أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحبيب حميدي - بغداد في الذاكرة














المزيد.....

بغداد في الذاكرة


الحبيب حميدي
استاذ

(Hmidi Hbib)


الحوار المتمدن-العدد: 7578 - 2023 / 4 / 11 - 20:58
المحور: الادب والفن
    


لم يعد يهتم بالمدينة التي جاء إليها إلا بالقدر الذي جاء من أجله، وما جال بخاطره من التاريخ.
فلم تعد تهمه إلا كنزهة فكر. تذكر من دب، إليها ومن هب، من حل بها ومن ارتحل عنها، من ملئت فوه ذهبا ومن شنق وعلق وضرب، من أجاز ومن أجيز، من امتحن وطوف به، من ناظر بعلم وبغير علم. هنا مركز الخلافة. البريد والرسل والولاة، تفتح أقاليم وتنفصل أقاليم.
بغداد اللغة والأدب، الكثاب والشعراء، والمتكلمون والمعتزلة والأشاعرة والزنادقة والبراهمة والصابئة والدهرية واليزيدية.
شعوب وقبائل عربا ونبيطا، ثالثة الأثافي الكوفة والبصرة، الأعظمية والكاظمية السنة والشيعة والأكراد والبابليون والأشوريون، ما يزال الطارف والتالد يتلاقيان ويسلمان. متحف عظيم. سلة حمورابي وأسد بابل والثور المجنح. القانون والبطش. عدالة واستبداد.
كن حيت شئت تر تاريخا عرمرما من نظام وظلم وأمن وخوف رهيب. سلح وسلخ وفك رقاب عن أجساد.
بغداد الشر والشيطان.
بغداد الكتب والمكتبات.
بغداد ليست الحجارة ولا النوادي ولا الجامعة ولا هذه الجسور العظيمة. بغداد مدينة أخرى لا يراها الرائي، لكنها حينة في كل جذع نخلة، مزروعة في كل دار وعلى أطراف هذا الوادي العظيم الذي تفجرت منه ينابيع المعارف وأحابيل السياسة وطرائف السمار.
هولاكو صبغ هذا النهر بالحبر والدم ومزق جلود الناس ببغداد.
بغداد مدارس ومساجد وكنائس وبيع. بغداد دار السلام... وسرح خيالك بعيدا إلى الأهواز وسمرقند ونيسابور وأذربيجان وخوارزم وطشقند وسجستان
وآمد والموصل وسامراء وحلب وحمص ودمشق والحجاز والفسطاط. من بلاد الواق واق إلى الأندلس. الوارد كالصادر من بغداد وإليها. قل فلن يملا ذهنك غير عجيب القصص ونوادر الكتاب والشعراء والمكدين والظرفاء والعشاق والحشاشين والسلاطين، أخبار العلماء كأخبار القواد والرجال والعساكر في الحرب والسلم. فتح وسبي ونهب. غدر وخيانة. ورسل وقصص موضوعة وأخبار مرفوعة. عند كل جدار فقيه وعالم وتحت كل نخلة ظريف وشاعر، وفي كل مجلس ندامى وأوتار. سلاطين في زي تجار وتجار في زي سلاطين وجوار حسان. قيان سافرات غير سافرات قاصرات الطرف ومعصرات. كواعب عنبا أترابا وغير اتراب ودون من يتقين مجن جلباب أسود لأم العباية وبنت أم العباية.
وبكثير من الاغتباط والترنم يروح الفتى يستعرض محفوظه في شوارع بغداد في نشوة وانشراح وينسج في خياله عوالم أخرى مما قرأ فينشد كعهده طفلا بالابتدائية.
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا.
ثم ينادي: يا حبيب علوة الحلبية! يا بحتري يا شاعر الطيف! أين بركة المتوكل؟ وأين إيوان كسرى؟
كان يحفظ للبحتري سينيته الرائعة فما أكثر ما استعادها في نفسه يشد بها أزره
صنت نفسي عما يدس نفسي وترقعت عن جدا كل جبس.
لم يكن إيوان كسرى غير أثر باق من أحد القصور الفارسية، قيل انطفأت فيه نار الفرس وانشق حائطه، سماه العامة سلمان باك على اسم صاحب الخندق سلمان الفارسي فقبره هناك.
ولم يفته أن يذكر السوادي وسفينة الأهوازي وأهل مرو. يسأل أين الديكة وأين معاذ العنبرية والكلب وصاحب العلكة؟ ومن حل من البصرة.
هذا معروف الرصافي في تمثاله مهيبا قرب شارع النهر وسوق النساء. الله الله يا شارع النهر وحق أبيك يا أبا الطيب؛
بأبي الشموس الجانحات غواربا اللابسات من الحرير جلاببا
المنهبا ت عقولنا وقلوبنا وجناتهن الناهبات الناهبا
الناعمات القاتلات المحييات المبديات من الدلال غرائبا
ويحترس الفتى في شارع النهر، فليس له أن يكسر جفنا ولا له أن يعرض لمن شاء بابتسام ولا له أن يسلم أو يصافح كشأنه في بلده.
يحرص على ألا يلتفت أو يتصابى. هكذا بلغته وصية السابقين من الطلبة. لكنه كان ذات مرة كمجنون بني عامر بسوق النساء وقد علق وتتيم وعنى فؤاده فأحل سفك دمه فألقى بالشهادتين والتفت عسى يلاحق النظر بالنظر، وكم خاب ظنه من عسى وراء معسول اللمى. 
وحياً الله سعدا وسعيدا وحفظ الله أبانوس يروي الرواية
عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب أن سعد ابن عبادة قال : إن من مات محباً فله أجر الشهادة!



#الحبيب_حميدي (هاشتاغ)       Hmidi_Hbib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلةفي الذاكرة الكلام على الكلام
- مقتطف من كتابي رحلة في الذاكرة في الكتاب (شد على التاء)
- ساعة الصفر ساعة الهجوم
- من بغداد الى القيروان طيب المسك
- حليمة
- مقتطف من روايتي رحلة في الذاكرة في ليبيا
- مقتطف من كتابي رحلة في الذاكرة
- من الشرفة 2
- لاتخرج من لظى جنتك
- ياتونس الخضراء
- مقتطف من رحلة في الذاكرة
- مقتطف من كتابي فلسفة الخلاص في اليوم الاخير
- جلجامش الجديد
- البابلي القديم
- رسالة في الادب النظيف
- من شرفتي


المزيد.....




- خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
- الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...
- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...
- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحبيب حميدي - بغداد في الذاكرة