|
التطرف
اسراء حسن
الحوار المتمدن-العدد: 7576 - 2023 / 4 / 9 - 21:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التطرف عبارة عن موجة عاتية من الانفعال والغضب والاندفاع نحو الانتقام يضرب في كل مكان دون تمييز بين مذنب وبرئ ، مفتعليها من الغوغائين وأصحاب النوايا الخبيثة ممن يجدون انفسهم ومصالحهم الذاتية في نشر الفتن والدسائس للتوقيع بين الشعوب، هؤلاء العبثيون يتعمدون ان يصبوا الزيت على النار لاشعال الحرائق التي يكتوي بنيرانها الجميع، هي حرب مدمرة من نوع خاص، وموجة مجنونة من التعصب والكراهية، أصبحت سمة من سمات الاسلام لأنه يفتح باب الاجتهاد لكل من هب ودب حتى ضاع الدين بأصوله الصحيحة على أيدي الدخلاء والجهلاء لنظل الطريق معهم في غابة من الأفكار المغلوطة والفتاوى المضروبة الخارجة عن حدود المنطق والعقل
المشكلة باساسها مشكلة ثقافية وليست دينية بسبب آلية التفكير الجمعي المخزون في مجتمعاتنا : ـ اعتاد الناس أن يسلموا تسليماً لكل ما يقوله الشيوخ كواسطة بين الله والعباد وشجع بعض رجال الدين هذا النمط من التفكير ، فباتت عقول الناس معطّلة وصاروا ينهلون مفاهيم دينهم كما يريدها الشيوخ ولم يعتمدوا على القرآن الكريم كمصدر حقيقي يستطيعون أن يجدوا فيه حاجاتهم الروحية بل باتوا ينظرون إليه على أنه معجزة يصعب فهمها ولا بد ممن يفسرها ويجتهد بها .. ـ إن الله يقبل صلاتنا ولو بأنّاتٍ مكظومة ففعلُ الصلاة هو نجوى ما بين الإنسان وخالقه ، وهذا ما لم يعد يهتمُّ به الناس بقدر اهتمامهم بشفاعة فلان لهم عند الله .. ـ والأهم من كل ما سبق خلط الدين بالسياسة عبر تاريخ الأمة العربية ليكون الدين ورجالاته مصدر إقناع للشعب بأنظمته السياسية وهذا أساء للدين بمعنى أنهم عادلوا ما بين السياسة المتغيرة المتحولة الخاضعة للمصالح والظروف وما بين الدين الثابت في كل زمان وكل مكان .. اليوم نرى الإسلام السياسي هو سبب مشاكل الأمة العربية وهو الأب الشرعي للتنظيمات التكفيرية المتعطشة للسلطة ولو على دماء الشعب ولو احتاج ذلك لأن تتعاون مع الغرب ومع الصهاينة ورأينا أمثلة فاضحة على ذلك فيما سُمّي " الربيع العربي " .. ـ ممارسات العنف من قبل المتأسلمين أساءت للدين الإسلامي وشكلت " فوبيا " في المجتمعات غير الإسلامية مما حدا بمواجهة هذا الأمر بزيادة التمسك بالإسلام على مبدأ نحن موجودون وبالعنف بدلاً من تغيير الصورة المشوهة بمزيد من الصلاح والتسامح والتعامل بالحسنى .. ـ الثقافة باللغة العربية مأخوذة من الفعل " ثَقِفَ " أي وجد ، وبالتالي فالمثقف هو من " وجد " الله أي عرفه ومن وجد الله أحب الله في خليقته وابتعد عن إيذاء الناس كل الناس ، هذا من منظور العقائد الدينية كلها ، ومن منظور علم الاجتماع والسياسة نقول : الأمة المثقفة هي التي تمتلك جملةً من العقائد والأنظمة والقوانين والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والفنون .. وهي التي " ثَقِفَتْ " أو عرفت كيف تدير شؤونها على نحوٍ يخدم مواطنيها ويضمن لهم العيش الكريم .. ـ وأخيراً أقول : طالما أن الولاء للدين يغلب الولاء للوطن فإن مشاكلنا لن تنتهي .. فالوطن يضمُّ جميع المواطنين بكل انتماءاتهم ومذاهبهم تحت قانون " المواطَنة " لأن الوطنية تجمِّع والمذهبية تفرِّق . ولأجل بناء مستقبل افضل لاجيالنا السابقة نحن بحاجة إلى ثورة اصلاحية شاملة وعميقة الجذور في كافة ميادين التعليم والثقافة والاعلام، فبها وحدها يمكن تعزيز قيم الانتماء والمشاركة والمواطنة ، ونشر الاحترام الواجب لثقافة حقوق الانسان، والتصدي لظواهر التطرف والتعصب والارهاب لامن وسلامة واستقرار المجتمع والتي يساعد على انتشارها وتمددها تفشي الجهل وانعدام الوعي وخواء العقول من الثقافة والفكر السوي مما يجعل من السهل التغرير بها وتضليلها، وبها يمكن سد الطريق امام خطاب الكراهية الذي يتغذى على تحيزات طائفية ودينية بغيضة وعلى ممارسات تمييزية مجتمعية فجة ومستفزة ، الثورة هذه يمكن التواصل مع العالم الذي نعيش فيه بكل معطياته ومتغيراته وتحدياته ولنكون جزءا منه متفاعلا معه لا عبئا عليه او مشكلة له كما هو حالنا معه الآن، وبها ايضا يمكننا شحن الناس في هذا البلد بطاقات معنوية ايجابية لا حدود لها، بدلا من الهائهم واغراقهم في هذا المستنقع من التفاهات التي لا تخلق وعيا ولا تبني عقولا ولا تعطي املا، ان الاصلاح اصبح يفرض نفسه بصورة ملحة وعاجلة على راس اجندة الاولويات والاهتمامات في بلدنا علي المستويين الرسمي والمجتمعي.
#اسراء_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفقراء في بلدي
-
الموقف الاقتصادي العراقي
-
لحظة الحقيقة
-
معركة طواحين الهواء
-
العقل الحاضر والغائب
-
ايها المسؤول هذه حدود المسؤولية
-
من غباء الأحزاب
-
الدولة المدنية
-
ممارسات أصحاب الشرعية
-
الفرق بين الأحزاب الأوربية والتيارات الإسلامية
-
الديمقراطية & الدكتاتورية
-
تصحيحا لافكارنا
-
العراق أسير المأزق السياسي
-
الهوية المفقودة
-
مآ هي مشكلة العراق الحقيقة؟
-
الحرية تتنفس... النساء تقود ثورة
-
أُمي
-
مصدر الخطر الحقيقي في المجتمع
-
أزمة الحكم في العراق
-
سيناريو الشرق الأوسط
المزيد.....
-
الشرطة الروسية تداهم أماكن لـ-مجتمع الميم- في موسكو بعدما حظ
...
-
الجيش الإسرائيلي يُعلن مقتل 3 جنود في غزة.. وهذه الحصيلة الإ
...
-
لم يستخدما أقوى الأسلحة بعد.. هل يدخل حزب الله وإسرائيل في ح
...
-
زلزال يضرب اسطنبول ومناطق أخرى بشمال غرب تركيا
-
بالتوازي مع الحرب على غزة.. استئناف محاكمة نتنياهو
-
نائب روسي يقترح استحداث جائزة -الجبناء والخونة- باسم زعيم دو
...
-
إعلام إسرائيلي: إصابة 3 جنود إسرائيليين جراء سقوط قذائف هاون
...
-
الجيش المصري يعلن تصنيعه أسلحة جديدة
-
قناصة روسية تحصل على طلقات قادرة على اختراق مدرعات الناتو
-
عندما لا يكون الاعتراف -سيّد الأدلة-
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|