أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - أزمة النقد ونقد الأزمة ( ابن الأثير) (1)














المزيد.....

أزمة النقد ونقد الأزمة ( ابن الأثير) (1)


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7520 - 2023 / 2 / 12 - 18:31
المحور: الادب والفن
    


يعاني النقد الحديث أزمات متعددة، خاصة العربي منه الذي جل اعتماده على التصورات الغربية، خاصة منذ القرن التاسع عشر، منذ ظهور الحداثة وما بعد الحداثة في النقد الأدبي تحديدًا .
هذا يدفعنا بصورة مباشرة إلى استدعاء النقد القديم حتى نستطيع الوقوف على المساحة المشتركة بين الماضي والحاضر، بين الأصيل والدخيل، ومن ثم هل نستطيع في النهاية القول بأن معظم النظريات الغربية المعاصرة هذه بضاعتنا ردت إلينا أم لا؟
إضافة إلى ذلك يمكن القول : بأن عمليات تعريب الغربي – الأدب والنقد – بحاجة إلى تمحيص، لذلك كانت هذه بداية الوقفة مع المنجز النقدي العربي القديم، والقضايا التي تناولها، وربط ذلك بالنقد الحديث، فجاءت البداية من عند "ابن الأثير" .
دون الوقوف على ترجمة "ابن الأثير" وعوامل النشأة، وغيرها من القضايا المتعلقة بالتكوين المعرفي؛ فهذا ليس موضع ذكرها... ننتقل إلى القضايا التي تناولها "ابن الأثير" في المثل السائر .
أولًا : قضية الإسناد عند "ابن الأثير" في الشعر والنثر.. يرى "ابن الأثير" أنها ليست عيبًا، بل تستحق المدح، وخالفه في ذلك "قدامة ابن جعفر" و"أبو هلال العسكري" وسوف نقف على ذلك عند تناول منجزهم النقدي .
والإسناد هو أن يعتمد الشطر الأول من البيت الشعري على الشطر الثاني،
مثل قول : امرؤالقيس في معلقته :
فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بجوزه وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي بصُبْحٍ وما الإصْباحَ فيك بأمثَلِ

يقول ابن الأثير : " ألا ترى أن البيت الأول لم يقم بنفسه، ولا تَمَّ معناه إلّا بالبيت الثاني!! "
لعل هذه القضية – الإسناد – قريبة في النقد الحديث إلى قضية الوحدة العضوية التي طعن بها " العقاد " "أحمد شوقي" في قصائده، فقال إنها تفتقد إلى الوحدة العضوية، بمعنى أنك يمكنك انتزاع البيت من وسط القصيدة، دون تأثر القصيدة بذلك، فكل بيت في القصيدة وحدة بذاته، وعد هذا عيبًا يفقد القصيدة وحدتها والتراسل في بنائها الفكري، يقول "العقاد" :"القصيدة ينبغي أن تكون عملا فنيا تاما يكمل فيها تصوير خاطر أو خواطر متجانسة، كما يكمل التمثال بأعضائه، والصورة بأجزائها واللحن الموسيقي بأنغامه، بحيث إذا اختلف الوضع أو تغيرت النسبة أخل ذلك بوحدة الصنعة وأفسدها"
وفي موضع أخر يقول : "القصيدة الشعرية كالجسم الحي يقوم كل قسم منها مقام جهاز من أجهزته، ولا يغني عنه غيره في موضعه، إلا كما تغني الأذن عن العين أو القدم عن الكف أو القلب عن المعدة، أو هي كالبيت المقسم لكل حجرة منه مكانها وفائدتها وهندستها ولا قوام لفن بغير ذلك"
هذا المعنى نبه إليه "ابن الأثير" عندما عد الإسناد نوعًا من المميزات التي تعلى قدر القصيدة ولا تنقصها .
ثم أكد ذلك بضرب مثال من القرآن الكريم للتدليل على قوة الحجة في ذلك بقوله تعالى : ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53)﴾.
يقول "ابن الأثير" :" هذه الفقر الثلاث الأخيرة مرتبط بعضها ببعض، فلا تفهم كل واحد منهن إلّا بالتي تليها، وهذا كالأبيات الشعرية في ارتباط بعضها ببعض، ولو كان ذلك عيبًا لما ورد في كتاب الله -عز وجل."
وقد سمى "أبو هلال العسكري" و"قدامة ابن جعفر" ذلك بـ (التمضين المعيب)، في حين اعتبره "ابن الأثير" من المحاسن وأن الكلام يكمل بعضه بعضًا، وأن هذه من قبيل الوحدة العضوية في القصيدة، وهذا الذي انتقده "العقاد" على شوقي في غياب الوحدة العضوية في قصائده متعللا بأنك إذا أردت انتزاع بيت من القصيدة أمكنك ذلك، وهذا يفقد قصائد الوحدة العضوية ... هذه هي القضية الأولى " جعل وحدة النص معيارًا للحكم ".
كما أكد عليها "ابن طباطبا العلوي" و"ابن قتيبة"، وسنذكر ذلك في حينه.
من ذلك يمكن القول إن القضية النقدية الحديثة - الوحدة العضوية - مؤسسة ومركوزة في نقدنا القديم سواء سميت بمسميات مختلفة أو لم تكون بهذه التسمية في تلك العصور أصلا، إلا أن كلام "ابن الأثير" واضح فيها ودقيق، وقد عمد إليه "العقاد" في منهجه في نقد "شوقي"، كما تجدر الإشارة إلى الوعي بعدم الخلط بين (الوحدة العضوية) و(الإسناد) حتى لا يظن المتلقي وقوع ذلك، فكلام "ابن الأثير" أعمق من كونه عن الإسناد فقط.



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيني وبين أستاذنا -محمد زكريا عناني-
- هل مات المسرح أم تجاوزه الزمن ؟!!!
- مذكرات السيد حافظ والتقنيات الفنية .
- مذكرات السيد حافظ ورسالية الكاتب
- مذكرات السيد حافظ بإعتبارها وثيقة تاريخية تصنع المستقبل .
- السيرة الذاتية حفريات المصطلح وحدوده المعرفية.
- التوازن التركيبي وعلاقته ببناء الدلالة الشعرية
- بنية الصورة بين المورث النقدي والبناء اللغوي في ضوء السيمياء ...
- الكناية و الانحراف الدلالي
- أثر حركية التشبيه( ) (analogy)في إثراء الدلالة
- سلطة الثقافة والفكر في عصور الإبداع
- سيميائية الاستعارة
- الصورة و القراءات المنفتحة
- موسيقى الشعر والقراءات المتعددة
- أزمة النقد ونقد الأزمة
- -عبدالواحد حسن الشيخ- قراءة في المنجز والرؤية
- أقنعة السيمياء
- قانون الإزاحة
- فلسفة المقهي دراسة في الفلكور الشعبي.
- الجغرافيا السيميائية للمكان، وأثرها في عتبات النص الشعري


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - أزمة النقد ونقد الأزمة ( ابن الأثير) (1)