|
عن رغد وسيف الاسلام وجمال
خالد بطراوي
الحوار المتمدن-العدد: 7576 - 2023 / 4 / 9 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيرا ما تحاول وسائل الاعلام العربية " تلميع" أبناء الزعماء العرب من الحرس القديم الذين إنتهوا نهايات مأساوية مروعة فيما سمي جزافا " بالربيع العربي". فيظهر أولاد الرئيس المصري المخلوع في مناسبات اجتماعية وبشكل خاص بيوت العزاء لكبار شخصيات أو أقارب رموز نظام حسني مبارك البائد ويجري تسليط الاضواء على حضورهم بل ويسمحون لأبناء عامة الشعب بالتقاط صور واياهم. كما ويلمع إسم سيف الاسلام ويظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مرتديا الملابس الرياضية ويمارس رياضة المشي أو الركض وخاصة بعد إعلانه رسميا نيته الترشح لرئاسة ليبيا. أما الأنيقة المتألقة دوما صاحبة الفكر القومي، الدقيقة في إنتقاء كلماتها رغد إبنة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين فما زالت أسيرة للشعارات الطنانة الرنانة وتكتب تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي في الذكري ال 76 لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي / القطر العراقي تقول فيها " عراق تشيده الجماجم والدم، تتهدم الدنيا ولا يتهدم" وتعلن في مقابلة معها أنها " قد تترشح مستقبلا لرئاسة العراق". وتبدو الأمور للوهلة الأولى مجرد ضرب من الخيال لا يمكن أن يتحقق بأن يعلو سدة الحكم في بعض بلاد " الربيع العربي" أبناء زعماء الحرس القديم كجمال إبن الرئيس حسني مبارك وسيف الإسلام إبن العقيد معمر القذافي ورغد إبنه الرئيس صدام حسين، إذا يعتقد البعض أن الشعب الذي أطاح بهم سيعود وينتخب ذريتهم. وتجدر الاشارة هنا الى أن الاطاحة التي تمت جراء التحركات الشعبية كانت عفوية للغاية ومردها هذا الكم الهائل من الظلم والطغيان الذي وقع على الشعب على امتداد فترة حكم الحرس القديم في هذا البلد العربي أو ذاك، وعندما حصل هذا التحرك الجماهيري إستفادت منه القوى المعادية للشعوب وقامت باستبدال الحرس القديم بحرس جديد قوامه الأساسي من مرتبات القيادة العسكرية العليا. وبعد إنقشاع غيمة " الربيع العربي" وبعد أن " راحت السكرة وإجت الفكرة" كما يقولون في الأمثال العربية، تبين للجماهير العربية أن البديل الذي تسلم سدّة الحكم لم يكن أفضل من سلفه من ناحية، بل وتعمقت الحروب الأهلية وزاد الفقر وإنتشرت البطالة وأنهكت النزاعات جماهير الشعب وحصدت من أرواحهم وممتلكاتهم ما حصدت وخلفت ذكريات أليمة للغاية مع ما ترتبت عليه من آثار نفسية، لدرجة أن البعض بات يتحسر على " أيام حسني مبارك ومعمر القذافي وصدام حسين". فباتت الأرضية مهيأة لإستبدال حرس " الربيع العربي" بحرس جديد قد يكون عماده بقايا فلول هذه الأنظمة تكريسا للمثل العربي " ما بتعرف خيري إلا لتجرب غيري". لذلك تسمح الأنظمة المسيطرة حاليا لأبناء زعماء الحرس القديم في الظهور مجددا والتحدث لوسائل الاعلام ويدعم ذلك كله قيادة الجيش، ومن دون أدنى شك فإن ذلك يحظى بالدعم والتأييد من دوائر الامبريالية في العالم. لكن حقيقة الأمر أن أبناء الزعماء المخلوعين والذين إنتقلوا جميعا الى رحمه الله لن يكونوا أفضل من آباءهم، فقد تربوا على أيديهم ومارسوا شتى ضروب التعذيب والتنكيل بأبناء الشعب، وسوف يستمرون في أن يكونوا أدوات طيعة بيد الاستعمار وقد يقوم البعض منها إذا ما تصدر سدّة الحكم ببعض الاصلاحات التي هي مجرد ذر للرماد في العيون. إن الركون في الوجدان العربي الى الشخص أو الزعيم " المنتظر" الذي سيحقق الاستقلال الحقيقي ويحقق الرفاهية لأبناء الشعب هو أضغاث أحلام ليس أكثر، فتجربة التاريخ أثبتت كيف تم وأد تجربة اليمن الجنوبي الديمقراطي الذي رفع شعار " من أجل تنفيذ الخطة الخماسية وتحقيق الوحدة اليمنية " فكان هذا الشعار الذي عمل الحزب الاشتراكي اليمني بجد لتحقيقه سببا في إنهيار هذه التجربة الرائدة، إذ لم يكن الخلل في الشعار وإنما في تطبيقه فاستغلت الدوائر الرجعية النية الحقيقية لزعماء اليمن الجنوبي في تحقيق الوحدة اليمنية وتصدر علي عبد الله صالح المشهد الى أن انتهى نهاية مأساوية بعملية اغتيال. خلاصة القول، أعتقد أن غالبية الشعوب التي هربت من "تحت الدلف" أي فترة حكم الزعماء المخلوعين الى "المزراب" أي ما بعد "الربيع العربي" ليست على إستعداد للعودة مجددا لأن يتم صلبها "تحت الدلف" من خلال أبناء حسني مبارك ومعمر القذافي والى حد ما رغد إبنة الرئيس الراحل صدام حسين. إن غدا لناظره .... قريب.
#خالد_بطراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس كل ما يلمع ... ذهبا.
-
إنقلاب عسكري في دولة الإحتلال؟
-
هل تراجع النفوذ الامريكي في العالم؟
-
التقارب الايراني السعودي
-
الحنفيات
-
ما بعد زلزال تركيا
-
الى متى؟ ... والى أين؟ ... وماذا بعد؟
-
أن يأتي متأخرا
-
المبادرة الصينية للسلام في أوكرانيا
-
شذرات حول حراك الدب الروسي
-
اعادة ترتيب الاوراق
-
هل وضعت الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها؟
-
صراع الأضداد
-
دبور في في منو ..... عسل
-
وجعلنا من الماء كل شيء حي
-
هل زلزال تركيا وسوريا ... بفعل فاعل
-
هل عدو عدوي ... صديقي ؟
-
وتلك الايام نداولها بين الناس
-
الحتمية التاريخية
-
الاقطار العربية
المزيد.....
-
تفاعل على فيديو -حديث أخوي- لمحمد بن سلمان وأمير قطر ومراسم
...
-
الصين تدشن أول محطة للطاقة النووية من الجيل الرابع في العالم
...
-
مجددا.. نتنياهو يقدم تصوره للوضع الأمني في غزة بعد الحرب
-
عضو بالكونغرس: الولايات المتحدة شاركت في انقلاب على حكومة من
...
-
مقتل فلسطينيين اثنين وإصابة 3 آخرين خلال اقتحام القوات الإسر
...
-
بعد 14 عاما في السجن.. المحكمة الدستورية في بيرو تأمر بإطلاق
...
-
بايدن: إنهاء الدعم لأوكرانيا جنون مطلق
-
-لخبطة بيروقراطية-.. حكاية واشنطن مع -الإرهابي والزعيم العظي
...
-
لحظة انهيار عمدة مونتريال أثناء المؤتمرالصحفي
-
الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملياته القتالية في قطاع غزة
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|