أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الجزء الخامس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة















المزيد.....

الجزء الخامس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 7461 - 2022 / 12 / 13 - 22:11
المحور: الادب والفن
    


أذب ذاتك في الزمن المطلق
حين يراهنك الوقت موعدا للسقوط
، ترهنه عاريا من الضغوط . . لتبقى - ما لم تمت . . لن يكتب عليك الفناء .





لم يشعر احد بتغيبي – الحقيقة وجودي غير المصرح بها بلا اهميتها عند الاخرين ، يتقبلونها لأمر اخلاقي . . عرفي في الغالب ، لكنها لا تعني أي واحد منهم و . . حياته الخاصة به ، أم لكوني بررت مسبقا لتغيبي ، لكوني مدعوا ليومين عند احد الاصدقاء في الزقازيق – ما أن وصلت القاهرة ، تحركت مباشرة الى شقة المنيا بسيارة اجرة – كان الوقت يقترب من العاشرة ليلا ، من المؤكد الجميع قد خرج لقضاء سهرة يوم الخميس كعادتهم ، وهي فرصة لأسترخي بالاستلقاء على ظهري لبعض من الوقت ، ثم اغتسل بدش دافئ سريع واغير ملابسي والخروج لقضاء الوقت على احدى ضفاف النيل – كانت رحلة العودة متعبة للغاية ، فالعربة التي كنت فيها من الدرجة الشعبية ، مزدحمة بالراكبين ، الواقفين يزيد عددهم اضعافا لعدد الجالسين – ما أن صعدت بين حشر البشر الواقفين ، مشطت العربة من بدايتها الى نهايتها . . لم يكن هناك مكانا شاغرا للجلوس – صعقني المنظر ، المقعد الخشبي لجلوس ثلاثة . . ينحشر فيه خمسة الى سبعة اشخاص ، والواقفين . . لا يوجد فراغ بين الواحد والاخر . . حتى بسنتيمتر واحد – كل ملصق بمن يحيط به من كل الاتجاهات بشكل شبه دائري – هل سأظل واقفا حتى القاهرة – لم تمض عشرون دقيقة إلا وشعرت خدرا متنقلا من عنقي ثم رباط اكتافي . . الى اطرافي العلوية والسفلية ، تارة من قدم الى اخر ، حين اجده محتجزا في حالة من التعلق بين اجسام لاصقة به ولا اقوى أن اثبته على الارض أو تحريكه . . إلا بتعديل نقطة ارتكازي لتثبيته . . يفرض تعليقا للأخرى ، ويداي المتشبثتين بالعارض المعدني المخصص للركاب الواقفين – يصعب أن تجد موضعا لها ، فغالبا تجد كفيك متشبثة على كفوف اناس اخرين – ازاحم لأجد موضعا . . ما أن تفلت احد الايدي . . تخدر يدي بعد دقائق من وضعها ، من ثقل الاكف الجاثمة عليها – كان تلاصق الاجساد ذكورا واناث امرا معتادا عند المصريين بفعل الكثافة البشرية المعتمدة في تنقلاتها على وسائل النقل العام والدرجة الشعبية في القطارات ، لكنه صعبا على اليمني او اليمنية أن يحشر فيه عند التنقل او السفر – تضطر على تمييل جسمك جانبا ، وتدفع قليلا بمرفقك الشخص الملامس لك – كانت حركة القطار على القضبان الحديدية بعرباته الصدئة لدرجة ركوبنا . . لا تمكن من وقوف المرء بحالة من الثبات لبرهة ، وازدحام الاجساد الملتصقة ببعضها ـ تفرض عليك تغيير وضعك من دقيقة لأخرى ، ما زاد الاذى الجسدي في حالتي . . عند كل خدر احس به يفرض علي تعديل وقفتي ، أن يلامس أي جزء من ذراعي صدر امرأة أو يدفع ضغط الاخرين أن تكون تنفساتي المختنقة – محسوسة كلهاث صامت – امام وجهها او عنقها ، او حين اسقط احد اذرعي المتعبة المرتخية عند تنملها . . تتحرك لا إراديا كتخبط لا اخلاقي اسفل جسد الاخر – إن كانت امرأة . . فهو سلوك تحرش لإنسان بلا حياء او شرف ، وإن كان رجلا . . يظهرني شاذا – هو ذات الامر الاخير . . ما أوشك استشعاري في اقتراب سقوطي شبه مشلول كاملا ، فالدفع الضاغط عليك من الخلف والجانبين و . . ومن هم امامك ب . . بتلامس جسدي مباشر ، يجعلك متحسسا لنشوء استثارة لا إرادية بفعل الاحتكاك ، ويلمسه الجزء السفلي من الجسم الملتصق فيه ، ويزداد عذاب تهربك . . إذا ما كان التلامس محسوسا على الفخذ او المؤخرة او حتى يد الاخر المتدلية الى الارض ، او العكس . . أن تحس انت اثرا الاخر عليك . . فرجولتك تأبى أن تكون في هذا الوضع ، الاسوأ . . أن تحشر في أي من الوضعين لفترة طويلة من الزمن – عفوا . . سنظل هكذا . . حتى نصل القاهرة – اطلقت كلامي غير محدد لشخص بعينه ، يبدو أن عددا من المكومين علي . . قد لاحظوا حالة تململي المتكرر كثيرا في وقفتي - ما أدركته مليا تعرفهم السهل لليمني او لجنس عربي اخر . . مهما كان يجيد الكلام باللهجة المصرية العامة – رأيت ابتسامة سريعة قد رسمت على اكثر من وجه – البيه من اليمن . . صح – تناثرت اجابات متعاطفة سريعة ومقتضبة ، لا تخاف . الكثير سينزلون في محطات قريبة قادمة و . . يفرغ هذا الزحام – لم تمضي نصف ساعة إلا ووجدت نفسي مسترخيا على احد المقاعد . . وفراغ مريح يفصل بينك والجالس الى جوارك .

فتحت باب الشقة بنسخة المفتاح الذي اعطي لي في اليوم التالي من وصولي الى القاهرة في ضيافتهم – سمعت صوت علي سعيد من غرفته يستعجل سهيل في تجهزه للخروج لقضاء السهرة – مساء سعيد – مساء سعيد . كيف قضيت اليومين – لا بأس – كان باب غرفة علي مفتوحا حين تحدثت معه – سأشوف سهيل – استعجله . خذ دشا سريعا لتخرج معنا – لم اكثر الكلام لاستعجالهما في الخروج – كان وضعي يحتم علي سرعة الاستجابة لعمل ما يقوله أي واحد منهما ، خاصة حين يتعلق الامر بمرافقتهما او مع احدهما ، وايضا بشراء مقاض او احضارها معي عند عودتي – سريعا جهزت و . . سهيل مازال عالقا امام المرآة يرتب هندامه وياقته ويرش العطر على عنقه وملبسه ويمسح رشته الاخيرة بين كفيه . . مارا على ذراعيه ووجهه .

- قبل الساعة اثنى عشر . . نلتقى عند مسرح نجم .
. . قد اتصلت مرات الخطيبة تستعجلني للوصول الى مسكنها ، فهي فرصة أن يفسحا اختها ، التي انشغلا عنها مع ضغط عمل المشاريع والاختبارات منذ وصولها . .
- سأشوف . . إذا يردن الحضور معنا المسرحية أو اوصلهن الى بيتهم واعود اليكم . . حسب اتفاقنا .


تحركنا سيرا الى الدقي ، كان هناك اتفاق مع فكري والراجحي للقاء عند مقهى تجمع اليمنيين ، الذي قعدت فيه بعد وصولي من مطار القاهرة – لم تعبر عشرة دقائق من وقوفا امام المقهى – كنا قد طلبنا من كأس شاي صغير نرشفه واقفين – كان المكان يعج بالقادمين والذاهبين من اليمنيين كجماعات من الاصدقاء – حالة من الحبور لقضاء السهرة ، كل يدع غيره للتشارك – غالبا ما كانت كل مجموعة لها خططها الخاصة لتلك الليلة – لكن الاحاديث تأخذ مداها بين الجميع قبل المغادرة ، يشعر المرء بحيوية اليمنيين في الخارج وتفاعلهم مع الحياة ، حين تجدهم في مكان اعتادوا أن يكون نقطة للالتقاء او لإيجاد من تبحث عنه و عند وقت محدد من اليوم ، بصورة خاصة في ايام العطل الدراسية .

تمشينا اربعتنا بأحاديث لم تتوقف بيننا وتارة بين كل اثنين منا ، ودخلنا العديد من المعارض التجارية . . استكشافا لمعروضات تستهوي أي واحد من الاصدقاء الثلاثة ، او للسؤال عن شيء هو يبحث عنه – كان الوقت قد عبر سريعا ويقترب من زمن شوط المسرحية عند منتصف الليل – وجدنا انفسنا عند مدخل البهو الخارجي للمسرح ، الذي يحتوي صورا للممثلين في مشاهد من المسرحية وبوفيه وشباكين لبيع التذاكر – انتظرنا قليلا وصل بعدها علي سعيد – لم يكن في حالته التي كان فيها عند بدء الليلة – اعتذر عن مشاركتنا في حضور المسرحية . . لأمر طارئ يستدعي ذهابه الى منزل زميله احمد المصري للعمل على تكليف لا يقبل التأخير . . ابلغ به قبل ساعة ، وأنه احتمال لن يعود الى الشقة إلا الليلة التالية ، سيظلان منشغلان طوال الليل حتى نهار اليوم الثاني – ولجنا لمشاهدة العرض المسرحي ، كان مثيرا للضحك ، يعين الانسان في تفريغ الكثير من الضغوط الكاتمة على انفاسه والطاقات السلبية – تجاوز ما بعد الواحدة منذ جلوسنا ، والمشهد الاول من المسرحية ما زال مستمرا – اكتشف لأول مرة أن المشاهدة الحية لمسرحية كوميدية ببطولة احد فناني الكوميديا المشهورين عربيا ، قد يطول العرض الى خمسة ساعات أو اكثر ، بينما ذاتها المنقولة لمشاهدتها على التلفاز . . تقل عن الساعتين غالبا – لم يكن صعبا على اديب او مثقف مطلع بتاريخ الفنون ونظرية الادب أن يجد اجابة واضحة سليمة المنطق من خلال عرض حي لمسرحية واحدة يحضرها لا أكثر ، فالكسب المادي لن يكون إلا بإرضاء الجمهور مقابل ما ينفقه خلال حضوره ، وما يدفع لتزايد المقبلين على المسرح - الذي غالبيته من العامة ، تجتمع معهم النسبة المتبقية من فئات المجتمع . . بحضورهم الى مسرحيات احد مشاهير الكوميديا . . لقضاء السهرة في وقت طويل من الضحك وعدم التفكير ونسيان الهموم واجهاد العمل طوال ايام الاسبوع ، خاصة وأن اليوم التالي يوم اجازة رسمية - هذه الحقيقة تطبع حقيقة عروض المسرحيات الكوميدية للقطاع الخاص بالتهريج الغالب طوال العرض ، الذي لا يقوم على نص ادبي مسرحي ولكن على فكرة خاطرة بسيطة كتب لها سيناريو يخدم الاداء الهزلي المثير للضحك ، وينكشف ذلك عند ختم العرض بموقف وحوار خطابي اخلاقي او موجه للجمهور بتقريرية مباشرة – تكشف الضحالة الفنية - ولا علاقة لذلك الادعاء الجاد بعرض الساعات الطويلة من التهريج الهزلي للمسرحية ، ولجذب جمهور بأعداد متزايدة يترك التمثيل معتمدا على الارتجال ، خاصة بطل المسرحية المشهور فنيا ومن يقفوا بجانبه لتحقيق العائدات الاكبر - كلما كان الارتجال المصاحب بألفاظ وحركات سوقية وساذجة . . يقابل بضحك وتصفيق اعلى ، كلما فرض طابعه على الاستمرار طوال العرض . . دلالة على النجاح واستحسان الجمهور ، الذي اشترى بفلوسه قتل الليلة الطويلة المملة بتكلفة اقل حتى من تلك التي سينفقها في جلوسه في البيت ، وقضى ليلة من الضحك والقهقهات لساعات . . لا يجد ذرة منها عند الجلوس امام التلفزيون الذي يغطي المساحة الزمنية لبرامجه المكررة المملة . . الاعلانات – ساعات طويلة انتزعت من داخله ما يخنقه ، بل وارضته بطرش ما في داخله من النقمة والالم و اللعن . . بألفاظ وحركات سوقية تخدش الحياء . . لا يمكن أن يعملها أو حتى يتقبلها من الاخرين خلال الحياة اليومية - تهامسنا بشعورنا بملل المتابعة اكثر من ذلك ، خاصة كثرة الاستهبال التهريجي ، الذي اشعرنا بالهيافة والاستخفاف بنا ، دفعنا للخروج معا قبل انتهاء المشهد الاول من المسرحية – يبدو كما لو انه سيستمر لساعة اخرى او اكثر - اتفقنا على اكمال السهرة في شقة فكري وراجح – سنأخذ شراب معنا – عادي . تتكلم معنا وكأننا من الاخوان المسلمين – رد فكري على سهيل بمداعبة مقهقها حتى سرت فينا الاربعة عدوى الضحك وفلتات المشاكسة – ونأخذ للشيخ النعماني علبتين بيرة باردة و . . لكن المستوردة كبيرة الحجم . . كما يحبها – نحن سندفع قيمتها وسيعطينا هي لما نصل – ما في بين الخيرين حساب – كان رد سهيل سريعا وقاطعا . . أن يلبيا رغبته – كان زميل سكنهما الثالث عبدالسلام نعمان . . يحب كثيرا عدم مغادرة البيت كالآخرين ، كان يكبر الجميع سنا بوضوح تام ، قليل الحديث . . موسوم بالانطواء . . رغم طبعه الودود عند مقابلة الغير ، وتتغير حالته الى الانشراح والانفتاح التفاعلي في الحديث سريعا عند وصول ارتشافه نصف العلبة ، بليغ متأني في انتقاء الفاظه عند الكلام باللغة العربية الفصيحة – كان قد ابتعث للدراسة العليا من المعهد القومي للعلوم الادارية في اليمن الى القاهرة من وقت سابق طويل مقارنة بالثلاثة الذين لم يقطع وجودهم في القاهرة سوى عام او اكثر قليلا ، انهى خلالها درجة الماجستير ومستمر في مرحلة الدكتوراه – تكشف خلال الجلسة وجود درجة من القرابة العائلية بيننا من خلال روابط التزاوج والنسب للأبناء بين آل يعقوب وآل النعمان .

استثارت الجلسة اشواق وحنين الجالسين لأهلهم وذكرياتهم ، والمذاق المؤلم الذي عاناه كل واحد خلال اعوام الدراسة في الجامعة ، والاذلال في منع التعيين لهم في الجامعة كمعيدين وهم اوائل دفع اقسامهم أو التوظيف في أي جهة حكومية إلا بموافقة جهاز الامن الوطني – كان هناك ثلاثة مراكز برموز شخصيات وطنية عامة ترأسها متغاضي عنها من جهة عليا في رأس الدولة - بصورة غير معلنة - في توظيف المتفوقين والاوائل على دفعهم بعد تخرجهم من الجامعة ، وبدرجة وظيفية تقترب من درجة المعيد في الجامعة ، صممت لاستهلاك طاقاتهم ، والحفاظ على الوظيفة التي لن يستطيعوا ان يحصلوا على بديل لها إذا ما فقدوها ، ما يفرض عليهم الابتعاد عن السياسة والنقاشات والنقد أو المشاركة في الفعاليات الفكرية والاجتماعية - التي غرست فيهم من خلال التقاليد الاكاديمية للمشاركة في الانشطة والفعاليات الفكرية والابداعية والجدل النقاشي من خلال ما خلقته فترة الدراسة الجامعية من معرفة في عقولهم وخبرات سلوكية – وكان اكبر حافز لتخلي اوائل الدفع – اليساريين عادة – عن قتالهم لحقهم في التعيين كمعيدين في الجامعة ، واخلائها للمستقطبين بجهاز الامن الوطني القبلي العسكري والاخوان المسلمين ، بحصول هذه الاماكن الثلاث على وفرة من منح الابتعاث للخارج للدراسات العليا و . . خلال فترة قصيرة جدا مقارنة بالفترة التي يقضيها المعيد في الجامعة قبل الاقرار في ابتعاثه – باستثناء المعينين عبر الامن او توصية من واحد من الصف الاول للسلطة الحاكمة ، الذين يبتعثون من الجامعة مع صدور قرار التعيين او بعده بأيام او اسابيع قليلة و احيانا قبل صدور قرار تعيينهم في الجامعة . . يبتعثون باسمها وعلى نفقتها - تعيين سهيل وابتعاثه كان من الحالات المهملة امنيا ، لكونه لم يكن محسوبا ممن اعتقلوا او بارتباطه بمجموعة مشتبه ارتباطها بالعمل السري – التابع للجنوب – ومع ذلك لم يخرج قرار تعيينه الا بعد زمن طويل لاحق ، وثبوت ابتعاثه وسفره لم يتركا إلا بعد طلوع روحه من الصراع لاجتياز العوائق والتآمرات التي كانت توضع امامه – هو الامر الذي كنا نعرفه جيدا السيطرة الامنية على الجامعة ، فيما تتبعه مع هم من امثال سهيل المتفوقين من اوائل الاقسام دون وجود منافس ، ويكونون خارجة اسماءهم من القوائم السوداء وغير مشتبه بها من الخريجين ، وذلك عن طريقتي الترويض بالإعاقة والفتح والتدجين بتخويف المنع الصارم حسيا والاجازة المشروطة بالخنوع والقبول لما يملى عليه واتباعه لنيل مكسب التعيين او الابتعاث – يبدو الامر واضحا في حالاتنا الاربعة ، كدفعة متخرجة عن نفس السنة الجامعية ، فكري واكرم عن المعهد القومي وامثالهم المبتعثين من مركز الدراسات والبحوث اليمنية او المركز التربوي ، منهم من انهى دراسة الماجستير ودخل في بدايات التمهيدي للدكتوراه ، ومن تبقى في الفترة الاخيرة او الدفاع عن ذات الدرجة العلمية ، بينما سهيل مازال في المرحلة الاولى الابتدائية من دراسة الماجستير ، يسبقانه فكري والراجحي بعامين او اكثر في ابتعاثهما للدراسة ، أما انا . . مشبوه امنيا في خلية شيوعية لم يقووا على اثبات تهمتهم . . فمنع تعييني في الجامعة ، و . . اسلوب العصا والجزرة الذي لم يجدي نفعا مع شخصيتي - لم يكن محدودا فقط في المنع القاطع لسفري على البعثة الدراسية التي كنت مرشحا عليها كوسيلة لتخلص من وجودي المزعج في صنعاء ، التي طالت مدتها كمرشح لأكثر من عامين ، محاولات الفشل في الترويض والتدجين . . ليعتق واحد في مثل سني بعدها للسفر ومواصلة الدراسة – كان قرار قطع مسار الحياة كليا ، الذي لا يتبع في انظمة الحكم البوليسية إلا مع من هم يقفون على قوة ووجودهم يشكل خطرا على النظام . . ولا يجب التأخر في القضاء عليهم – أي خطر كنت اشكله في عمري ، لم احمل سلاحا طول عمري قط ، انا ابن مدينة وليس عشيرة قبلية ، لم اكن اقود عملا سريا ممارسي ، يستحيل وجود قائد في تنظيم حزبي سري في بدايات الثمانينيات . . في عمر العشرينيات – كل ما كنت امارسه عملا ثقافيا ضمن مجاميع شابة تؤمن بوطنيتها في قول كلمتها بصدق وشجاعة – لماذا كل ذلك العداء الذي سلط علي و . . لا يمكن أن يصدقه أي انسان كان – فهو غير منطقي . . بتاتا – أما النعماني . . امره اخر ومن جيل السبعينيات ، الذي كانت تحكمه قواعد امنية اخرى ، ومع ذلك فهي كانت معينة لشاب حزبي او مستقل معروفا بقناعاته القومية فكريا ، والتاريخ العائلي الوطني . . يمثل حاملا مساعدا اخر ، أكان المبتعث متفوقا ام لا ، محبا للدراسة ام لا ، فهي كانت كالعطية توهب . . دون حساب ، خاصة وأن المنح المجانية لكل بلدان العالم . . كانت من كثرتها أن لا تجد مبتعثين يغطوا ولو حدها الادنى عدديا .

المتعة لم تترك لأي واحد منا أن يشعر بمرور الوقت واقترابه من الرابعة صباحا – تنبهنا على تسلل ضوء النهار بخفية ، مخففا الظلام الداكن على العالم المحيط في الخارج . . الى لون شاحب من بقايا تحلل اللون الاسود المعالج بتعكير ترابي اللون ، الذي تطل عليه ابصارنا من خلال الشرفات المفتوحة والنوافذ الزجاجية الواسعة ، المزاحة عنها الستائر من الليلة الماضية


– وقت نرحل . . لننام ساعتين على الاقل
– ناموا هنا
– شكرا لازم نعود الى البيت

اثناء توجهنا الى باب الشقة وارتداء الجاكتات الطويلة الواقية لبرد الليل ، التي خلعناها وعلقناها عند المدخل للردهة الداخلية للشقة . . وقت مجيئنا – كان توديع الاصدقاء لنا مع استمرار الحديث الجانبي الهامس بين سهيل وفكري – سمعت طرطشات كلام . . بما يهيئ لي . . شكوى سهيل بتحرجه من عامر ب . . أن وجودي معهم قد طول ، واصبح وجودي يشكل عبئ عليه . . ويمنع تواجد خطيبته كما اعتادا عليه قبل وصولي – اعتذرت للدخول الى الحمام للتبول سريعا فبل المغادرة ، وذلك بعد ما وصل الى اذني – كنت اتركهم . . خاصة وقد تشاركوا الاربعة في الكلام الهامس بعد تغيبي بينهم – انصت بتركيز من مكاني – ما قصرتم معه . إذا اصبح الامر صعبا عليك . . يجي يسكن معنا ، الشقة واسعة واربع غرف ، لن يخسرنا شيء – تنفست قليلا ومسحت وجهي بالماء حتى لا يظهر معرفتي بشيء مما جرى بينهم
- تصبحون على خير . لا تقلق . . نحن جنبكم .
- تصبحون على خير .

استأجرنا تاكسي اجرة للعودة – كان الحديث ودودا بيننا . . وعن المتعة التي قضيناها مع الاصدقاء – كم هم طيبين وخلوقين – ذهبنا للنوم بعد القاء التحية على بعضنا بنوم هادئ .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الرابع رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ال ...
- الجزء الثالث رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الر ...
- نسخة معدلة ( اغنية ثانية - لبغدادية - مرتبكة )
- 41 – مدخل . . الى العقل المتصنم / نفوس متطبعة . . على متكرر ...
- وقفة اجلال على وجه من التاريخ
- نظرية العبقرية / المعجزة - إشكالية مبحث يقود الى نظرية جامعة ...
- 40 – مدخل . . الى العقل المتصنم نفوس متطبعة . . على متكرر ...
- ومضة ملهات وآقعية - بطرفة عين
- هاجس . . بكلمتين لا أكثر
- الجزء الثاني رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الر ...
- الجزء الاول رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الرو ...
- 39 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في د ...
- 38 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في دورا ...
- 37 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في دوران خ ...
- رحيل جبل كان هنا - من ديواني ( أحلام مطاردة بظلال القبيلة )
- من ذاكرة تآكل الجدار
- 36 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في دوران خ ...
- بيننا - الشيطان يعتمر قبعة قصة قصيرة عن ارثيتنا السابقة لبدء ...
- تثمين الذات بذاتها - مقال سريع للتلذذ بإنسانيتنا
- 35 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في دوران ...


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الجزء الخامس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة