أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الاحلاف .















المزيد.....


الاحلاف .


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7589 - 2023 / 4 / 22 - 18:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاحلاف / Les alliances
النظام الجزائري يشتغل على بناء حلف جهوي يضم موريتانية ، والجزائر ، وتونس ، وليبيا ضد المغرب ، وقد يشمل مصر ، وسورية ، ولبنان مستقبلا بالنسبة للموقف من نزاع الصحراء ..
ان غرض وهدف الحلف ، هو موضوع الصحراء الغربية .. فأكثرية هؤلاء ، منهم من اعترف صراحة بالجمهورية الصحراوية التي اعترف بها النظام المغربي ، واعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، ومنهم من لم يعترف بها صراحة ، لكنه يعترف بها كواقع منزل في الأرض كالنظام التونسي ..
ما يجب ادراكه وفهمه ، انّ أي حلف يفكر فيه ، ويخطط له ، هو حلف فاشل ، ولن يكتب له النجاح في غياب المغرب . خاصة وان هدف النظام الجزائري الذي يهيمن على أنظمة المنطقة ، بسبب ضعفها ، وبسبب ازمتها الاجتماعية والاقتصادية ، هو حلف سياسي غرضه الصحراء الغربية ، وليس غرضه التنمية الاجتماعية والاقتصادية .
ان التحجج بإخراج النظام المغربي لعلاقاته التي أصبحت علنية بإسرائيل ، وبالموقف من التطبيع ، هو تحجج كاذب وباطل ، لأنه لا يخفي حقيقة الحلف الذي يفكر فيه النظام الجزائري ، والذي لا يعني إسرائيل ، وإسرائيل كدولة ديمقراطية ، اعترف بها النظام السياسي العربي . بل يعني عزل المغرب الدولة ، وعزل المغرب الشعب ، وليس عزل النظام المطبع مع إسرائيل .. فالتحجج بإسرائيل هو مجرد تغطية عن الهدف الحقيقي المنتظر من الحلف الجغرافي الذي يحضر له ، الذي هو ضرب وحدة المغرب ، وهذا القرار الانتحاري سيرتد على صاحبيه ، لأنه مخطط فاشل منذ بدايته ..
فهل ستقبل الأنظمة السياسية المعنية بمشروع النظام الجزائري ، وبمخطط تقسيم المغرب ، ومن ثم تكون قد قدمت خدمة مجانية ، ليس للنظام الجزائري لان فاقد الشيء لا يعطيه ، بل تكون قد قمتها للإمبريالية ، وقدمتها اكثر للدولة العبرية التي تهتم باي قشة تسبب في إعادة الحالة السورية ، واليمنية ، والليبية ، والعراقية ، والحالة السودانية المهددة بالتمديد كالحالة اليمنية ، أي تكييف الصراع السوداني / السوداني الى حرب أهلية ؟ . فكم استغرقت من الوقت الحرب الاهلية اليمنية ؟ . وكم استغرقت من الوقت الحرب الاهلية اللبنانية .. حرب اليمن دامت اكثر من سبع سنوات ، وليس ثلاثة اشهر كما اعتقدت السعودية ذلك ، والحرب الاهلية اللبنانية استمرت اكثر من خمسة عشر سنة .. والسؤال هنا . من استفاد من الحرب الاهلية اليمنية ، والحرب الاهلية اللبنانية ؟ . هل شعوب المنطقة ، ام القوات السياسية التي تم توظيفها في هذه الحروب القدرة باسم مسميات مقتبسة من القانون الدولي ، كحق الأقليات ، وحقوق الشعوب ، وحق الاختيار وتقرير المصير ؟ . طبعا الجميع خسر النزال ، بعد ان تم تدمير البلد وتحطيم الدول ، لكن الرابح هي الدولة العبرية التي تخلصت من أنظمة سياسية مزعجة ، وشعوب مخدرة بالشعارات الرنانة التي تطرب العاطفة العربية ، ولا تطرب الواقع المعاش والناطق بما فيه ، وهو النهاية التي انتهت اليها كل هذه الحروب العبثية من دون تحقيق النصر المزعوم ، ومن دون حسم المعركة من قبل اطراف النزاع ، التي كانت كدميات وظفها الغرب ، ووظفتها إسرائيل بالفن ، في حرب خدمت الغرب ، وخدمت الدولة العبرية البراغماتية ، وليس الطوباوية ، ولم تخدم شعوب المنطقة التي تعيش الفقر المدقع .. فعندما أمّنت إسرائيل الاعتراف العربي بالدولة الإسرائيلية ، وكان من المعترفين الأوائل الذي شجع على الاعترافات اللاحقة ، محمود عباس ، وقبله ياسر عرفات ، وكل قيادة منظمة ( التحرير ) ، عندما اعترفوا بالدولة اليهودية ، وليس بالدولة الصهيونية ، قبل دخولهم أوفاق مؤتمر مدريد في سنة 1982 ، ومؤتمر " وايْ ريفر " ، ومؤتمر Oslo في سنة 1993 ، في نفس الوقت الذي لم تعترف فيه إسرائيل ب ( الدولة الفلسطينية ) التي تم اقبارها ، ولن تعرف النور يوما ، لان الدولة العبرية ربحت الحرب ..، ها هي الدولة البرغماتية اليهودية تفكر اليوم في ارض إسرائيل الكبرى ، أرض الميعاد ، ولم تعد تعطي من أهمية للعرب الذين اصبحوا يهرولون اليها جماعات وفرادى ، بعد ان كانت هي من تهرول اليهم ، وكانت تتودد علاقاتهم ، لإعطاء نوع من المشروعية للدولة العبرية . ان إسرائيل التي كان الافارقة يقاطعونها تضامنا مع الفلسطينيين ، ولا يعترفون بها ، أصبحت اليوم هي من يختار ما يجب تنزيله ، وتختار ما يجب عزله او رفضه .. بما يخدم مصالحها طبعا ، دون الالتفاف لمصالح الغير ، خاصة عندما يكون هذه الغير قد حلم يوما بحتمية زوال إسرائيل من الخريطة ، واذا به اليوم اصبح هو من يطلب ودها ، ويتمنى علاقاتها من دون مقابل .. اليس اليهود حقا هم شعب الله المختار الذي جعله الله اليوم يحكم العالم ؟ .
ان المخطط الذي يشتغل عليه النظام الجزائري ، خاصة بتوظيف أنظمة سياسية محلية ، في ضرب وحدة المغرب ووحدة الشعب ، هو مشروع فاشل من بدايته ، لان الهدف منه توسيع دائرة المشككين في مغربية الصحراء ، ومن ثم النجاح في ضرب طوق جزائري على المغرب بالمنطقة ، وحتى يسهل الوصول الى ما عجزت الحرب التي دارت لمدة ستة عشر سنة الى سنة 1991 ، والحرب الثانية التي تدور اليوم منذ 13 نونبر 2020 ، تحقيقه ... فالنظام الجزائري يشتغل اليوم على مخطط عزل النظام المغربي ، ومنه ، وعندما ستؤثر العزلة في شرايين النظام المغربي ، وتخر قواه ، آنذاك يكون النظام الجزائري قد اكمل بناء ما خطط له سواء بالمنطقة المغاربية ، او عبر مواقف العالم من نزاع الصحراء الغربية .. فعندما سينجح النظام الجزائري من بناء حلف محلي ، والحلف طبعا سيكون شاملا ، أي بما فيه الجيوش ، مضافا الى هذا الحلف التصْفوي لنزاع الصحراء الغربية ، موقف الاتحاد الأوربي ، وموقف الدول الكبرى كروسيا التي ليست عضوا بالاتحاد المذكور والصين ، وموقف واشنطن الذي اصبح يركز على المشروعية الدولية ، ويتصرف ضد اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، ولو انه اعتراف كاذب ، ورفض الدولة الإسرائيلية الاعتراف بالأطروحة المغربية لنزاع الصحراء الغربية ، التي ربط معها النظام المغربي اتفاقيات بوليسية وعسكرية ... الخ ... يكون النظام الجزائري قد نجح في تطويق النظام المغربي ، ونجح في عزله دوليا ، ويكون بذلك قد نجح في تقريب وتسهيل حل نزاع الصحراء الغربية المعرضة للانفصال .. فيكون النظام الجزائري قد تمكن من ضرب عدة عصافير ، وليس فقط عصفورين بحجرة واحدة .. أي يكون النظام الجزائري من جهة قد كسب موقف الأنظمة السياسية بالمنطقة ، ومن جهة يكون قد تناغم مع موقف الاتحاد الأوربي من نزاع الصحراء الغربية ، ويكون موقف واشنطن الداعي للتمسك بالمشروعية الدولية مماثلا كذلك ، إضافة الى مواقف البرلمان الأوربي ، ومواقف محكمة العدل الاوربية ، التي تنتظر صدور قرار في يوليوز القادم ، بشأن الاتفاقيات المبرمة بين النظام المغربي وبين الاتحاد الأوربي ، يزكي عدم مغربية الصحراء بالنسبة للمنتوجات الواردة من المناطق المتنازع عليها ، وخاصة ان الاتحاد الأوربي لا يعترف بمغربية الصحراء ، وموقفه منها هو موقف عدائي ، يساند وبالمطلق مخططات احفاد Saiks-Picot الرامية الى المزيد من التفتيت ، والبلقنة بالمناطق العربية .. أي اعلان انتصار النظام الجزائري ، وإعلان هزيمة النظام المغربي ، وطبعا فالنظام الذي سينهزم في هذه المعركة المصيرية ، نهايته السقوط التلقائي ..
ان مخطط المشروع الجزائري الذي يشتغل عليه الجيش الجزائري الذي يحكم الجزائر ، سببه واعتقاده ، بان المغرب بالمنطقة المغاربية ، وبالمنطقة العربية ، اصبح مثل الرجل المريض الذي ستوزع اطرافه بالمنطقة .. فحتى العلاقات مع السعودية أصبحت غير مفهومة ، لان قيام السعودية بربط علاقاتها مع ايران ، كان ضربة للنظام المغربي الذي قطع علاقاته مع طهران ، لاستجلاب الرضى السعودي ( الدولار ) ، مثل ان قطع علاقاته مع فنزويلا ، كان لاستجلاب الرضى الأمريكي من نزاع الصحراء الغربية ..ورغم ان تصرف النظام المغربي الغير متزن هذا ، فان ظنه خاب عندما ارجعت السعودية علاقاتها مع ايران ، وخاب ضنه لان أمريكا رمت بالاعتراف " الترامبي " Trump عرض الحائط ، ودعت الى الحل المتشبث بالمشروعية الدولية .. فلا أمريكا زكّت أطروحة مغربية الصحراء ، ولا السعودية حددت موقفها الواضح من نزاع الصحراء الغربية ، وتستعملها حسب مصالحها الخاصة ، لا كما يجب ان يكون الوضع العربي المعرض للتشرذم وللبلقنة . أي ان السعودية من حيث الظاهر، تلتزم بنفس المسافة بين اطراف النزاع ، لكنها من حيث الواقع ، تستمر في تقديم المساعدات الى جبهة البوليساريو بشكل منتظم ودوري ..
لكن السؤال الذي يخامرنا . هل سينجح النظام الجزائري ، في بناء حلف جغرافي محلي ، الى جانب مواقف الاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، ويكون مرماه الطعن ، وفي ضرب أطروحة مغربية الصحراء .. ويكون النظام الجزائري قد نجح فيما أخفقت فيه الحروب الدائرة بالمنطقة منذ سنة 1975 والى سنة 1991 ، ومن الى 13 نونبر 2020 ؟
ان كل من يتحدث عن الحلف المنتظر ، يخلط بين الحلف وأهدافه ، وبين مجرد التنسيق الجهوي بخصوص مسألة معينة ، كالموقف المغاربي من نزاع الصحراء الغربية .
واذا كان طابع الاحلاف يكون عسكريا في الغالب ، فما يشتغل عليه النظام الجزائري ، لن يرتقي ابدا الى درجة الحلف . لان لا موريتانية ، ولا تونس ، ولا ليبيا ستقبل الدخول في حلف ضد دولة جارة ، لتدعيم موقف من نزاع ، هو بيد الامم المتحدة وحدها ، لا بيد غيرها .. فهل ستقبل تونس ، وموريتانية ، وليبيا التي تحكمها المليشيات ، ورغم ضعفهم البين ، التحالف مع النظام الجزائري عسكريا ، في مواجهة المغرب ، بسبب نزاع الصحراء الذي تبث فيه الأمم المتحدة كلما اقتضت الضرورة ذلك ، ويبث فيه مجلس الامن مرتين في السنة ، واكثر من مرتين اذا اقتضت الضرورة والظروف ذلك كذلك ؟
وهل موريتانية ، وتونس ، وليبيا ، تملك من القوة ما يسمح لها ببناء حلف سياسي ، وليس فقط عسكري ، في مواجهة المغرب .. ؟
وبتعبير واضح .. هل ستقبل موريتانية ، وتونس ، وليبيا الدخول مع النظام الجزائري في مواجهة المغرب عسكريا من اجل الصحراء ؟
وهل الدعوة الى مشروع " الحلف " ، ونسميه ب " الحلف الجزائر " ، لأنه سيكون من ابتكار النظام الجزائري ، قادر على خلخلة التوازن المفقود بالمنطقة ، مما يدخل الخوف والرعب للنظام المغربي ، ومن ثم يملي عليه الركوع والاستجابة لمطالب النظام الجزائري بخصوص نزاع الصحراء الغربية ؟
من خلال تحليل المعطيات اللاّئحة ، والتي تلوح في الأفق ، النظام الجزائري عاجز عن بناء الاحلاف ، خاصة في جانبها العسكري ، لان الدول المعنية بالدعوة الجزائرية ، هي دول اكثر من ضعيفة ، شعوبها مثل الشعب المغربي مشغولون بالبحث عن لقمة العيش حتى من القمامة . وحيث ان فاقد الشيء لا يعطيه ، فانتظار قيام النظام الجزائري الذي يهدده ورم خطير جدا ، مدفوعا من الغرب ، مخطط " جمهورية القبايْل " ، ومنظمة " الماك " التي تنشد الاستقلال عن الدولة الجزائرية ، ومهدد من الداخل بالاضطرابات الشعبية ، وبالمطالب الاجتماعية ... سيكون عاجزا في نباء الحلف المنتظر ..
بل ان النظام الجزائري العاجز عن بناء الحلف العام ، أي شمول الحلف الجانب العسكري ، سيكون عاجزا عن بناء تحالف ، وليس فقط بحلف اقتصادي واجتماعي ، بين الجزائر الغنية بثرواتها التي تبذر في حماقات لا طائل منها ، وبين دول فقيرة ، شعوبها تعيش ليومها ، دون ضمانات لغدها الذي لا يعلمه غير الله .
ان اقصى ما يستطيع النظام الجزائري ان يصله ، هو خلق تنسيقية جهوية بين موريتانية ، وتونس ، وليبيا محليا ، وحتى مع سورية مستقبلا ، ومرة مرة الادلاء ببيان او بتصريح للدول المعنية ، مثلا بشأن نزاع الصحراء الغربية . أي ان الجديد هو توريط انظمة المنطقة في حرب البيانات ، والمواقف ، دون تجاوز هذا السقف الذي يتحكم فيه النظام المغربي الذي يسيطر على ثلثي الأرض ، ويسيطر على جزء من الثلث المتبقي بالطائرات المسيرة ..
ولنا ان نتساءل والسؤال حق مشروع : اين حلف " اتحاد المغرب العربي " ؟ اين حلف " جبهة الصمود والتصدي " ؟ وأين " حلف بغداد " ؟ . وأين وصل الاندماج ، وليس فقط الحلف ، مشروع " الجمهورية العربية المتحدة " ؟ . والم تكن وحدة اليمن التي تم بناءها فوقيا ، معرضة للتدمير عندما أراد الجنوب الانفصال مجددا عن الشمال ؟ . ثم اين " الاتحاد بين المغرب وبين ليبيا " الذي أضاع عقده ضربات Ronald Reggan لباب العزيزية بليبيا ؟
ومثل هذه الاحلاف او التحالفات أعلاه ، والتي انتهت بالفشل منذ اليوم الأول للتوقيع على بيان التحالف ، او الحلف ، او الوحدة ، فان المشروع الجزائري الداعي الى " الحلف " ، او الى " التحالف " ، او الى " الاندماج " ، مآله هو بدوره الفشل ، وسيفشل حتى ولو كان حلفا اجتماعيا واقتصاديا ، لان اطرافه جد ضعيفة ، ومحكومة بخيارات اقتصادية مفروضة عليها فرضا ( الاقتراض من المؤسسات البنكية العالمية ) ، كما ان بناء حلف ولو اجتماعي واقتصادي ، تتطلب مراجعة ، وتعديل الدساتير التي تحدد نوع الأنظمة السياسية الجاثمة على مركز القرار بالدول المذكورة ..
فإذن ، لا داعي للنظام الجزائري الذي يريد بناء " حلفا " ، او " تحالفا " ، لان ما سيصل اليه في حالة انبثاق عُجاب ، هو حرب البيانات والبيانات المضادة ، دون ان تصل تلك البيانات الى المساس بجوهر النظام المغربي .
ولنا ان نتساءل . بما ان الموريتان يعترفون صراحة بالجمهورية الصحراوية ، والاعتراف كان في سنة 1979 ، بمجرد خروج الجيش الموريتاني من إقليم وادي الذهب " تيريس الغربية " . أي الموقف الموريتاني واضح . وحاكم تونس الحالي " قيس سُعيّد " ، استقبل إبراهيم غالي كرئيس للجمهورية الصحراوية . ونحن نتساءل هنا عن هذا الاستقبال . هل كان لِ" قيس سعيد" ، انْ يستقبل إبراهيم غالي لو لم تكن زيارة إبراهيم غالي ، ضمن زيارة الاتحاد الافريقي الذي يعترف بالجمهورية الصحراوية التي هي عضو فيه ، والنظام المغربي المعني بالصراع ، اعترف بالجمهورية الصحراوية وبالأراضي الموروثة عن الاستعمار كذلك ؟ . أي هل كان استقبال " قيس سعيد " رئيس تونس ، لإبراهيم غالي كبروتوكول مفروض ، ومن ثم يجب ان يخضع إبراهيم غالي لنفس البروتوكول الذي تمتع به رؤساء الاتحاد الافريقي ، وهنا يكون " قيس سعيد " قد خضع للبروتوكول ، دون ان يتعداه التفسير الذي يصطاد في المياه العكرة ، الى تكييف الاستقبال باعتراف تونس الصريح بالجمهورية الصحراوية ؟ . فهنا فرق شاسع ، بين استقبال إبراهيم غالي ضمن الاتحاد الافريقي من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد ، وهذا يفرضه البروتوكول الذي يجهله النظام المغربي الذي غضب لذاك الاستقبال ، وبين ان يوجه حاكم تونس " قيس سعيد " شخصيا ، دعوة الى إبراهيم غالي لزيارة تونس زيارة رئاسية ، وخاصة .. ففي الحالة الأولى وهي التي حصلت ، فان استقبال " قيس سعيد " لإبراهيم غالي ، كان التزاما وتنفيذا للبروتوكول الذي خضع له رؤساء الاتحاد الافريقي ، ولا يعني الاستقبال هذا ، اعترافا من " قيس سعيد " بالجمهورية الصحراوية .
لكن في الحالة الثانية ، وهي افتراض انّ " قيس سعيد " رئيس تونس ، يكون قد وجه دعوة شخصية لإبراهيم غالي ، لزيارة تونس زيارة خاصة . هنا يكون " قيس سعيد " بمن يعترف صراحة بالجمهورية الصحراوية ، ويعترف بإبراهيم غالي كرئيس دولة .. وهذا ما لم يستوعبه النظام المغربي عندما اعتبر استقبال " قيس سعيد " ، لإبراهيم غالي ضمن الاتحاد الأفريقي ، بمثابة اعتراف تونسي بالجمهورية الصحراوية ، فكان بموقفه الشارد قد اساء لقضية الصحراء ، وليس بمن كان يدافع عنها .. فهل من حسن التصرف ، ومن حسن اللياقة والاذب ، والأخلاق ، استثناء إبراهيم غالي من نفس البروتوكول الذي خضع له رؤساء الاتحاد الافريقي الذين زاروا تونس مؤخرا ؟ .
فحتى الآن ، لا يجب الحكم على موقف تونس من نزاع الصحراء الغربية ، بأنه موالٍ لصالح الجمهورية الصحراوية ، والحال ان الاستقبال كان ضمن الاتحاد الافريقي لا من خارجه .. وهي نفس الملاحظة تنطبق على الزيارة التي قام بها إبراهيم غالي الى العاصمة الاوربية Bruxelles ضمن الاتحاد الافريقي ، لا من خارجه ، فكان ان يحظى إبراهيم غالي بنفس البروتوكول الذي خضع له رؤساء دول الاتحاد الأوربي ، ودول الاتحاد الافريقي ، التي رفرفت راية الجمهورية الصحراوية في سماءها ، مثلما رفرفت عند زيارة إبراهيم غالي تونس ضمن الاتحاد الافريقي في الأجواء التونسية .
الحرب دائرة وتدور في المنطقة منذ بداية ستينات القرن الماضي ، وليست وليدة الوم . وما نزاع الصحراء ، سوى النقطة التي افاضت الكأس بين اطراف النزاع قبل غيرهم .. وبما ان الحرب تدور وتدور من دون توقف ، فمن الطبيعي ان تستعمل فيها جميع الأسلحة ، وأكثرها خطرا سلاح الاعلام الذي يغطي ويسيطر على العقول .. وهنا فان مشروع النظام الجزائري بإنشاء " حلف " ، او " تحالف " ، هو نوع من الصراع الجاري بالمنطقة ، خاصة من النظام الجزائري الذي يبحث لتركيع النظام المغربي ، والقضاء عليه عند حسم صراع ونزاع الصحراء ، الذي سوف لن ينتهي ، ما دام ان مجلس الامن وحتى هذه المرة ، لن يخرج بقرار حاسم للنزاع ، ولن يختلف عن ما سبقه من القرارات منذ سنة 1975 .
فما معنى قول نائب الأمين العام للأمم المتحدة العبارة او الجملة التالية " ... الامل ما زال مفتوحا .. في إمكانية التوصل الى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره وفقا لقرارات مجلس الامن ذات الصلة .."
ان مجرد التمعن في هذه العبارة او الجملة ، ومن خلال تحليل الكلمات والمصطلحات ، وكيفية تركيبها ، وحشوها بالتمني وبالرغبة ، حتى نكتشف ان القرار المنتظر خروجه من قبل مجلس الامن ، ليس فيه ما يفيد إرادة مجلس الامن في حل النزاع الذي يعد من اقدم النزاعات في القارة الافريقية ، بل وفي العالم .. فمن خلال تحليل كل الجملة ، نستخلص للتو دور مجلس الامن في إبقاء النزاع مفتوحا ، طالما لم ينضج بعد كفاكهة لن تتعفن ، وان استمرت لسنوات قادمة .. ومن ثم سيكون القرار بمن يطبطب على اكتاف طرفي الصراع . ومن خلال ديباجته وتحليل جوهره سنكشف ان القرار سيكون رضائيا للجميع ، بحيث يكون لكل احد من طرفي النزاع ، ان يفسره من زاويته ، وعلى هواه ، في حين ان القرار المنتظر قد مس بمصالح الأطراف المتنازعة .. ولو كان مجلس الامن يريد حقا انهاء الصراع ، للجأ لطرق فضه ، وسلاحها استعمال البند السابع من الميثاق الاممي ، الذي يعطي لمجلس الامن سلطات اكبر في فض النزاع . وهذا ما َتخلّف في القرار المنتظر .. والسؤال دائما ، وتحليلا للمعطيات المتوافرة . ماذا يعني مثلا : " ... الأمل .. إمكانية التوصل الى حل سياسي ( لماذا التخلي عن الحل القانوني ) ، عادل ، ودائم ، ومقبول للطرفين ،يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره ، وفقا لقرارات مجلس الامن ذات الصلة .. " ..
ان المتمعن في هذه الفقرة ، يستنتج استحالة ، وإيجاد الحل الناجع بين اطراف النزاع .. ان ربط الحل بالعبارة " حل سياسي عادل ، ودائم ، ومقبول للطرفين يكفل لشعب الصحراء تقرير مصيره .. " .
أولا . ان تنصيص مجلس الامن في قراره المرتقب ، على شرط " قبول " الطرفين للحل .. يعني ان أي طرف من اطراف النزاع ، اذا لم يقبل ورفض شرط " القبول " ، و شرط " الموافقة " ، فان أي حل لن يطبق ، وسيكون لا غيا ، دون ان يعرف طريقه الى التنزيل ، وهذا سيكون مدونا في قرار مجلس الامن ، بحيث يصبح القرار كقاعدة قانونية ، تستلزم تحقق شرطي " الموافقة " ، و " القبول " .. والسؤال هنا . هل النظام المغربي سيقبل بإملاءات الجبهة الداعية الى فقط الى مجرد الاستفتاء وتقرير المصير ؟ . فإذا رفض النظام المغربي الحل المقترح من قبل الجبهة ، فان أي حل بالمنطقة يعتبر مرفوضا ..
ان نفس الملاحظة اذا لم يحصل شرطي " القبول " ، و " التوافق " من قبل الجبهة ، على طلب النظام المغربي المركز فقط في حل " الحكم الذاتي " .
اذن هل سيقبل النظام المغربي بطلبات الجبهة التي هي الاستفتاء ، وهو يعرف ان تنظيم الاستفتاء يعني ان نسبة 99 في المائة من الصحراويين سيصوتون لصالح الانفصال ، وهذا يعني سقوط النظام في المغرب ، ومن ثم التشريع لتفتيت وتشرذم المغرب ، حيث الجمهورية الريفية تنتظر الخلاص ، وسيتمدد التشرذم والبلقنة جهات أخرى من المغرب .. فهل سيوافق النظام المغربي على قرار إعدامه بيده ؟
كذلك هل ستقبل الجبهة وراعيها النظام الجزائري ، بمقترح النظام المغربي الذي هو حل الحكم الذاتي ، وهم يعرفون ان هذا الحل ، هو تمكين النظام المغربي في الاستئثار بثروات المنطقة ، ومن ثم يكون قد سجل الانتصار الساحق على النظام الجزائري Le rival .. ويكون من ثم مستقبل النظام الجزائري على المحك ، وستُشرْعِنُ الهزيمة هزيمة أخرى اكبر واخطر ، هي نجاح انفصال الجمهورية القبايلية ، ومنها الشاوشية وهلمجرا ..
فالنظام المغربي لن يقبل بحل الجزائر والجبهة ، والجزائر والجبهة لن تقبلا بحل النظام المغربي الذي هو الحكم الذاتي .. ففي الحلين معاً سقوط النظام الذي سيقبل بحل النظام الاخر ، والعكس صحيحا ..
اذن ومن خلال تحليل المعطيات التي يبشر بها القرار المنتظر لمجلس الامن ، نكتشف ان السبب في عرقلة إيجاد حل للنزاع المفتعل ، يكون مجلس الامن ، وتكون الأمم المتحدة ..
لذا النزاع سيبقى مستمرا ، ولن تضع له نهاية سوى الحرب التي دارت ، وكادت ان تفرض الحل ، وهو الحل الذي تم بعثرته بالتوقيع على اتفاق 1991 ، وزاد من بعثرة الوضع ،دخول جبهة البوليساريو في سبات عميق دام 31 سنة .. مرت فيها أجيال واجيال ، واصبحنا مع جيل آخر وجديد ، ينتصر الى الحياة الغربية ،وينفر من العودة الى حرب الستة عشر سنة . ان التوقيع على اتفاق 1991 ، كان رصاصة الرحمة التي اطلقتها الجبهة على رأسها بطيب خاطرها . وكان على الجبهة التي انتصرت للحلول السلمية ، بعد ان افرغت مضمون القضية ، ان تسأل نفسها . هل حقا ان مجلس الامن ، وان النظام المغربي مُقْبِلون على الحوار ، لتمكين الصحراويين من تقرير المصير ؟ . لكن السؤال الأهم . كيف الثقة والاعتقاد برغبة النظام المغربي في التفاوض ، والنظام يبني الحائط الرملي والحجري ليل نهار ؟ . فهل من يبني الجدار العازل وبالسرعة القصوى سيتفاوض حقا .. واعتقد حين قال رجالات القانون ، ان " القانون لن يحمي المغفلين " ، كانوا محقين في ذلك ..
الخلاصة : لن يكون هنا ، لا حلف ، ولا تحالف ، لان فاقد الشيء لا يعطيه .. والمغرب لن يتأثر ولن تأثر فيه خرجات من هنا وهناك ، خرجات عاقرة لن يكون لها مفعول بالمنطقة .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهة نظر في الديمقراطية ( الفصل الثالث )
- وجهة نظر في الديمقراطية ( 2 )
- وجهة نظر في الديمقراطية
- الديمقراطية كأداة للترويض السياسي
- السياسة بين الحب والحرب
- الغلاء وارتفاع الأسعار في المغرب .
- العقلنة المشوهة
- العيّاشة المُتعيّشون من السياسة
- هل إسرائيل في طريقها الى الزوال ؟
- في الثقافة السياسية
- هل ستفعلها المملكة العربية السعودية ، وهل سيفعلها الرئيس الر ...
- فشل الدولة البوليسية بعد سبعة وستين سنة من النهب والافتراس
- الخطاب السياسي ( 4 )
- الخطاب السياسي ( 3 )
- الخطاب السياسي ( 2 )
- الخطاب السياسي ( 1 )
- السلف . هل حقا كان سلفا صالحا ، ام كان في حقيقته سلفا طالحا ...
- في البطريركية السياسية
- تغول بوليس الدولة البوليسية السلطانية
- استراتيجية الاختراق الإسلامي للجامعة ومنها للمجتمع


المزيد.....




- بالأسماء.. أبرز 12 جامعة أمريكية تشهد مظاهرات مؤيدة للفلسطين ...
- ارتدت عن المدرج بقوة.. فيديو يُظهر محاولة طيار فاشلة في الهب ...
- لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب ...
- جرد حساب: ما نجاعة العقوبات ضد إيران وروسيا؟
- مسؤول صيني يرد على تهديدات واشنطن المستمرة بالعقوبات
- الولايات المتحدة.. حريق ضخم إثر انحراف قطار محمل بالبنزين وا ...
- هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأ ...
- هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه
- Polestar تعلن عن أول هواتفها الذكية
- اكتشاف تأثير صحي مزدوج لتلوث الهواء على البالغين في منتصف ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الاحلاف .