أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الجزء العاشر من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة















المزيد.....


الجزء العاشر من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 7491 - 2023 / 1 / 14 - 20:29
المحور: الادب والفن
    


***

- سيكون حفلا كبيرا ، الطلبة سيحضرون من جميع انحاء مصر . لا نجعلهم يستغلون
قيمة الحدث لصالحهم و . . يفرغوه من قيمته الوطنية .
- لازم تبليغ اصحابنا ومن نعرفهم في كل مكان . . أن يحشدوا معهم من الطلاب
لمجيء الاحتفال – لا نترك لهم الفرصة ، فالمال الذي انفق من السفارة
والدعوات التي وجهتها لمختلف السفارات من انحاء العالم والشخصيات رفيعة
المستوى ل . . لتجيير عيد استقلال الجنوب للنظام البوليسي في الشمال .
- نعم ، وصلنا الخبر من زملاء لنا في جامعات مختلفة من مصر . . أن فروع اتحاد
الطلبة اليمنيين غير المعترف به . . التابع لجهاز الامن الوطني والاخوان
المسلمين . . قد نشروا وعلقوا اعلان توفير وسائل وطرق النقل مجانا . . ذهابا
للطلبة اليمنيين لحضور الاحتفال الكبير لذكرى 30نوفمبر1967م مع اقامة
ليومين والعودة وصروف جيب ، وستعلن اماكن النزول والاقامة للأفراد يوم السفر .


من الاسبوع الثاني من شهر نوفمبر دبت حركة مشتعلة النشاط بين اوساط الطلبة اليمنيين – لم ترى لها اثرا . . منذ وصولك الى القاهرة – نقاشات ساخنة مليئة بمشاعر التحدي التضامني بين مجاميع التيارات اليسارية والقومية . . أن يفوت الحدث عن استثماره لحساب النظام العسكري القبلي للشمال – كما رأيناه من قبل وبشكل دائم . . يحيل الحفل من قيمة الحدث الذي من اجله لينسب بالشعارات والقصائد والخطابات الجزلة لتمجيد الرئيس ونظام حكمه ، ذلك لعدم وجود سفارة للجنوب ، اخرى بين التابعين للنظام الحاكم والامن الوطني . . في كيفية اغراق الاحتفال بالطلاب الموالين والمغرر بهم من البسطاء – سيكون عيبا في وجوهنا وسنحاسب عليه . . إن لم نجعل كامل الحفل بين ايدينا – انفقت مبالغ طويلة وسيحضر الحفل وفود عالي المستوى من مختلف انحاء العالم – لازم حجب أية هتافات واصوات معارضة منددة بالنظام او تعمل على تشويهه امام الدبلوماسيات الحاضرة – ثالثة كانت تظهر جدالات القذف والتشنيع والاتهامات بين المجاميع من الطرفين . . حين يتصادف التقاؤهم وقتها في مبنى الرابطة أو الشارع الذي يقع مبناها فيه ، أو في امتداد الدقي والطريق النازل إلى كوبري النيل – كانت الزيارات السريعة لشقة الدقي لا تنقطع نهارا وليلا من الطلبة اليمنيين من مختلف الجامعات المصرية في القاهرة و . . من الوافدين من المحافظات الاخرى القريبة والبعيدة ، وغالبا عند عدم وجودنا من بعد الخامسة عصرا . . اكون معهم في زيارات لمساكن طلابية اخرى – كنت حاضرا في النقاشات الدائرة ، وتحديدا في اجتماع عقد في مسكننا ، تبين لي أن منهم من قيادة الرابطة المعروفين بالجناح الوطني – التي كانت تضم في رأس قيادتها بأغلبية عددية من يسمونهم بالمخبرين – بينما البقية يمثلون قوة دفع مساند من طلبة الماجستير والدكتوراه . . ذوي العلاقات الواسعة النشطاء وذوي الجرأة في العمل والمواقف – كان اللقاء يحضره ما لا يقل عن ثمانية اشخاص – لم يكن خلويا حزبيا . . بل تجمعا طلابيا ذات هم وطني عام – كان الراجحي وفكري اضافة لسهيل وعلي سعيد وخمسة اخرين اربعة منهم من الاسكندرية ومحافظات اخرى وواحد من عين شمس يقطن في مصر الجديدة – جميعهم كانوا من طلبة الدراسات العليا – تحدث لي الاخير بعد احتضانا مليء بالود والاهتمام . . اتصلت أسأل عنك اكثر من مرة . . عندما علمت بوجودك عند سهيل ، كنت غير موجود ، واخر اتصال من وقت قريب خبرني علي سعيد وسهيل انك انتقلت للإقامة في الدقي مع الشباب – تذكرته جيدا ، فقد حضر الى مجلسنا اليومي مرات متقطعة متباعدة الفترة خلال الاربع سنوات قبل مغادرتي صنعاء ، في بيتي الواقع جوار جامعة صنعاء من جهة كلية الآداب ، كنا نلتقي فيه يوميا اصدقاء المجموعة ، وكانت مكتبتي تحتوي عشرة الاف كتاب من كل التخصصات والاتجاهات ، تضم من امهات كتب الفكر اليساري والتحرري والادب العالمي – عبدالكريم قاسم . . أتذكر اسمه ، وسيما ودودا مثقفا يساريا ، بكل ثقة بنا عرف نفسه كمبعوث من الجبهة الوطنية يدرس درجة الدكتوراه في الخارج ، وانه لم يكشف عن نفسه الا لسمعة مجموعتنا ومجلسنا . . الذي وصل صيته حتى لمن هم في الخارج ، وابلغنا بأنكم شخوص تحضون بالثقة . . من الجنوب والحركة الوطنية – كان مجلسنا يحضر إليه في اوقات متفرقة غير منتظمة في الاجازة الصيفية عادة والشتوية نادرا . . تحضر اعدادا من الطلبة الدارسين في الخارج ، من البلدان الاشتراكية الاوروبية وروسيا وكوبا ومن الدول العربية سوريا ومصر ونادرا من لبنان ، غالبيتهم في الفترات الاخيرة من البكالوريوس والماجستير ومرحلة الدكتوراه – كان قاسم الاكثر تذكرا عند ثلاثتنا الاساسيين من المجموعة ، بفعل عقد جلسات تضمنا لوحدنا . . تطول وقتها من الثالثة عصرا وحتى العاشرة مساءا ، كان يجري حديثا جديا ومسئولا مكشوفا بيننا – مثله اخر اسمه جميل الاديمي . . الذي اخبرنا انه مرسل من قيادة الحزب في الجنوب للتحدث معنا وحمل تقرير يلزم ايصاله بما وصلنا إليه – لم يترك شيئا في نقاشاتنا . . حتى على الصعيد الدولي . . وبكلام مسئول – غاب عني انه كان متواجدا في القاهرة ، فما علق في ذهني ظنا انه ممن كانوا في روسا او اروبا الشرقية – كان لقاء الدقي مشحونا بالانفعال والتوتر المتحفز لطاقة عمل مواجه لاحتواء قيادة المخبرين في الرابطة الطلابية ووفد من رئيس وممثلين عن قيادة اتحاد طلاب اليمن الاخونجي المدعوم امنيا الذي قدم من صنعاء لحضور احتفال نوفمبر في القاهرة – الاتحاد الذي عقد له مؤتمرا انتخابيا سريا لم يعلن عنه طلابيا في فترة العصر من يوم دراسي لدوام صباحي فقط عند نهاية الاسبوع – كنا قد ابلغنا بإخبارية عن ذلك المخطط ظهرا ، استنفرنا لتحشيد الطلاب واستجلاب عودة من غادروا الى السكن الجامعي وفي خارج الجامعة للغدا وشراء القات و . . من التجمعات السكنية للطلاب المقيمين خارج المساكن الجامعية – كان المبنى القديم لجامعة صنعاء يعج بالعسكر المسلحين بأردية جهاز الامن وجماعات متفرقة من الوحدات القتالية الخاصة . . إلى جانب مظهر جديد لم نره إلا في الافلام البوليسية والسياسية التي كنا نتحصل عليها سريا لمشاهدتها ، جماعة ترتدي اقنعة قماشية لا يرى من الوجه سوى العينين والفم ، متسلحة بآلي شاش اسرائيلي الى جانب مسدس روسي موضوع على الجانب ، افرادها ذات بنيات ضخمة . . يقودهم ضابط امني من جماعة الاخوان . . تصادمنا معه مرات عدة من قبل ، كان من احد القادة الميدانيين الذين عادوا من افغانستان ، وتم اعداده في كل من الاردن وبريطانيا الى جانب افغانستان ، كان يحمل الحزام الاسود من الدرجة الثالثة في الكاراتيه ، اعتدى مرات عديدة بإرهاب استعراضي على افراد من مجموعتنا ومن النشطاء الاخرين في كل من كلية العلوم والآداب والتربية جوبه وضابط امن الجامعة مرتين بمجيء ملازمين من قوات الصاعقة المدربين بحثا عنه بعد اخبارهم باعتدائه الهمجي على رفيقنا المهندس الاصبحي ، خاصة وانه لا صلة له بالجامعة ويحضرها بقميصه الى نصف ساقه ومرتديا بالطو طويل بلحيته المتدلية الى صدره – كنت موجودا حين بحثوا عنه ارجاء فناءات كلية العلوم والتجارة اللتين كان وضابط امن الجامعة مع عسكريين مرافقين يمشطانها لإثارة الرعب قبل نصف ساعة واتجها الى كلية الآداب ، كنا اربعة اخبرناهم بوجودهم حاليا وتحركنا قبلهما ليصلا مباغتة إليه – رأينا طالبين من المخبرين . . يبدو اخبراهما بالأمر – كان مشهدا اثار فينا الحماس من الارتباك الخائف الذي طرأ عليهما . . في محاولة للتسلل خارج فناء الجامعة ، كانا الملازمين يركضان ويشتموهما بأقذع الكلام صارخين بهما للوقوف إذا كانت لديهما رجولة وينعتونهما بالنعاج والجبان – كان منظرا هزليا لهروب راكض مرعوب لمن يثيرون الرعب في قلوب الاخرين وخلفهما الملازمين بسواعدهم المنتفخة بالعضلات والمسدسات مشرعة بين يديهما للحاق بهما قبل خروجهما من بوابة الجامعة واختفائهما بعد رص العسكر عند البوابة لتأخيرهم – ومرة اخرى حين تم التحرش بي وتهديدي بالسحل في الفناء الواقع بين قسم الآداب الانجليزية وكلية العلوم وكان بجانبي عمر عبدالعزيز واخر . . ربما كان حسين النقيب او محمد سعيد سيف ، امسكت يده الممتدة تجاه وجهي للتخويف – لم أكن حينها ضعيفا ، تدربت لثلاث سنوات ماضية كاراتيه – جمعت اخوتي الثلاثة ببنياتهم القوية وكان اصغرنا على وسام من قوات المظلات من المجموعة الخاصة الاولى التي علمت بحراسة ابار النفط المكتشف حديثا آنذاك – ذات المشهد تكرر من المطاردة لهما ولكن بهروب مشتت الاتجاه ، لجأ ضابط الامن الى غرفته المحاطة بعدد من العسكر بينما استمر اللحاق بالمصبحي حتى قفز من سور الجامعة وراء المسرح الى الخارج – بعد كل اعتداء . . يختفي شهورا عند توالي الزيارات الى الجامعة للبحث عنه ، تارة من افراد من القوات الخاصة بميري مموه واخرى من شخوص بزي مدني شعبي ، يحملون مسدسات على جوانبهم والشرر يتطاير من عيونهم ومشيتهم المستعدة للافتراس – يبدو أن التمادي في الاعتداء على الطلبة والترهيب داخل الحرم الجامعي بشكل سافر من قبل دخيل لا علاقة لوجوده في الجامعة . . قد استدعى اتخاذ قرار رادع كرسالة من قيادة العمل السري للإخوان المسلمين وجهاز الامن في ممارساته التعسفية غير المسئولة – رغم تنويمه من بعد 1982 بين نظامي الحكم في اليمن – عسكرة الجامعة التي دفعت ضباط الامن والعسكر أن يتجولون بأسلحتهم داخل فناء الجامعة والممرات وقاعات الدراسة والفعاليات ، يوقفون من يريدون ويستفزون كلما رأوا طالب وطالبة او جماعة مختلطة يتناقشون او يراجعون دروسهم في مجلس من المجالس التي وضعت على امتدادات فناء الكليات لذلك الغرض – لم تعرف الجامعة هذه الظاهرة منذ تأسيسها حتى عام 1982 قرب انتهاء الفصل الدراسي الاول ، جرى استقطابا واسعا من الطلبة كمتعاونين مع الامن ، الفتيات المتمدنات والناشطات كان يتم استدعاءهن وترويعهن للعمل معهم ، وبسط الاخوان اذرعهم في احتواء الجامعة بالشراكة مع الامن – اساتذة وطلبة وموظفين – من النماذج التقليدية والساذجة والمتزمتة – اصبح امرا معتادا أن ترى اعتداء يجري على الاساتذة او الطلبة . . حتى في اقتحام المحاضرات والقبض على احد الاساتذة او الطلاب ، يجر امام مرئي الجميع بطرق مهينة – تتفاجأ أن ترى طلبة من المتعاونين او المستقطبين للإخوان المسلمين . . أن يمد يده على استاذ أو يفتعل اثنان منهم او ثلاثة استفزاز غيرهم واختلاق العراك . . يكون العسكر ليسوا بعيدين ، يجدون ذريعة لسحب المعتدى عليه . . تحت اتهام صارخ بالصوت كماركسيين ملحدين او عملاء للجنوب – موجة عسكرة الجامعة بدأت حبوها من بعد انتهاء اشراف الكويت – كان امن الجامعة لا يتعدى حد البوابات الخارجية ، لديه مبنى بسيط شعبي من الاسمنت على سور كلية الآداب على الجانب الايمن من الدخول ، مركز امني واحد فقط لعموم الجامعة لتوزيع الخدمات ، يتألف من غرفة للضابط واخرى للعسكر مع ملحق ضيق للاستحمام وقضاء الحاجة كانت الاعتقالات لجهاز الامن الوطني الرسمي لملاحقة اليساريين من الطلبة ، المبلغ عنهم كأعضاء خلايا عمل سري ، لم يكن يتجرأ جهاز الامن أن يقترب من استاذ جامعي مهما كان اتجاهه – بعد تسليم الجامعة كليا لدولة النظام اليمني الحاكم ، كانت اول محاولة القبض على استاذ علم الاجتماع بتهمة الردة ، اخترقت عصبة امنية واسلاموية القسم من وراء فتوى تكفير له من خارج الجامعة ، كانت محاولة الاعتداء عليه ضربا – كرد فعل عفوي غيور على الدين – مع افتعال حالة من الهرج والمرج لتحشد طلابي من الرافضين والمدافعين على استاذهم ، يتم قتله كحادث خطأ عرضي غير مقصود أو أن لا يعرف القاتل في ظل الزحام – كانت حالة الاستنفار التي تداعينا لها من مختلف الكليات والدخول في مصادمات . . حتى تمكنا من تخليصه وتهريبه الى خارج الجامعة . . ومن ثم الى الجنوب – لم يكتمل عام 1982 إلا واتحاد الطلبة ونقابتي التدريس والموظفين في قبضة شراكة الامن وتيار التكفير السياسي ، محيت النظم المعيارية للتعيين والحقوق الاكاديمية ، يمنع امنيا قبول اساتذة او معيدين اوائل الدفعات إن لم يكن مجازا من الامن . . مخبرا او وساطة احد رموز التسيد في سلطة النظام – عرفت جامعة صنعاء منذ فتحها وحتى 1985 بأن غالبية اوائل الاقسام في الكليات المختلفة كانوا من الشباب المعلمين بميولهم اليسارية والتحررية ، تم تدجين قلة منهم كمخبرين يقبل تعيينهم وابتعاثهم للدراسة العليا ، بينما منعت غالبيتهم من ذلك . . ليعملوا في وظائف خدمية ، من لم تخر عزائمه . . تحصل على ابتعاث للدراسة العليا . . ليعود مقاتلا لعودته الى الجامعة . . استاذا ، ومن استكان عاد الى مرفق عمله الخدمي كعمالة فائضة يتم تغييب وجوده – كانت موجة لتفريخ امني واسلاموية على الجامعة ومختلف وزارات الدولة ، تغييب قيمة حامل الشهادة العليا في التخصصات الدقيقة . . ما دام عصاميا وطنيا . . اشعر الكثير منهم بتحقير مكانتهم ودخلهم الضئيل المهين لحياة اسرته ، كانت الجزرة طريق افساد لكثير منهم ، فتحوا اسلوب الفساد المنظم لشراء الشهادات وتعمم شخصانية الوظيفة العامة ونهب الدولة عبر اساليب تحايليه في السجلات الرقمية والحرفية – كانت كما لو انها ليلة وضحاها . . عشرا ت ومئات الاف من حملة الدكتوراه ، اكثرهم لا يقوى على التحدث لربع ساعة من الزمن ، يعجز عن مجاراة طالب جامعي شغوف بالتعليم . . في عامه الثاني . . في مجاله التخصصي الذي يحمل باسمه درجة الدكتوراه – قل لنا رأيك صخر . . إذا عندك اضافة . . إذا ما نسينا شيء مهم أو لم نتنبه له – أ . . انتم مركزين كليا على تحشيد اكبر عدد من الطلبة لمنع احتواء الحفل وتسخيره للنظام البوليسي و . . وهذا صحيح ومهم ، لكنكم لم تتنبهوا . . لخشبة المسرح وبرنامج الحفل و . . وطبيعة المواد التي ستقدم ، ينبغي أن تطال ايديكم ذلك حتى كمناصفة معهم ، حيث توجد كلمات وقصائد واغاني وطنية الى جانب تلك العادية المرتبطة بالحدث دون تسييس والفقرات الفنية المولدة للإحساس بمتعة السهرة في الاحتفال ، الذي . . سيفلت الحفل من قبضة مخبري النظام . . رغم كل ما تم انفاقه من مبالغ ضخمة لتسخير عيد نوفمبر لنظام صنعاء القمعي المتخلف – برهه من الوقت . . ما رأيك تشارك بقصيدة – ما عندي مانع . . لكن اصحابهم في الرابطة لن يقبلون مشاركتي وبكلمات أية قصيدة مني – انت فقط كن في الكواليس و . . سنعلن اسمك بقراءة قصيدة وطنية لك بالمناسبة ، أي لن نقدم اسمك وقصيدتك من ضمن البرنامج المكتوب صوريا – اوكي – ما رأيكم نلتقي غدا في كافتيريا الآداب بين العاشرة والحادية عشرة ظهرا ، من عنده محاضرات وقتها او شغل مهم . . سنبلغه بالجديد ، عندي موعد مع زملاء واحد منهم المسئول الاعلامي للرابطة . . هو من الناس الكويسين – اتفق الجميع عدا المحمودي لوجود موعد مع مشرفه ، سيتصل بنا لاحقا قبل مجيئه مساءا غدا او بعد غد – أما انت لي لقاء طويل معك و . . مشتاق للجلسات القديمة – غادر الجميع بعد اغلاق الشقة . . فالليلة ما زالت في بدايتها للخروج وقضاء الوقت . . .

كنا امام البوابة الرئيسية لجامعة القاهرة ، زحام بفعل تشديد امني . . لا يدخل احد دون البطاقة الطلابية او الوظيفية او ما يثبت بأوراق رسمية بوجود عمل او متابعة ادارية تخصه – صادف وصول سهيل وعامر . . ونحن نتشاور كيف يمكن ادخالي ، خاصة وقد علموا بأني سأنتهزها فرصة للسؤال عن الدكتور تليمة . . عسى أن القاه – يبدو في شيء جاري ، نادرا يعملون ذلك ، ح . . حنى الطلبة المصريين لن يسمحوا لهم بالدخول بدون البطاقة – انا كسلت اخرج بطاقة لي ، اكثر من سنة ادخل عادي . . حتى حين يشددون . . ادخل ، هم يحترمون اليمنيين و . . شوية لطافة . . لا أكثر – عبر فاهم والراجحي وعامر بعد عرضهم لبطاقاتهم ، بترحيب سمحوا لهم بالدخول . . وابلاغ علي سعيد بضرورة تجديد البطاقة ، سهيل اعتذر بسبب الانشغال عن اخراج الكارنيه – معك اوراق تثبت انك طالب – اخرج من حقيبته بعض اوراق من اجراءات تسجيله في الكلية وقسم الاجتماع – الاستاذ – عفوا هو ضيف معنا . . جاء من اليمن . . ليتعرف على الجامعة ، هو من ضمن المرشحين الى مصر للدراسة العليا – اخرجت وثيقة رسمية لمرشحين سيتم ابتعاثهم لهذ العام . . وكان اسمي على رأس القائمة – امعن الضابط القراءة فيها ، طلب انتظارنا واتجه للتحدث مع ضابط اخر برتبة رائد وبجانبه نقيب وملازم اول ، كانت نظراتهم الفاحصة تجاهي . . تتكرر اكثر من مرة – انت جئت الجامعة . . من قبل – لن يقول ذلك إلا وعندهم معرفة ، لا يمكن الانكار – نعم اتيت . . اكثر من مرة ، حينا مع زملاء لي من طلبة الدراسات العليا . . في كليات مختلفة ، ومرتين جئت لوحدي . . للتعرف على الكلية التي سألتحق بها و . . للسؤال إذا ما وصل امر توزيعي على جامعة القاهرة . . التي كنت قد اخترتها للالتحاق فيها – جميل . . لكننا نعتذر عن ادخالك ، متابعتك في الوزارة وليس هنا و . . بموجب الترشيح الذي اظهرته . . كان من المفترض أن تكون واحدا من الطلاب من وقت سابق – عفوا ، رجاء عدم المجيء للجامعة مرة اخرى . . إلا حين تكون معك وثيقة رسمية من الدولة المصرية تعتمد التحاقك بالجامعة – لم يكن مستغربا التشديد في عدم ادخالي . . فهو اجراء نعرفه جيدا حين كنا طلبة في جامعة صنعاء ، حاولوا جميعهم بالملاطفة والرجاء وتقدير الامر ولو لهذه المرة – لا يمكن تركه للشارع وهو معنا – والله هذا يخصكم . . يا تدخلون وتخلوا الطريق للآخرين او تعودون معه – تدارك الرائد قسوة الكلام . . ربما لو كان في وقت اخر لتغاضينا ، لكن هذا الاسبوع . . لدينا اوامر صارمة . . عفوا – عاد فاهم إلي بعد ما تحدث مع الاخرين بهمس ليدخلون هم ، ابتعدنا مغادرين في اتجاه الشارع الرئيسي ومنه غيرنا سيرنا يسارا – سنحاول ندخل من البوابة الفرعية الاخرى الى كلية الاقتصاد ، لن تكن بذلك التشديد . . فهم متركزين في البوابة الرئيسية الان ، خاصة وأن الحراسة هناك يعرفونني – ما أن وصلنا و . . بلسانه العذب عبرنا الى الداخل ومنه تحولنا الى كافتيريا الآداب – لم يعي أي واحد من الاصدقاء ما جرى معنا وقتها ، فالأمر نظامي لا أكثر و . . طبيعي يعرفون بحدوثه من وقت لآخر – لم يكن أي واحد منهم – عدا المحمودي . . لم يكن حاضرا - قد اختبر تجربة أن يكون موضع اشتباه امني و . . تعرض مرارا للتحقيق والحجز – ما لم يدركونه كان في محتوى كلامهم ، الذي تشوبه بعض الايحاءات غير المريحة ، حديث ملغز مع انسان في موضع شبهه و . . ليس مع زائر يستبق التآلف مع مناخ الجامعة قبل اعتماد توزيعه عليها – اكثر من نصف ساعة تقف مع الاخرين ويزيد عدد القادمين من الطلبة اليمنيين – كان ذهنك شاردا غير قادر على فهم مبررات تلك النظرات التي كانت ترقبك لتفتح معابر الظنون السوداوية مجددا فيك . . من خلال الكلام الذي وجه إليك من امن الجامعة ، وما بعث فيك من احاسيس لا تشعر بالأمان – انت لا تعني شيئا هنا . . لماذا ؟ ؟ - كانت الاحاديث حماسية ومسموعة لك عن مختلف الاصدقاء ، انت واقفا معهم . . لكنها ولا كلمة او حرفا واحدا مرق الى عقلك ، كنت تائها بعيدا عنهم حول ما حدث اليوم ، كأنك لم تكن حاضرا – شعرت برعدة ترجك من الداخل . . وإن لم تظهر ذلك – غير كاف ما أنت فيه من ضياع . . لا أقدر أن اتصور عودة نفس الخوف الى جانب ذلك . . بالذات في مصر وانت غريب وحدك – همست ستذهب لترى الدكتور تليمة وستعود سريعا – خطرت قشة تتعلق بها في لحظة جزعك الجديد الحادث ، عسى أن تراه . . فيزول عنك هذا الرعب الصامت في داخلك – السلام عليك . هل أتى الدكتور اليوم – لم تعرني أية اهتماما السكرتيرة بعد أن لمحتني وابعاد وجهها في اتجاه اخر – لا – كانت مقاعد الانتظار الاربعة مشغولة بضابط وعسكري ومدنيين احدهما ذلك الثقيل الذي فرض علي نفسه مرافقا في اخر زيارة قبل شهور ماضية – اهلا استاذ . خلاص سجلوك معنا في القسم ! . هذا من اليمن طالب دراسات عليا ، مسكين . . جاء مرات يسأل عن الدكتور – كان يعرف بي في حديث موجه للضابط ، الذي بدأ في جر حديث معي . . تعارفي . . فالجميع ينتظر الدكتور – في خبر انه سيأتي اليوم – راوغت في الكلام بأني على عجلة من امري ، فالزملاء ينتظرون عودتي في الكافتيريا ، بلغوا الدكتور بأني سأعود سريعا ، اذهب لأستأذنهم بأن سأكون منشغلا مع الدكتور تليمة – يبدو أن أدائي كان مقنعا ، خاصة وانا داخل الحرم الجامعي . . لو هناك شيء . . فالاستخبارات المصرية لا يفلت من يدها . . جناح بعوضة – هو ما اعرفه قراءة ومن افلام الاستخبارات المصرية – هرولت سريعا ، لم يعد هناك في الكافتيريا غير شخصين وسهيل على مغادرة الى المحاضرة ، سرت معه مفضيا له بتخوفاتي . . حتى ما جرى معي مؤخرا في القسم ، رد علي بتهكمه المعتاد ومزاجه لم يكن سويا – يا راجل . . انت تتوهم ، من انت ، انت تبالغ . . لدرجة تصدق نفسك . . بأنك خطير و . . في القاهرة ! ! – كان كلامه جارحا وطريقته آلمتني كثيرا ، لكني لم اكن مستغربا أن اسمع ذلك منه وبطريقته تلك – كان ما يشغلني أن تتم رؤيتي سائرا معه – بما يؤكد ما قلته في القسم – التففت على مبنى الكلية بعد أن توجه لقاعة المحاضرة ، وجدتني في الباحة الموصلة الى البوابة الرئيسية . . القريبة من مكاني ، اسرعت دون تلفت لمغادرة البوابة ، رأيت الضابط الذي وجه حديثه معي عند وصولنا ، ما أن لمحني من بعيد . . كنت قد عبرت البوابة وخطواتي السريعة اقطع ثلث الشارع الفرعي الموصل الى البوابة الرئيسية ، دون التفاتة واحدة . . اوقفت تاكسي وركبته الى الدقي ، طالبا من سائقه سرعة التحرك . . لأصل الى موعد كنت اخاف التأخر عنه – انت تأمر يابيه .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 49 - مدخل . . الى العقل المتصنم / أجندة الصناعة الامريكي ...
- نثرة ليلة شتوية قصة قصيرة يناير / 2018
- 48 - مدخل . . الى العقل المتصنم / أجندة الصناعة الامريكية عر ...
- الجزء التاسع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- 47 - مدخل . . الى العقل المتصنم / مستقبل وطن مهدد بأجياله ا ...
- اعلان لمقايضة سلعية
- 46 - مدخل . . الى العقل المتصنم / اليمن نموذجا : تسليع الوطن ...
- الجزء الثامن من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- 44 - مدخل . . الى العقل المتصنم / النظام الحاكم ، طبيعة الحك ...
- توهمات . . متحذلقين علينا
- وطني - أنا - والرقص البحري
- الربيع العربي . . من ثورات تغيير للبناء الى ثورات افول للقيم ...
- الجزء السابع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- 43 – مدخل . . الى العقل المتصنم النظام الحاكم ، طبيع ...
- 42 – مدخل . . إلى العقل المتصنم متشوه الإرث البش ...
- الجزء السادس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- ملامسة صفرية . . لجانب من عطبنا
- الجزء الخامس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- الجزء الرابع رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ال ...
- الجزء الثالث رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الر ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الجزء العاشر من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة