أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رواية مرايا للكاتبة نسرين الحمود














المزيد.....

رواية مرايا للكاتبة نسرين الحمود


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7634 - 2023 / 6 / 6 - 11:29
المحور: الادب والفن
    


أوطان من الذكريات
منذ المراهقة شُغفتُ بمؤلفات أورويل مع تأملها بنظرة ثاقبة وانتقائية. ولئن اعتبرت على الدوام أن روايته مزرعة الحيوانات من الروائع التي لا تضاهى؛ فقد كنت أقل إعجاباً برواية ١٩٨٤. كانت فكرتها قوية بصورة لا تقبل الجدل، غير أن الرواية، مثلما هو الحال في كثير من الأحيان في روايات الأطروحة، تختنق بعض الشيء تحت وطأة الأطروحة. وعلاوة على ذلك؛ عندما بدأت في مطلع شبابي أتابع ما حصل من أحداث في العالم من وفاة ستالين، ورفاته قد أخرجت من ضريح الساحة الحمراء، بل لقد تقرر تغيير اسم مدينة ستالينغراد، ولم يعد التهديد بنظام ستاليني منتصر، التي كانت الرواية تُحذرنا منه، مقنعاً جداً وناقوس الحظر الذي يدُّقه يبدو بلا مبِّرر.
ثم تصالحت مع رواية ١٩٨٤ حين أدركت أن اهمَّ ما في العمل الأدبي ليس الرسالة التي شاء مؤلفه أن ينقلها إلينا، بل الزاد الفكري والعاطفي الذي يستطيع كل قارئ أن يستقيه منها بنفسه. وأدركت لدى قراءة هذه الرواية مجدداً في مرحلة الرشد أن المجتمعات البشرية مهما تقدَّمت. مهددة بأن تقع يوماً ما في فخ يعيد النظر في كل ما شيدّته منذ فجر التاريخ؛ إلا العاطفة اتجاه من تحب عن صدق. وفي ضواحي هذا الكلام. وفي عالم الاشارات التي تخرج بلا شبهة. وعلى أسوار القول. ثمة أشخاص أو اسماء. يحدقون من الثقوب في جنة العقل، ويتضح ذلك في رواية «مرايا في حياتي» للكاتبة نسرين الحمود.
تبقى الكلمات مصلوبة في رواية «مرايا في حياتي»، كأن الليل جاءها حافياً إلى عتبة الوجع ٠ وكأن الراوية بدأت تتخيل أنَّ الرمان لايُزْهرُ إلا إذا تُليت على أغصانه آيات من الفراق، (أكثر وقتي كنت أقضيه بين الشجيرات التي كانت بالنسبة لي الحياة، كنت اعتني بها وكانت تأخذ كل وقتي، ربما لأنها زينت مزرعتي، كنت أشعر بأنفاس والدي بها لأنها كانت هدية منه ص٤٦).
الأختصار والأختزال قد يبرره حجم «الرواية» ص٨٣ من الحجم الصغير - لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ان هذا الحجم لعب دور سلبي في مسار الرواية، بل على العكس كثف من فكرة الوجع، وكأننا أمام حرب، حرب ليست الحربُ جبهات دامية، ليست هي أنينَ الجرحى وتساقطَ قتلى مع كل رَشَّةِ رَصَاصٍ، الحربُ هي:
أن تنسى أرواحُنا كيف كانت تعيش بِسَلامٍ، (لم يرحل مرء من مسكنه بخير؛ الاّ وقوم قهروه وظلموه وعند ربي سيتحاسبون ص٣٩).
الأنتصار للشكل في القيم الفنية، وفي النتاج الابداعي المعاصر ادى معا، الى الثورية التي عرف بها الابداع الحديث، والى تراجع، او سقوط يعلو اكثر من صوت للاثارة والمجانية العبثية الناتجة عن الفوضى،
ان ينادي روائي/ روائية - الحديث، او الفنان الحديث: بان لكل رواية رواية شكلها الخاص بها؛ ولكل لوحة شكلها الخاص بها ؛ هي منادة محرره أصغت؛ وانتنهت؛ الى الروح الكامنة في الشكل؛ وان لهذه الروح صفات السطوع والأنطفاء؛ البسط والأنقباض وان لها خصائص التحول والحركة كما فعلت الكاتبة نسرين. (بعد وفاة زوجي بسنة كاملة ظهرت عيوب الآخرين وبدأت أقنعتهم بالسقوط ومن كان يتظاهر لي بالحب والإحترام تبين لي انهم منافقون ولا صلة لهم بالمحبة او الخوف علي ص٥١).
واذا جاز القول قديما «انا الحق» فان من الجائز حديثا القول بان الشكل هو المضمون او ان الشكل هو الأبداع. ومن هنا حمل الانتصار للشكل ثورة ابداعية كانت بمثابة الوحي الذي وصل الانسان المعاصر بنشوة الابداع وبهجته. انطلاقا من هذه النظرة وصفت نسرين في احد مقاطعها السردية وصفا شكليا مزج بين ثنائية الشكل والمضمون، (اتذكر يوم كنت ذاهبة لعملي وإذ بعجوز تمشي متكئة على عصا وتريد أن تقطع الشارع بالاتجاه الآخر كنت أنظر إليها، أوقفت سيارتي حتى تقطع الشارع ولكنني نظرت لها وأنا خائفة عليها ان تتعثر وتقع على الأرض، قربت سيارتي عندها وقلت لها: هل استطيع مساعدتك يا أمي؟ ص٤٣).
ما فعلته نسرين في روايتها «مرايا في حياتي»؛ هو وضع تماثل بنيوية بين كل التجليات التي شاءت ان يقرأها المتلقي؛ فهناك تواز واضح بين بنية الفكرة وبنية الصورة؛ فكلاهما يتصادمان ومن ثم يلتقيان على ارصفة الصدفة قد يبدو هذا التوظيف في الرواية لا يعحب البعض او يعتقد انه دخل منطقة الدعوة للتعاطف مع موقف تدعو له الكاتبة؛ وهذا ما لم تسعى له الكاتبة؛ فهي سعت لتحول الحكايا؛ فالمتحول نوعي يجمع عددا من الأحداث والأفكار المتساوية والمتطابقة جوهريا٠ والتي تقيم علاقة تضاد مع الثبات في هذا الفضاء الروائي بسمات الحداثة: العقل؛ الإبداع؛ الإنسان بما هو إنسان؛ (تكره للأبد؛ ولو أحبتك فإنها بلحظة تستطيع أن تنسى هذا الحب لو تعرضت لجرح هزها من الداخل؛ المسألة هنا ليست هجوماً عليها؛ وإنما شيء خلقه الله فيها٠
ما سبق ليس ذماً ولا مدحاً ٠٠ إنها صفات أؤمن أنها موجودة فيها ص٦١)٠ وما يلاحظ على ما ذهبت به نسرين بروايتها «مرايا في حياتي»؛ قراءة كيف العالم متفكك؟؛ وهنا أتذكر ما قاله تراسي سميث (مواليد ١٩٧٢) في رائعته «الخوض في الماء»؛ (قيل لي إن الأمور ستكون رهيبة٠ فكل شهوة صغيرة؛ كل رغبة بسيطة؛ كل كراهية ستتخذ أبعادا ملحمية).
هذه العلاقة بين التفكك؛ هي علاقة عنصرين احدهما عنصر الوجع والثاني عنصر نهوض؛ (ربما تعطش للكتابة عن دروسٍ بالحياة مررت بها؛ ولكن سأترك خطوات تعثرت بها يوماً ولكن لا اعتبرها درساً ص٧٧)٠ ويمكن القول ان رواية تسرين الحمود «مرايا في حياتي» ذكرتني بودلير حين قال «عندما كنا في الفراش جثة الى جانب جثة تذكرت حبي الحزين فبكيت»٠ نعم بكيت للدلالة على ان الجثة هي الفراق والفراش هو الزمن والبكاء هو الذكرى الذي اصبح وطن في قلبي ٠



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الحب ثالثا وأخيرا
- رواية ابنة السفير
- رواية التي كانت أنا
- رواية حنظلة
- رواية أدراج الإسكافية للكاتبة فداء الحديد
- رواية سهام أبو عواد
- رواية محطات على قارعة الزمن
- تعبت الروح أيها العاشق للكاتبة عواطف الكنعاني
- رواية وقتلت مرتين
- رواية مطارح سحر ملص
- الرصاصة 666 محاكمة التاريخ وإعادة صياغته
- الرواية النسوية في الأردن
- قنابل الجهاد الإسلامي سيارة للأجرة
- رواية أغثني
- رواية ظل الغراب للكاتب سعيد الصالحي
- رواية جدائل الصبر للكاتبة إيمان كريمين
- سليماني شهيد القدس ،غزة ناكرة للجميل
- هفاف الخوف شعر أحمد عارضة
- الدم الفلسطيني في غزة ليل الفضائيات
- اليسار الفلسطيني فهلوة الفكر وسذاجة الحكاية


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رواية مرايا للكاتبة نسرين الحمود