي الى إنبات الحب وإبذار الألفة والمبارك لوجودهما دائماً، فيعمل على سيادة كل هذه الحالات من أجل أنْ يعم العالم السلام والخير والمحبة. دون أن يرد الى أي مسمع أن يقابل عدم الامتثال أمام تحقيق إرادة الله هذه، أي شكل من أشكال المحاسبة أو العقاب المتعدد والمختلف الصنوف، والتي تتضاعف أحياناً بشكل أكبر من حجمها الحقيقي ولعدة أسباب، منها الأساليب المتلونة في تقديمها أو عرضها، تبعاً للاختلافات الفكرية لدى بعض السادات، وطرقهم في التفسير والاسناد، ناهيك عن رسوخ تقاليد وشعائر دينية لم تعد تمت لأصل الدين وغايته بصلة ولا لأصالة الوجود أو عللها. فيصير بعض ما جاء على لسان هؤلاء الدعاة من لغة التهديد والوعيد، طريقاً سهلاً يضطر الانسان الى النفور بعميق وجدانه إلى ولوجه، ودخوله دائرة التردد والحيرة وربما يصل به الأمر الى مستنقع الشك في أصالة الوجود وعدم قبوله أية معلولات مهما بلغت درجة مصداقيتها ومهما سعت من خلالها الى تخفيف حدة شكّه أو منعه لو جاز ذلك.
فلغة الوعيد تلك، تدفع الانسان الى شنّه ثورات ضد المفاهيم التي توارت خلف الاساليب المظللة لحقيقتها، عندما يجد نفسه أحد الضحايا الملزمون لتنفيذ العديد من الوصايا المتهافتة عليه دون مبرر.



#حسام_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مطار الانبار ومطار دبي الدوليين.. مليارات
- ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية
- أصل الصراع الديني الدنيوي.. أطماع بشر!!
- من كوكس الى برايمر.. العراق تحت الانتداب
- حكم العسكر وسلطة الجيش
- دع فاسدون.. دعني أحكم
- سر لقاء برسي كوكس بالملك فيصل قبل إجراء العملية الجراحية له ...
- خطبة فيصل الأول يوم تتويجه ملكاً على العراق
- كم دولة عربية بحاجة الى قيس سعيد؟
- إرادة الأفراد والإرادات العليا
- صورتان في عالمنا لا تتغيران - الشرق والغرب-
- عراقيون فوق القانون
- دقيقة صمت.. رجاء
- لا تغير في الواقع دون تغيير في الوعي
- هذا ما يجري في العراق كل يوم !!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - الصورة الإلهية بنظر الماديين