خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال
(Khaled Juma)
الحوار المتمدن-العدد: 7611 - 2023 / 5 / 14 - 13:09
المحور:
الادب والفن
أعرفُ الوجع الذي ينخز خاصرتك اليسرى
كلما مررنا أنا وأنت بالشارع الذي ينتهي بالبحر، وضعت يدك على مكان الوجع وقلت: سأكمل المسافة حتى الموجة الأولى، فلا وجع يمكنه أن يوقف طريقي إلى هذا الجمال.
الشهداء في الشوارع ما زالوا، بعضهم يبتسم، وبعضهم يلعنُ النتائج، وآخرون يعتنون بالشجر، فللشهداء وظائف كما تعرفين، وأنت ما زلت جميلة مع كل تلك الولادات، وشابةٌ أيضاً تغازلها المفردات، وهي تبتسم وتذهب لصيد السمك كي تطعم التاريخ والمنسيين.
أشجار الكينا في الطريق الطويل بين شعرك وأظافرك، ما زالت خضراء، وتصلح مأوى للحكايات، وأجمل ما فيكِ هو هذا الصندوق المليء بالأعذار للجميع، تغضبين قليلا ثم تسامحين، أعرفك جيدا في هذا الأمر، وكم غضبتُ من سلوكك هذا، وكنت ترفعين كتفيك بسخرية وتقولين: هكذا نشأتُ، فهذا ليس سلوكا استثنائيا لأغيره، إنها طبيعتي... وكنا نضحك ونذهب لشرب الشاي عند الرجل السبعيني على شاطئ "السودانية"، ذلك الرجل الذي اكتشفنا مصادفة أنه صياد قديم، لكن سمكةً عضّت أصابعه ذات خريف هائج، فتوقف عن الصيد، وصار وسيطاً للحكايات والأغاني كي لا ينساها البحر والبحريون، قلتِ له يوماً: أحبك كثيرا، فضحك وقال: لو كنت أصغر قليلا لكان لي معك شأن آخر، لكني أحبك أيضاً، فأنا لا أعرف مدينة غيرك، ولا بحرا غير بحرك.
ليس أمامك غير أن تفتحي باب الحياة، وتنثري زهور الليلك على القبور الجديدة، وتمضي لتعدي الغداء للأولاد الخارجين من المعركة، فليس هناك ما هو أطيب من طعام أمٍّ بعد مسيرة التعب تلك، وأراهنك أنهم كانوا يفكرون فيها فيما كان الموت يحوم حولهم كذبابة.
حان وقت الاستحمام الآن، ليشرق وجهك من جديد، فمن الجميل أن يراك الأولاد عفيةً، نديةً، ضاحكةً، وتسوقين الحياة أمامك مثل أي قطٍّ أليف.
#خالد_جمعة (هاشتاغ)
Khaled_Juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟