أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - غزل البنات؛ فيلم الكوميديا الخالد















المزيد.....

غزل البنات؛ فيلم الكوميديا الخالد


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 7512 - 2023 / 2 / 4 - 12:28
المحور: الادب والفن
    


1
نجيب الريحاني ( 1889 ـ 1949 )، هوَ عبقري الكوميديا، لا يكاد يُقارن به عالمياً سوى شارلي شابلن. هذا الأخير، أفرغ إبداعه في السينما، وعلى عكس الريحاني، الذي أخذ المسرح جل اهتمامه. قدّم الريحاني في مسيرته الفنية ثلاثة وثلاثين مسرحية، قام بنفسه على كتابتها وإخراجها وبطولتها. كما وأسهم في مجال الأوبريت، من خلال " العشرة الطيبة "، تأليف محمد تيمور وتلحين سيد درويش. بعد وفاته، تحولت الكثير من مسرحياته إلى أفلام؛ منها " حسن ومرقص وكوهين ". كذلك أعاد فؤاد المهندس تمثيل أهم مسرحيات الريحاني، وكانت سبب شهرته مع النجمة شويكار. مشاركات الريحاني السينمائية، انحصرت في عشرة أفلام، أهمها: " أحمر شفايف "، " أبو حلموس "، " لعبة الست "، " سلامة في خير "، " سي عمر "، " غزل البنات ". الأعمال الثلاثة الأخيرة، دخلت في قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
" غزل البنات "، المنتج عام 1949، شهد وفاة الريحاني قبل إكتماله. لكن الفنان الكبير، أنور وجدي، مخرج الفيلم، أعاد مونتاج أحد المَشاهد لكي يبدو وكأنه المشهد الأخير في الفيلم. في " غزل البنات "، تجلت ليست فقط موهبة الريحاني الكوميدية، بل وأيضاً قدرته على الأداء الرومانسي؛ بحيث هز مشاعر المُشاهدين وانتزع دموعهم. أكثر لقطة مؤثرة، كانت بكائية الريحاني أثناء أداء محمد عبد الوهاب لأغنية " عاشق الروح ". ويُقال، أن الريحاني قدّم المشهدَ بهذا التأثير النادر، وذلك على خلفية حادثة شقيقه الأصغر، الذي كانت آثاره قد فقدت ولم يُعرف مصيره أبداً.
ليلى مراد، الفنانة العظيمة، لعبت بدَورها في " غزل البنات " أهم أدوارها السينمائية قاطبةً، وأدت فيه بعضاً من أروع أغانيها. هيَ أيضاً، أظهرت موهبتها في الكوميديا جنباً لجنب مع المشاهد ذات الطابع الرومانسي. لعل أهم تلك المشاهد، لما أدركت على حين فجأة أنّ أستاذها مغرمٌ بها، وذلك بسبب سوء فهم ناتج عن إيحاءات بريئة من قبلها. جدير بالذكر، أن شقيقها، الملحن منير مراد، كان مساعد المخرج في فيلم " غزل البنات ". وقد تجلت بصماته، خصوصاً، في أغنية " الحب جميل "، التي بدأتها ليلى مراد بمداعبة أوتار الغيتار فيما لحن المقدمة ينساب بعذوبة.
أنور وجدي ( 1904 ـ 1955 )، يعد من أهم نجوم الفن السينمائي في عقد الأربعينيات ومنتصف عقد الخمسينيات. فضلاً عن كونه ممثلاً، قام بالإخراج والتأليف والإنتاج. كان قد بدأ مسيرته الفنية على المسرح، بأدوار صغيرة وبتشجيع من يوسف وهبي. ثم اتجه وجدي للسينما، ليتفرغ لها تماماً منذ أواسط عقد الثلاثينيات؛ ومن ثم أطلق عليه لقب " فتى الشاشة الأول ". في عام 1945، تولى وجدي إخراج فيلم " ليلى بنت الفقراء "، وذلك عقبَ وفاة كمال سليم، المفترض أن يتولى المهمة. النجاح الكبير للفيلم، شجع أنور وجدي على متابعة العمل بالإخراج. كان الفيلم من بطولة ليلى مراد، فما لبثا أن كوّنا ثنائياً في ست أعمال أخرى ومن ثم تزوجا. بالرغم من حياة أنور وجدي القصيرة، فإنه ترك إرثاً من سبعين عملاً سينمائياً، دخل ستة منهم في قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
" غزل البنات "، كان فيلم العمالقة. فعلاوة على النجوم، الذين ذكرناهم تمثيلاً وغناءً وإخراجاً، نجد فنانين مهمين كانوا في بداياتهم؛ كهند رستم والفرنسية داليدا وفريد شوقي وزينات صدقي ونبيلة السيد، الذين ظهروا بأدوار مساعدة أو كومبارس. الفنان الكبير سليمان نجيب، أدى دور الأب الباشا بطريقة طريفة رائعة. ودَور الشرير، المعتاد، كان من نصيب الفنان القدير محمود المليجي. عميد المسرح، يوسف وهبي، ظهرَ في دَور مؤثر لكي يحل عقدة حبكة الفيلم. وهذا ما يقال عن أداء فنانين آخرين، كفردوس محمد وعبد الوارث عسر واستيفان روستي.
بديع خيري، المسهم في كتابة الحوار، معروفٌ أنه شكّل ثنائياً مسرحياً مع نجيب الريحاني. ومن المهم بالطبع الإشارة لمدير التصوير، عبد الحليم نصر، الذي أبدع في تقديم مشاهد الفيلم. أما المونتاج، فتعهده كمال الشيخ، وسيصبح مستقبلاً من أهم المخرجين المصريين.

2
شارة فيلم " غزل البنات "، مترافقة مع موسيقى شجية لمحمد عبد الوهاب، حال كافة مشاهد وأغاني الفيلم. الشارة، تُظهر طريقاً يشق الحديقة المترامية الأطراف لقصر الباشا، والذي ما لبثت ابنته، ليلى ( الفنانة ليلى مراد )، أن تقطعه خبباً على ظهر الخيل مع صديقاتها فيما كانت تقدم أول أغاني الفيلم.
المشهد التالي، يُستَهل بدخول سكرتير الباشا ( الفنان عبد الوارث عسر ) إلى صالون القصر، ليخبر كبير الخدم ملهوجاً بأن ابنة الباشا الوحيدة قد رسبت في إمتحان اللغة العربية. يطلب من المربية ( الفنانة فردوس محمد ) أن تبلغ الباشا بالخبر، لكنها ترفض ذلك وتقول أنها مهمته كسكرتير. هذا الحوار، كان للدلالة على هيبة الباشا، وخلقه الصعب. ثم تنتقل الكاميرا إلى الحديقة، لنجد الباشا ( الفنان سليمان نجيب ) معتلياً إحدى الأشجار وهوَ يقوم بتقليمها بوساطة مقص كبير. يتلقى بامتعاض كبير خبرَ رسوب ابنته، فيطمأنه السكرتير بأنه يعرف أستاذ لغة عربية، يُمكن جلبه لإعطاء دروس خصوصية للفتاة. لم يكن هذا الأستاذ سوى المدعو، حمام ( الفنان نجيب الريحاني )، الذي سيظهر فيما كان يعطي الدرس لفصل بنات صغيرات. منذ الوهلة الأولى، يُدرك المُشاهد نبلَ وإنسانية ونزاهة هذا الإنسان، فضلاً عن طرافة طبعه وظرفه. لكن مدير المدرسة، كان له رأي آخر في الأستاذ حمام، فيطرده من الخدمة بحجة أنه لا يُظهر شخصية قوية أمام التلميذات.
من أجمل المشاهد الكوميدية في الفيلم، مرافقة السكرتير للأستاذ حمام إلى القصر كي يُقابل الباشا. إذ بسبب ما أبداه السكرتير من رهبة، إزاء مقابلة الباشا، فإن حمام سيقع في سوء تفاهم وراء الآخر. في البداية، ظن أن كبير الخدم هوَ الباشا. بعدئذٍ وقف بخشوع أمام موظف يجر كلباً، ليتوهم أيضاً من هيئته الفخمة أنه الباشا. لكن الموظف، يخبره أنه معيّن فقط لخدمة الكلب ولا يحصل سوى على ثلاثين جنيهاً في الشهر. يعلق حمام بالقول: " أما أنا فلستُ أكثر من أستاذ لغة عربية، أقبض سبعة جنيهات في الشهر بعد خدمة ثلاثين عاماً في التدريس! ". ثم تنزل ليلى إلى الصالون، فاعتقد حمام هذه المرة أنها خادمة نظراً لبساطة ملابسها. لكن هوَ ذا الباشا، يظهر أخيراً في الصالون، وكان حمام قد أمسى لوحده هناك. من ملابس الحديقة، التي يكتسي بها الباشا، ظنه حمام البستاني، فتكلم معه على سجيته. هذا أغضب الباشا، وكان قد أزمع على طرده من القصر، عندما ظهرت ليلى مجدداً لتهمس في أذنه شكّها بأن الرجل سرق إسورة من الماس، سبقَ ونسيتها في الصالون. لكن تظهر براءة حمام سريعاً، ويتم تعيينه كأستاذ خاص.
براعة مخرج الفيلم ( وهوَ أيضاً مؤلف القصة والسيناريو )، تبدت في عرض تلك السلسلة من مواقف سوء الفهم، التي وقع فيها حمام في بداية حلوله في قصر الباشا. لأنها كانت بمثابة تمهيد، لسوء الفهم الأساس، المشكّل عقدة حبكة الفيلم: توهُمُ الأستاذ حمام أن تلميذته، ليلى، وقعت في حبه؛ بالرغم من فارق العمر الكبير بينهما، فضلاً عن التفاوت الطبقي.
ابنة الباشا، كانت تحب أستاذها حقاً، ولكنها اعتبرته بمثابة صديق، يُمكن أن تثق فيه. أغنيات الغرام، التي كانت تُسمعه إياها، لم تكن موجهة له مثلما توهم. فإننا منذ البداية، نراها تنفرد بجهاز الهاتف كي تتحدث مع شخص اسمه أنور، تبثه كلمات العشق اللاهبة.
سوء الفهم، كان أيضاً نصيبَ الأستاذ حمام، لما أسرت إليه تلميذته يوماً بأنهما يجب أن يهربا من القصر ليلاً. يرفض الفكرة أولاً، لكنه ما عتمَ أن وافق عليها مدفوعاً بولهه بالفتاة. هكذا تضعه بجانبها في السيارة، لتقوده إلى كباريه في مركز المدينة. هناك، يُصدم حمام حينَ يرى ليلى تندفع للقاء الشخص، المدعو أنور ( الفنان محمود المليجي )، وتسميه بالحبيب. لكنه يستعيد رباطة جأشه، على أثر سماعه حواراً بين العشيقة السابقة لأنور وشيف الكباريه. لقد فهم منهما أن أنور معتاد على التغرير بالفتيات، ليستولي على مالهن ومجوهراتهن. أما بالنسبة لليلى، فإنه يطمع بالزواج بها لأنها وريثة الباشا الوحيدة.
عندئذٍ يتدخل حمام لإنقاذ ليلى من الرجل المحتال، فلا يكون نصيبه سوى إنكارها ومن ثم طرده من الصالة. يعاود المحاولة باستماتة، ويفشل كل مرة. إلى أن أبصرَ بشاب عليه هيئة الطيارين المدنيين ( الفنان أنور وجدي )، كان ينتظر سيارة أجرة. يحمله حمام على القبول بمرافقته إلى الكباريه، بصفته " ابن عم " ليلى. هذه الأخيرة، تذعن أخيراً لمشورتهما بعدما تأكدت بنفسها من خداع أنور. في السيارة، يبدأ الطيار بمغازلة ليلى. عند ذلك أجبرها حمام على النزول من السيارة، وبغية التخلص من المنافس الجديد يطرق باب فيلا مجاورة لقصر الباشا. هناك يحلون في ضيافة الفنان يوسف وهبي، الذي يُقدَّم في الفيلم باسمه الحقيقي وبصفته كعميد للمسرح. من حوارية بين الثلاثة، يبدأ سوء الفهم بالزوال. لكن ليلى كانت قاسية، عندما قالت للمضيف مومئة إلى حمام: " هل أنا عمياء كي أعشق رجلاً بسن والدي؟ ". ينتهي الفيلم، باقتناع الأستاذ حمام أنه ليسَ أهلاً لليلى، ومن ثم يبارك حبها للطيار الشاب.
ملاحظة أخيرة، تتعلق بقيام الرقابة بحذف حوالي ربع ساعة من فيلم " غزل البنات ". المشهد المحذوف، يصوّر الأستاذ حمام حين كان يهم بتسلق الشرفة، المؤدية لحجرة نوم ليلى وكان الوقت ليلاً. يبدو أنه التقى عندئذٍ بلص، كان ينوي سرقة الفيلا، فيجري بينهما حوارٌ ما؟
مثلما سبقَ لي أن ذكرت في مقالاتي، التي تتعلق بأفلام واقعية؛ كيفَ أنها تتعرض كلها تقريباً للتشويه والتشويش والقص، علاوة على الحجب عن الفضائيات وموقع يوتيوب !!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المومياء؛ الفيلم المصري الفريد
- العزيمة؛ فيلم الريادة الواقعية
- ليلة ساخنة؛ إغتصاب آمال الغلابة
- تمصير الروايات الأجنبية: تيريز راكان
- المشاكل النفسية، سينمائياً
- عادل إمام وظاهرة التحرش الجنسي
- مخرج الفظائع
- شيخ المخرجين
- باب الحديد: الأبله مهووساً جنسياً
- سواق الأوتوبيس: الإنسان والضباع الضارية
- من أفلام الجريمة: الطاووس
- الأديب والإدمان
- المقارنة المستحيلة
- العار؛ الوجه الجميل لتاجر المخدرات
- ايقونة السينما المصرية: محمد خان
- عصر الذئاب؛ تجارة وعذرية وجريمة
- العرّاب؛ مأثرة الفن السابع
- الدّرج
- كما رواه شاهد عيان: الخاتمة
- كما رواه شاهد عيان: الباب الثامن


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - غزل البنات؛ فيلم الكوميديا الخالد