أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - أين وصل نزاع الصحراء الغربية ؟















المزيد.....


أين وصل نزاع الصحراء الغربية ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7617 - 2023 / 5 / 20 - 16:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العديد من وكالات الاخبار ، والعديد من المواقع الالكترونية ، خاصة المرتبطة بالنظام الجزائري ، رددوا خبرا ليس عاديا ، بل فيه ما فيه من تبلور للنهاية التراجيديا التي تنتظر حل نزاع الصحراء الغربية ، الذي فاق سبعة وأربعين سنة خلت ..
ما تناقلته تلك الوكالات والمواقع ، من اخبار غير سارة للنزاع المفتعل بالمنطقة ، لا يبشر بالخير ، بل هو موقف يجب فهمه في ظل شروطه ، التي منها من يرجع الى النظام المخزني المغربي ، ومنها من يرجع للتطورات المتسارعة التي عرفها العالم منذ ( هزيمة ) ( الوحش كرونا ) الذي لم يعد كجنون البقر ، انفلوزة الطيور ، انفلوزة الدجاج ، مرض السيدة ، انفلونزة الخنازير ... الخ .
ان من الاخبار الغير سارة التي رددتها القنوات الإعلامية ، والمواقع الالكترونية ، ان جمهورية إيطاليا ، فتحت لها قنصلية بتندوف . وإنْ تأكد الخبر ، سيكون الذبحة التي وجهت لقلب النظام المغربي .. وهو موقف له مؤشرات كثر ، منها ان فتح قنصلية إيطالية له عنوان واحد لا اثنان ، هو اعتراف صريح من الجمهورية الإيطالية ، بالجمهورية الصحراوية ، وهو اعتراف سابق عن اعتراف الاتحاد الأوربي بالدولة الصحراوية . فالفرق بين الاعترافين ، هو ان الجمهورية الإيطالية جسدت اعترافها بالملموس فوق الأرض من خلال رئيسة الحكومة ( يمين محافظ ) ، في حين ان موقف الاتحاد الأوربي الذي لا تعترف دوله بمغربية الصحراء ، لم يجرأ على القيام بما قامت به إيطالية ، أي الجرأة في الاعتراف مباشرة بالجمهورية الصحراوية ، في حين ان الاتحاد الأوربي يؤكد بالفعل وعلى مستوى الأرض ، اعترافه بالدولة الصحراوية .. فالفرق بين موقف الاتحاد الأوربي ، وموقف الجمهورية الإيطالية ، هو فعل في الزمن ( عزلة النظام المغربي ) ، وفعل في المكان ( افتتاح قنصلية ) إيطالية بتندوف ، التي سبق وان زارتها رئيسة الحكومة قبل الانتخابات ، وربطت في حينها علاقات مع البوليساريو كجبهة وكجمهورية ..
وقبل ان نستفيض في معالجة ما يتبلور من مواقف اوربية ، ومن داخل الاتحاد الأوربي ، ستكون ضربة قاضية لمغربية الصحراء ، ولوحدة الأرض ، ووحدة الشعب .. فالفرق بين الموقفين الإيطالي وموقف الاتحاد الأوربي الذي تعتبر إيطاليا احد دولة الأساسية ، هو فرق طفيف من حيث المظهر فقط ، اما من حيث الجوهر ، فلا يوجد هناك أي فرق بين موقف الحكومة الإيطالية ، وموقف الاتحاد الأوربي ، ما دام ان الموقفين لا يعترفان بمغربية الصحراء . والسؤال هنا بالنسبة للموْقفين الإيطالي والاسباني . هل تصرفت الدولة الإيطالية بعد استشارة مع مفوضية الاتحاد الأوربي ، ام انها تصرفت من تلقاء نفسها ، لظروف غيرت من الآلية القديمة ، سواء داخل الاتحاد الأوربي ، او المواقف التي دأب مجلس الامن يتخذها منذ سنة 1975 ، او مواقف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي دأبت على اتخاذها منذ سنة 1960 ، وابتدأتها بالقرار الشهير 1514 الذي ينص فقط على تقرير المصير ، من خلال استفتاء ينظم تحت اشراف الأمم المتحدة ( الحل الديمقراطي ) ..
الموقف الإيطالي السابق عن موقف الاتحاد الأوربي ، عندما فتح ( قنصلية ) إيطالية بتندوف ، كان قرارا سياديا ، دون الرجوع ، او حتى استشارة مفوضية الاتحاد الأوربي ، لان الدولة الإيطالية في البحث عن مصالحها ، فهي تختار أ حسن ، و أدق الطرق ، وأبسطها .
انه نفس الموقف قام به رئيس الحكومة الاسبانية Pedro Sanchez ، عندما اعترف من جانب واحد ، ودون إخبار الحكومة الاسبانية ، ولا تشاور مع مفوضية الاتحاد الأوربي ، عندما اعتبر حل الحكم الذاتي المقدم من النظام المغربي ، بمثابة الحل الناجع والصائب ، ووحده الحل القابل للتطبيق في المنطقة . فما قام به Sanchez ، قام به بعد اخبار الملك الذي له الدور الأساسي في الاتفاقيات الدولية ، وفي الحفاظ على وحدة الاتحاد الاسباني . مما فاجئ الحكومة الاسبانية التي علمت بالخبر من بيان الديوان الملكي المغربي ، وفاجئ مجلس الامن ، وفاجئ الاتحاد الأوربي الذي تعتبر اسبانية جزء منه .
لكن هل قرار Pedro Sanchez الأحادي الجانب ، وقرار الجمهورية الإيطالية الأحادي الجانب كذلك ، وهما دولتان اساسيتان ضمن الاتحاد الأوربي ، من شأنهما ان يؤثرا على كل الاتحاد الذي دأب يتخذ مواقفه تقريبا بالإجماع ، في ما يخص نزاع الصحراء الغربية ؟
اذا كان قرار Pedro Sanchez قرارا ميكيافيليا ترامبياً Ronald Trump ، لان اسبانية العضو بالاتحاد الأوربي تبصم بالأصابع العشرة على كل ما يتخذ داخل الاتحاد ، فان اعتراف Sanchez بالحكم الذاتي ، لا يغير في شيء موقف الاتحاد الأوربي ، الذي ذأب يتخذ قراراته بالإجماع ، خاصة قراراته المسترسلة ، الداعية الى التمسك بالمشروعية الدولية ، التي تعني الاستفتاء في حل نزاع الصحراء الغربية .. فاذا كانت اسبانية الدولة تتمسك بشدة ، بقرارات الاتحاد الأوربي ، فما الجدوى من اعتراف Sanchez بحل الحكم الذاتي المسرحية ، واسبانية الدولة تتمسك بكل قرارات الاتحاد الأوربي ، وقرارات مجلس الامن حول الصحراء ، خاصة وانه إنْ حصل تعارض في الموقفين ، افتراضا من حيث الشكل ، فان الاسبقية والاولوية تعطى لقرار الاتحاد الأوربي ، على قرار الحكومة المدلس للوضع ، والمختلط للأوضاع ، بما يخدم مصالح الدولة الاسبانية ، دون المساس بقرارات الاتحاد الأوربي الإلزامية .. فما الجدوى إذن ، عند تمسك اسبانية بقرار الاتحاد الأوربي المناهض لقرار Sanchez ، وغير المناهض لقرار الجمهورية الإيطالية التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية امام العالم ، عندما افتتحت ( قنصلية ) لها بتندوف ، وهو موقف سابق ، لكنه منسجم مع القرار الذي قد يصدره الاتحاد الأوربي ومن دون تراجع ، عندما تتوفر ظروف ومعطيات ، تجعل من الاعتراف الأوربي العلني ، الزاميا لجميع الدول التي صوتت على قرار الاتحاد ، الاعتراف بالجمهورية الصحراوية .
ان اعتراف كل دول الاتحاد الأوربي بالبوليساريو كجبهة ، لها مكاتب بالعواصم الاوربية ، وبالمدن الاوربية ، ولها مكتب بواشنطن ، ومكتب لذا الأمم المتحدة بNew-York ، والاعتراف بها كجبهة ، اعتبرها قرارا الخارجية الامريكية الذي قرع النظام المغربي ، حركة تحرير مسلح ، ثابت ولا يحتاج الى عناء في التفكير .
ولو لم يكن الاتحاد الأوربي ، وعلى رأسه الجمهورية الفرنسية يعترفون بالجمهورية الصحراوية . هل كان للاتحاد ان يجتمع ويجلس يناقش مع الجمهورية الصحراوية كدولة ، في لقاءات عديدة ، كاللقاء الذي تم بعاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles التي استقبلت إبراهيم غالي كرئيس دولة ، حظي بنفس البروتوكول الذي حظي به رؤساء دول الاتحاد الأوربي والافريقي ، ورؤساء الحكومات ، وعلم الجمهورية الصحراوية يرفرف عاليا في سماء Bruxelles ، الى جانب رايات كل الدول التي حضرت اللقاء ؟
فهل جائز من حيث منظار القانون الدولي ، ان تجالس دولة ، دولة لا تعترف بها ؟ . وهذا الجلوس طبعا ، يؤكد على الاعتراف الأوربي بالدولة الصحراوية ، من خلال التصرف فوق الأرض ، ودون حاجة ماسة للاعتراف الرسمي الدبلوماسي ، الذي سيفاجئ النظام المغربي في القريب العاجل .
إضافة الى خطر فتح ( قنصلية ) إيطالية بتندوف ، والخطر هذا هو نفسه تعبر عنه مواقف الاتحاد الأوربي المناهضة لمغربية الصحراء ، وتشتغل فقط على حل الاستفتاء باسم احترام المشروعية الدولية ، الذي سيؤدي الى الانفصال ، وانشاء دولة بالحدود التي ستصبح حدودا بين جغرافية المغرب ، وجغرافية الجمهورية الصحراوية ، التي ستعوض حدود الجغرافية بين المغرب وبين موريتانية التي ستتخلص من خطر "الإمبراطورية المغربية " ، فان قرار Pedro Sanchez الذي اعترف فيه ولوحده ، ومن خارج الحكومة الاسبانية ، التي اعترضت أحزاب منها على خرجة Sanchez ، لن يضيف جديدا للوضع القانوني الذي يعالج به ملف الصحراء الغربية .. فإسبانية العضو البارز في الاتحاد الأوربي ، وتلتزم بقراراته ، قبل قرار الحكومة الاسبانية ، بل تغليب قرار الاتحاد الأوربي ، على قرار الدولة ، لن يضيف جديدا يؤثر على مواقف الاتحاد كاتحاد ، بل من خلال التمسك بحق الأولوية ، والاسبقية ، والافضلية ، فان ميكيافيلية Sanchez، تجعله يتشبث بقرار الاتحاد الأوربي ، الذي يتعارض مع قرار الحكومة الاسبانية ، وهذا يعني ان Sanchez لا ولن يعترف ابدا بحل الحكم الذاتي الذي اربك النظام المغربي ، من المواقف المتناقضة ل Sanchez ، التي تصب جهة تقرير المصير والاستفتاء .
ولإجلاء الضبابية في موقف Sanchez الحقيقي ، فهو كذلك وحزبه الذين يشتغلون بالسياسة ، لا ولن يعترفوا ابدا بمغربية الصحراء . بل حتى وقبل مرور وقت على تبني Sanchez لحل الحكم الذاتي ، فان Sanchez ومن خلال تصرفات على الأرض ، اثبت انه ملتصق بالمصالح الاسبانية ، التي لن يزيغ عنها ابدا ، وان تأييده لحل الحكم الذاتي ، كان لعبة لتعويم النظام المغربي ، الذي ينتظر حلول حكومة اسبانية بأحزاب محافظة Pp ، وأحزاب وطنية يمينية متطرفة المواقف ، مع المغرب الذي يعُدّونه اكبر خطر حضاري إسلامي ، تهابه الحضارة الاسبانية المسيحية في كاثوليكيتها الرجعية وليس البروتستانية ، التي تحن الى زمن ولى ، زمن الصراع بين الحضارات ، المسبب للصراع بين الدول التي تنتمي الى حقل والى فلسفة تتعارض بالمطلق مع الجيران ..
وبالتزامن مع المواقف التي دأب الاتحاد الأوربي يتخذها بخصوص نزاع الصحراء الغربية ، فالولايات المتحدة الامريكية ، ومن خلال الحكومة الديمقراطية ، فان تأكيد الرئيس John Biden ، وتأكيد المسؤولين الأمريكيين ، على المشروعية الدولية ، والتأكيد على شخص الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة Steffen de Mistura ، بدعمه ، والتنصل من شيء باسم حل الحكم الذاتي ، واعتراف Trump المخادع بمغربية الصحراء ، ومن خلال الدعوة للدخول في مفاوضات من دون شروط ، فان الموقف النهائي لواشنطن من نزاع الصحراء الغربية ، هو المشروعية الدولية ، التي تعني فهما واحدا ، هو الاستفتاء وتقرير المصير، بإشراف الأمم المتحدة ، لإيجاد حل لن يفرط في ما تسميه جبهة البوليساريو بالحق الغير قابل للتصرف او للتنازل ..فالموقف الأمريكي ، والموقف الأوربي من نزاع الصحراء الغربية منسجم ، وسيخلص في النهاية الى حل تيمور الشرقية Le Timor oriental ، الذي يبقى سيف " دمقليس " موضوع على رقبة النظام المغربي ..
ومن خلال تحليل جميع محطات الصراع ، والنتائج المُحصّلة ، والرغبة في شق الصحراء باسم مبادئ الأمم المتحدة ، التي يتلاعب بها لخدمة المصالح الذاتية لدول الغرب الأوربي – الأمريكي ، فان ما تعرضت له دول شرق – أوسطية ، ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير ، ينتظر بالتأكيد شمال افريقيا ، ووقته قد حان ، او قرب كثيرا من التنزيل ..
فهل يستطيع النظام المخزني المغربي ، ان يقف لوحده في وجه هذا المشروع ، الذي يمكن اعتباره ضمن السياسة التراجيدية والاستراتيجية لحكماء صهيون .. ؟ .
بعد ان تحدثنا عن مصدر الخطر الذي يتهدد وحدة المغرب الجغرافية ، ووحدة شعبه ، وهو خطر غربي باسم القانون الدولي ، وباسم المشروعية الدولية ، وهو القانون ، وهي المشروعية التي تواطأت ضد حق الفلسطينيين في حقهم في تقرير مصيرهم من خلال استفتاء حر ونزيه تشرف عليه الأمم المتحدة ، فان المواقف الرافضة لوحدة الدول ، لم تبق فقط غربية – غربية ، بل سيتعمق مواقف الدول المناهضة لوحدة الصحراء مع أصلها ، ليشمل أنظمة سياسية عربية تستعمل ملف نزاع الصحراء ، مرة في الاحراج ، احراج النظام المغربي وتخويفه ، وكأن ملف الصحراء هو ملف للنظام المخزني ، وليس ملفا ل ( الشعب ) المغربي ، الرعايا .. ، ومرة للضغط على النظام المغربي عند اختيار ، او الدفع لاختيار مواقف سياسية معينة ، لا علاقة بها بملف نزاع الصحراء ، كالهرولة مثلا للمشاركة في حرب اليمن الاجرامية ، او قطع العلاقات مع ايران ، ومع جمهورية فنزويلة ، او التهديد بالرجوع الى عهد الانقلابات في سبعينات القرن الماضي .. او انّ الاسر الحاكمة في المنطقة العربية ، ترفض شخص الملك محمد السادس ، دون الشعب التي تبقى أواصر ( الاخوة ) قائمة معه . وهنا الدفع طبعا ، لإخراج العلاقات مع الدولة اليهودية الى الوجود ، وامام العالم ، والذهاب بعيدا مع الدولة الصهيونية ، عند تبادل زيارات من مسؤولين كبار للدولة اليهودية ، والتوقيع على معاهدات بوليسية مع " الشاباك " ، ومع " الموساد " ، ناهيك عن ابرام اتفاقيات عسكرية مع جيش إسرائيل .. ومع ذلك ورغم التوقيع على اتفاقيات " إبراهام " ، ونظرا لان دولة إسرائيل تعرف جيدا نقط ضعف النظام المغربي ، الواقع بين سندان الرعايا ( الشعب ) ، وبين المخاطرة باستقرار المغرب ، من خلال الإذعان لتل ابيب ، فان الدولة الصهيونية التي قدمت مجرد وعود للنظام المغربي ، خاصة حمايته من أي تطاول من عدوه عسكر الجزائر ، لم تفي بوعدها ، ولم تعط للنظام المخزني حجمه الحقيقي الذي يجب ان يشغله بعد ( التطبيع ) ، وبعد التوقيع على الاتفاقات والمعاهدات البوليسية والعسكرية ، مع الدولة الصهيونية .. فإسرائيل رغم اتفاق " أبراها " ، ظلت في مواقفها التي وعدت بها ، تتصرف من دون مسؤولية ، بل انها لم تخجل عندما لم تعترف بمغربية الصحراء ، ولن تعترف بها ابدا ، لأنها المدخل لتفتيت المغرب الذي تحلم به الدولة العبرية . وعوض الوفاء بما التزمت به ، استمرت تدعو هي بدورها الى حل نزاع الصحراء الغربية عن طريق المشروعية الدولية ، من خلال قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، إضافة الى تنسيق المواقف في موضوع الصحراء ، مع حلفائها الاستراتيجيين ، الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الامريكية .. خاصة وان الدولة العبرية تعلم علم اليقين ، انّ تنظيم الاستفتاء ، وبإشراف الأمم المتحدة ، نتيجته طبعا الانفصال . وبما ان تفريط النظام المغربي ، مستمرا في بسط يديه على الصحراء ، يعني حتمية سقوطه ، فان إسرائيل العارفة بنقط ضعف النظام المغربي وهي كثيرة ، تهمها مصالحها ، ولا يهمها النظام المغربي المهدد بالسقوط عند ضياعه الصحراء . فان يبقى النظام او يسقط لا يهم الدولة العبرية في شيء .. وهذه حجة راسخة ، بان إسرائيل مستمرة في بيع الوهم للنظام المغربي ، وانّ غدا لا قدر الله ، واشتعلت الحرب بين النظام الجزائري وبين النظام المغربي ، وستكون حرب تدمير للدولتين معا ، لان إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير من التدمير، لن تهرع للدفاع عن النظام المغربي ، فأحرى ان تشاركه الحرب القدرة انْ هي اشتعلت بين جيش العسكر الجزائري ، وبين جيش النظام المخزني الذي فقط اصبح في جَرْيته ، مثل الديك الجريح تائها من دون بوصلة ، وخاصة وانه على ادراك تام بالنهاية التراجيدية التي تنتظره من ملف الصحراء . فجميع العائلات التي حكمت الصحراء جاءت من الصحراء ، وسقطت كذلك من الصحراء .. فالصحراء هي من انقد نظام الحسن الثاني من السقوط المدبر له ، طيلة السبعينات والثمانينات . فنجته من انقلاب الجيش الذي اصبح مشتغلا ومشغولا بالصحراء ، بعد ابعاده عن العاصمة الرباط ، ونجته من " البلانكية " ، عندما تقمص دور المحرر ، الذي التف حوله كل الجمهوريون ، ودعاة الملكية البرلمانية ... بعد ان كانوا يعتبرونه عدوا رئيسا واساسيا ، اصبح بفتح ملف الصحراء ، عدوا ثانويا ، الى ان اصبح الجميع يلهث للمشاركة في الاستحقاقات الملكية ، ليصبح موظفا ساميا في إدارة الملك ، من برلمان ، وحكومة ، وولاة ، وعمال ، وسفراء .. لتنزيل برنامج الملك الذي نزل من فوق ، ولم يصوت عليه احد ..
فذهاب الصحراء ، تعني حتمية سقوط النظام الذي أضحى مهددا من خارج المغرب ، اكثر من التهديد من داخله ، وعند نشوب الحرب الكارثة بين جيش العسكر وجيش المخزن ، لن تشارك فيها إسرائيل ولو بجندي واحد ، وستستغل الوضع للمزيد من بيع الأسلحة الى النظام ، ليدمر نفسه ويدمر غريمه .. وهذا يعني المزيد من الغرق للنظام .
ان المواقف المعادية لمغربية الصحراء ، ليست هي فقط مواقف الاتحاد الأوربي ، عندما زمجر ضد اعتراف Trump ، اللعبة بمغربية الصحراء ، وعندما زار إبراهيم غالي كرئيس دولة ضمن الاتحاد الافريقي ، عاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles ، وحظي كرئيس دولة بنفس البروتوكول المماثل الذي حظي به رؤساء دول الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي ، ورفرف علم الجمهورية الصحراوية ورايتها فوق سماء Bruxelles .. وليس فقط التهديد ، هو أمريكيا ، او روسيا ، او صينيا .. ان التهديد هذه المرة ومرات سابقة ، مصدره أنظمة سياسية عربية ، توظف ملف الصحراء ، إمّا للضغط على النظام المغربي من اجل الابتزاز ، او الدفع بالنظام لاتخاذ مواقف معينة ، كحرب اليمن ضد الشعب اليمني الفقير والمسالم ، او عند قطع العلاقات مع ايران بمزاعم مخزنية كذبتها الجهات العربية التي اتخذت تلك القرارات لا رضاءها ، او للمزيد من تسول الدولار واليورو .. الخ .. ، كانت أنظمة سياسية ، انقلبت انقلابا جذريا على مواقفها ( المؤيدة ) الخجولة من نزاع الصحراء الغربية . فما اصبح يُشمُّ ، وبالواضح ، انحياز الانظمة السياسية العربية الى جانب الدول المعادية لمغربية الصحراء . واصبحت تتصرف دون اعتبارها للنظام المخزني الذي اصبح عدوا ، واصبح لا يطاق ، يعيش عزلة دولية لم يسبق لأي نظام علوي ان عاشها ..
وبالرجوع الى هذه المواقف العربية التي تعتبر خنجرا مسموما يدق في الجسم المغربي :
1 ) لقاء بين قادة الجيوش العربية ، وهي الجزائر ، وليبيا ، ومصر ، وقادة جيش الجمهورية الصحراوية ، للدراسة والتباحث ، ولتنسيق المواقف المشتركة التي تحظى بالاهتمام المشترك . ان مكمن الخطورة ان اللقاء كان مع الجمهورية الصحراوية كدولة ، وليس مع الجبهة التي تعترف بها هذه الدول العربية ، إضافة الى دول أخرى .. فاللقاء بين قواد اركان الجيوش ، يكون بين الدول ، واللقاء الأخير هذا ، يعترف اعترافا واضحا بالدولة الصحراوية ، ومن ثم فهو لا يعترف ابدا بمغربيتها ، كما زعم نفاقا في أوقات ليست متشابهة .. فما معنى لقاء قواد الأركان لهذه الدول ، رغم صغر وتدني فعاليتها ، لأنه لو اقتصر الامر على هذه الدول ، ولم يكن الامر والفعل مدفوعا من دول أخرى ، لخلق وضعية الامر الواقع ، هل كان لهذه الدول ان تلتقي عبر قواد اركان الجيوش ، بالجيش الشعبي للجمهورية الصحراوية ، رغم شنّه اليوم ، ومنذ 13 نونبر 2020 ، حربا سماها بحرب التحرير الثانية .. الا يعتبر هذه اللقاء بين قادة الأركان لهذه الدول ، تأييدا وتشجيعا لحرب جبهة البوليساريو الثانية ، بعد الحرب الأولى التي دامت ستة عشر سنة ، وانتهت بمقلب الحسن الثاني وراء اتفاق 1991 ، الذي بعد شله للقرار 690 ، أصبحت كل الجبهة مشلولة لما يزيد عن ثلاثة وثلاثين سنة مرت كسنوات عجاف ، عندما استحلت قيادة الجبهة السّبات ، الذي كان طلقة رصاصة الرحمة على راسها .
2 ) اعتراف النظام الموريتاني ، اعترافا صريحا بالجمهورية الصحراوية ، وتأكيد الرئيس الموريتاني على هذا الاعتراف الذي اعتبره استراتيجيا ، ثلاثة مرات هذه السنة .. ان هذا الاعتراف جعل من النظام الموريتاني يصبح طرفا منحازا الى جماعة النظام الجزائري ، وفاقدا لموقف الحياد الذي يتغنى به بمناسبة او بغير مناسبة .
3 ) استقبال نظام تونس ، الرئيس قيس سعيد ، لإبراهيم غالي كرئيس للجمهورية الصحراوية ، إضافة الى اعتبار الجبهة كحركة تحرير شعبية كما ذهب الى ذلك النظام الموريتاني ..
ورغم معرفة قيس سعيد بخطورة قضية الصحراء بالنسبة للنظام المغربي ، التي تهدده في وجوده ، فهو أبى الاّ ان يطعن النظام المخزني المغربي ، لكن بالنسبة للرعايا ( الشعب ) المغربي ، فهو خارج التغطية ، ويجهل كل ما يحيط به من اخطار .. فما تعرفه الرعايا هو " الصحراء في مغربها ، والمغرب في صحراءه " ، " من طنجة الى الگويرة " التي يحتلها النظام الموريتاني منذ سنة 1979 ، السنة التي انسحبت فيها موريتانية ، واعترفت بالجمهورية الصحراوية ..
4 ) رفض دول عربية ، وهي الموقعة على اتفاقيات " أبراها " مع الدولة الصهيونية ، وهي مصر ، والبحرين ، والامارات العربية المتحدة ، من حضور لقاء " قمة النقب 2 " الذي تحضره الدول الموقعة على الاتفاق المذكور ، ومنه الدول المشار اليها أعلاه . والمؤتمر كان من المتوقع عقده بمدينة الداخلة ، محط نزاع بين النظام المغربي المخزني ، وبين الجمهورية الصحراوية ، التي اعترف بها النظام / الملك شخصيا في يناير 2017 ، ونشر اعترافه في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 .
ان رفض كل من مصر التي حضرت لقاء قواد الجيوش ، وهي مصر ، والجزائر ، وليبيا ، والجمهورية الصحراوية ، وكان ممكنا ان تحضر تونس كذلك ... ، الحضور الى مدينة الداخلة ، لإحياء لقاء " النقب 2 " ، مع الدولة العبرية الصهيونية ، بين دول اتفاقات " أبراها " ، ليس له من تفسير ، غير ان هذه الدول ، الامارات العربية المتحدة ، البحرين ، ومصر ... ونضيف حتى تونس ، وليبيا ، وسورية ، موريتانية ، سلطة رام الله ، لا يعترفون بمغربية الصحراء ، لكن لا يعترون انها ملك للصحراويين ، لكن ومن خلال هذه المواقف الحربائية Le Caméléon ، فهم يلتزمون الحياد ، ما دام النزاع بيد الأمم المتحدة دون غيرها .. فتحديد جنسية الأراضي المتنازع عليها من اختصاص مجلس الامن ، وطبعا عن طريق الاستفتاء وتقرير المصير ..
فالخلل اذن ليس في نوع العلاقة اللامتكافئة بين النظام المخزني الطقوسي ، وبين العالم الحر الديمقراطي، بل هو قائم بين النظام المخزني ، وبين الدول العربية ، كالموقف السعودي من النظام المغربي ، وموقف مصر ، والامارات العربية المتحدة ، والبحرين ، وتونس ، وسورية التي تفكر في فتح قنصلية لها بتندوف ، وموريتانية .... الخ .
فالسؤال . امام هذا التغيير في المواقع ، وامام هذه المعطيات التي تتجدد كل يوم ، ولا تخدم في شيء نزاع الصحراء الغربية ، ولا خدمت الرعايا الجاهلة لما تتجه له قضية الصحراء ... هل من المتوقع انتظار قرب صدور قرار اممي ، بناء على هذا التحول في المواقف ، بما فيها مواقف الأنظمة السياسية العربية ، من نزاع كان يجب ان يتسم اما بالنصرة ، وفي اضعف الايمان بالحياد ..
-- فهل لقرار البرلمان الأوربي ، الذي قرع النظام المغربي المخزني البوليسي ، في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان ، وفي الوضع الذي وصله نزاع الصحراء ...
-- وهل لقرار وزارة الخارجية الامريكية الذي قرع النظام المغربي في نفس مجالات تقريع البرلمان الأوربي ، واعتباره جبهة البوليساريو بمثابة حركة تحرير ، وبسبب غياب الملك المريض ...
ما شجع الأنظمة السياسية العربية على اتخاذ مواقف تطعن في مشروعية المغرب بالنسبة لمغربية الصحراء ، وشجعها كذلك على الاصطفاف في الخندق المقابل ، دون انتظار القرار النهائي للأمم المتحدة ، المؤهلة وحدها لفك روابط هذا الصراع الاقدم في القارة الافريقية وفي العالم ؟



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخونة وخيانة وطن
- من يحكم الله ، أم الشعب ؟
- المفوضية الاوربية تدعو الاتحاد الأوربي ، الى عدم تجديد اتفاق ...
- هل النظام السياسي المغربي قابل للإصلاح
- السياسة الثقافية واللغوية بالمغرب
- إدارة تويتر وإدارة الفيسبوك
- جبهة البوليساريو
- البنية السرية
- هل هناك شيء يدبر ضد شخص الملك محمد السادس ؟
- قوة الأشياء وقوة الأفكار
- الاتحاد المغربي للشغل
- اليسار الجديد والعمل النقابي
- تاريخ المقاومة المغربية الشعبية لقبائل زيان المجاهدة أبناء خ ...
- تحليل الدولة العلوية ( 6 )
- تحليل الدولة العلوية ( 4 )
- تحليل الدولة العلوية ( 3 )
- تفكيك الدولة العلوية ( 2 )
- تفكيك الدولة العلوية
- الاحلاف .
- وجهة نظر في الديمقراطية ( الفصل الثالث )


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - أين وصل نزاع الصحراء الغربية ؟