الاتحاد المغربي للشغل

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 7599 - 2023 / 5 / 2 - 16:03
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة
    

" سأبعث بهذه الدراسة عن طريق Un cyber ، لان البوليس السياسي ، وبعد ان كان يعرقل اشتغالي طيلة مدة الاشتغال ، بإطفاء شاشة الحاسوب ، قطع الكونكسيون / الانترنيت عن منزلي ، رغم تأديتي واجب الاشتراك مع اتصالات المغرب حتى قبل الموعد المحدد للدفع . Le tortionnaire et le bourreau " .
نقابة الاتحاد المغربي للشغل
ليس من السهل الحديث عن مسيرة " الاتحاد المغربي للشغل " عبر مقالة تتوخى توضيح شروط عمل هذه المركزية النقابية ، واولويات اشتغالها ، وأسباب بقاءها واستمرارها ، كأول قوة عمالية ، واكثر تماسكا نظريا وممارسة .
فلا شك ان من يسعى الى تحقيق هذا الهدف ، سيصطدم بعقبات كثيرة ، يطرحها تشابك العلائق بين السياسي والنقابي ، بين التاريخي واليومي ، بين الذاتي والموضوعي .
لن نتحدث عن أسباب وجود الاتحاد المغربي للشغل ، ولا نسعى للتأريخي له عبر العقود الستة تقريبا من تواجده على الساحة وطنيا ، وعربيا ، و دوليا ، ولكننا سنقف عند امرين نعتبرهما أساس سيرورته وسر " نجاحه " : المبادئ التي قام عليها منذ نشأته ، والمصالح التي تشكلت لدى قياداته المحلية ، والوطنية ، والقطاعية ، والتوازن بين هذين الامرين بشكل متشابك ،يوفر للمركزية النقابية غطاءها " الأيديولوجي " ، والنظري من جهة ، ويقدم الغلاف المالي لتحرك اطرها وطنيا ودوليا ، وربطهم ، مصلحيا ، بالمنظمة ، انطلاق من قطاعات الشؤون الاجتماعية .
ان المتصفح لأدبيات " الاتحاد المغربي للشغل " ، منذ مؤتمره التأسيسي والى اليوم ، سيجد ان هناك ثوابت أساسية ، تحدد توجهاته التنظيمية والسياسية ، يمكن إجمالها في ثبات شعارات تؤكد على استقلالية المنظمة النقابية عن الحكم ، وعن الأحزاب ، وعلى السير ( الديمقراطي ) للعمل النقابي ، داخل هياكل المنظمة وأجهزتها ، وعلى الانحياز ( التقدمي ) كاختيار كرسته الطبقة العاملة عبر تاريخه النضالي ، ثم على الوحدة النقابية ، هذا المبدأ الذي يرفض التعددية النقابية ، ويربطها بسياسة الحكم والأحزاب ، التي يسعى الى تفتيت قوة العمال ، وتسخيرهم لتحقيق اهداف ومصالح لا علاقة للطبقة العاملة بها .
ومن الثوابت أيضا في هذه الادبيات ، هو المطالبة بالتغيير الجذري ، للهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، الذي بدونه لن تعرف الطبقة العاملة تحسنا ملموسا ، ولن تحل المعضلات الكبرى للمغرب ومن ضمنها ، أي الثوابت ، رفض قواعد الاتحاد للمسلسل البرلماني ، ونعته بمسلسل المحظوظين .
ان من هذه الثوابت كذلك ، التأكيد على الانتماء التاريخي للاتحاد المغربي للشغل ، لحركة التحرير الوطني التي كان الاتحاد والطبقة العاملة احد ركائزها الأكثر أهمية ، ومن هنا تخليده سنويا لذكرى 8 دجنبر 1952 . وعلى هذه الأسس يتم التعامل مغاربيا وعربيا وافريقيا ودوليا مع النقابات الأخرى التي لازالت تعتبر – مغاربيا وعربيا على الأقل -- الاتحاد المغربي للشغل النقابة المغربية الوحيدة ذات التمثيلية العمالية الحقيقية .
لكن يمكن ان يُطرح السؤال الموضوعي ، حول مسار واستمرار وجود " الاتحاد المغربي للشغل " ، بهذه القوة وبهذه الدينامية ، رغم المشاكل العديدة التي بدأت تطفو على السطح في عدد من الجامعات ( التعليم ، والابناك كمثال ) ، والاتحادات الجهوية والمحلية ، دون الاعتماد على أي دعم مادي ، لا من الخارج ، ولا من الداخل الدولة ، ودون ان يكون مساندا ، كما هو شأن " ك د ش Cdt " مثلا ، من أي حزب يهيمن عليه ، ويخضع لتسييره . فمن المؤكد ان الانخراطات العمالية ، على أهميتها ، لا يمكنها لوحدها ان تضمن سير الاتحاد ، بجامعاته ، واتحاداته المحلية والجهوية ، وما تتطلب من مصاريف ، وما يحققه مسيروها وقادتها من امتيازات و ( علاوات ) ، وما يشتهر به الاتحاد من مركز واشعاع جهوي ، وقاري ، وقومي ، وعالمي ، وما يعرف به من كرم وعناية بضيوفه على كثرتهم .
ان " الاتحاد المغربي للشغل " ، بحكم انه يمثل اغلبية العمال المنقبين . بل والاغلبية الساحقة كما تدل على ذلك تظاهرات فاتح مايو ، مقارنة مع " ك د ش Cdt " ، و مقارنة مع " الاتحاد العام للشغل " الاستقلالية من كل سنة ، رغم تقلص اعداد المشاركين فيها في بعض الأحيان لظروف شتى ، هو الذي يسيطر على قطاعات الشؤون الاجتماعية لهؤلاء العمال ، ومناديبه في مجالسها ومكاتبها ، هم الذين يسيرون هذه المجالات حسب سياسة مرسومة بدقة ، يستفيدون منها هم انفسهم ، ويفيدون المسؤولين النقابيين ، ليوفروا لهم ، ولهم وحدهم حياة رغدة تجانس حجم مسؤوليتهم ، ومراكز نفوذهم ، كما يقومون – عبر هذه السياسة – للاتحاد واجهزته ، إمكانيات التحرك والاشتغال بشكل فعال ودائم .
ان موارد صناديق الشؤون الاجتماعية ، كانت دائما محط صراع بين " الاتحاد المغربي للشغل " ، وغيره من المركزيات النقابية الأخرى ، وخاصة " الكنفدرالية الديمقراطية للشغل " ، التي تطرح وبإصرار في قائمة مطالبها مسألة الشؤون الاجتماعية ، لِمْا تضطلع به من دور ، وما تعطيه من مصاريف للعمل النقابي ، وما تمثله من نفود على العمال والمأجورين والمستخدمين ( سواء في العلاج ، او القروض ، او الاصطياف ، او التسبيقيات ... ) . وهذا يشكل رافدا هاما ( كما يسميه الاتحاد المغربي للشغل ) من روافد العمل النقابي . ونظرا لتحكم " ا م ش Umt " في دواليب الشؤون الاجتماعية وصناديقها ( التعاضديات ، التأمين التعاضدي ) ، ولمختلف القطاعات العمومية او خاصة ، تجعله – على مستوى مجالسها الإدارية ومكاتبها – على صلة دائمة بالأطراف الأخرى التي تشكل مجالس الإدارة ، وخاصة وزارة الداخلية / الحكومة ، ثم ارباب العمل . ومن هنا يمكن ان نفهم دور الدولة في تخصيص المركز الأول ل " ا م ش " في كل سنة عند انعقاد " المكتب الدولي للشغل " " BIT " ، اذ تجعله يقود ويتزعم الوفد العمالي النقابي المغربي ، ضدا على " ك د ش " ، و " الاتحاد العام للشغالين " اللذين حاولا مرارا التصدي لهذا القرار ، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن . فالواقع يزكي هذا المركز ويكرسه على أرضية الساحة النقابية ، ولو كرهت المركزيتان الاخريات .
وهكذا نرى ان ( ا م ش ) يقف على سندين : الأول على مستوى الخطاب الذي يوحي بالاستمرار والثبات على المبادئ التي سطرتها مؤتمراته المتعاقبة .
والثاني على مستوى الدعم المالي والمادي الذي يأتيه من صناديق الشؤون الاجتماعية ، وبسببه وبه تخلق فئة ذات مصالح مرتبطة بالاتحاد ، ونافدة فيه ، وتشكل بيروقراطية حقيقية مانعة لأيّ تغيير او تطور ، على الأقل في المدى المنظور .. وما الضغوط الممارسة على الديمقراطيين النقابيين التوجه النقابي ، سوى الدليل الملموس على الطابع الاحتكاري للقيادة البرصوية اللاّهتة وراء المصالح ، باسم تمثيل ، وباسم الدفاع عن العمال ..
اجمالا وباستثناء اليسار التقدمي ، كتيار بارز ومتمايز داخل نقابة " ا م ش " ، ويخضع لضغوط من قبل القيادة النقابية التي أصبحت مثل الأحزاب مخزنية بالأصل والمفصل ، فان المركزيات النقابية التي طبعت التاريخ النقابي للحركة النقابية المغربية ، قد هوى الى الأسفل بعد تمسك المركزيات ب ( السلم الاجتماعي ) ، وبعد التواطؤ مع الدولة في ملفات ضد الشغيلة من جميع الأصناف وبجميع القطاعات ..
لقد وصلنا الى نقطة اللاعودة لنقول : ان المركزيات النقابية مثل الأحزاب والتنظيمات الحزبية الممثلة داخل النقابات ، أصبحت جزءا من الدولة لا ضدها .. فرغم الارتفاع الصارخ والصاروخي للأسعار ، ورغم تدني العيش الكريم للمغاربة ، يلاحظ مشاركة النقابات في هذه المؤامرة كالاحزاب ضد الرعايا المغاربة .
في سنة 1981 أعلنت الدولة عن زيادة عشرة سنتيمات في ثمن الخبز ، فتحركت الدارالبيضاء عن بكرة ابها ، وتحرك كل المغرب للدفاع عن القوت اليومي للرعايا ، ونفس الشيء كان في يناير 1984 .. اما اليوم وبعد استقبال الملك محمد السادس ( لزعيم ) " ك د ش" محمد نوبير الاموي ، حتى تغير التغيير الجذري من ( مدافع ) عن القوت اليومي للرعايا ، الى مصفق ومبارك للخطوات الاجتماعية المفلسة للنظام التي اضرت بالشعب كما الرعايا .. ومع ذلك الجميع ابتلع لسانه ، وكأن حال 1980 و حال 1984 ، اهون من حال اليوم .. والسؤال : لو لم تكن الخيانة .لماذا لم تدعوا النقابات الى اضراب وطني شامل وتصاعدي ؟ بسبب غلاء الاثمان الفاحش ؟
الجواب ان النظام نجح في افراغ الساحة من المعارضين المشاكسين الذين كانوا يلوحون بمطالب لم ترتقي الى الإصلاح السياسي ، لان جوهر بقاءهم مربوط بقاء النظام الذي يدعون لإصلاحه حفاظا لمصالحهم .. وبعد فراغ الساحة . فرغم أسباب وعوامل سنة 1981 و 1984 متوافرة بكثرة ، سجلنا تقوقع ( الزعماء ) النقابيين الذين تآمروا على ( الشعب ) ، شأن الأحزاب التي ينتمون اليها ، فالجميع اضحى من الملك ، ضده ، حتى وان كانت اختياراته تكون قد اضرت بالشعب وبالمغرب .. فالمشكل كامن في انعدام القيادة التي من المفروض فيها حمل المشعل .. اما الشعب ونظرا للأوضاع المزرية التي يعيشها ويتواجد فيها ، فهو مبعثر بعثرة من كان ينادي تمثيله والدفاع عنه في الأجهزة النقابية ، كما في الأحزاب السياسية .. والتعويل على شعب جائع لإنجاز الثورة ، يكون بمن يصطاد " بخرتوش " فارغ ، لان الجياع لا يثورون ...

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات