الفقراء في بلدي

اسراء حسن

الحوار المتمدن-العدد: 7532 - 2023 / 2 / 24 - 00:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

سأل أُستاذي ذات مرة عن مدعين الفقر في وقتنا هذا وددت الإجابة في حينها لكني تلعثمت وتخوفت ان يخونني التعبير وفضلت السكوت لكن السؤال استقر في المخيلة منذ وقتها، لهذا ارتأيت ان ارد بالقلم ( لساني الناطق).

هم يا سيدي الفاضل ثلة من المجتمع تفضل أن تتسول على أن تعمل , ليس لعدم وجود الأعمال فهي موجودة لمن يريدها , ولكن لأنها الطريق الأسهل والأوفر دخلا. المشكلة في أساسها هي في كثرة المتصدقين والمتبرعين مما ساعد على تفشي وانتشار هذه الظاهرة الاجتماعية والاقتصادية السلبية : ظاهرة من يأخذون ولا يعطون , من يستهلكون ولا ينتجون , من يبقون على تخلفهم ولا يتقدمون , من يستحلون جهود الآخرين ويبخلون بجهودهم حتى على أنفسهم، لنصبح على اثرها أمام بطالة مقنعة من نوع خطير وفي تضخم مستمر : بطالة قوامها الكثير من البشر ممن فقدوا لياقتهم واستعدادهم ورغبتهم في العمل , ولماذا يعملون والشوارع تمتلئ بالخيرين , أو ممن يحسبون أنفسهم كذلك , غير مقدرين لعواقب هذه السلوكيات على حياتنا.
الانسان انتهازي بطبعه , وما دام أنه قد وجد من يعفيه من هم العمل ومجهوده , فلماذا يرفض والبديل حاضر وسهل ومضمون ومربح . وصلنا إلى النقطة التي تفرض علينا وهي أن نتصدى وبكل حزم لهذه الظاهرة الاجتماعية المدمرة وذلك بتجفيف المنابع التي تساعد على هذا الافساد للناس , وتعديل السلوك وتوفير المزيد من الفرص للقادرين على العمل . لا بد من وقف هذا السرطان الاجتماعي الذي يدمر مفهوم العمل ودوره في بناء حياة الانسان والمجتمع خاصة عندما يحدث كل ذلك في بلد يزخر بالموارد والثروات التي يحسده كل العالم عليها . هذه ليست دعوة لعدم فعل الخير , وانما هي دعوة للاصلاح الذي يضع العقل قبل العاطفة , والصالح العام قبل الخاص .
أتمنى من قلبي أن نتحول بالفقراء في بلدنا من ثقافة الاستجداء الى ثقافة العمل , ومن الاعتماد على الغير الى الاعتماد على النفس بما يحفظ لهم كرامتهم ويوفر لهم سبل العيش الكريم , يحزنني كثيرا ما أراه , وأتساءل : على من تقع مسؤولية احداث هذا التغيير، وأيا من كان المسؤول , فان هذا الوضع لا يمكن أن يستمر على حاله هكذا . هذه الكتل البشرية التي يمكن أن تكون معطاءة ومنتجة حرام أن تترك عاطلة على نحو ما نراه.

#اسراء_حسن (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل