أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رواية أدراج الإسكافية للكاتبة فداء الحديد














المزيد.....

رواية أدراج الإسكافية للكاتبة فداء الحديد


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7628 - 2023 / 5 / 31 - 11:23
المحور: الادب والفن
    


رواية” أدراج الإسكافية ” فداء الحديد

بقلم/سليم النجار
ما حاولت فعله الكاتبة فداء الحديد هو استرجاع الزمن ؛ وهي محاولة مستحلية عملياً ؛ اللّهمّ بالكلمات ؛ وبعض المشاعر ؛ فهل يمكن فعلاً استرجاع ما فتَر وفات ؟ لا أحد يملك الجواب ؛ أو سيُمعن هروباً منه بمواصلة الحفر فيه ؛ وهذا ما سعت اليه عموماً الكاتبة من وراء كتابتها لرواية ” أدراج الإسكافية ” . لستُ وحدها ؛ هو مسعى معشر الحالمين ؛ لا المتكسّبين ؛ المتصنَّعين ؛ أحشاؤهم جوفاءُ ؛ وبلا جرح أحد ؛ أقلّه خدْشٌ في الروح. فالحقيقة غير ذلك؛ أوْ لست موقنة الكاتبة من شيء ؛ لتحسم هل هي تتجدّد أم تَبلى ؟ . ما من شكّ أن اكتشاف العالم غنيّ للمعرفة وسَعة للنفس . هو أفق منفتح للخيال ؛ وإن رسخَ في ذهن المتلقي تحمل ما تجنبه ؛ لتجعله يرسُب في نهاية المطاف في نفس المتلقي ؛ وتنخلَه في غربال دقيق ؛ ليمُرّ الجوهريّ؛ الذي قلّما تجد ؛ وما تكفّ تعيد البحث المضُنيَّ مثل سيزيف مع صخرته الأسطورية ؛ فالكاتبة كانت في سردها وأصرت أيضاً كما قال أبو تمام ” ولم تعطني الأيّام نوماً مُسَكَّنا / ألذّبه إلابنوم مشرّد ” .
وهكذا فعلت الكاتبة : ” سعيد .. الاسم الذي تركه لي والدي ؛ الأثر الوحيد الذي أعرفه من فرحي وسعادتي ؛ هو اسم فقط ؟ ” ص ٩ ” .
وممّا لا شك فيه أنّ الكاتبة لجأت إلى فن التصوير في الرواية كتقنية لتوظيف هذه التقنية في إبصال فكرتها ؛ وهذا التوظيف ليس بجديد في الثقافة العربية ؛ خاصة إذا عرفنا أنّ لفن التصوير الإسلاميّ خصائص تميزه عن خصائص فن التصوير اليونانيّ على سبيل المثال أو الرماونيّ ؛ فبينما يعمل المصور الروماني او اليوناني على محاولة إضفاء الواقعيّة في رسمه حتى انّه ودّ لو تنطق شخوص لوحته وتتحرك ؛ نجد المصور المسلم يقوم بالعكس تماما وكانه لايريدها ان تكون واقعيّة ؛ لا يريد ان يضاهي خلق الله في شيء – طبعا إذا تعلق الأمر بشخوص آدميّة – ولكن يختلف الأمر إذا ارتبط بتصوير النبات خاصة في المخطوطات العلميّة ؛ إذ نجد مثلا في كتاب ( الحشاش وخواص العقاقير لديقوسقر يدرس ؛ وهو مخطوط عربي نقل إلى اليونانيّة ) لوحة أبدع فيها مصورها المسلم أيّما إبداع إذ جسد نبات الكرمة بأدق تفاصيلها من جذوره إلى أوراقة مسعملا الوانا طبيعيّة تجعل الرائي مندهشا امام براعة هذا الفنان في نقل الطبيعة والواقع إلى الورق ؛ وليس اجمل من ذلك الوصف الذي قدمته الكاتبة في روايتها ” أدرج الإسكافية ” ؛ حين وصفت المكان بهذه الروح الإبداعية ؛ ” كان للمحلات والبيوت في شارع الحمّام نظام جميل في بنائها المختلف عن غيره من بقية المناطق ؛ جميع المنازل في الطابق العلوي في داخلها العقود أو كما كان جدّي يقول عنها إنّها القناطر ؛ والتي هي عبارة عن أقواس داخل المنزل ؛ وسقفها مرتفع قد يصل في بعض المنازل إلى ارتفاع ثلاثة أمتار ؛ وقد يكون في كل غرفة قوس كبير ؛ وفي مدخل الغرفة قوس أخر يتقاطع معه ليتقاطع مع قوس الغرفة الأخرى ؛ فتعطي للمنزل شكل القناطر التي هي مجموعة من الأقواس ” العقود المتقاطعة ” داخل المنزل . ص١٦ ” .
وكما تتبار الحكايةُ في رواية ” أدراج الإسكافية ” ؛ حَوْل واقع مليءٍ بالتردُّدت . ورغم ذلك تبدو الأحداث الحكائية منظمةً ؛ مستثمرةً الكثير من الإيهام في بناء الحكاية وتشكيل تصوّرها للعالم الذي يظل في رواية ” أدراج الإسكافية ” مقترناً بتحوّلات المكان وتحوُّلات المصائر ايضاً ؛ ( دخلت الدبابات العسكرية المدينة وتمركزت في دوّار المحباصية وبدأت بإطلاق القذائف الحيّة باتجاهنا ؛ وبدا إطلاق النار من كل حدب وصوب سواء الرصاص الحي أو الرصاص المطاطي . ص٨١ ) .
وكأنّ هذه الرواية توّد بذلك الانفلات من تمزّقات هذا الواقع . فتحى التأويلات ( عبر المشاهدات ) التي كانت فداء الحديد تقُيّدها ضمن رؤيتها المضّن في روايتها ؛ لم تسْتطع ان تخرجه من واقع الخيبة والتردُّد ؛ أي لم تستطيع ان تخرجه من واقع الحصار والهروب كما هو مُثْبتٌ في الرواية ؛ : ( الغبار يغطّي كل شيء في البيت ؛ كأنّه مهجور منذ سنوات طوال . ص١٤٧) . ومعنى هذا أنّ فداء لم تكن ؛ في بداية الأمر ؛ تعي الصورة النهائية التي تنسج خيوط ذلك الواقع ؛ أسرة سعيد ؛ وكأنها تقول ” المفضّل غائب غبيةً الذي لا عودة منها ” ؛ : ( عام حزن جديد يجعل سعادتي تنتفض على قلبي وتعيد إليه اليأس من جديد ؛ وفاة أبي حرقا ؛ وفاة زوجة عمي مرضا ؛ ولم يكتف القدر بهذا ؛ وإنما زاد حجم التعاسة بمكالمة واتصال مت أمي تبلّبغ عمي بزواجها . ص ٣١) .
إنّ ما سبق عرضه من معطيات يخصصّ ؛ إذن ؛ جانباً من أفق تخييل الحكاية في رواية ” أدراج الإسكافية ” لفداء الحديد ؛ وهو افق يراهن ايضاً على جدوى مناطق السخرية : سخرية متحررة من أيّ وعيٍ مسبّق بشكل للكتابة ؛ وسخرية قادرة على تحوّلات الواقع ومواضعات المجتمع ؛ مثلما هي قادرة على نقد المواقف والسلوكيات والتبدّلات ؛ سخرية ذات بُعْد معرفي تنسجها ذاكرةُ فداء الحديد من اجل فهم ماجرى ؛ لابهدف البحث عن الجواب المرجع ؛ وإنما طرح التحوّل الذي يمكّن الذاكرةَ من تجاوز أيّ نسيْان يسلبها هويتها وصلتها بالواقع .



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية سهام أبو عواد
- رواية محطات على قارعة الزمن
- تعبت الروح أيها العاشق للكاتبة عواطف الكنعاني
- رواية وقتلت مرتين
- رواية مطارح سحر ملص
- الرصاصة 666 محاكمة التاريخ وإعادة صياغته
- الرواية النسوية في الأردن
- قنابل الجهاد الإسلامي سيارة للأجرة
- رواية أغثني
- رواية ظل الغراب للكاتب سعيد الصالحي
- رواية جدائل الصبر للكاتبة إيمان كريمين
- سليماني شهيد القدس ،غزة ناكرة للجميل
- هفاف الخوف شعر أحمد عارضة
- الدم الفلسطيني في غزة ليل الفضائيات
- اليسار الفلسطيني فهلوة الفكر وسذاجة الحكاية
- رواية حكاية صابر للأسير محمود عيسى
- حماس حقيبة بلا يد
- فتنة الموقف في رواية كويت بغداد عمان
- سماسرة الجهل
- حمار الحراسة حين يغفو!


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رواية أدراج الإسكافية للكاتبة فداء الحديد