أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - يمكن للحيوان أن يثبت حيوانيته، لكن هل يمكن لكل إنسان أن يثبت إنسانيته؟














المزيد.....

يمكن للحيوان أن يثبت حيوانيته، لكن هل يمكن لكل إنسان أن يثبت إنسانيته؟


حسام علي

الحوار المتمدن-العدد: 7428 - 2022 / 11 / 10 - 09:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة ما يميز المخلوقات على أنها مخلوقات حية أو ميتة، وما نقصده بالحية دون الميتة، هي أنها تحمل الإرادة في التصرف والتعبير بطريقة يكون مآلها في الغالب تحقيق إسهامات ومشاركات ما، بحيث تعبر بالمخلوق ذاته، الى سدة مواقف وجوبية منطقية لا غبار عليها، وتكون حاضرة لا غائبة عن التأثير النسبي بالمشاهد المجتمعية، المحيطة، وربما أبعد من المحيط. هذه المواقف المتأتية من وجود الإرادة، لابد لها وأن تتمتع بصفاء النية خلال لحظة انتقالها من فكر صاحب الإرادة الى أرض الواقع وإنشاد التطبيق.
إن لفظة الإنسان، هي في الحقيقة لها دلالة واضحة على حتمية وجود حسن النية وحسن الظن، وهي لفظة تحمل معانٍ ميتافيزيقية أعمق من معانيها الأخلاقية. بل أن الأخلاقيات هي بحد ذاتها تعتبر صفة نادراً ما يتحلى بها الإنسان منذ الأزل. ذلك أن النفس أمارة بالسوء وهي ليست معصومة عن فعل الشر، على رغم ما أوتي الانسان بأغلى وأثمن ما في الوجود، ألا وهو العقل. فالظالم موجود واللص موجود والكذاب موجود والقاتل موجود أيضاً. وهي صفات ليست بإنسانية.
حين يدافع أي إنسان، بغض النظر عن مدى انسانيته وحضورها، عن رواسب وتراكمات اجتماعية موروثة، تكون سلبية جداً، وأحياناً خطيرة، لها تبعات لا يحمد عقباها، فأن هكذا انسان، من الواجب أن يوضع في خانة الحيوانات التي تصارع من أجل البقاء. فهو وإن كان يتمتع بالإرادة البشرية أو أنه يتحلى بالمعارف العلمية والأدبية وغيرها، إلا أنه افتقد الى النية في ممارسة إرادته، حين لم يعد يسيطر على حالاته الشهوانية والغريزية الناجمة عن عقد نفسية، عقد طالما عانى منها إبان الصغر، فصارت مشكلة كبيرة لا يقوى على مقاومتها أو حلّها، فأبى إلا أن يعيد توازنه النفسي إليه، عن طريق اتباع سلوكيات حيوانية وحشية أغلب الاحيان.
في هذا الجانب، يرى أفلاطون (رض) أن النية النابعة عن إرادة الانسان، لهي أمر أسمى من الانسان ذاته. ذلك أن الانسان زائل، بينما أفعاله وأعماله طبقاً لنيته، إنما باقية، بل ولها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الفرد أولاً وعلى المجتمع ثانياً. ما يعني أن السلوكيات القائمة على الارادة والمعرفة، والنية في ترجمتها، هي من تميز بين الانسان والحيوان. بمعنى، أن تبني الخير وإحقاق الحق والتمسك بالمُثل، هو ما يميز الانسان عن الحيوان. فكثير من البرلمانيين، تحمل خطاباتهم معاني الإنسانية والقيم النبيلة، إلا أنهم في الحقيقة ليسوا بإنسانيين ولا يتمتعون بقيم نبيلة. بصريح العبارة، هم حيوانات بمعنى الكلمة، فقط ما يميزهم، أنهم يرتدون بدلات مستوردة وترافقهم مدرعات مستوردة. ناهيك عما يتقاضونه من رواتب خيالية ورشاوى خيالية أيضاً، لا يمكن أن تغنيهم ولا أن تشبعهم أبداً، لأنهم بالأساس، يعانون عقداً نفسية، أثرت كثيراً على سلوكياتهم، فانحازوا وانحرفوا عن مسارات المعارف والآداب التي مرت بهم أو اصطدمت بحياتهم بالصدفة. أيضاً، يمكن وصفهم بأنهم ليسوا بأشخاص فاضلين مثلما أوضح ذلك، أرسطو (رض) حين عبّر عن الانسان الفاضل، بأنه ذلك الذي يتصرف بطريقة صحيحة، بل وبإرادته ومعرفته التي يحملها، فهو يختار تلك الطريقة الصحيحة من أجل أن يكون بنظر الآخرين، إنساناً فاضلاً. فلا يحيد ولا ينحرف، مهما كانت الظروف.
أما من يحمل الإرادة والمعرفة في سلوك أعمال الخير، ولا يقوم بأعمال الخير، إنما يستجيب لغرائزه وشهواته، فتغلب وتسيطر على عقله، فهو في هذه الحالة، حيوان بكل تأكيد، ولا يمكن وصفه بالإنسان. كالوزير مثلاً، حين يتجاهل عن عمد، الإمكانيات والقدرات التي يتمتع بها أحد الموظفين، فيرفض ترقيته، أو ربما يرفض إبقاءه في الدائرة، بينما، يضع شابة جميلة، مكسوة الملامح، مطلية الوجه والشفاه، تكاد ساقاه تهز كيان الوزير، يضعها في منصب لا يليق بها أساساً، ولا يمكن أن تفقهه أو تقوم بإنجازه على أكمل وجه، في هذه الحالة، هل يمكن اعتبار هذا الوزير إنساناً، لا أعتقد، فهو حيوان دون شك.
وهكذا يمكن القول، إن النية الصادقة في فعل الخير، إستجابةً للإرادة مع إدراك الفرد نفسه، لنتائج أفعاله ونتائجها المتأتية، هي من تحدد إنسانية هذا الفرد من عدمها. فمن يتحرك نحو فعل خير، وبالشكل المنطقي الذي من شأنه أن يحقق أعلى درجات الايجابية تجاه محروم أو مظلوم، فينتشله من واقعه المأساوي ويضعه في واقع آخر، مختلف تماماً عما كان عليه، إن سنحت الوقائع لذلك، فهو إنسان ويستحق الاحترام والتقدير، أما من سولت له نفسه وغضّ الطرف عن الاسهام في تحقيق المراد، فهو حيوان، يستحق أن يوضع في قفص، يرمى له طعامه بين الحين والآخر، أو مثلما يرمى للكلاب والقطط السائبة.



#حسام_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الفقراء !!
- جريدة الاستقلال أول جريدة بغدادية معارضة
- فن التهميش في المجتمعات العربية
- جائحة الشاف ما شاف
- بغداد.. يا جبهة الشمس للوجود
- لماذا هرب الفيل من العراق؟
- أفكار خارج شرنقة
- شيء من التأريخ
- الشك واللاأدرية
- أمريكا وخيانات العرب
- الجهل وانحدار الحضارات..
- اليابان.. أمة لا تنام، العراق.. أمة تريد أن تنام
- إنسان الغرب لا يبيع عالم الدنيا بطموح عالم الآخرة
- أفول عقول..
- الصورة الإلهية بنظر الماديين
- بين مطار الانبار ومطار دبي الدوليين.. مليارات
- ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية
- أصل الصراع الديني الدنيوي.. أطماع بشر!!
- من كوكس الى برايمر.. العراق تحت الانتداب
- حكم العسكر وسلطة الجيش


المزيد.....




- -يخطئ دائمًا-.. ترامب يهاجم ماكرون بعد تصريحه عن -وقف إطلاق ...
- خطة محتملة لاستهداف خامنئي مباشرة.. شاهد كيف علق نفتالي بيني ...
- 8 رسوم بيانية توضح سياق الضربات الجوية الإسرائيلية ضد إيران ...
- الدفاع الإيرانية تعلن استخدام أحد صواريخها للمرة الأولى في ه ...
- كيف تكون مستعداً في حال حدوث انفجار نووي؟
- السماء السورية.. ساحة جديدة في المواجهة بين إيران وإسرائيل
- رونالدو يريد -اللعب- مع ترامب والرئيس الأمريكي يوافق
- الوحدة الشعبية: ندين العدوان الصهيوني على إيران ونؤكد على حق ...
- لأول مرة.. إثبات تأثير الضوء في علاج الدماغ
- الوجه الآخر لعرض ترامب العسكري


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - يمكن للحيوان أن يثبت حيوانيته، لكن هل يمكن لكل إنسان أن يثبت إنسانيته؟