أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحبيب حميدي - مقتطف من روايتي رحلة في الذاكرة في ليبيا














المزيد.....

مقتطف من روايتي رحلة في الذاكرة في ليبيا


الحبيب حميدي
استاذ

(Hmidi Hbib)


الحوار المتمدن-العدد: 7177 - 2022 / 3 / 1 - 09:16
المحور: الادب والفن
    


يذكر أنه كان هناك فندقان بوسط العاصمة متجاورين، أحدهما افريقيا والاخر أوروباّ، كانا يبرزان له من بعيد.
نزل بفندق أوروبا. كان فندقا سياحياّ مكلف الإقامة، صعد الدّرج مسرعا حتىّ أدرك الغرفة بعد إجراءات التسّجيل ولم يكد ينهي قراءة الرّسوم المطلوبة على صفحة الباب: ثلاثة جنيهات لليلّة الواحدة حتى أغلق الغرفة وخرج للتوّ.
كان ذلك كافيا ليعود أدراجه. هي كلفة باهظة أغرب من خياله تكاد الليّلة الواحدة تذهب بثلث ماله. نزل مسرعا وهيأّ نفسه وصاحبه للبحث عن وكالة شعبيةّ بأقلّ كلفة.
أدرك صاحب الفندق انّ الزّائر طالب علم وأنّ الرّحلة غير مقدور عليها في مثل سنهّ وحاله بالكلفة المطلوبة، فقدّر ظرفه وهجرته في سبيل العلم فمكّنه ومكّن صاحبه من الإقامة بمعلوم رمزي وبأقلّ من كلفة الوكالة ثم دعا لهما بالإقامة الطّيبة.
اشتدّ فرحه بيسر الإقامة في فندق فخم، وحمله طيب المقام على أن يسعى في المدينة الصّاخبة صباح مساء لا يعرف فيها إلاّ قهوة الصّباح لذّة فإذا رمته الطّرق وملتهّ وكالات الأسفار يسأل فيها مواعيد السفر إلى تركيا وضجّ بالخطب تأتيه من هنا وهناك، عاد برغيف خبز عصا مفرد يهشّ به في الطّريق.
كان يرضى من اللحّم بأكل الرّقبة لو كانت هناك رقبة ولكن كسيرة يابسة كأبي حيانّ سبعة عشر يوما قضّاها بطرابلس. طعامه حليب ورغيف خبز يابس ثم قدّر الله له قارورتين من عسل وسمن.
هما قارورتان، قارورة من عسل وقارورة من سمن، جاء بهما رفيقه معدما غير ممتعّ إلاّ منهما كان أوكل له بهما صديق استحثهّ راجيا أن يحملهما بدلا عنه تخففّا من متاعه وتبرّكا برحلة المعرفة إلى الشّرق أعدّهما الصّديق مؤونة للسّفر استباقا للخير واقتصادا في النفّقة، لكنّ الحاجة أبت والظّرف أبى والنفّس أمّارة بالسّوء فما اقتدر الواحد على تحمّل الجوع وقد بان التعبّ وبدا الهزال على الأبدان.
لذلك أتيا عليهما لحسا لحسا، لعقا لعقا، وهما بين من لا يكاد يوقن ومن لا يكاد يشكّ في أنّ ثالثهما لاحق لا محالة، فحملا نفسيهما على انقطاع خبره فقد دفعهما يسير ما في الجيب وعوز المؤونة إلى الدّعاء عليه حتىّ لا يلحق.
كان كلمّا احتاج الواحد منهما إلى طعام آوى إلى القارورتين، أمّا هو فكان بهما كبخيل المسرجة يطوّف بما يقتطع من رغيفه وعلى ملمس العسل والسّمن يلعق هبابا هبابا ولا يكاد يغمّس فلا يقطف من رحيقهما إلاّ قدر ما تحمل النحّلة من رحيق الزّهر، ولقد خشي كما خشي صاحبه أن يتبذّلا في الأمانة لكنهّما أتيا عليها وقد كان لابدّ ممّا لم يكن منه بدّ. لقد أتت عليهما الاياّم قليلا قليلا، سبعة عشر يوما لم تبق منهما إلاّ النزّر القليل وما هضمهما على قول الجاحظ إلاّ الضّحك.

وكدأبه مازحا معلقّا قال: ليس هنا من يقول من لم يكن عنده مثلي نظر مثلك! قال صاحبه: تلك ثورتنا على البورجوازيةّ! يجب أن نتقاسم الثرّوة، نحن في بلد الثوّرة على الرّأسماليةّ والرّجعيةّ والإمبرياليةّ نحن في زمن الاشتراكيةّ.
رد ّضاحكا: هذه وصيةّ الحطيئة لأبناء اليتامى، لقد أكلنا ماله ولم يبق إلاّ أن ........... أمه!
لم يستجب الله على كل حال للدّعاء، فقد التحق الصّديق واستشرى غيظه واغتاظ على من أمّنه وتحسر على ما تبدّد من القارورتين يضرب كفاّ بكفّ اشتدّ النزّاع فتغاضبا وتراذلا حتىّ تلاكما.
وتهشّم القارورعلى ريح الغضب، ولم يهدآ حتى بادر أحدهما يقول:
قــلــت والإسلام ديني ليتني كنت ترابا
تلك أياّم طرافة من سرور المراهقة وملح الشّبيبة هادئة جميلة. أياّم للمغامرة واللّامبالاة والعناد انتهت في ميناء طرابلس.



#الحبيب_حميدي (هاشتاغ)       Hmidi_Hbib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتطف من كتابي رحلة في الذاكرة
- من الشرفة 2
- لاتخرج من لظى جنتك
- ياتونس الخضراء
- مقتطف من رحلة في الذاكرة
- مقتطف من كتابي فلسفة الخلاص في اليوم الاخير
- جلجامش الجديد
- البابلي القديم
- رسالة في الادب النظيف
- من شرفتي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحبيب حميدي - مقتطف من روايتي رحلة في الذاكرة في ليبيا