أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الدّرج














المزيد.....

الدّرج


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 7151 - 2022 / 2 / 1 - 00:59
المحور: الادب والفن
    


ما يزيد عن الثلاثة عقود مضت، لأجدَ نفسي مرةً أخرى في الوطن.
حال وصولي للحارة، لفتَ نظري أن دكان الرجل الطيب، " أبي خالد "، ما يزال على حاله بالرغم من التصاقه بإحدى الأبنية الحديثة، التي قامت على أنقاض البيوت القديمة. لكن لدهشتي، ظهر الرجلُ وهوَ بكامل صحته، وكان يتكلم مع آخرين من خلف السدّة الخشبية. حييته من مكاني، ثم ارتقيت الدرجة الأولى كي أعانقه بحرارة الحنين. بيد أنّ الدرجة الثانية كانت من العلو، أن أرضية الدكان أضحت بمستوى صدري.
" سامحك الله، يا أبا خالد! الإنسان، ابتكرَ الدرجَ لكي يسهّل تنقله لا لكي يعيقه "، خاطبته معاتباً. هزّ الرجل رأسه، المشتعل فيه الشيب، وأجابني بمرارة أنّ الذنب يقع على متعهدي الأبنية، الجشعين. تركته مشغولاً مع زبائنه، ومضيتُ مستغرباً من عدم سؤاله عن غيبتي كل تلك الأعوام. عندما هممتُ بدخول الزقاق، لفتَ نظري محل حلويات على الناصية، شبيهاً بأمثاله في مركز المدينة. تلمظتُ شفتيّ وأنا أتنقل بعينيّ بين أرفف واجهة المحل، المحتفية بأطباق من الكنافة والبقلاوة. كان المحل مكتظاً بالزبائن، فارتأيتُ أن أجلسَ قليلاً على كرسي في مدخله ريثما تخفّ الحركة. بعد قليل، وضعتُ على الكرسي كيساً يحتوي بعض الأغراض ومخطوطة رواية أنجزتها مؤخراً، ثم خطوتُ إلى داخل المحل. ثمة كانت امرأة شابة، شقراء وفارعة القوام، تتكلم مع الزبائن وهيَ ترطن باللهجة الشامية. فكّرتُ أنها امرأة روسية، ولعلها قرينة أحد خريجي الإتحاد السوفييتي السابق.
" هل أجد لديكم معمولَ العجوة؟ "، سألتُ المرأة. نظرتَ إليّ ملياً، وكأنما أشتبهت أنها تعرفني، وما لبثت أن أشارت إلى أحد رفوف المحل: " لقد نفدَ طلبك ". تركتها تجادل امرأة مسنّة، كانت تشكو بأن طبق الحلوى، الذي اشترته قبلاً، قد وجدت فيه الفول السوداني بدلاً عن الفستق الحلبي. إذ أجفلتني فكرة مباغتة، عن مخطوطة الرواية، ما جعلني أعود أدراجي لمدخل الدكان. فوجئتُ بأن المخطوطة مرمية على الأرض، والكيس ما فتأ بمكانه على الكرسي. أخرجني من ذهولي سماع صوتٍ أليف، خاطبني من الخلف: " بابا، هل سننتظر هنا طويلاً؟ ". كانت ابنتي الصغيرة، غير المتجاوزة سنواتها الثلاث. أمسكت بيدها، لأتجه إلى صدر الزقاق، أينَ يقوم منزل الأسرة.
في صعودنا المرتفعَ الهيّن عند منتصف الزقاق، ارتقينا درجاً أنيقاً لا بد أنه أنشيء في فترة إشادة الأبنية الحديثة. ولكن، هاهي الدرجة الأخيرة تجبرني على الوقوف طالما أن ما يليها كان سداً من الإسمنت بارتفاع قامتي تقريباً. حائراً، التفتُ حولي محاولاً عبثاً إيجاد ممر آخر. في اللحظة التالية، ظهرَ ثلاثة فتية تلوح على وجوههم علامات الشقاء وكأنهم متشردون. سألتهم عن طريقة للخروج من المأزق، فأجابني أحدهم وبسمة مسمومة على شفتيه: " سننزل نحن إليك كي نساعدك ". قبضتُ على يد ابنتي، متراجعاً إلى الخلف وقد طغى عليّ رعبٌ شديد مع هذه الفكرة: " على الأغلب أنهم فتية منحرفون، يقطعون طريق السابلة لسلبهم وربما لقتلهم أيضاً! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كما رواه شاهد عيان: الخاتمة
- كما رواه شاهد عيان: الباب الثامن
- كما رواه شاهد عيان: الباب السابع
- كما رواه شاهد عيان: الباب السادس
- كما رواه شاهد عيان: الباب الخامس
- كما رواه شاهد عيان: الباب الرابع
- كما رواه شاهد عيان: الباب الثالث
- كما رواه شاهد عيان: الباب الثاني
- كما رواه شاهد عيان: الباب الأول
- كما رواه شاهد عيان: مفتتح
- كما رواه شاهد عيان: تقديم
- مدخل إلى عصر الرعب: الخاتمة
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثاني عشر
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج الحادي عشر
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج العاشر
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج التاسع
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثامن
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج السابع
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج السادس
- مدخل إلى عصر الرعب: البرج الخامس


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الدّرج