أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - أدباء تحت الطبع














المزيد.....

أدباء تحت الطبع


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7524 - 2023 / 2 / 16 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


هذا عنوان لأحد الأدباء الكبار عندما كان في الجامعة طالبًا، ليس من اختياري وتأليفي، وإنما أحببت الاستعانة به، ولعلي أذكر هذه القصة فيما بعد.
الملاحظ للحالة الثقافية وما بها من إفراط في التأليف والكتابة، يرصد هذه الظاهرة بصورة مباشرة، فقد اقتحم الميدان غير رجاله، وامتطى الجواد غير فرسانه، وتقدم من لا يعلم الرواية من الدراية، فكانت النتائج كما هي الآن .
الأدب والنقد أصبحا ميدنًا لكل من شاء وقتماء شاء- كل من هب ودب-، يكتب فيما شاء تحت لافتة الإبداع، وكم اجترىء على ذلك الكثير باسم الإبداع والتجديد والتطوير.
هذا ليس إقصائًا لأحد، لكن عندما يصل الأمر إلى مرحلة العبثية، فالأمر يحتاج إلى التنبيه.
عشرات بل مئات الدواوين تطبع كل عام بأسماء عشرات الشعراء، لا يحفظ منها بيت شعر، ولا تجد فيها ماله قيمة من الناحية الموضوعية أو الفنية، لكن تزبب أقوام قبل أن يتحصرموا، وسلطت عليهم الأضواء .
كذلك عشرات بل مئات الروايات تكتب، غالبها إما منسوخة من الغرب، فتترجم ويتم تمصيرها بصورة ما فقط، أما البعض الآخر فما هو إلا مجرد كتابات سطحية لا تحمل مضمونًا أو رؤية أو غير ذلك... في نهاية الأمر يقال: الروائي الكبير... الكاتب المتفرد وهكذا...
الدراسات النقدية لم تسلم من ذلك فقد دخل عليها التزييف والتقليد المجحف حتى أصبحت مجرد نقل فقط دون تمحيص أو نقد أو رؤية، إنما هي مصطلحات رنانة وعناوين براقة ومضمون خاوي على عرشه.
كل ما عليك في هذا الزخم هو طباعة عدة دواوين أو عدة روايات، بعد ذلك تصبح كاتبًا يشار لك بالبنان، وحتى يكتمل الأمر .. عليك أن ترتب لك مجموعة الندوات ، والتوقعيات واللقاءات مع الأصدقاء ، ويحضر لك مجموعة من الناس، فتتبادلون الأدوار، وهكذا هذا يمدح ، وهذا يصف، وهذا يعلق ، وهذا يكتب دراسة عن ديوان هذا، وهكذا تسير القافلة...
الأدهى من ذلك هو الاتفاق الضمني الحادث بينهم على الكتابة والمناقشة، فإذا كتبت عني فسوف أكتب عنك، وإذا قرأت كتابي فسوف أقرء لك وهكذا ...
الأمر لا يتوقف عند هذا بل يمتد إلى الدراسات الأكاديمية، فهم يرشحون بعضهم بعضًا في الدراسات والرسائل الجامعية، وقد رأيت هذا بعيني، وغير ذلك الكثير...
إزداد الأمر سوء عندما قالت لي بعض الكاتبات أنها غير متخصصة في الأدب والنقد، وإنما مارست ذلك منذ أربعة أعوام، ولها عشرة كتب، والحكم على مثل هؤلاء مفوض للقارىء الفاضل.
يمتد الأمر بعد ذلك إلى حصد الجوائز والمنح والهبات، فإذا تقدمت بكتاب أو رواية أو قصيدة فإن الأمر محسوم سلفًا من سيفوز أو يحصد المركز الأول، وهذا أمر أصبح متعارف عليه .
لا يسعك في هذا الصدد إلا ذكر قصة "تشارل تشبلن" الممثل الكوميدي عندما عقد مسابقة باسمه تحت مسمى ( تقليد تشار تشبلن)، فذهب بنفسه متنكرًا وحصد المركز الثاني، لأن المركز الأول محجوز لابن الملك .
أرى كتابات لبعض الأشخاص عليها إقبال، وكأنها كتابات " الجاحظ " أو "المتنبي"، عندما استمعت لهؤلاء الكتاب وقرأت لهم أيقنت أن هناك وسيط بينهم وهو ( الكاتب الأصلي )، هذا الكاتب المشهور ما هو إلا مجرد شخص مزيف لا أكثر ولا أقل .
الأدهى من ذلك حالة التنكير الكبيرة لأساتذة الأجيال والكتاب الكبار، مما يؤذن بتهميشهم نهائيًا و إسدال الستار عليهم؛ حتى لا يرى الناس ابداعًا حقيقيًا، وتظل البضاعة المزيفة تحتكر السوق.. هذه خيانة ثقافية، وكما قيل:
مساوىء لو قسمت على الغواني لما أمهرن إلا بالطلاق

هذا الكلام وتلك السردية - قد تكون - ليست جديدة عليك أيها القارىء الكريم، فالواقع يشهد بأفضل من عشرات المقالات والورقات البحثية في هذا الصدد .
إن الحالة الثقافية بهذا التوصيف وتلك الأفعال، لن تنتج أي إبداع أو فن أو رؤية أدبية تفيد الإنسان .
حالة كهذه لا ينتج عنها إبداع بحال من الأحوال، فقد ماتت وأوشكت على البعث، فالأدب والثقافة بهذه الصورة سوف تصبح ضمن تراث الماضي والفلكور، وخصوصًا في ظل الأسباب سابقة الذكر.
هذا الكلام يمكن أن يكون ذا قيمة عندما كانت الكتابة محصورة في الدوائر السابقة، ولا يمكن لأحد أن ينفذ إلا من خلالها، لكن الآن أصبح هذا الكلام تحصيل حاصل أو مجرد رصد لظاهرة يعلمها القاصي والداني.
يمكن أن يكون هذا حجة للبعض الذي يقول إننا كتاب مبدعون لكن لم تتح لنا الفرصة، أو حاربنا كثيرا ، و تآمر علينا الآخرون.
الآن وحاليا وقبل بضع سنوات، تم كسر هذه القاعدة، ودخلنا في إطار وسياق جديد يوجه إلى أن الإبداع حق للجميع، وأن الكل يستطيع أن يكتب أو يعبر عن نفسه وعن منجزه المعرفي، وهذا تحد أصعب من الأول، فلم تعد الكتابة والتأليف والنشر حكرا على أحد، فالطفرة التكنولوجية الرهيبة فتحت الباب على مصراعيه أمام الجميع، الكل يستطيع أن يخاطب العالم، ويلتقي بالجمهور أينما كان وحيثما أراد من خلال الهاتف المحمول.
القضية لم تعد وفق الضوابط المعيارية، وإنما امتدت إلى غير ذلك، متأثرة بالسياق القائم حولنا، فالنص الجيد الذي يحمل أبعادًا معرفية مختلفة هو الذي سيبقى وسيخلد في التاريخ، أما الكتابات التي لا تعني بذلك فهي إلى زوال وإن حصدت الجوائز والمقاعد الأولى، والتاريخ خير شاهد على ذلك .
إن الفرصة سانحة.. فللإبداع الحقيقي أن يثبت وجوده، ويزاحم الزيف في كافة الحقول المعرفية، فالعملة الجيدة تطرد العملة الرديئة، والقيمة تخلد أصحابها، بخلاف الثمنية تسقط في حالة وجود البديل، فكما قيل من له بديل لا ثمن له، أما ما له قيمة فلا يمكن شرائه.



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسارات حركة التجديد في الشعر الحديث
- إيقاع القافية ودلالته الشعرية
- بيني وبين أستاذنا محمد زكريا عناني2
- الرَّيف والخُضرةُ وأحلامُ الطفولة
- أزمة النقد ونقد الأزمة ( ابن الأثير) (1)
- بيني وبين أستاذنا -محمد زكريا عناني-
- هل مات المسرح أم تجاوزه الزمن ؟!!!
- مذكرات السيد حافظ والتقنيات الفنية .
- مذكرات السيد حافظ ورسالية الكاتب
- مذكرات السيد حافظ بإعتبارها وثيقة تاريخية تصنع المستقبل .
- السيرة الذاتية حفريات المصطلح وحدوده المعرفية.
- التوازن التركيبي وعلاقته ببناء الدلالة الشعرية
- بنية الصورة بين المورث النقدي والبناء اللغوي في ضوء السيمياء ...
- الكناية و الانحراف الدلالي
- أثر حركية التشبيه( ) (analogy)في إثراء الدلالة
- سلطة الثقافة والفكر في عصور الإبداع
- سيميائية الاستعارة
- الصورة و القراءات المنفتحة
- موسيقى الشعر والقراءات المتعددة
- أزمة النقد ونقد الأزمة


المزيد.....




- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - أدباء تحت الطبع