|
رواية التي كانت أنا
سليم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 7631 - 2023 / 6 / 3 - 12:23
المحور:
الادب والفن
رواية ... "الّتي كانت انا " منال حمدي " الكتابة السّيرذاتية الروائية " قراءة نقدية /سليم النجار
من السّيرذاتية الّتي تعمّدت الكاتبة إشعالها وتعليقها على أبواب روايتها الأولى " الّتي كانت أنا " همس وبوح الّذي يستدعي المترجّلّ اللّيلّي ؛ على غير ميعاد سابقٍ ؛ ويغريه بمجالسه على بساط البوح الحميميّ حيث الكلام صفاء النّور وصدق الحديث . والبوح لايكون إلاّ صادقا اعترافا كان أو كاشفا لسّرِ شخصيّ أو غيره . ثم إنّ الكاتبة كثّفت الإضاءة بمصباح ثانٍ يتمثّل في إشارتها إلى النّوع الأدبيّ الّذي كتبت في إطاره ؛ : ( هو كالقبر ؛ الطريق إليه بلا خطوة ؛ بلا عينين ؛ بلا حواسّ . مَن قال إنّه يمشي على الأرض مثلنا ؛ مَن قال إنّ اللّيل يرى ؟ . ص١١ ) . ومّما يستفاد من تلك المداخل الأولى هو أنّ دور الكتابة والقراءة دور تنويريّ . وأنّ مفهوم الكتابة صادر عن فلسفة الوجود ومتّصل بها على الدوام مهما كان موضوع وشكل الكتابة . وفي هذا إشارة إلى دور الأديب في إثارة سؤال الوجود ومحاولة صياغة الإجابة عليه فنّيا . وهو دور موكل بصورة خاصّة إلى كتابة السّيرة الذّاتية ؛ : ( هو قال يومّا إنَّ الحياة مجموعة ضغوطات نفسيّة ؛ وإننا بحاجة لأن نجد سُبلاّ للتنفيس عن أرواحنا المعتّقة بماء الحياة فلا تقوى علينا عوادمها . ص ٦٢ ) . من هذه الزاية نجد الشخوص الرئيسية في رواية " الّتي كانت انا " ؛ تعيش حالات تثاقف في كنف مجتمعات ليست بالضرورة مجتمعاتها الأصيلة . هذه الشخوص تأتي في سلوكها اليومي . بما يفضح تأثرها إن سلبا أو إيجابا بالحضارة الإنسانية عموماً ؛ : ( في كل مرة اجد عليها حلقة لمسلسل تركي ؛ وبأصوات مهجَّنة لممثلين سوريينْ تربطني بأصواتهم دراما سورية أبطالها حقيقيون ؛ يمتزجون بالواقع وبدموعي لدرجة الأنفلات فيها ؛ والتشظي فيَّ . ص ٨٨ ) . وفائدة هذا السؤال تتجلى في علاقته بمسألة التثاقف التي خاض فيها كثير من الباحثين ؛ وكذلك في أهمية تطبيقاتها على الإبداع الروائي لسبر علاقات التأثر أو التأثير بين الشخوص والمحيط ؛ : ( لن أبقى غارقةً في حزنٍ يكبرني كثيرّا حزنٍ يحيلني إلى انكسارات تلو انكسارات . تلك التي قيّدتني وأحالتني إلى عدم . ص١٣٣ ) . وهنا يولد سؤال ما الذي يجعل من كاتبة رواية معاصرة ؛ مشدودة إلى قضايا العصر وآنيته منذ روايتها الأولى ؛ : ( هي طفلة كبيرة ؛ وامرأة صغيرة تولد فيّ باحثةً عن طفولة تعيدها إلى حاضرها ؛ إلى امرأة تكوّرها حكاية في أوراقي كيوم اول لها ؛ وحدوتة بزمن غير زمني ؛ وفي مكان غير مكاني ؛ وأرض غير أرضي . ص١٢٨ ) . في روايتها منال حمدي تبتعد عن اللغة ؛ من حيث الإخراج البلاغي لعلائق الشخوص والأحداث ؛ إلى حد يشارف الخلاء . وتقترب من الحكاية إلى تجاوز الملاء . بمعنى الجنوح إلى تعرية النص من الانزياحات المولدة للإيحاء اللغوي ؛ مع إلباسه الإنزياحات الحكائية المولدة للإيحاء السردي . فهي تتنقل و ( تسافر ) ؛ والسفر هو الابتعاد والاقتراب ؛ وكذلك الذهاب والإياب . إن ابتعاد الناصّ عن اللغة ؛ وتركّب الحكاية . تنشر اللغة حد التكرار ؛ وتظبط الحكاية حد الانصهار . والانصهار يتضمن الانشطار ؛ فقبل ان يبلغ النص مستوى تحقيق الانصهار يؤدي بين شخصيتين ؛ : ( في تلك اللّيلة أنهكني التفكير بزيارة هذا الطببب النفسي وأنا أحاول أن اقنع نفسي بأنّ زيارته حالة صحيّة ؛ ولاتعني إنَّني أعاني من مرض نفسيّ . ص٦٤ ) . وهنا يشهد الانشطار في ذات الشخصية ؛ إن هذا ألانشطار يقابل الذهاب ؛ وذاك الانصهار يقابل الإياب . إن المسافر يمتطي ناقلته ؛ ويقطع مسافة معينة من مكان إلى آخر . والسارد يمتطي النص ؛ ويسافر من بداية الحكاية إلى نهايتها . والبطل - في الحكاية - يسافر كما بين فلاديمر بروب في كتابه " مورفولوجيا الحكاية . واثناء هذا السفر ؛ تتطور أحداث الحكاية بشكل طردي ابتداء من تكوُّن العقدة ؛ وانتهاءً بتفكيكها . وهذا ما فعلته منال حمدي في روايتها " الّتي كانت أنا " ؛ لكن على طريقتها الخاصة ؛ ودفعت القارىء لروايتها التساؤل ؛ من قال أننا نشيخ ؟ ! الحياة التي تشيخ ونحن نرى أنفسنا بمرآتها ... وبين " الّتي كانت انا " ؛ والسيرة عروة وثقى . لذا انهت منال روايتها بالسرد التالي ( وذاك العجوز الذي يعود بي حيث لا مكان ولا زمان ؛ حيث البوصلة التي ضلّت الطريق ؛ لتغلبنا الدموع ؛ وتغلبنا الذاكرة التي تصرّ أن تبقى منقوصة . ص ١٥١) . السيرة جاءت غربية وستعود غريبة فطوبى للغرباء .
#سليم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية حنظلة
-
رواية أدراج الإسكافية للكاتبة فداء الحديد
-
رواية سهام أبو عواد
-
رواية محطات على قارعة الزمن
-
تعبت الروح أيها العاشق للكاتبة عواطف الكنعاني
-
رواية وقتلت مرتين
-
رواية مطارح سحر ملص
-
الرصاصة 666 محاكمة التاريخ وإعادة صياغته
-
الرواية النسوية في الأردن
-
قنابل الجهاد الإسلامي سيارة للأجرة
-
رواية أغثني
-
رواية ظل الغراب للكاتب سعيد الصالحي
-
رواية جدائل الصبر للكاتبة إيمان كريمين
-
سليماني شهيد القدس ،غزة ناكرة للجميل
-
هفاف الخوف شعر أحمد عارضة
-
الدم الفلسطيني في غزة ليل الفضائيات
-
اليسار الفلسطيني فهلوة الفكر وسذاجة الحكاية
-
رواية حكاية صابر للأسير محمود عيسى
-
حماس حقيبة بلا يد
-
فتنة الموقف في رواية كويت بغداد عمان
المزيد.....
-
ناقد سينمائي: على هوليود محاسبة نفسها على تأييدها المطلق لإس
...
-
انطلاق معرض جدة للكتاب بالسعودية
-
حيثُ ينمو الليمون ويكثرُ الشِعر
-
تردد قناة توم وجيري للأطفال الجديد 2024 على النايل سات واستم
...
-
الفيلم الكوميدي -حادث عائلي غريب-.. رعب اجتماعي غير مضحك
-
-معلقة 45-... فحول الشعر العربي في برنامج تلفزيوني
-
“زويا تقابل والدها”.. موعد عرض مسلسل المتوحش ح 14+ القنوات ا
...
-
الروائي والعاصمة لأبو السعود الخياري خطوة جديدة في مشروع الن
...
-
قرار رسمي بعودة اتحاد كتاب المغرب إلى -الكُتاب العرب-
-
مناداة لجسدٍ متهالك
المزيد.....
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
-
سعيد وزبيدة . رواية
/ محمود شاهين
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
المزيد.....
|