أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - الذئب الذي عاش وحيدا














المزيد.....

الذئب الذي عاش وحيدا


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


وجهي قلق الغابات، أحتلُّ فصلاً في الحكايةِ، أنامُ بعينٍ مفتوحةٍ تربِكُ الليلَ نجماً نجماً، وحيداً أرتّبُ الفصولَ والأشجار، وحيداً أصنعُ خيالاتٍ من خوف، أجنّدُ ما يقولُهُ أرنبٌ خائفٌ لأصنع أسطورتي، أنا الذئبُ لا أجارى، وحدي أعرفُ الطُّرُقَ التي تتلوى في بطن الجبل، وحدي أخبّئُ المأساةَ في صخرةٍ يجلسُ عليها راعٍ مع نايِهِ، فيقطرُ حزناً ولا يعرفُ أنّي تماماً خلفَهُ أحفظُ اللحنَ كي أردّدَهُ كعواءٍ على افتراضات الهضاب.

مخلبي قلمُ الحكايةِ، ينيرُ لي المسالكَ كلما وصلت رائحةُ البيوتِ إلى غاباتي الأليفة، البيوتُ مقتلُ البرّيّ فينا، وحينَ صادقنا أصحابها صرنا كلاباً تحرس الغنم من أخوتنا، صرنا نقعي كجنودٍ مجّانيين على أبوابِ السادةِ، نمجّدُ اللحظة التي يطلقون فيها أعناقنا من طوقِ الأسرِ، ونسينا تماماً كيف كنّا حرّيةَ الأرض والوقت والتمائم، نسينا تماماً أولادنا الذين تركناهم وحيدين في معاركَ مع الليل والعواء، نسيناهم وهاجمناهم كأننا لا نعرفهم، قتلونا، قتلناهم، ولم ننتبه أن الدوائر في ماء البحيرة كانت بكاءَ المكان على ما أصبحناه، لم ننتبه ولو للحظة أن أسماءنا تغيرت كذلك.

ذكرياتي طرائدُ من نارٍ ومسافات، كم أبكيتُ أمهاتٍ على أبنائهنّ، كم أبكيتُ أشجاراً على سناجبها، كم أخجلتُ جحوراً من سكانها فلم تحمِهم من فضولي، وكم وضعوني رمزاً في خزائن الشعر والأغنيات، وأنا لم أكن هذا ولا ذاك، كنتُ طريدةَ نفسي التي لم أفلح يوماً في اصطيادها.

أنا وجه أسلافي، لم أعد أدافع عن براءتي من دم الأنبياء، ولا عن صورتي في الكتب المقدسة، هل كان غدراً أن أفترسَ من أباحَ جلدي للآتين من رغبة الحياةِ إلى رغبة القتل؟ هل كانت شراسةً أن ألوّن أنيابي بالدمِ لأعيدَ من دخلَ عالمي إلى وعيه؟ هل كان حقداً أن أشعر بالجوعِ فأكتبُ شبعي على رقاب المستسلماتِ لناي الرعاة؟ أنا وجه أسلافي، لا شأن لي في الفكرةِ عني، أنا ما أنا، فرائي دوزانُ الطبيعةِ حينَ أرادت تجميلَ الرماديّ في عين الأرض، أنا ما أنا، كلّما وضعتم باباً بيني وبين الفضاءِ، متُّ، وانطَلَقَ عواءٌ من جثتي تسمّونهُ الريح، فأعودُ، لا انتقامَ تحت جلدي، ولا رغبةَ قتلٍ في أنيابي، أعودُ لأحرّرَ الطبيعةَ من كل فكرةٍ خرَجتْ من خارجِ الغابةِ.

صاحت ليلى في وجوهكم بقصّتِها
فلوّنتُ فمي بالأحمرِ كي تصدقوا...
أنا ابن ليلى وحبيبُها السّرّيْ
أنا الذئبُ الذي عاش وحيداً
بذاكرةٍ من أسئلة...



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين رأيناك
- دلنا على جثتك كي نصدق موتك
- دع الريشةَ وتعال
- دو ري مي فا
- غزة، الولد الذي سيترك وحيداً بعد أن تنتهي الحرب...
- عندما تنتهي الحرب
- التعب/ الثعلب
- ستبكين أكثر
- في الطريق إلى هناك
- أيُّها الطائرُ الغريبْ
- لماذا تضحك وأنت ميتٌ جوعاً؟
- لا أريدُ شيئاً من هذا العالم...
- مملكة جرجيريا قصة للأطفال
- ربَّما يَحْدُثُ شيءٌ كهذا...
- كلبٌ أعمى
- أقلُّ من بلادٍ قليلةٍ وأقلّْ
- على من سأبكي أولاً؟ قصة قصيرة
- وجاء في كتابِ البلاد
- محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل
- خالد يطلق العصافير قصة للأطفال


المزيد.....




- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - الذئب الذي عاش وحيدا