أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سالم المرزوقي - لولا داسيلفا،قصة رجل قلبه ينبض يسارا















المزيد.....

لولا داسيلفا،قصة رجل قلبه ينبض يسارا


سالم المرزوقي

الحوار المتمدن-العدد: 7541 - 2023 / 3 / 5 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أرسلت منظمة F.A.O للباحث السوداني محمد عبدلله الريح كتابا باللغة الأنجليزيه عن الرئيس البرازيلي لولا داسيلفا (Zero hunger-صفر جوع)،وطلبت ترجمته للغة العربيه.يقول الدكتور السوداني عن الرئيس لولا داسيلفا:
عندما تولى رئاسة دولة البرازيل المحطمه قال عنه رجال الأعمال:
هذا سيأخذ أموالنا وسيأمم أرزاقنا.
وقال عنه الفقراء:
هذا سوف يسرق ليعوض الحرمان الذي عاش فيه.
الكتب والمقالات التي تحدثت عن قصة نجاح الرئيس البرازيلي لا تحصى ولا تعد لدرجة أصبحت تدرس في الجامعات وتحولت نظرياته لمراجع تعتمدها الدول الصالحه لانقاذ شعوبها من الفقر والتبعية،لكن ثمة جوانب منيره في شخصية هذا الرجل العجيب لم يتعرض لها إلا قليلون ولم تأخذ حظها في أغلب ما دوّن حوله.لقد أخذت أغلب البحوث الجانب الاقتصادي والسياسي في مشروع داسيلفا ولم تتعمق في روحه الانسانيه المتجذره التي انتبهت للبعد الثقافي في حياة الناس فكان التعليم والثقافة والمرأة والطفل شغله الرئيسي لبناء مجتمع يطمح أن يكون عادلا وسعيدا.
قبل الخوض فيما نريد تفصيله نود أن ننوّه أن حتى أغلب مثقفي اليسار انخرط في الحديث عن البعد الطبقي والسياسي لمشروع داسيلفا،بل أن بعضه(حتى من رفاقه في حزب العمال البرازيلي) اتهمه بالليبراليه والانحراف عن ماركسيتهم الدغمائية المنغلقه والتي تشبه لحدّ مّا صحف المتدينين والصوفيين.
لم ينتبه حتى رفاقه لبعد نظره واستشرافه المستقبل ووفاءه لمبادئه في العدل والحرية التي من أجلها فكك ماركس بنية رأس المال وفضح جوهره الاستغلالي المعادي للانسانيه. فمن أجل العدل والحرية والسلام،ابتكر التقدميون نظريات وأساليب للمواجهه، ومن أجل تغيير الواقع تبنت الأحزاب الشيوعيه والمنظمات الثورية العنف الثوري والصدام النقابي وجمعيات المجتمع المدني،كل حسب اجتهاده وامكانياته.البعض نجح والبعض فشل والبعض انحرف لكن وبإيجاز التغيير وتحطيم القديم ليس هدفا عشوائيا اعتباطيا بل يستهدف في جديده إعادة بناء حياة الناس ليسعدوا ويعيشوا في سلام وهذا لن يكون إلا بإرساء ثقافة العدل والحرية بروح يساريه عقلانيه بعيدا عن الدغمائيه والتكلس.
من هنا بدأ لولا داسيلفا مشروعه ووافق مكرها على شروط البنك الدولي الظالمه والتي اشترطها على سلفه الرئيس كاردوسو والمتمثله في التقشف ودعم الخوصصه والانفتاح(طبعا من شروط البنك الدولي الرئيسية،رفع الدعم عن المواد الأساسيه وقد فعلها سلفه وجوع الشعب البرازيلي وعمق فقره وبؤسه).هذه الوصفة التى تسمى باطلا اصلاحا لازال البنك الدولي يدمر بها اقتصادات دول العالم الثالث الى اليوم(ملاحظه:هنا اشتد عليه وقع بعض رفاقه في حزب العمال ونعتوه بالليبراليه)،لكن الرجل نقصد داسيلفا كان له رأي آخر وعقله محكوم بديليكتيك عقلاني ينفذ للواقع كما هو وليس كما ورثه من الكتب ويعرف بدقة هدفه الذي يريد دون المرور بالعلامات التي ثبتها من سبقوه وحتموا على كل يساري المرور بها كما يؤدي الراهب طقوس الصلاة.

التقشف:
داسيلفا أمسك التقشف من رأسه(رأس الدوله) وليس من قاعدته(الشعب الفقير) فيقول :"التقشف ليس أن أفقر الجميع بل هو أن تستغنى الدولة
عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء ”
من هنا انطلق في ضبط ميزانية الدوله بالضغط عن كل ماهو رفاهية وظيفيه وأحدث بندا خاصا تحت عنوان الإعانات الاجتماعية المباشره خصص له 0،5% من الدخل الاجمالي القومي يصرف نقدا للعائلات الفقيره وقد غطى 11 مليون أسره أي قرابة 64 مليون فقير وهذا الدعم لم يكن لاشباع البطون الجائعه فقط بل كان مشروطا بحماية الطفولة كما سنرى لاحقا وهنا يدخل ذكاء الرجل ورؤيته لمستقبل شعبه،لأن المنحة عنده ليست صدقة أو رشوة.

الخوصصه:
خطة دعم الاستثمار ودفع القطاع الخاص التي اعتمدها داسيلفا ورفاقه كانت في شكل مقايضه:
الدولة تمنح التسهيلات وتمنح الأراضي أو تؤجرها بأثمان مغريه وتخفض فوائض القروض(كانت فوائض القروض 13،5% وقع تخفيضها دفعة واحده الى 8،5%) .
في المقابل المستثمر يقبل بقانون رفع الضرائب عن الأغنياء وأصحاب الأعمال لدعم ميزانية الدوله ويستثنى منه الفقراء.
وصفة البنك الدولي القاتله كانت عكس هذا برفع فوائض القروض حتى بلغت 13% ورفع قيمة سندات الدوله وهو ما دفع المستثمر لسحب أمواله من الدوره الاقتصاديه الصناعيه والفلاحيه والخدماتيه وتوظيفها في البنوك والسندات لأنها أكثر ربحيه وضمانه(هذا ما تنفذه تونس وبعض الدول الخاضعه لاملاءات الصندوق).
لم تمر السنوات الأولى من خطة داسيلفا إلا وعاد للبرازيل مليون ونصف برازيلي لضخ أموالهم في الدوره الاقتصاديه وجذبوا معهم مليوني مستثمر أجنبي وكل هذا دون المساس بالقطاع العام الاستراتيجي المملوك للدوله لا بيعا ولا تأجيرا،بل وقع إعادة هيكلته واصلاحه وأصبح منتجا ومربحا.

الطفل والأسره:
الطفل في المجتمع البرازيلي مثل دورة مزعجه وخطيره حيث ونتيجة الفقر والبطالة واهمال الدوله يغادر الأطفال مقاعد الدراسه مبكرا لتتلقفهم عصابات الاجرام ويعودوا لأسرهم محترفون للصوصية والعنف وربما الادمان،تلك كانت الصورة في المجتمع البرازيلي.
هنا يتدخل الرئيس داسيلفا ويشترط في ميزانية دعم الفقراء الذي تحدثنا عنه التزام الأسر المدعومة بتدريس أبناءها وعدم مغادرتهم مقاعد الدراسه وتمكينهم من منحه اضافيه لكل تلميذ دون سن 13 سنه مع حد أقصى ثلاث أطفال.
ثمة نقطة سوداء وجريمة خطيره ارتكبها حكام البرازيل وهي الغاء وزارة الثقافه والحاقها بمكتب صغير في الحكومه، استدركها داسيلفا فور توليه السلطه وأعاد وزارة الثقافه ومكنها من ميزانيه محترمه.
اذن جودة التعليم والاحاطة بمرافقه واعادة وزارة الثقافه والزام الأسر وتشجيعهم على معاضدة أطفالهم مكّن الدولة من كسر حلقة الجريمه والأميه وهو عمل رائع بكل المقاييس.

المرأة في فكر داسيلفا:
أروع المشاهد يبدأ شعرا وغزلا رقيقا:
"عندما تمر بجانبي
أشم رائحة عطرك
أقاتل مطارديك
معجبة بك طوال الوقت
اكاد أفقد عقلي
وأنا أتبع خطواتك أينما ذهبت."
(للأسف الترجمه لا تفي بالغرض الفني فيبدو الشعر كسجع سردي)
كان هذا مطلع أغنيه للفنانه الشعبيه والناشطه في حركة السود مارغريت مينيزس التي كانت تجوب البرازيل من أقصاها الى أقصاها تغني لحملة داسيلفا الرئاسيه.
داسيلفا الذي أحبته المرأة البرازيليه وبلغت نسبة دعمها ومشاركتها 51% من أصوات الناخبين جزاء مواقفه الصلبه في الدفاع عن حقوقها ودورها الاجتماعي والسياسي.وأثبتت مدى تشبعه بمبادئ المساوات والتحرر من الذكورية والفكر الاقطاعي المتخلف.
بعد نيل ثقة الشعب في انتخابات سنة 2002 تصدرت المرأة البرازيلية المشهد السياسي بإحدى عشرة حقيبة وزاريه وكان لها دور في نهضة البرازيل وخروجها من المديونيه والتبعيه لدرجة أصبح لها فائض مالي استنجد به صندوق النقد الدولي واقترض من خزينتها لترميم الاقتصاد الرأسمالي المنهار عقب أزمة الرهن العقاري سنة 2008.

ختاما:
يستخق هذا اليساري الأعجوبة الكتابة عنه والتعريف به لاستلهام تجربته وروحه الثورية،ويستخق مساندته وهو يعاني اليوم في ولايته الثالثه من تآمر الحرس القديم والعصابات المخابراتيه التي بلغ بها الحقد حد اقتحام القصر الجمهوري ومبنى البرلمان، وفي الجبهة الأخرى يقاوم لصوص الرأسماليه لتأميم البنك المركزي البرازيلي وإعادة تسييره من طرف الدوله والحد من استقلاليته التي هي وصفة ومخطط صندوق النقد الدولي لوضع يده على مقدرات البلدان الماليه.



#سالم_المرزوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضيه الفلسطينيه من خارج القوس-الثوري-
- تونس ثورة أم ردة وإعادة انتشار للاستعمار؟
- ثورات الفوضى الخلاقه والحلم التوراتي
- لماذا صدرت في حقك بطاقة تفتيش يساريه؟
- تصحيحا للتاريخ وإنصافا لليسار التونسي وبورقيبه
- تونس نحو التأسيس لجبهة وطنيه تقدميه
- قصة الثوره في المنطقه العربيه
- لا يا سيادة الأمين العام
- اليسار وعبير موسي وبورقيبه
- المنحى الفاشي في ثقافة اليسار التونسي
- حالة استرخاء زمن الكورونا
- رساله الى رموز اليسار المفلسه
- مقاومة التطبيع معركة تحرير فلسطين
- الراقصه والطبال في حضرة برلمان تونس
- اليسار قبل كورونا وبعدها
- تونس: ثوره أم مؤامره أم شيئ آخر
- المرأه والتقدم اذا أردنا
- هل قتل محمد مرسي ؟
- ملاحظات حول أزمة اليسار التونسي
- هل تخرج معركة طرابلس عن السيطره ؟


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سالم المرزوقي - لولا داسيلفا،قصة رجل قلبه ينبض يسارا