أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - نهاية الرحلة














المزيد.....

نهاية الرحلة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7492 - 2023 / 1 / 15 - 20:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٤١ - قرب النهاية

لا يجب أن يغيب عن الذهن أن الهدف من هذه السلسلة من المواضيع المتعلقة بالفلسفة عموما والفلسفة اليونانية بالذات ليس إعادة كتابة تاريخ الدين أو الفكر اليوناني ولا الفلسفة اليونانية، وإنما الهدف من ذكر بعض المحطات والوقوف عندها هو محاولة تتبع فكرة ما نسميه اليوم بالعدمية وعلاقتها بالواقع La réalité ابتداء من هذه الفلسفة الأولية حتى يومنا الحاضر ومحاولة الإحاطة بهذا الموضوع بالنظر إليه من عدة جوانب كما هو واضح في المقالات السابقة.
فبينما كان طاليس وغيره من أوائل الفلاسفة يبحثون عن أصل الأشياء ومصدرها في المادة، كان فيثاغوراس يبحث عن هذا الأصل في الشكل وفي العلاقات "العددية" بين الأشياء. بعد إكتشافه لقوانين العلاقات الموسيقية، وإرجاعه الأصوات إلى علاقات عددية متتالية منتظمة، وبعد أن افترض وجود هذه العلاقات والنتائج المتتالية المنظمة والظاهرة في الكواكب نفسها، كان لا بد له من أن يجتاز جسرا جديدا يقوده إلى الفلسفة ليكتشف قانون "الوحدة" العام. فأعلن أن هذه العلاقات والنتائج المتتالية العددية المنتظمة توجد في كل مكان، وأن العامل الجوهري الأساسي والذي يوحد العالم في كل شيء هو العدد ذاته. ورغم إقتناعه بوجود عدة عوالم - وهو الذي يحكى عن قدرته على الظهور في عدة أماكن مختلفة وفي وقت واحد ـ إلا أنه هناك عالما واحدا فقط يتمتع بالواقعية والحقيقية والوحدة. فهناك عالـَم الأشياء أو العالـَم العادي الذي نعيش فيه والذي ندركه بالحواس، عالم الأشجار والأحجار والبشر والحيوان وكل ما هو مادي وملموس. وهناك بالمقابل عالم آخر أكثر تجريدا ولا يمكننا إدراكه بحواسنا من السمع والبصر واللمس إلخ، وهو ما يسمى بعالم الفلسفة النظري، أو عالم القوانين والثوابت الذي يدركه العقل. وفيثاغوراس يذهب إلى أن هذا العالم العقلي هو وحده العالم الحقيقي الدائم، لأن النواحي الأساسية الدائمة لأي شيء هي ما يوجد بين أجزائه من علاقات عددية ، بل أن الجسد ذاته ما هو إلا علاقة رياضية أو نسبة متوازنة بين أجزاءه وعناصره، والصحة الجسدية هي توازن هذه العلاقات.
بطبيعة الحال هذه النظرة المثالية للواقع تقود في أغلب الأحوال إلى نوع من التشرد الذهني أو التصوف الميتافيزيقي، وقد انطلقت صوفية فيثاغوراس التي استقاها من مصر وبلاد الشرق الأدنى - رغم أن هذه التصورات كانت حاضرة في الثقافة اليونانية قبل ذلك ـ من فكرة أن النفس أيضا مجرد عدد ويمكن أن تسمو لتتحد بالله. فقال إن النفس تنقسم إلى الشعور، والفهم والتعلم، والعقل. فالشعور مركزه القلب، والفهم والعقل مركزهما المخ؛ ويرى أن الشعور وإمكانية التلقن من صفات الحيوان والإنسان على السواء، أما العقل فيختص به الإنسان وحده، وهو خالد لا يفنى. وتمر النفس بعد الموت بعدة مراحل للتطهير في الجحيم Hades، تعود بعدها إلى الأرض وتتناسخ في جسم جديد، ثم في جسم آخر، وتمر في سلسلة من التناسخات لا تنتهي إلا إذا تمكن هذا الإنسان في إحدى هذه الحيوات من العيش حياة فاضلة منزهة عن أي نوع من الشرور والمحرمات. وكان فيثاغوراس في مرات عديدة يدعي أن روحه قد تقمصت هذا الجسم أوذاك من أجسام الشخصيات الأسطورية أو التاريخية، كجسم البطل يوفوربوس Euphorbus؛ وإنه يذكر بوضوح مغامراته في حصار طروادة، وإنه قد تعرف في هيكلها في أرجوس على الدرع الذي كان يلبسه في تلك الحياة االمليئة بالبطولات والمعارك في ظل آشيل وهكتور وباريس. ويقال أنه سمع مرة عواء كلب كان يضربه شخص ما، فقام لإنقاذه متعللا بأنه قد تعرف من عواء الكلب على صوت صديق له ترك الحياة الدنيا منذ فترة قصيرة.
ويبدو أن هدف وغاية الحياة في النظام الفيثاغوري هو أن تستقر الروح في شكل ثابث وتتخلص من العودة والتقمص. والسبيل إلى ذلك هو ما حدده فيثاغوراس في تعاليمه وسماه "الفضيلة" أي ائتلاف الروح مع نفسها ومع الله. ومن الممكن الوصول إلى هذا التآلف وهذه الوحدة الحلولية بواسطة نوع من الرياضة النفسية والروحية المكونة من خليط من التأمل وممارسة الطقوس. وكان الفيثاغوريون يستخدمون أيضا الموسيقى للوصول إلى حالة الوجد والإلهام الصوفي، كما كان يستخدمها كهنة اليونان وأطباؤهم لشفاء الاضطرابات العصبية.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعداد الصماء
- العدد الذهبي
- الثقوب
- فيثاغوراس والكابالا
- الأعداد في نظام فيثاغوراس
- الطريقة الفيتاغورية
- التصوف، بين الدين والفلسفة
- الطريق المسدود
- دكتاتورية القانون
- خصائص الآلهة
- الديانة اليونانية
- الموت والعدم
- الفن وضرورة العدم
- العقل العرضي
- العقل العدمي
- الثورة المستحيلة
- عقل الزواحف
- العقل بين الأرض والسماء
- الإله البارد
- الوجود بين الواقع والخيال


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - نهاية الرحلة