أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - مذكرات السيد حافظ ورسالية الكاتب















المزيد.....

مذكرات السيد حافظ ورسالية الكاتب


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7516 - 2023 / 2 / 8 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


الكتابة مسؤولية بمعنى ما تدل عليه مفردات هذه الكلمة، وهي بهذا الوصف تعد تعبيرًا حقيقيا عن ضمير المؤلف، وبالتالي فالكتابات المزيفة التي لا تحمل قيمًا معرفية أو أخلاقية هي مجرد كتابات فاسدة مصيرها في نهاية الأمر إلى مزابل التاريخ ، وإن كتب لها الذيوع والشهرة والتداول، فهذه أمور مؤقتة لحظية تسير وفق السياق الذي يحيط بالواقع، كما أن العملات الرديئة يكثر رواجها في أزمنة الانحطاط والفساد، ولا شيء أكثر فسادًا من كاتب أو مؤلف يسخر قلمه لتزيف الحقائق والوعي والحقائق وأساليب أخرى كثيرة في هذا الصدد.
ربما هذا كان هذا متاحًا في الفترات السابقة من القرن العشرين في ظل غياب منابر إعلامية مفتوحة على كافة الأصعدة واحتكار المعرفة والحقيقة، وبالتالي التحكم فيها وإسقاط ما نريد إسقاطه، وترميز من نريد ترميزه؛ لكن الآن أصبح الفضاء متاحًا للجميع، والكل يستطيع أن يعبر عما يقول، ويكتب ما يريد، وبأي صورة يريد، كما نقول من حق المبدع قول ما يريد؛ لكن كذلك من حق المتلقي قبول ذلك أو رفضه، فهذه هي قضية الحاضر والمستقبل.
رسالية الكاتب ليست وليدة اليوم أو الأمس القريب، وإنما هي ميثاق غليظ أخذه الله على أهل العلم فقال: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)[ البقرة: 187].
فهي إذًا شهادة والشهادة لا يجوز كتمانها ، (تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)[ البقرة 283]
إن "السيد حافظ" في مذكراته المليئة بالقضايا يقف معنا وقفة دقيقة يسرد فيها موقفًا عمليًا يوضح فيه رسالية الكاتب و الناقد و المبدع من خلال ما تعرض له مع دكتور عثمان موافي أستاذ الأدب والنقد في مرحلته الجامعية، وكانت القضية تحديدًا بخصوص موقف السيد حافظ من مسرحية "توفيق الحكيم" (أهل الكهف ) وأنها ركيكة وضعيفة من حيث المستوى والتقنيات ، فتسبب له ذلك بالرسوب في المادة ، وفي ذلك يقول: " من هذا الموقف اتضح لي أننا شعب لا يقبل النقد إطلاقا، العظيم "جمال حمدان" قال في كتابه (شخصية مصر) عبارة مذهلة : إن المصري لا يقبل النقد ولا يحبه وإذا واجهته بعيوبه غضب وثار وصال وجال( ).
هذا هو الدرس الغائب في الساحة العلمية برمتها ، الدرس الذي نصر على عدم تعلمه وتفهمه، الدرس الذي تسبب في تأخرنا سنوات ضوئية عن ركب المعرفة في كافة المجالات ، عدم قبول الحقيقة، وعندما واجه "السيد حافظ" أستاذه بعد ذلك في إحدى الندوات بهذا الموقف ، وأنه غير رأيه من النقيض إلى النقيض من أجل اجتياز المادة، هرول " وترك د. عثمان المكان وخرج.. هنا تعلمت الدرس. "( )
هذا لا يقتصر على مجال الأدب والمسرح والساحات الأدبية والنقد،وإنما يمتد في كل جوانب الحياة، ولكل مجال فرسانه، وميدانه، لكن "السيد حافظ" قال ما لم يقله الأخرون.
القضية الثانية : يفرق "السيد حافظ" بين مقولة الكاتب الكبير وبين الإبداع والريادة، فيقول:" الريادة غير الإبداع هذا موضوع آخر، وكلمة الكبير اليوم طرحها الأستاذ "أشرف دسوقي" في حوار : الكبير الكبير ضايقتمونا بهذه الكلمة، ذُبحنا!! قولوا كبير في السن أو كبير المقام في المجتمع كوكيل وزارة على سبيل المثال أو في أي وظيفة كمدير عام وهكذا... لكن كلمة كاتب كبير استهلكت. "( )
الإشكالية الكبرى أننا نضع قواعد تنظرية عظيمة وذات أجراس رنانة وموسيقية ، وفي النهاية لا نلتزم بشيء منها، كأنها كتب لغيرنا، أي عدم الالتزام بالموقف والتحلل من كل شيء.
والنتيجة :" كلنا نحب "توفيق الحكيم" لكن لابد أن ننقد "توفيق الحكيم"؛ فالكتاب ليسوا آلهة، فلنفتح الحوار، لكن لا نصل إلى حد السب واللعن.. أحب "توفيق الحكيم" وأنقد توفيق الحكيم، أحب كل الكبار و أنقد كل الكبار، أحب نفسي وأنقد نفسي واتمرد على نفسي، لا أحب التطاول والتجريح؛ فكل قامة لابد أن يكون لها مكانة، لكن هل بها عيوب؟! نعم بها عيوب فلسنا آلهة، فلنفتح الأبواب للعقلية النقدية فلا توجد ثوابت او آلهة، فلو الكل آلهة وهذه ثقافة فلماذا الشعب والعامة صاروا بهذا السلوك وتدهور الأخلاقيات وازدياد الحوادث و..و..و..و.. ، إذا كانوا هؤلاء آلهة وقدموا... نعم قدموا لكن الأمور تحتاج إلى وجهة نظر أخرى. كل الحب للرواد العظماء وكل الحب للشباب، الشباب يجب أن يحترم الكبار وينقدهم نقدا موضوعيا ويقول ماذا تعلم منه. انا تعلمت من "توفيق الحكيم" ويجب أن نعترف ومن نجيب محفوظ وغيره."( )
ممارسة النقد ليست جريمة، الجريمة هي التغاضي عن الأخطاء عمدًا وقسرًا، وعدم بيان الحقيقة، وتزييف التاريخ للأجيال القادمة. إننا بحاجة لإعادة الإعتبار لقضية تناول المنجزات المعرفية وفق رؤية عملية موضوعية بعيدة عن التحيزات والقراءات المسبقة أو الموقف الأيدلوجي أو الشخصي، نحن بحاجة إلى تفعيل المناهج التي درسناها وندرسها وندرسها لطلابنا في كافة الحقول المعرفية ، بحاجة إلى المكاشفة والشفافية ووقفة حقيقة مع النفس لإظهار الحقيقة وتجاوز الخطأ.

وفي ذلك يقول : " أتكلم اليوم عن أمانة الكلمة وأمانة الضمير لأن الضمير الأدبي إذا إختفى يكون على الدنيا السلام، وعموما إذا إختفى الضمير فعلى الدنيا السلام، والضمير الأدبي إذا إختفى يُفسد الفكر وإذا فسد الفكر فسدت العقيدة وفسد المعنى وفسدت القيمة واختلط الحابل بالنابل وهذه الأيام كثيرا ما نسمع عن اختلاط الحابل بالنابل."( )

ويقول في موضع أخر: " أعتقد أن الأمانة مهمة فمثلا طلب مني تقرير سري عن مستوى المجلة التي كان يطبعها الناقد والمفكر الكبير"مطاع الصفدي" والذي كان قد طلب معونة – وأنا آسف لقول هذا الكلام لأن به أسرارعملي – لكن هذا الكلام مر عليه أكثر من 30 سنة فهو الآن ملك الجميع، كان قد طلب معونة مادية من الكويت فطلب مني "سليمان العسكري" في المجلس الوطني بالكويت أن أكتب تقريرا عنه وأنا بالفعل كنت لا أفهم مقالات "مطاع الصفدي" لكثرة تعمقها وتشابكها ولغتها ولكن للأمانة قلت يجب أن نشجع هذا الرجل لأنه يقدم مجلة مختلفة وأوصيت أن تساهم الكويت بمبلغ مادي وقاموا مشكورين بتنفيذ ذلك؛ لأن الكويت لها اليد الطولي على المثقفين. تعلمت وعلمت واستفدت وأفدت والأمانة هي المقياس الحقيقي لكل مبدع لكل إنسان. كونوا أمناء مع أنفسكم فالأمانة هي التي ستصل بنا إلى بر الأمان." ( )

ومن ذلك يمكننا القول" إن الكتابة عند "السيد حافظ" ليست هدفا في حد ذاته، بقدر ما هي كتابة تهدف إلى تحقيق الفعل الخلاص بتعرية الواقع وتجريده من كل ما يمكن أن يغطي ويخفي حقيقته، مستندا في ذلك إلى كل التقنيات التي تحقق الهدف المنشود، إذ لا يمكنه أن يرضى أبدا بما هو كائن وموجود، لذا كان البحث سبيله الأوحد لتحقيق ما يصبو إليه، ثم إن التجارب التي يقدمها بين الحين والآخر تنم عن إصراره على التغيير، وعلى أن تكون كل مسرحية من مسرحياته ثورة عارمة؛ والثورة لا يمكنها إلا أن تحمل معها رياح التغيير، وقبل حدوث التغيير، توصل الأمور إلى منتهاها وتوضحها بما لا يدع أمامها مجالا إلا للإنفجار الذي يستوجب التغيير كنتيجة حتمية لا مفر منها. يبقـى أن نقول بأن التعرّف على هذا الكـاتب في الحقيقة يكون أكثر باندمـاجنا ومعايشتنا "( )



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات السيد حافظ بإعتبارها وثيقة تاريخية تصنع المستقبل .
- السيرة الذاتية حفريات المصطلح وحدوده المعرفية.
- التوازن التركيبي وعلاقته ببناء الدلالة الشعرية
- بنية الصورة بين المورث النقدي والبناء اللغوي في ضوء السيمياء ...
- الكناية و الانحراف الدلالي
- أثر حركية التشبيه( ) (analogy)في إثراء الدلالة
- سلطة الثقافة والفكر في عصور الإبداع
- سيميائية الاستعارة
- الصورة و القراءات المنفتحة
- موسيقى الشعر والقراءات المتعددة
- أزمة النقد ونقد الأزمة
- -عبدالواحد حسن الشيخ- قراءة في المنجز والرؤية
- أقنعة السيمياء
- قانون الإزاحة
- فلسفة المقهي دراسة في الفلكور الشعبي.
- الجغرافيا السيميائية للمكان، وأثرها في عتبات النص الشعري
- المزيج الثقافي والتواصل الحضاري بين الإسكندرية وغيرها من الم ...
- زكي رستم وعبقرية الأداء قراءة في الصوت والحركة
- سلطة العلامات
- الانزياح التقني ( حوسبة اللغة )


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - مذكرات السيد حافظ ورسالية الكاتب