أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - فيثاغوراس والكابالا














المزيد.....

فيثاغوراس والكابالا


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7483 - 2023 / 1 / 5 - 13:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
38 - فيثاغوراس والكابالا اليهودية

ولا شك في الدور الكبير الذي لعبته التأثيرات الخارجية المتعددة الناتجة عن سنوات الترحال الطويلة لفيثاغوراس في الشرق، ولا سيما تأثير الحضارة البابلية التي كانت تعطي للأعداد خصائص وأسرارا تتعلق بالوجود عامة. ذلك أن فيثاغوراس قد تلقى علمه الأول في ساموس، على يد هيرموداموس الذي علمه أشعار هوميروس، الإلياذة والأوذيسة، ثم بدأ في دراسة الروح وخلودها وتعلم التقاليد الأورفية، وعلى يد أناكسامنذريس تعلم أسس الرياضيات. ولمّا كانت مصر في ذاك الزمان هي مركز العلم والمعرفة، فقد انتقل إليها عن طريق فينيقيا حيث بقي كما تقول الأسطورة، إثنين وعشرين عاماً تلقّى خلالها المعرفة على يد كهنتها، وتعلم أسس المعرفة الباطنية السرية.. وقيل أن معلِّموه نقشوا على ساقه "الغصن الذهبي" لأوزيريس. في ذلك الحين، في نهاية إقامة فيثاغوراس على أرض مصر، كان غزو الملك الفارسي قمبيز Cambyse II - Καμϐύσης لمصر وحسب رواية هيرودوت بأنه عندما عاد قمبيز من حملته الفاشلة لغزو النوبة أصابته لوثة عقلية وفقد التمييز بين أصدقائه وأعدائه، وبدأ يرتكب الكثير من االفظائع فى "مصر"، فقد إضطهد رجال حاشيته من الفرس كما إضطهد رجال الدين والمعابد وإحتقر ديانة البلاد وعقائدها ونفي العديد من الكهنة المصريين، وفي جملتهم فيثاغوراس، الذي نفي إلى بابل حيث قضى اثني عشر عاماً، تفتَّحت أمامه فيها آفاق معرفية جديدة، فتعرَّف إلى كهنتها واطَّلع منهم على ما تملَّكوه من علوم والتقى، على حدّ ما يقال، بـمن يسمى زاراتاس الذي يرى فيه بعضهم النبي زرادشت نفسه. ومن بابل عاد فيثاغوراس إلى ساموس، ليواصل رسالته، ولكن دعوته لم تلق هناك آذاناً صاغية، فلم يطل الإقامة فيها وغادرها إلى كروتونا في جنوب إيطاليا حيث أسس مدرسته المشهورة والتي فصلنا الحديث عنها سابقا.
ومن المحتمل أنه في هذه الرحلات العديدة ألتقى بالفكر اليهودي المتعلق بالتصوف والروحانيات الكابالية. كانت الكابالا وسيلة وبرنامجا متكاملا لنقل الحقائق السحرية والمفاهيم الدينية وأسرار الطبيعة والأفكار الكونية وكذلك بعض الحقائق التاريخية من جيل إلى آخر، بطريقة باطنية مغلفة بالأسرار والمعاني الخفية، مما جعل الوصول إلى هذه التعاليم حكرا على مجموعة من المتخصصين في هذه العلوم وغير مفهومة للمبتدئين. واليهود يعتقدون منذ القدم بوجود كلمة مقدسة من شأنها أن تعطي للإنسان الذي يكتشف طريقة نطقها الحقيقي مفتاح كل العلوم الإلهية والإنسانية. هذا الاسم المقدس هو التيتراغرام yōḏ (י), hē (ה), wāw (ו), hē (ה). تشكل هذه الأحرف الأربعة الاسم المقدس الذي لا يسمح النطق به YHWH في التقليد العبري القديم والذي حل محلة إسم Adonaï - אדני في التوراة، بمعنى سيدنا أو مولانا.
من الواضح أن هذا الاسم هو إٍسم رمزي، لأن هذه الأحرف الأربعة لا تشكل أي كلمة عبرية حقيقية، ومع ذلك فإن الصلاحيات المنسوبة إلى هذا الاسم حقيقية إلى حد معين؛ يُقال إنه يسمح بسهولة بفتح الباب الرمزي لتابوت العرش l’Arche- الذي يحتوي على مجموع كل علوم العصور القديمة، وهو تابوت العهد أو تَابُوتَ الشَّهَادَة أوتابوت الرب عند اليهود والمسيحيين وتابوت السكينة عند المسلمين. وهو التابوت الذي حُفظت به ألواح العهد التي أعطاها الله لموسى وفقاً للتراث اليهودي. وهذا التابوت وُضع داخل قدس الأقداس بالهيكل وهو مطلي بالذهب ومزين بإطار من الذهب. وفي الترتيب الكوني للقوى النشطة أو الروحية ، يحتوي Tetragram - أي هذه الحروف الأربعة - أيضًا على مفتاح فهم Sephiroth، والذي يتوافق إلى حد ما مع التسلسلات الهرمية الروحية التي تميز العقيدة الصوفية اليهودية المعروفة باسم "الكابالا" وهي العشر قوى إبداعية التي تتدخل بين الله اللامتناهي المجهول "عين سوف" وعالمنا المخلوق، وهو ما بيّناه سابقا بالتفصيل في الجزء المتعلق بالتصوف اليهودي.
جمع فيثاغورس، خلال رحلاته إلى مصر وفلسطين وخاصة في الهند، جوهر تعاليم ومعارف السحر والتنجيم، لنقلها لبلاد اليونان، ولكن كان عليه أن يقدمها في أشكال تناسب العقلية الخاصة لبيئته، والتي أظهرت حتى ذلك الحين ميولًا ملحوظة نحو تنمية الجانب العقلي المتمثل في نمو وإزدهار الفلسفة وأفول الأورفية وديانة ديونيسوس. لذلك، لم يكن هناك ما هو أكثر ملاءمة لتعاليمه من الرمزية العددية والهندسية للقوانين الأساسية للطبيعة ومبادئها الروحية لهذا الغرض، وقد وجد الحل في الرمزية الكابالية المتعلقة بالأعداد ومعانيها الباطنية.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعداد في نظام فيثاغوراس
- الطريقة الفيتاغورية
- التصوف، بين الدين والفلسفة
- الطريق المسدود
- دكتاتورية القانون
- خصائص الآلهة
- الديانة اليونانية
- الموت والعدم
- الفن وضرورة العدم
- العقل العرضي
- العقل العدمي
- الثورة المستحيلة
- عقل الزواحف
- العقل بين الأرض والسماء
- الإله البارد
- الوجود بين الواقع والخيال
- الإله اللامنتمي
- تعايش العلم والخرافة
- المثلية وحقوق الإنسان
- مفارقة العقل والإيمان


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - فيثاغوراس والكابالا