أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - تحديات الإيقاع بين الماضي والحاضر















المزيد.....

تحديات الإيقاع بين الماضي والحاضر


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7527 - 2023 / 2 / 19 - 22:47
المحور: الادب والفن
    


وقع على الشيء ومنه يقع وقعا ووقوعًا: سقط، ويقال سمعت وقع المطر وهو شدة ضربه الأرض إذا وبل، والإيقاع: من إيقاع اللحن والغناء وهو أن يوقع الألحان ويبينها، وسمى الخليل، رحمه الله، كتابًا من كتبه في ذلك المعنى كتاب الإيقاع "( ).
إن الإيقاع ناتج عن توازنات في اللغة يمارسها المبدع كلما كان يمارس سلطات غير محدودة على اللغة، "ولقد أدرك الباحثون وثوق الصلة بين الإيقاع الموسيقي وبين الّنظام الذي تسير عليه حركة الجسم و الطبيعة، فللجسم حركات إيقاعية سريعة كالتنفس بما فيه من شهيق أو حركات بطيئة نسبيا، كتعاقب الجوع والشبع و النوم و اليقظة. وفي الطبيعة إيقاع ثنائي يتعاقب فيه الّليل و الّنهار، وإيقاع رباعي تتعاقب فيه فصول السنة. و من هنا قال كثير من الباحثين بأن للموسيقى أصلا عضويًا أو طبيعيًا، ما دامت الحركة الإيقاعية - فيها – ترديدًا لحركات مناظرة لها داخل الجسم الإنساني أو في الطبيعة الخارجية مما يؤدي إلى تكوين ما يمكن أن يسمى بالحاسة الإيقاعية لدى الإنسان، وليس أدل على ذلك من أن أول استجابة للطفل أو للبدائي بإزاء الموسيقى تكون استجابة إيقاعية تتمثل في نوع من الّتمايل أو الرقص البسيط من إيقاع الأنغام"( ).
والناظر في فلسفة الإيقاع يجد نفسه مستحضرًا الصورة التي تؤكد "أن معنى الإيقاع كان قد استعير من الحركات المنتظمة للأمواج هو ذلك ما كان يعلم منذ أكثر من قرن في بدايات النحو المقارن ومازلنا نكرره، و ما هو بالفعل، الشيء الأكثر بساطة وإرضاء لقد تعلم الإنسان مبادئ الأشياء من الطبيعة، وقد ولدت حركة الأمواج في ذهنه فكرة الإيقاع، وهذا الاكتشاف الأساسي مثبت في المصطلح ذاته"( ).
الإيقاع اصطلاحًا :
إننا عندما نتأمل الإيقاع كمصطلح نجد أنه " أكثر المفاهيم غموضًا قديمًا وحديثًا إلى حد أننا لا نجد اليوم تعريفًا واضحًا"( ) له، كما إن النقاد " رأوا فيه معضلة مصطلحًا ومفهومًا ؛لأنه من الأمور التي لا تتحدد بالوصف"( )، إذ أنه يجمع بين "نظام أمواج صوتية ومعنوية وشكلية" ( )، هذه الأمواج" تتابع الأحداث الصوتية في الزمن"( ).ومن ذلك جاءت تعريفاتهم له كالآتي: " ما نسميه إيقاعًا هًو الإعادة المنتظمة داخل السلسلة المنطوقة لإحساسات سمعية متماثلة تكونها مختلف العناصر النغمية"( ).
كما يعرف على أنه: "مصطلح موسيقى ينصب على مجموعة من الأوزان النغم... أما في الشعر فالإيقاع مركب موسيقي يشمل على أزمان غير متساوية وهو الجانب الموسيقي في الشعر"( ).
وينظر إليه على أنه "الشكل الأول للشفوية الشعرية الجاهلية، أي الكلام الشعري المستوي على نسق واحد"( ). وتأسيًا على هذه الفلسفة للشعر أخذ علماء العروض تعريفًا للشعر باعتباره "كلام موزون مقفي"( ). أو هو" الكلام المخيل المؤلف من أقوال موزونة ومتساوية وعند العرب مقفاة" ( ).
حتى يمكن القول " أن أهل العروض مجمعون على أنه لا فرق بين صناعة العروض وصناعة الإيقاع، إلا أن صناعة الإيقاع تقسم الزمان بالنغم، وصناعة العروض تقسم بالحروف المسموعة"( ).
من ذلك يمكنا القول إن الإيقاع هو تلك النقرات الموسيقية التي تحدث في البيت الشعري، " فالإيقاع تقدير ما لزمن النقرات، فإن اتفق أن كانت النقرات منغمة كان الإيقاع لحنيًا، وإذا اتفق أن كانت النقرات محدثة للحروف المنتظمة منها كلام، كان الإيقاع شعريًا"( ).
- التجديد الإيقاعي .
لا يمكن الوقوف على مراحل محددة بالنسبة للتجديد الإيقاعي نستطيع من خلالها القول إن التجديد الإيقاعي بدأ منذ عصر معين بالتحديد وانتهى إلى عصر محدد، وإنما الحقيقة أن عملية التجديد مرت بمراحل متفاوتة، ومساحات متباينة، ولذلك "إن أولى مراحل تطور الشعر العربي، هي الأرجوزة المتطورة عن الجمل المسجوعة، التي تعتمد القافية ، ولكنها غير موزونة، ثم السجع الذي ارتقى إلى بحر الرجز"( ).
حتى جاءت مدرسة الخليل، وفيها" يتم رصد إيقاع النص التقليدي عبر تفعيلات الوزن، وتحديدات قافية البيت الشعري، وهو مكون في النص التقليدي من قالب وزني محدد بشكل مسبق عن بنائه، حيث يتألف من تشكيلات وزنية متساوية العدد ومنتظمة في كل شطر من شطريه، فعمد بذلك رواد الإحياء على تفعيل هذه الخاصة فجعلوا من البيت منطلقًا في بناء نصوصهم، انطلاقًا من كون بنية البيت الشعري المكتملة في النص القديم هي أساس بناء القصيدة فيه، ومن البيت ينطلق الإيقاع بأهم مقوماته في شعرية التقليد وهما الوزن والقافية اللذان لم يعرفا مع الإحياء غير التكرار واستحضار الماضي بأوزانه وأضرابه المختلفة ، فاستنسخ رواد هذا الاتجاه من عمود الشعر كل شروطه بمفهومها التقليدي، وأسسوا قصائدهم عليه، وكأنهم ينظمون شعرًا قديمًا"( ).[ الطويل]
ومن الأمثلة على النموذج التقليدي في الإيقاع .
قال البارودي ( ).
ألا ياحمام الأيك إلفك حاضٌر وغصنك مياد ، ففيم تنوح؟
//5/5 //5/5/5 //5/ //5//5 //5/ //5/5/5 //5/ //5/5
فعولن /مفاعيلن /فعول / مفاعلن فعول /مفاعيلن / فعول /فعولن
هذا البيت " من بحر الطويل الذي ضربه " فعولن " وأصلها " مفاعلن " تعرضت لعلة حذف السبب الخفيف الأخير ،فهي محذوفة ،ويعد هذا البحر من البحور الشعرية الكثيرة الاستخدام في الشعر القديم ، حيث تعد نسبته أرفع نسبة ، كما نلاحظ أن القصيدة المقدمة تحافظ على القافية ذاتها وهي " /5/ 5 - عولن " في كامل القصيدة ، ويعد ذلك اتباعًا لنموذج القصيدة القديمة "( )، وهذا حاضر في النموذج الإحيائي بصورة مباشرة .
ويمكن تمثيل الشكل الهندسي للقصيدة التقليدية بهذا الشكل الهندسي .
.................................. ....................................
................................. ...................................
.................................. ....................................
.................................. ....................................
عند تأمل هذا الشكل نجده "يقوم برصف الوحدات اللغوية في شطرين متقابلين أفقيًا في خط واحد، يفصل بينهما بياض ذو طول محدد؛ ليشكلا نموذج البيت الشعري الذي تتوالى أسفله أبيات أخرى موازية له عموديًا "( ).
وبعد – مدرسة الخليل- توالت مسيرة التجديد، وجاء الموشح الأندلسي بمثابة ثورة وتمرد على القوالب المعهودة التي أسس لها الخليل، وعرفت أنماطًا أخرى كالمواليا، والقوما ، والدوبيت والكان كان، والبند، وهذا الأخير هو الذي يحتاج منا زيادة مساحة من النظر إليه، فهو بمثابة تأسيس للتجديد الكبير الذي حدث للقصيدة العربية في العصر الحديث، والخروج عن القواعد بالصورة الكاملة، وهذ لا يعني " تأخر هذا التجديد الموسيقي بمعناه الحقيقي إلى أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات " ( ).، وإن ما حدث من نازك الملائكة وغيرها إنما كان إكمالًا لما بدأه شعراء البند، "وقد أدى اتجاه الشاعر الحديث والمعاصر إلى وحدة التفعيلة إلى تحول جوهري في فلسفة التذوق الشعري للقصيدة العربية ؛ فبينما كانت القصيدة تعتمد في تذوقها أساسًا على الأذن، اتجهت القصيدة الحديثة من خلال التفعيلة إلى كسر هذا النظام الموسيقي ،وإلى جعل الاعتماد في التذوق على العين أكثر ، وبذلك أصبحت القصيدة الشعرية تجربة معايشة بواسطة القراءة البصرية، بعد أن كانت تجربة إنشاد وسماع ،زيادة على اهتمامها بالشكل الطباعي ،وما يحمله من بياضات وعلامات ترقيم"( ).
ولعل من أبرز العوامل التي أدت إلى التجديد" ظهور مضامين جديدة في الحياة الأدبية المعاصرة من الأسباب التي علل بها الشعراء خروجهم عن أوزان البحور التقليدية، فالمضمون عندهم هو الأساس الذي يتبعه القالب – وليس العكس – وهذه إحدى المميزات الأساسية للشعر المعاصر كما يوضحها ..عز الدين إسماعيل ، وفلسفة الشعر الجديد قائمة على حقيقة جوهرية هي أننا لا نشد المضمون على القالب أو الإطار، وإنما نترك المضمون يحقق لنفسه وبنفسه الإطار، بل إن هؤلاء الشعراء تقدموا خطوة أبعد من ذلك – في مجال تبعية الإطار للمضمون -، فأصبح الإطار عرضهً للتغيير – داخل القصيدة الواحدة – حسب تطور الحالة الوجدانية أو الدرامية داخلها. ويتضح الأمر أكثر ، ويتحد المضمون مع الشكل بكل عناصره بحيث لا يكون هناك أي تواتر بينهما، فكلما يطرأ على المضمون من تطور أو تقلب أو نمو يطرأ على الشكل تغير مماثل في ألفاظه وموسيقاه وصوره، وما يهمنا الآن هو تغير الإطار والإيقاع داخل القصيدة، وهي ظاهرة تتمثل في النسبة، فقد يبدأ قصيدته في إطار السطر الشعري ثم يتحول فجأة إلى الجملة الشعرية التي تمتد سطوراً وتضم حالة انفعالية واحدة لا يستطاع وضعها في سطر واحد"( ).



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العتبتات النصية -سلطة اللغة الشعرية-
- أدباء تحت الطبع
- مسارات حركة التجديد في الشعر الحديث
- إيقاع القافية ودلالته الشعرية
- بيني وبين أستاذنا محمد زكريا عناني2
- الرَّيف والخُضرةُ وأحلامُ الطفولة
- أزمة النقد ونقد الأزمة ( ابن الأثير) (1)
- بيني وبين أستاذنا -محمد زكريا عناني-
- هل مات المسرح أم تجاوزه الزمن ؟!!!
- مذكرات السيد حافظ والتقنيات الفنية .
- مذكرات السيد حافظ ورسالية الكاتب
- مذكرات السيد حافظ بإعتبارها وثيقة تاريخية تصنع المستقبل .
- السيرة الذاتية حفريات المصطلح وحدوده المعرفية.
- التوازن التركيبي وعلاقته ببناء الدلالة الشعرية
- بنية الصورة بين المورث النقدي والبناء اللغوي في ضوء السيمياء ...
- الكناية و الانحراف الدلالي
- أثر حركية التشبيه( ) (analogy)في إثراء الدلالة
- سلطة الثقافة والفكر في عصور الإبداع
- سيميائية الاستعارة
- الصورة و القراءات المنفتحة


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - تحديات الإيقاع بين الماضي والحاضر