أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هيراقليطس وديمومة التغيّر














المزيد.....

هيراقليطس وديمومة التغيّر


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7519 - 2023 / 2 / 11 - 18:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٥١ - هيراقليطس

وهناك بالضرورة علاقة مباشرة وغير مباشرة بين الفترة الزمنية المضطربة والظروف السياسية والإجتماعية التي عاصرها الفيلسوف هيراقليطس وبين بروز أفكار وتصورات فلسفية جديدة. وفي هذه الفترة كان هم هيراقليطس هو التأكيد على فكرة "التغيّر" وعدم الثبات والتحول من صورة إلى أخرى ومن مادة إلى نقيضها، وذلك ردا على التصور البارمينيدي الذي يقول بالسكون والثبات وعدم التغير. هيراقليطس لاحظ الأشياء والأحداث والظواهر وأكتشف عملية التغير الدائمة والمستمرة، فقال بكل بساطة بأن الأشياء والكائنات في حركة أبدية دائمة، وأنه لا يمكن للإنسان أن يستحم في نفس النهر مرتين. بل أن أحد معاصريه، كراتيل، قال بأنه يستحيل على الإنسان أن يستحم في نفس النهر ولو مرة واحدة، لأن النهر في تغير مستمر ولا يمكن أن يثبت ولو في لحظة معينه، بمعنى أن النهر يكون ولا يكون في نفس اللحظة. وتعتبر هذه النظرة الجديدة لفكرة الكينونة ردا مباشرا على بارمينيدس الذي كان يقول بأن الأشياء تكون أو لا تكون. وبذلك يمكننا اعتبار بارمينيدس وهراقليطس اثنين من مؤسسي علم الوجود أو الأنطولوجيا. مؤرخوا الفلسفة بشكل عام لم يحددوا بالدقة ما إذا كان بارمينيدس يرد على هيراقليطس أو أن هراقليطس هو الذي كان يرد على بارمينيدس، وموضوع من كان يرد على الآخر يتغير بدوره بإستمرار حتى الآن، حسب البحوث والدراسات وتراجم النصوص المتوفرة.
وقد اكتملت رؤية هيراقليطس من خلال التزامه الكامل بفلسفة وحدة الأضداد، وهو قسم من أقسام الفلسفة الجدلية ـ مشيرًا إلى أن «الطريق إلى الأعلى والطريق إلى الأسفل هو نفس الطريق». وقد نظّم من خلال هذه الفلسفة جميع المعطيات الموجودة على شكل أزواج من الخواص المتعاكسة والمتضادة، حيث لا يجوز على الإطلاق لأي كيان أن يوجد بحالة واحدة في وقت واحد.
والعنصر الأساسي الذي ينظم هذه الحركة الأزلية المستمرة لا يمكن أن يكون سوى عنصر النار، بإعتبار خصائصها ومقوماتها الطبيعية في الحركة والنمو وقدرتها على تحويل كل الكائنات وتغيير طبيعتها. وقد كان هيراقليطس مهتما كما سبق القول بتحليل الظواهر والمفاهيم المتناقضة ودراسة العلاقة بين الحياة والموت، الحرب والسلم، الحب والكراهية، الخلق والتدمير وبقية القائمة الطويلة من الأضداد التي تتصارع وتواجه بعضها البعض في مجمل الكينونة بما في ذلك داخل الإنسان ذاته وفي العلاقات البشرية في المجتمع.
أعتبر هيراقليطس عنصر النار أساس الكينونة، بدلا من الماء أو الهواء أو الطين والتراب، وذلك بإعتباره الوجود في صيرورة دائمة، ويحمل في ثناياه كل المتناقضات والأضداد التي ينفي ويلغي بعضها البعض، وتنتقل الأشياء من ضد إلى آخر بدون توقف، وهذا السيلان المستمر، هذه الصيرورة هي طبيعة العالم كما هو، ولولا هذا الصراع المتواصل داخل الكائنات وداخل الإنسان نفسه، لظل العالم ساكنا ميتا لا حياة فيه. وتتمثل هذه الصيرورة الديناميكية في صورتين أو عنصرين يتفق أغلب الناس على أنهما يمثلان النمودج المثالي للتقابل والتناقض الأقصى، وهما عنصري الماء والنار. جريان الماء وعدم إمكانية إختزاله في حجم أو شكل مادي ثابت يعتبر في نظر هيراقليطس تعبير مطلق عن فكرة التغير المستمر، الإنسان لا يمكن أن يغتسل في نفس النهر مرتين، لأن الماء الذي يكوّن النهر في جريان دائم ولا يمكن أن يتوقف عن الحركة وإلا لتحول النهر إلى بركة. بالإضافة إلى أن النفس البشرية حسب فلسفته الأخلاقية، هي مزيج من هذين العنصرين الماء والنار، وتمثل النار الجانب الإيجابي المضيء أو الخيّر، بينما الماء يمثل الجانب المظلم والرطب والوضيع. ويرى أن النفس التي رجحت فيها كفة النار نفسا "جافة" وهي أحكم النفوس وأشرفها، بينما النفس الرطبة المبللة هي نفس ثملة وحقيرة. ويبدو أنه كان يكن عداء لديانة ديونيسوس التي كانت شائعة في عصره " لكن هادس هو بعينه ديونيسوس، الذي يجنّون جنونا في تكريمه والذي في سبيله يقيمون عيد براميل الخمر".
يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلسوف الغامض
- عقلنة الميثولوجيا
- الفجوة
- بين التوحيد والحلول
- كزينوفان
- المدرسة الإيلية
- العقل اليوناني
- لا يعرف مصلحة الأغنياء سوى الأغنياء
- نهاية النبي المحزنة
- ترنيمة لأبوللون
- العودة للماضي
- الدروب الوعرة
- نهاية الرحلة
- الأعداد الصماء
- العدد الذهبي
- الثقوب
- فيثاغوراس والكابالا
- الأعداد في نظام فيثاغوراس
- الطريقة الفيتاغورية
- التصوف، بين الدين والفلسفة


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هيراقليطس وديمومة التغيّر