أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - صناعة الفقراء !!















المزيد.....

صناعة الفقراء !!


حسام علي

الحوار المتمدن-العدد: 7391 - 2022 / 10 / 4 - 12:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يسود الفقر، يعشعش الجهل ويفرض نفسه، وعندما تنعدم فرص العمل وتنتشر حالات البطالة عن عمد وإصرار ممنهَجَين، يستسلم المرء (الفقير) الى حالات أخرى، يخترعها، صناع القرار، فتجعل منه، آلة، لا حول لها ولا قوة، لينة التطبيع، سهلة التوظيف، تُسَخّر في مشاريع استعبادية لاإنسانية ودنيئة، تؤسس لإقامتها، حكومات عميلة ديكتاتورية، تسعى لهذا كله لأجل ضمان البقاء على كراسي الحكم أطول مدة ممكنة. تلك الحالات الاخرى، تشكل في كل مراحلها، الأساس المهم لخداع الناس، من خلال تذويبهم في معتقدات معينة، تصبح فيما بعد عادات متوارثة، تكون بمثابة قانون سائد، لا يجوز وطء خطوطه الحمراء أبداً.
في إحدى محاضرات الكلية أيام زمان.. تطرق الاستاذ المحاضر الى بعض ما يخص سياسات الحكومات الديكتاتورية المتسلطة على رقاب الشعوب، خاصة في العالم العربي الذي ابتلي بشخصيات مستبدة لا تميز بين الحلال والحرام، وطالما رسمت لنفسها ورسم لها إعلامها المأجور، صوراً، ضللت حقيقتها وأوهمت شرائح عدة في المجتمع عن نواياها، بمسميات عدة انطلت معانيها بسهولة على البسطاء من عامة الناس.
ومما تحدث به لنا الاستاذ وقتذاك، لا زلت أتذكر جيداً شيئا من كلامه، حين قال: إن التسلط الذي تمارسه حكومات العالم العربي، تتلخص بأنها غالباً ما تصنع الأحداث وتختلق الأزمات، بحالة أشبه عندما يقوم شخص ما، بكسر زجاجة معينة عمداً على سبيل المثال، للفت أنظار الحاضرين وتوجيهها نحو شظايا الزجاج والانشغال بلملمتها، متناسين في تلك اللحظة ما كانوا يتحدثون بشأنه، أو ما كانوا قد قرروا القيام به إزاء حادثة معينة أو أمر ما. طبعاً وبكل تأكيد، أن الاشخاص قليلو الادراك وضعيفو الوعي، نراهم وقد انشغلوا بحرص شديد للملمة تلك الشظايا التي خلفتها الزجاجة المكسورة وتعريض أيديهم ربما للجروح أو الخدوش، على أمل قيام صاحب الزجاجة بشكرهم أو تكريمهم. بينما نرى وفي ذات الوقت، أن الواعي وصاحب الادراك الواسع، سوف لا تنطلي عليه هذه الألاعيب والخدع، لذلك فأنه سيظل بعيداً بكيانه وتفكيره، وهو العارف بنوايا هذه العملية، غير آبه لها ولا لصاحبها، بمعنى أن كسر الزجاجة عمداً لم يؤثر به.
هنا، وخوفاً من هكذا شخصيات قوية مدركة متفهمة للأمور، سيدفع السلطات المستبدة، أما الى إنهاء وجود هؤلاء المدركين من خلال تصفيتهم واحداً تلو الآخر، عن طريق اختلاق أسباب عدة، تمنحها تلك الاسباب، الحجة في عمليات التصفية أو المحو أو التهميش، أو دعوتهم للإنخراط في صفوف السلطة مقابل مبالغ من المال، خيالية أغلب الاحيان. بعدها تبدأ الحكومات المستبدة، في العالم العربي، بجولات مدروسة ومعدة مسبقاً لتقوية الاواصر بينها وبين السذج من عامة الناس، لتعزيز عمليات كسب الود والثقة والولاء الأعمى، وأولى عمليات تقوية الأواصر تتمحور بدايةً بتسييد حالات الفقر والجهل، وأحياناً أخرى، التجويع.
يحكي إيريك جونسن كيف شغله التساؤل حول معاناة الفقراء، فيقول: لم أستطع أن أتفهَّم لماذا لا يستطيع الفقراء أن ينقذوا أنفسهم من دائرة الفقر. كنت أعتقد أن الفقراء لو بذلوا جهدا أكبر أو كانت لديهم فرص أفضل لتمكَّنوا من تحقيق النجاح ببساطة، حيث إن الفقر ليس مرضا ينتقل بالوراثة عبر الجينات، كما أنه ليس وجهة تُفرض على بعض الأفراد أو الدول، فما الذي يجعل بعض الأفراد أو الدول أحيانا تقبع في الفقر لسنوات طويلة تبدو بلا نهاية؟ ليتحوَّل الفقر في حد ذاته إلى حائط صد منيع في وجه مساعي التغلُّب على الفقر نفسه. ويربط جونسن، العلاقة القائمة بين الفقر والجهل والغباء، مؤكداً أن الفقر يؤدي أحيانا كثيرة الى تغييب العقل والادراك وفي أحيان أخرى حينما يسود طويلاً، تستحيل عندها حالات حضور الادراك الحقيقي لكافة الاحتياجات، بل يصعب لحظتها حسن التعامل مع الازمات أو إزاء حلّ المشاكل وإن كانت بسيطة للغاية. ذلك أن الفرد الفقير لا يقوى على إيجاد الحلول أو رسم الرؤى المستقبلية التي ربما ستعينه على تجاوز أزماته وحل مشاكله.
بعبارة أخرى، يكون الفقر، سبباً رئيسياً في إشغال الناس بضرورة توفير الاحتياجات الآنية بأي ثمن، كلقمة العيش أو شراء الملابس وغيرها ما يدفعه مثلاً الى اللجوء للاستدانة أو طلب القرضة من البنوك أو غيرها من المؤسسات الحكومية، لأجل حلّ مشاكله المالية، والتي تجعله، الاستدانة، إنساناً مربوطاً دائماً بعجلة الديون والدوران ضمن حلقة الفقر التي لا تنتهي، ولن تنتهي. على هذا الأساس، نجد الفقراء غالباً ما يلجأون في هذه الحالة الى اعتناق اعتقادات جديدة أو معاملات مستحدثة يفرضها عالم الدين، من خلال تفسيراته وشروحاته وفتاواه، فينشغل فقير الحال بهذه الأمور، ناسياً غافلاً عما يدور حوله في العالم، من تطورات على كافة مستويات ومناحي الحياة.
ذات مرة أجرى فريق من علماء، تجربة، وزَّعوا فيها مكملا غذائيا على مجموعة من الأطفال في المناطق الريفية استناد إلى فرضية تقول إن تزويد الأطفال بالبروتين في السنوات الثلاث الأولى من حياتهم سيُحسِّن خيارات النمو لديهم. ولاحظ الباحثون بالفعل نموا بين سنتيمتر واحد وسنتيمترين لدى هؤلاء الأطفال مقارنة بغيرهم، إلى جانب حصولهم على درجات أعلى في اختبارات القراءة، وبمتابعة حياة هؤلاء الأطفال وجد باحثون أن الفتيات اللاتي أصبحن نساء قد واصلن التعلُّم لسنوات أكثر، وأصبح الأولاد بعدما صاروا رجالا يحصلون على دخل أعلى في وظائفهم. وعلى النقيض، أشارت عدة دراسات إلى ارتباط تأخُّر النمو بسوء التغذية والتعرُّض لحالات مرضية متكرر في سن مبكرة، الذي قد يُنبئ بعجز فكري لاحق. (منقول)
فالفقير بعدما يحاصر في معيشته وظروفه الحياتية، ويأخذه اليأس إزاء سبل تحسين احواله، فلن يتبقى أمامه سوى أن يحلم. ولكن كيف سيحلم؟ بالتأكيد أنه سوف يحلم بتحقق القصص التي يرويها له الوعاظ. لذا، نجد المجتمعات الفقيرة الساذجة، تؤمن بسهولة بخرقة تربط حول معصم أو بحرز يكتبه بعض الدعاة. ليظل الفقراء جهلاء، لا يتمتعون بحرياتهم ولا يفقهون معناها، ولا يدركون أهمية دورهم في رسم سياسات البلدان وصنع القرارات، فقط الذي يفقهونه.. صناديق الاقتراع.



#حسام_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريدة الاستقلال أول جريدة بغدادية معارضة
- فن التهميش في المجتمعات العربية
- جائحة الشاف ما شاف
- بغداد.. يا جبهة الشمس للوجود
- لماذا هرب الفيل من العراق؟
- أفكار خارج شرنقة
- شيء من التأريخ
- الشك واللاأدرية
- أمريكا وخيانات العرب
- الجهل وانحدار الحضارات..
- اليابان.. أمة لا تنام، العراق.. أمة تريد أن تنام
- إنسان الغرب لا يبيع عالم الدنيا بطموح عالم الآخرة
- أفول عقول..
- الصورة الإلهية بنظر الماديين
- بين مطار الانبار ومطار دبي الدوليين.. مليارات
- ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية
- أصل الصراع الديني الدنيوي.. أطماع بشر!!
- من كوكس الى برايمر.. العراق تحت الانتداب
- حكم العسكر وسلطة الجيش
- دع فاسدون.. دعني أحكم


المزيد.....




- أفعى برأسين تزحف في اتجاهين متعاكسين.. شاهد لمن الغلبة
- بعد توقيع اتفاق المعادن مع كييف.. ماذا قال نائب ترامب عن نها ...
- تساقط الثلوج يسجل رقما قياسيا في موسكو خلال شهر مايو
- دبي.. منصة -تلغرام- تنظم عرضا مميزا للطائرات المسيرة
- قبرص.. انهيار هيكل معدني ضخم خلال مهرجان للطيران
- مسيرات روسية تستهدف موقعا أوكرانيا في مقاطعة خاركوف
- فولغوغراد.. سائق سكوتر يتعرض لحادث مروع
- أول رحلة ركاب روسية لمطار سوخوم الأبخازي بعد عقود من التوقف ...
- الرئاسة السورية تعلق على القصف الإسرائيلي لمحيط القصر الرئاس ...
- هجوم على قافلة أسطول الحرية في مالطا قبل توجهها إلى غزة واته ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - صناعة الفقراء !!