|
رواية أنت طالق
سليم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 7642 - 2023 / 6 / 14 - 11:57
المحور:
الادب والفن
رواية أنتَ طالق هبة فراش ”جرس الخوف “ بقلم سليم النجار
كيف أنسى أنّ جرْس الكلمة هو مهمازُها؟ لكل كلمةٍ جَرْس . وما أزال اشدّ حرصاً وأكثر هَوَساً من فلوبير ؛ ذاع عنه ذهابُه إلى الحقول ؛ ليسمع ما كتب مرنمّاً ؛ فإما يرضى عنه أولا. أُرسل كل كلمة مرّاتٍ ذهاباً وإياباً ؛ إلى أن اسمع جَرْسها استقرّ في أُذُنيَ ؛ فالتي إستَقّرت جعلتني ابحث عن قلمي لعلِ اجد ما اكتبه عن هذا الجرس الذي بدأ يطرق على مسامعي ؛ هذا حالِ مع رواية ” أنتَ طالق ” للكاتبة هبة فراش . السؤال الأول الذي هاجمني اين توجد كلماتها ؟ ؛: ( انت فعلت بي كل هذا وأكثر … هل تعلم ؟؟ ص٢٥ ). بالطبع مسكنُها في القواميس . لغات البشرية جميعها ؛ قديمُها وحديثُها في القواميس ؛ : ( في اليوم التالي جاءت سحاب واخذتني إلى الطبيب بنفسها وهي تصرخ في وجه خالتها : ” تموت الفتاة بين أيديكم ولا تبالون ” ؟! ص٥٣) . إحساس هبة فراش التي عبرت من خلال بطلتها حور وحاجتها ؛ حور للتعبير عن المشاعر والكائنات والأشياء ؛ عن ما يصطرع في الوجود ؛ الظاهرُ والخفيُّ والصامتُ المباحُ والممنوعُ ؛ المتاحُ والأشباحُ ؛ والرُّؤى والأحلامُ ؛ كلُّ شييء تقربياً منها . بل لا شيء يكاد يوجد إلا بالكلمات ؛ أعني دائماً كلماتِ الكاتبة ؛ : ( لكن لكل شيء نهاية … رفعت كوكبك الداري عن كتفي ؛ وحط مكانه الشيطان ؛ سلَّمت لسانك للقدر وبدأت تتكلمين بما أحضرتني لأجله ص٨٥ ) . الرواية موغلة في التفاصيل ؛ وقد اختارت هبة فراش مقاربة الجسد ثقافياً نظرا لكون الثقافة هي الإطار التجميعي لمختلف المقاربات نفسيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ؛ ونظراً لتعدد محتويات الجسد وتنوع إحالاته اختارت الكاتبة الفعالية الذكورية لطغيانها على النص كأقوى الفعاليات فيه ؛ : ( لم يرد عليَّ ؛ لكنني شعرت بأنني أثقلت عينيه بالدموع وغادر المكان ؛ ليته لم يغادر المكان ؛ ليته لم يغادر ؛ انت لا تعلم ما الذي أطيح بي تلك الليلة ؛ حتى أنني اكتب لك الآن عنها وارتجف ؛ أخاف تذكرها ؛ أخاف قول ما حدث ؛ لا اتمناه لعدوّ يا رابح … لا اتمناه لعدّو ص١٠٥ ) . وبما ان الإنسان نتاج تاريخي رأت الكاتبة ان مقاربة الجنس الذكوري بالثقافة كما كان سائداً في المجتمعات التأسيسية أي المجتمعات القديمة التي حصلت فيها نقلة على مستوى الخطاب الثقافي . مكنت من بناء رؤية متكاملة حول الجسد ومقولتي الأنوثة والذكورة ؛ : ( كنت ألتقي بضرار كل يومين او ثلاثة أيام ؛ حذرته من كثرة القدوم لأنني أخشى على نفسي وعليه من عينٍ متلصصة يوماً ما تنقل الخبر ملوثاً بفكرها ص٢٠٨ ) . هذه العلاقات المتوترة منذ قدم التاريخ وخاصة المجتمعات البدائية مثل المجتمع السومري ومجتمع التوحيد الآرامي بمختلف مسالكه وبحث في أخطر الأسئلة وأدقها : ما العلاقة الممنكة بين الثقافة والجنس ؟ وهل الجنس هو من يحدد الثفافة ام انه خاضع للشروط الثقافية واملاءتها التاريخية ومتغيرتها ؟ ؛ : ( – لا تنسي أنها كانت حاملاً واجهضت ؛ إذن أبني بخير . – في التأخير مشكلة ؛ حملها جاء متأخراً بعد أن أكدت ثلاثة طبيبات بأنه لا وجود لسبب حقيقي يمنع حملها ص ٢٥٥ ) . وتستمر الكاتبة أسلئتها ضمن هذا المنظور الجسدي التي يمتلأ في طيات نصها ؛ ما هي حدود الجنس في الجسد ؟ وكيف نفهم علاقة الأنا في السياق الجنسي ؟ هل الجنس ثابت كما هو عند الحيوان ام متطور بفعل الرغبة ؟ وكيف تمكنت الإنسانية من قطع المسافة بين عضة الإنسان وقبلة الشفاة ؟ وكيف تحول الجنس من مطلب بيولوجي بسيط كالطعام إلى مجال هائل تلتقي حوله التحليلات والاستيهامات عبر التاريخ البشري ؟ ؛ : ( نعم … ” أجل ” تلك هي ذاتها التي أقرؤها الآن مكتوبة على المرأة ؛ الفتاة ذاتها ؛ الاختيار الصارم ذاته ؛ الثقة الأكيدة ؛ الحلم وانتظار مُثقَلٌ بالأمل نحو الغد ؛ الفتاة التي تشد الازر ؛ تميل للمسيرة نحو الحياة ص٣٠١ ) . واللافت في رواية ” انتَ طالق ” ؛ الزمن ؛ فهذا الزمن يُعد اختباراً دائماً للنص ؛ ومحكَّاً لمصداقية الخطاب الروائي ووزنه لدى المتلقي ؛ فالكاتبة كان زمن صياغة نصها ليلاً وإبتداءً من ساعات الفجر الذي رسم النص خيوطه على الشكل الآتي ؛ : ( عمّان 12:16 بعد منتصف الليل الممكنات معك شحيحة ؛ صفير مزاجك يعلن عن بدء وانتهاء أي شيء ص٣٧ ) . ومن هذه الزاوية الزمانية يمكن عَدّ التحول الاجتماعي الزماني ؛ : ( الكويت الساعة 02:00صباحًا كنت قد تركت كلّ شيء اتيت لك بالعيد ؛ كنت مشتاقًا تخيلي أنني غبت ايامًا وليالي عنك ص١٦٧ ) . وكن يتغير هذا الزمان الكرنفالي عند الكاتبة ويبدأ عصراً كانه ذات طقوس تدعو للفرح والأمل وصوّرت هذا الزمن على الشكل التالي ؛ : ( دبي 3:30 مساء امك امسكت يومًا كتابًا على البرميل ؛ كان قد تركه لي ضرار ؛ لما رأيته في يدها ؛ اعتقدت بأنني كشفت ؛ تخيل بأنني لم اكن اشعر بالخوف تلك اللحظة ؛ بل كنت مستعدة للمواجهة ص٢٧٠) . بدا لي ان الكاتبة هبة فراش في روايتها ” انتَ طالق ” تريد القول نحن عندنا أناث هَرَبْنا من الذكورية بحثاً عن أي شيء ؛ أي شيء ؛ هم مَلُّوا من ولاء العبيد .
#سليم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية منّ السما
-
زحمة أفكار تستريح على رصيف الرواية
-
رواية صيف مع العدو
-
رواية أسرار القوقعة
-
ملحمة الخلاص في عالم موبوء
-
رواية هكذا صرت ملاكا
-
رواية مرايا للكاتبة نسرين الحمود
-
رواية الحب ثالثا وأخيرا
-
رواية ابنة السفير
-
رواية التي كانت أنا
-
رواية حنظلة
-
رواية أدراج الإسكافية للكاتبة فداء الحديد
-
رواية سهام أبو عواد
-
رواية محطات على قارعة الزمن
-
تعبت الروح أيها العاشق للكاتبة عواطف الكنعاني
-
رواية وقتلت مرتين
-
رواية مطارح سحر ملص
-
الرصاصة 666 محاكمة التاريخ وإعادة صياغته
-
الرواية النسوية في الأردن
-
قنابل الجهاد الإسلامي سيارة للأجرة
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
المزيد.....
|