أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العودة للماضي














المزيد.....

العودة للماضي


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7496 - 2023 / 1 / 19 - 12:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٤٣ - العودة على الأعقاب

بينما كان الأيونيون ما زالوا يحاولون تسلق الدروب الوعرة لبداية التفكير العقلي ومواصلة المسيرة نحو قمة الجبل، كانت هناك في نفس الوقت محاولات أخرى لإيقاف المسيرة والرجوع إلى الوراء، حيث في جزيرة الدوران ألأولى، نلتقي بإسم آخر، قاد الفلسفة اليونانية في طريق جديد، طريق حاول فيه العودة إلى الوراء، إلى الطقوس والمعتقدات الأورفية والروح الصوفية القديمة. فيثاغوراس كون طريقته الدينية في كروتونا في جنوب إيطاليا، حوالي سنة ٥٣٠ قبل الميلاد، وفي هذه الفترة، كان هذا النوع من "الطرق" شائعا في اليونان، مع الفرق بأن حركة فيثاغوراس كانت مفتوحة ومتاحة للنساء وللأجانب، رغم وجود تعاليم سرية خاصة للمريدين والمطلعين كما كان الحال مع الطرق الأورفية. والكثير من المعتقدات المنسوبة للطريقة الفيثاغورية، كانت في الحقيقة معتقدات شعبية منتشرة في اليونان وإيطاليا مثل فكرة إنتقال الأرواح بين البشر والحيوان، أو تناسخ الأرواح، وكذلك بعض المحرمات التي تنسب للمدرسة مثل تحريم أكل الفول والفاصوليا واللحم اوالكلام في الظلام وتحريم صور الآلهة على الخواتم أو تحريم التضحية بديك أبيض، هذه كلها كانت معتقدات شعبية عامة ولا علاقة خاصة لها بفيثاغوراس تحديدا. الفيثاغورية إذا كانت طريقة دينية وسياسية هدفها نشر أفكار دينية وأخلاقية عن طريق الفلسفة العملية والسياسة في نفس الوقت. ويمكن ملاحظة أن الفلسفة في هذه المرحلة من الطريق، توقفت وأستدارت على أعقابها، وعادت من رحلتها الطويلة نحو السماء والنجوم والطبيعة الكونية، عادت إلى الخرافات الروحية، وإلى الإنسان ذاته ومحاولة تنظيم حياته الداخلية ومعتقداته الدينية والسياسية وفرض نوع من العلاقات المنظمة والمتناغمة بين المواطنين. وافترض أن الجسد ما هو إلا سجن للروح التي يجب أن تتحرر من هذا الثقل المادي، رغم أن التفرقة بين الروح والمادة ما تزال غامضة وتفتقر للوضوح. وقد تأثر كما سبق أن وضحنا، ليس فقط بالديانة الأورفية ولكن أيضا بالفكر الشرقي البابلي والثقافة المصرية وبالكابالا اليهودية، مما جعله يتبنى نظرية الأعداد وفكرة الإنسجام والتوازن بين الأشياء. ولمعرفة الأشياء يجب الوصول إلى أوصافها الأولية والعدد هو الصفة المشتركة لكل الكائنات، فالعدد هو أساس ومصدر كل ما يكون. وكان لأعضاء هذه الجماعة الصوفية ممارسات تتفق ونظرتهم الروحية والإجتماعية، ويبدو أنه يغلب على حياتهم العملية التقشف والبساطة والإبتعاد عن الترف، وكانوا نباتيين يقدسون كل ما هو حي، وقد حرموا أكل البقوليات كالفول والفاصوليا، لأنه داخل الفلقتين يوجد الجزء الجنيني والذي في نظرهم يشبه الجنين البشري. وكانوا يقدسون أيضا الأعداد بوصفها مصدر الإنسجام الطبيعي في الكون. ونتيجة إهتماهم البالغ بالأعداد والأرقام فقد توصلوا إلى بعض الأفكار النظرية المهمة مثل مفهوم "الوحدة" رغم كونه مجرد مفهوم رياضي. وقد نتج عن هذا التصور مفهوم التضاد وثنائية الوجود عموما بين المحدود واللامحدود وكل ما ينشأ عن هذا التعارض. ذلك أنهم قسموا الأعداد إلى أعداد فردية وأعداد زوجية، والعدد الفردي هو محدود لأنه لا يمكن قسمته إلى إثنين، بينما العدد الزوجي فيمكن قسمته فهو اللانهائي واللامحدود. وقد صنفوا نتائج هذا التعارض في عشرة أنواع ، والعدد عشرة هو العدد الممتاز والمتكامل: المحدود واللامحدود، الفردي والزوجي، الوحدة والتعدد، المستقيم والمنحني أو المتعرج، المذكر والمؤنث، النور والظلمة، المربع والمستطيل، الخير والشر، الساكن والمتحرك، وأخيرا اليمين واليسار. ومن مبدأ التعارض والتضاد هذا توصل الفيثاغوريون إلى مبدأ صدور "الكثرة" من "الوحدة"، وهذا ما سيرفضه فيما بعد بارمينيدس فيلسوف الثبات والسكون وفيلسوف الكينونة رغم تأثره ببعض أفكار فيثاغوراس. ثم طبّق الفيثاغورين نظرية الأعداد على العناصر التي فرضوا أنها بالضرورة ستتطابق مع الأشكال الهندسية المنتظمة، المكعب يقابل التراب، المثلث أو الشكل الهرمي يقابل النار، والمثمن المنتظم يقابله الهواء، والشكل ذو العشرين وجها المنتظم فيقابله عنصر الماء، أما الشكل الكامل المنتظم ذو الإثنى عشر وجها، أكمل الأشكال المنتظمة، فهو يمثل العنصر الخامس والذي يحتوي العناصر الأربعة السابقة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدروب الوعرة
- نهاية الرحلة
- الأعداد الصماء
- العدد الذهبي
- الثقوب
- فيثاغوراس والكابالا
- الأعداد في نظام فيثاغوراس
- الطريقة الفيتاغورية
- التصوف، بين الدين والفلسفة
- الطريق المسدود
- دكتاتورية القانون
- خصائص الآلهة
- الديانة اليونانية
- الموت والعدم
- الفن وضرورة العدم
- العقل العرضي
- العقل العدمي
- الثورة المستحيلة
- عقل الزواحف
- العقل بين الأرض والسماء


المزيد.....




- تشييع جثمان شاب فلسطيني قتله الجيش الإسرائيلي في الضفة الغرب ...
- أطعمة مزودة بنكّهات مدخنة متهمة بالتسبب بـ-السمية الجينية-
- صافرات الإنذار تدوي في سيدروت بعد هجوم صاروخي لـ-القسام- على ...
- -حزب الله-: استهدفنا انتشارا لجنود الجيش الإسرائيلي ‏بصواريخ ...
- مقتل فلسطيني في مخيم بلاطة بنابلس
- بالفيديو.. طائرة مسيّرة تابعة لكتائب -القسام- تسقط قذيفة على ...
- رويترز: مقتدى الصدر يستعد للعودة للحياة السياسية
- -حماس- تدين تصريحات لبايدن زعم فيها أن إنهاء حرب غزة مرهون ب ...
- المنامة.. تواصل التحضيرات للقمة العربية
- -القسام- تفجر منزلا مفخخا بجنود إسرائيليين هربوا إليه في عمل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العودة للماضي