أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - وجاء في كتابِ البلاد














المزيد.....

وجاء في كتابِ البلاد


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 14:20
المحور: الادب والفن
    


وجاءَ في كتابِ البلادِ أنّ زيتونةً خرجت من ضلعِ امرأةٍ صارت وحياً للأنبياء، وخضّبَ المَلَكُ يديها بتسابيحَ ليليّةٍ فنامتْ، وتدلّت من أحلامِها طيورُ لقلقٍ بديلةً للجيوشِ، وكراكزُ من فضّةٍ مكانَ أبواقِ الحربِ، وبلابلُ نسيَتْ أصواتَها في الرّيحِ، وقالَ الأرغولُ بعد أن صارَ وحيداً: يا صوتيَ الذي يحرسُ أغنياتِ الآخرين ولا يحرسه أحد: عُدْ فيّ لأعودَ إليك.

وجاء في كتاب البلادِ أن ولداً غريباً وبعيداً وصامتاً كشخص ثانوي في حكاية، نسِيَتْهُ الغيماتُ بعد سطرين، فهكذا هو المطر، فمن بربِّكَ يتذكّرُ نقطةَ المطر؟

وجاء في الكتابِ أن القمر أيضاً كان حزيناً ليلتها، مكتملاً كان، لكنه حزين، يسيلُ ذهباً على الليل، ويقول للنجمات: اتركوني وحدي، لم يكن في السماء سواه، مضيئاً وبارداً ويشعر بالألم، لا أعرف هل رأيته فعلاً أم كان يخيل لي أن يدين عملاقتين كانتا تخبئان عينيه وهو يبكي، أما بعض الذين لا يفهمون حزنه فقالوا بتبجح العارفين: كان هذا خسوفاً...

وجاء في كتاب البلاد عن بشرةِ الحنطةِ تلكَ، خيولُ وهمٍ تركضُ في روحِهِ، إشاراتُه الغريبةُ، حِرْفيّتُهُ في تزويقِ المكانِ بالحضورِ الطاغي، واللامرئيّ معاً، لم يعد أحدٌ يذكُرُ اسمَهُ، ولا قميصَهُ الوحيد والذي دائماً يزرّرُهُ ويخطئُ في وضعِ الزرّ المناسب في العروةِ المناسبة، لا أهلَ، لا أصدقاء، لا بيتَ، لا لغة، سقطَ كحبلِ سرّةٍ متلويّاً على نفسِهِ، اختارتْهُ الرصاصاتُ عمداً من بين الحشدِ، ماتَ، أجل ماتَ، ولم يعد أحدٌ يذكرُ اسمه، حتى في ذلك اليوم الذي تذكرتُهُ فيه بعدَ أربعين عاماً، كانَ قبره دون اسمٍ أيضاً، هناكَ بشرٌ هذا قدرهم، يعرفهم الجميع، وحين عرفناهم، عرفناهم بحضورهم، بثِقلِ خطوتهم في المكان، لا بأسمائهم،لذا... لا يذكر أسماءهم أحد.

وجاء في كتاب البلاد كذلك، أنني لم أعرف، حاولت، لكني لم أعرف كيف تحولت كلماتك إلى عناقيد عنب زرقاء في الحقل اللانهائي، ولماذا حيرتني الفراشة على فستانك إن كانت تطريزاً أم حقيقة، ارتبك العالم كلّه وأنت ترفعين جسدك بكامله على إصبع قدم واحدة مثل راقصة باليه محترفة، كي تعيدي عصفوراً صغيراً إلى عشه الذي سقط منه، ولم أعرف لماذا صار الدمع في عينيكِ تشكيلاتٍ وخرائط، ولم أعرف بالضبط من أنت في تلك اللحظة فيما أنت تجمعين الشهداء في كفك وتطلقينهم كمن تحرر عصافير من أقفاصها، فعلتِ كلّ شيء وأنتِ في أعلى قمم الحزن، فتساءلتُ عما ستفعلين لو راودك قليل من الفرح، فقط، قليل من الفرح...

وجاء في كتابِ البلادِ شيئاً عن عيدٍ قديم، طقسُهُ غريبٌ بأنهاره العشر، يخبئها الأولادُ طوال السنةِ في مُغُرٍ لا يعرفُ أهلهم عنها شيئاً، وحدَهم كانوا يخرجونها ليلة العيدِ، فتبدو الأنهارُ برّاقةً وفيها رائحةُ عذوبةٍ وانطلاقاتُ موسيقى، تخرجُ سعيدةً كطيرٍ يخرجُ من مأزق العشّ لأولِ رقصة، وحدهم الأولادُ الذين لم ينطقوا بعد هم من يعرفون أين ذهب الطقس والأنهار... وحدهم.

عيناكِ، هذا الضعفُ البشريُّ تجاه الجمالْ...
هذا ما أضفتُهُ، ولم يأتِ في كتابِ البلاد.

السادس عشر من حزيران 2013



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل
- خالد يطلق العصافير قصة للأطفال
- مثل كركزانٍ حزين
- غْزِيْزْلِة وخْنِيْنِص قصة للأطفال
- أنا من سرقتُ الخيلَ
- سامر العيساوي، لم أرَ من قبلُ جيشاً في نظرةِ عين...
- استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟
- أنا مَنْ قالوا لكِ عنْهُ
- أجل، ستناغيك الوردة
- فيما كنتُ بذرة موسيقى
- تدمر دمشق تدمر
- يا صاحب المقام
- وليد يريد أن يكون قائد سفينة قصة للأطفال
- كيف حالُكَ؟
- الرصاص المكتوب
- لم يأتِ أحد
- هذا الفراغ، هذا الامتلاء
- أريد أن أكون حراً وجائعاً...
- ذاكرة رجل آخر قصة قصيرة
- يا الدمشقيُّ!!!


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - وجاء في كتابِ البلاد