أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - فاعلية المنجز العربي في مشروع تُشُومِسكي اللغوي















المزيد.....

فاعلية المنجز العربي في مشروع تُشُومِسكي اللغوي


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7537 - 2023 / 3 / 1 - 02:50
المحور: الادب والفن
    


إننا عندما نطالع المنجز المعرفي لـ "نعوم تُشُومِسكِي" نشعر بأصداء عربية متعددة تنبعث من ذلك النموذج الذي قُدِم في قضايا اللغة واللسانيات، هذه الأصداء حقيقية.. وليست مجرد تمحل نحاول أن نثبته أو نؤسس له، فقد أعترف الرجل بذلك شخصيًا عندما قال أنه متأثر جدا بـ"عبدالقاهر الجرجاني"، وغيره من المفكرين اللغوين العرب .
"تُشُومِسكي" يمتلك ناصية اللغة الانجليزية بصورة عبقرية، قدم دراسات في العلوم السياسية والإعلامية مؤسسة بصورة مباشرة على اللغة، بإعتبارها الأداة الأكثر تأثيرًا في الفعل الإنساني، فهو ينظر إلى اللغة بإعتبارها صانعة فكر وحضارة، وعليها تُؤَسس كافة الخطابات والأفكار.
استلهم "تُشُومِسكي" هذه المعاني من كتابات الرواد العرب الأوائل، أمثال: "سيبويه"، "ابن مضاء القرطبي"... وغيرهم في انتاج البنية العميقة والبنية السطحية للغة، ونظرية التوليدية التحويلية .
وهذا يؤكد لنا مدى تأثر "تُشُومِسكي" بالنحو العربي وتأسيس البنية اللغوية العربية في البناء اللغوي لديه، وإن كان بعض الباحثين يرى أن "تُشُومِسكي" لا يعترف بذلك، وإنما يدعي أن ما أنجزه من نظريات في هذا الصدد أنها من بنات أفكاره، إلا أن المتتبع لمشروع "تُشُومِسكي" يدرك مدى " تأثير النحو العربي بطريقة غير مباشرة في نظرية علم اللغة لدى "تُشُومِسكي" التي يعدها من بنات أفكاره، ولم يذكر أي أثر للنحاة العرب في شيء من هذا مطلقاً، [ لذلك فإنا نحاول إبراز ] الخطوط الرفيعة والرئيسة التي تثبت تأثر تشومسكي بالنحو العربي؛ وذلك من خلال اللغة العبرية وترجمتها للغات الأوربية في العصور الوسطى، أو العصر الأندلسي الذي كان يعد العصر الذهبي للغة العبرية. [ وتسليط ] الضوء قليلاً على البنية العميقة والسطحية عند "الجرجاني" ومدى تأثر تشومسكي بها"
هذا الرصد والتتبع لمشروع "تُشُومِسكي" وبيان مدى فضل الحضارة العربية على الحضارة الغربية، قضية ممتدة في كافة العلوم، لذلك فإن رصد هذه الظاهرة من باب بضاعتنا ردت إلينا، وكذلك فإن الطفرات التكونولوجية والتحول الرقمي المريع أعطى مساحة غيرعادية في إدراك كثير من الحقائق التي كان من الصعب إدراكها في الماضي لصعوبة الآليات المتاحة الآن .
إن إطلالة كورونولوجية – علم التسلسل الزمني - على نشأة وفكر "تُشُومِسكي" وعوامل التكوين، توضح مدى تأثيره الكبير بالنحو العربي والطريقة العربية في الكتابة والتنظير، فهو رجل ذو أصول يهودية، وعالم في اللغويات، ورث ذلك عن والده، وفي التاريخ عندما نطالع البعد التأريخي للعلوم اللغوية في أوربا والغرب - الأندلس تحديدًا - نجد أن الغرب أسس قواعده النحوية والصرفية وفق النموذج النحوي العربي، " ولقد كتب تشومسكي رسالته للماجستير عن الصيغ الصرفية في العبرية، والأكثر أهمية من ذلك أن اللغويين اليهود في الأندلس قاموا بكتابة قواعد لغتهم نحوياً وصرفياً على طريقة النحو العربي، فكان النحو العبري صورة طبق الأصل عن النحو العربي، والذي صيغ على هيئة النحو العربي. ومن ثم ترجم إلى اللغة العبرية واللغات الأوربية على أيدي علماء اللغة اليهود في العصر الأندلسي، وكانت اللغة العربية وعلومها من نحو وصرف وبلاغة وغيرها تُد رس بشكل رسمي ومعتمد في جامعة باريس في القرن الرابع عشر، وتسربت هذه المعلومات إلى المدرسة الفرنسية في القرن السابع عشر التي كانت تسمى بالباب العالي (Port Royal) ، وعلم اللغة المنطقي الديكارتي (Cartesian linguistics..)؛ واستفادت هذه المدرسة الفرنسية من النحو العربي ومدارسه والتي تأثر بها تشومسكي كما يعترف بنفسه بها، فتجد في النحو العبري ظاهرة التقديم والتأخير والتأويل والحذف والزيادة وغير ذلك من الظواهر النحوية العربية. وهذه الظواهر اللغوية معروفة لدى تشومسكي وطبقها على اللغة الإنجليزية ووجد لها صدى مدوياً في الآفاق في تلك الفترة الراكدة لغوياً فعمل على إحياء اللغة الإنجليزية، وأحدث زلزاله العربي فيها وأعاد بناءها من جديد من خلال الظواهر النحوية العربية الجديدة عليها. وذلك من خلال التقديم والتأخير والتأويل الذي لم يعرف في النحو الإنجليزي من قبله وجاء به من البصرة بنبأٍ يقين. فعمل على زلزلة النحو الإنجليزي القديم وطبق الظواهر النحوية العربية الجديدة عليهما. وسار على منواله كل لغويي العالم تقريباً عرباً وغير عرب" .
هذه بعض القضايا التي يمكن لنا أن نؤسس ونؤصل لها وفق قواعد علمية عميقة حول كل نقطة من تلك القضايا، ونحدد أبعادها المعرفية والسياقية وتمثلاتها المتنوعة؛ لكننا أردنا أن نسلط الضوء على الفاعلية بين التراث العربي والمعرفة الغربية الحديثة، وأنها أسست وبنت رؤيتها على منجز أمتنا، وتشومسكي يؤكد ذلك، ويعترف مؤخرًا به، وحتى النظرية الكبرى لديه – التوليدية التحويلية – هي أمتداد عربي ، فهناك تقارب بين المفردات ودلالتها التي استخدمها تشومسكي ، مثل البنية العمية والبنية السطحية، يقابلها في النحو العربي (التركيز على الجمل) والنظم والترتيب، وغير ذلك من القضايا كالتمكن من ناصية اللغة، أي القدرة اللغوية، ويقابها تشومسكي بـ (أمتلاك قواعد القول) ، وغير ذلك من الإفرازات التي أخرجها تشومسكي في ثوب جديد .
وختامًا لذلك، فقد أخذ باحثون لغويون عرب في التنقيب عن أصول نظرية تشومسكي، وبحث مدى نقاط الالتقاء والافتراق بينها وبين الدرس اللغوي لدى العرب، وكان من هؤلاء: أستاذنا الدكتور "عبده الراجحي" ، وأستاذنا الدكتور "تمام حسان" ، الذي وازن " بين نظرية النظم الجرجانية والفكر التشوميسكي، فانتابته حيرة في نهاية المطاف؛ لما وجد من تلاقي الأفكار بين الطرفين، مما أدى به إلى الشك والبحث عن السبب، ففكّر في أنه ربما تأثر تشومسكي بـ"الجرجاني"، باطلاعه على كتابه عن طريق مستشرق يتقن العربية، وكذا أباه الذي ربما يترجم له، يقول في هذا الموقف: "لكنني أشير فقط إلى بعض القرائن التي تدل على التأثر دون النقل، فالذي بلغني عن تشومسكي أنّ أباه من رجال الدين اليهود الذين يعرفون العربية معرفة جيدة، ويعرف أنّ نحو اللغة العبرية قد تمت صياغته لأول مرة في الأندلس الإسلامية على غرار نحو العربية.. ومن هنا لابد أن يكون له إلمام بكتب النحو العربي" ، وإلى ذات النتائج ذهب "محمد حماسة عبداللطيف" وغيره من اللغويون وفق الأسباب التي طرحها "تمام حسان" سابقًا .
وهكذا يمكننا القول في نهاية المقال أن ما من قول إلا وله مستند أو قائل قبله، وله تمثلات في التاريخ، وذلك شأن العلوم.. فليس من الضروري أن يوجد المصطلح بالصورة النهائية التي استقر عليها الآن، فتوجد عديد من القضايا اللغوية والأدبية والفكرية في تراثنا ولكن ليست بالصورة النهائية التي تعرف بها الآن، ومن ذلك النظريات التي توصل لها تشومسكي، فمرحلة تشومسكي هي ما تم الاستقرار عليه في تلك القضية، والمراحل الأولى هي مراحل التأسيس والبدء ، وهذه نقطة منهجية هامة في البحث والتنظير، وهذا بخلاف المنهج التفاعلي الذي تكلمنا عنه، فهذه سياق طبعي في تكوين الأشياء .



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجدان وهموم الواقع
- أزمة النقد ونقد الأزمة ابن الأثير وقضية التناص
- الفاعلية بين النصوص
- رقمنة الحياة - الشات جي بي تي- Chat GPT-
- تمائم الموت وعصارة القلب
- تحديات الإيقاع بين الماضي والحاضر
- العتبتات النصية -سلطة اللغة الشعرية-
- أدباء تحت الطبع
- مسارات حركة التجديد في الشعر الحديث
- إيقاع القافية ودلالته الشعرية
- بيني وبين أستاذنا محمد زكريا عناني2
- الرَّيف والخُضرةُ وأحلامُ الطفولة
- أزمة النقد ونقد الأزمة ( ابن الأثير) (1)
- بيني وبين أستاذنا -محمد زكريا عناني-
- هل مات المسرح أم تجاوزه الزمن ؟!!!
- مذكرات السيد حافظ والتقنيات الفنية .
- مذكرات السيد حافظ ورسالية الكاتب
- مذكرات السيد حافظ بإعتبارها وثيقة تاريخية تصنع المستقبل .
- السيرة الذاتية حفريات المصطلح وحدوده المعرفية.
- التوازن التركيبي وعلاقته ببناء الدلالة الشعرية


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - فاعلية المنجز العربي في مشروع تُشُومِسكي اللغوي