أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد بطراوي - المبادرة الصينية للسلام في أوكرانيا















المزيد.....

المبادرة الصينية للسلام في أوكرانيا


خالد بطراوي

الحوار المتمدن-العدد: 7532 - 2023 / 2 / 24 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد ما يزيد عن عام واحد على اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية، فقد صحت توقعاتنا في مقالات سابقة قمت بنشرها مفادها أن كافة الاطراف المشاركة في هذه الحرب الطاحنة سواء بشكل مباشر ( روسيا وأوكرانيا) أو غير مباشر ( أمريكا وأوروبا) كانوا ينتظرون من " ينزلهم عن الشجرة".
إذ جاء أعلان الصين عبر وزير خارجيتها "وانغ يي" أن الصين جاهزة للتقدم بمقترح "للسلام بشأن أوكرانيا"، مضيفا في كلمة له خلال مؤتمر ميونيخ للأمن أن "هذه الحرب لا يمكن أن تستمر في الاشتعال.. وحدة أراضي وسيادة جميع الدول سيتم احترامها في اقتراح الصين.. بكين ستواصل العمل من أجل السلام".
وتتضمن المبادرة الصينية 12 بندا تحت عنوان أن "الحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد الناجح لحل الصراع".
ولكن، دعونا نتأمل قليلا هذه البنود لندرك أكثر فأكثر صحة المقولة بأن " السياسة ما هي إلا تعبير مكثف عن الاقتصاد".
جاء البند الأول تحت عنوان " ضرورة احترام سيادة كافة الدول" وينص على أن "جميع الدول متساوية، بغض النظر عن حجمها أو قوتها أو ثروتها"، وأنه يجب تطبيق القانون الدولي بشكل موحد والتخلي عن المعايير المزدوجة".
ومن هنا يتضح أن الصين تضع إطارا نظريا عاما وهي تدرك أن الدول ليست متساوية بل متفاوته في الحجم والقوة والثروة وتتسابق فيما بينها لتحتل الصدارة على كافة الأصعدة وتتسلح لأجل ذلك وتوظف الأمم المتحدة والأدوات الدولية لأجل مصالحها وتمارس وعلى مدار التجربة التاريخية سياسة الكيل بمكيالين بل وأكثر.
وجاء البند الثاني تحت عنوان " نبذ عقلية الحرب الباردة" بالقول أنه "لا يمكن ضمان أمن دولة ما على حساب أمن الدول الأخرى، ولا يمكن ضمان الأمن الإقليمي من خلال تعزيز الكتل العسكرية بل وتوسيعها وأنه من الضروري احترام المصالح المشروعة والهواجس الأمنية لجميع البلدان ومعالجتها بشكل مناسب"، وبذلك تكون الصين محلقة في باب النظربات العامة والعبارات الرنانة إذ أنه بتعارض المصالح تلجأ الدول الى ضمان أمنها الاقتصادي والسياسي والقومي عبر التسلح لضمان التفوق في القوة العسكرية وعلى إستعداد للتحالف " مع الشيطان" لضمان أمنها القومي ومصالحها الاقتصادية.
وتحت عنوان "وقف القتال والصراع" جاء البند الثالث في المبادرة الصينية بالقول أنه " لا رابح في الصراعات والحروب، وأنه يجب على جميع الأطراف التحلي بالعقلانية وضبط النفس، وعدم صب الزيت على النار، وعدم السماح بمزيد من التصعيد وخروج الأزمة الأوكرانية عن السيطرة، مؤكدة الحاجة إلى استئناف الحوار المباشر بين موسكو وكييف في أسرع وقت"، وهذه أقوال تتسم بالعمومية وتصدر عن أي شخص يمارس هواية الكتابة السياسية وليس من مختص محترف.
وحمل البند الرابع من المبادرة الصينية عنوانا يقول " إطلاق مفاوضات السلام " بوصفها " السبيل الحقيقي الوحيد للخروج من الأزمة الأوكرانية، وأنه يجب تشجيع كل الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي وتهيئة الظروف وتوفير منصة لاستئناف المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا" وأيضا فإن هذا المبدأ العام هو ذر للرماد في العيون ومن صنيع هواة الصالونات السياسية ليس أكثر.
وجاء البند الخامس من المبادرة تحت عنوان " حل الأزمة الإنسانية" بالدعوة الى "دعم كل الإجراءات التي من شأنها تخفيف آثار الأزمة الإنسانية، مع التزام العمليات الإنسانية "بمبادئ الحياد والعدالة" وتفادي تسييس القضايا الإنسانية"، فكيف بالله عليكم أن نتفهم ذلك وقد شاهدنا بأمهات أعيننا كيف تعاملت الدول قاطبة وبضمنها الصين مع المساعدات الانسانية لسوريا وتركيا في أعقاب الزلزال الأخير؟
أما البند السادس من المبادرة فقد حمل عنوان "حماية المدنيين والأسرى " من خلال " الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي وعدم استهداف المدنيين والمواقع المدنية، وحماية حقوق الأسرى، معربة عن دعمها لتبادل أسرى الحرب بين موسكو وكييف"، ويأتي هذا أيضا ضمن التصريحات السياسية العامة إذ التزم العالم برمته والصين من بينه الصمت إزاء الانتهاكات المتكررة لاتفاقيات جنيف الأربعة ليس فقط لانتهاك كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب لها وإنما لانتهاكات كافة الدول التي انخرطت في الحروب بعد صدور اتفاقيات جنيف الأربعة (عام 1949) لهذه الاتفاقيات، التي برهنت التجارب التاريخية أنها ظلّت "حبرا على ورق".
أما البند السابع من المبادرة فقد جاء تحت عنوان " الحفاظ على سلامة المحطات النووية" من حيث "الحاجة إلى مواجهة الهجمات المسلحة على المنشآت النووية السلمية مثل محطات الطاقة النووية، ودعت لدعم "الدور البناء" الذي تلعبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تعزيز أمن المنشآت النووية"، مع وقوع الصين هنا في خطأ كبير بحصر عدم إستهداف المنشآت النووية السلمية فقط، بما يعطي تلميحا مبطنا باستهداف المنشآت النووية العسكرية وفي كلتا الحالتين سواء أكانت منشآت نووية سلمية أو عسكرية فإن الدمار سيكون شاملا للبشرية برمتها.
وجاء البند الثامن من المبادرة الصينية تكرارا أو استكمالا للبند السابع منها وتحت عنوان " التقليل من المخاطر الاستراتيجية" حيث دعت الصين الى " عدم جواز استخدام الأسلحة النووية أو شن حرب نووية وإلى مكافحة استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، وضرورة منع الانتشار النووي" وهو أيضا موقف لهواة السياسة وليس محترفيها مع الوعي بضرورة تولد القناعة أن التسلح النووي – حتى تاريخه – وباستثناء حوادث محدودة لم تتحول الى ظاهرة عامة، يوظف " للتلويح بالقوة العسكرية " وليس للاستخدام لأن عواقبه ستكون أيضا وخيمة على الدولة التي تستخدمه.
وبعد ذلك كله وبعد كل هذه البنود الرنانة ولجت المبادرة الصينية في لبّ الجانب الاقتصادي حيث حمل البند التاسع عنوانا هو " ضمان تصدير الحبوب " بدعوة "جميع الأطراف إلى الامتثال لاتفاقية نقل الحبوب عبر البحر الأسود، لافتة أيضا إلى مبادرة التعاون الدولي في مجال الأمن الغذائي التي اقترحتها الصين والتي يمكن أن توفر حلا حقيقيا لمشكلة أزمة الغذاء العالمية. وهنا أفصحت الصين عن أحد أهم الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالأمن الغذائي وعالم المال بتأمين النشاط الاقتصادي التدفقات المالية السلسة.
وفي ذات السياق الاقتصادي جاء البند العاشر من المبادرة الصينية تحت عنوان " التخلي عن فرض العقوبات الأحادية الجانب" حيث أكدت الصين أنها " لا توافق على إساءة استخدام العقوبات الأحادية في سياق النزاع الأوكراني، لأن القيود لا تساعد في حل الأزمة، بل تحدث مشكلات جديدة" وهذا البند أيضا يحمل طابعا إقتصاديا بامتياز يهدف الى ضمان النشاط الاقتصادي العالمي وانسيابية تدفق موارده.
وعزز ذلك كله، البند الحادي عشر من المبادرة بعنوان " ضمان استقرار سلاسة الصناعة والإمداد" حيث دعت الصين الجميع " إلى معارضة تسييس النظام الاقتصادي العالمي واستخدامه كأداة وسلاح" وهي تعي تمام الوعي أن " السياسة ما هي الا تعبير مكثف عن الاقتصاد" كيف لها وهي ترتكز في الفكر الذي تحمله الى "الفكر الماوي" ورائده " ماو تسي تونغ" المقتنع تماما بأنه لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد".
وكللّت الصين مبادرتها بتعزيز البعد الاقتصادي ففي البند الثاني عشر والأخير من المبادرة بعنوان "إعادة الإعمار بعد النزاع" حيث أكدت الصين "استعدادها للمساعدة والقيام بدور بناء في إعادة الإعمار في منطقة الصراع في مرحلة ما بعد النزاع" وهذه مسألة اعتادت عليها الشعوب واختبرتها، فالعجلة الاقتصادية توظف السياسية التي توظف بدورها الحروب لاحداث الدمار والقتل والتشريد فتنتعش تجارة السلاح وتجارة الأدوية والمخدرات وبعد أن تضع الحرب أوزارها ينتعش عالم اعادة الاعمار بكل مكوناته.
خلاصة القول، إن المبادرة الصينية هي "ذر للرماد في العيون" وتصريحات تتسم بالعمومية تريد من خلالها الصين أن تقول " نحن هنا"، وتتسم "بالوسطية" ولا تسمي الأشياء بمسمياتها تحت مسمى " الحيادية" ولذلك كله، ولغيرها من الأسباب فقد ولدت المبادرة الصينية "ميته" ولم تلق تأييدا أو تشجيعا من جميع الأطراف عدا عن الترحيب الدبلوماسي المشوب بالتشكيك في النوايا الصينية من وراء مبادرتها، ومع ذلك تبقى المبادرة خطوة منقوصة " لإنزال من يريد أن ينزل عن الشجرة".



#خالد_بطراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات حول حراك الدب الروسي
- اعادة ترتيب الاوراق
- هل وضعت الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها؟
- صراع الأضداد
- دبور في في منو ..... عسل
- وجعلنا من الماء كل شيء حي
- هل زلزال تركيا وسوريا ... بفعل فاعل
- هل عدو عدوي ... صديقي ؟
- وتلك الايام نداولها بين الناس
- الحتمية التاريخية
- الاقطار العربية
- البرلمانيون العرب
- تحطم المروحية
- النزول عن الشجرة
- كامل الأوصاف
- الكرسي
- استمرار الحرب الروسية الاوكرانية .... ذر للرماد في العيون
- مونديال ... فلسطين
- هل انتهى زيلينسكي؟
- صاروخ بولندا


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد بطراوي - المبادرة الصينية للسلام في أوكرانيا