|
الربيع العربي . . من ثورات تغيير للبناء الى ثورات افول للقيمة .
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 7475 - 2022 / 12 / 27 - 02:57
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
اثنتا عشرة سنة ماضية منذ الوقوع في الخديعة الدولية الامريكو – اوروبية ، في كذبة ثورة الربيع العربي في البلدان المعرفة بذات النظام الجمهوري فقط من بعد حصولها على الاستقلال من الاستعمار الاحتلالي الغربي من خمسينيات وستينيات القرن العشرين ، ومثلت مصر ، اليمن ، تونس وسوريا الحزمة الأولى لتحول السيناريو النظري في الاجندة الامريكية الى حقيقة واقعية جارية فيها تنفيذا ، ثم تلتها بزمن لاحق مجموعة الحزمة الثانية المفترضة ب . . ليبيا ، الجزائر ، والسودان ، لتأتي الحزمة الثالثة المتمثلة ب . . العراق ولبنان ، واللتين كانت الرؤية حولهما مؤجلة الى زمن لاحق ببضع سنوات . . بعد ما سيتكشف عن الحزمتين الاولى والثانية ، إذا ما سينفذ فيها ذات السيناريو ام لا ، لكون مسار واقعهما متحقق فيهما ذاتيا تلك الاهداف المخفية للأجندة الامريكية المقرة اوروبيا كشريك ربحي في المحاصصة القادمة – بدون خديعة ثورة الربيع العربي– أكان للعراق بعد سقوط نظام صدام في 2003م وانهاء الدولة الوطنية – بغض النظر عن طابع الحكم الاستبدادي الفردي – او كان بالنسبة للبنان ، فالدولة معطلة بطبيعتها و . . بمؤسس قانوني بتنصيص دستوري . وعند التنفيذ واقعا لمخطط اللعبة انتجت الظروف متخلقات غير محسوبة اعادت الضرورة لتعديل سيناريو الاحداث لأكثر من مرة ، فكل سيناريو مثل ما ينتج متغيرات واقعية وفق اهداف الاجندة ، كان يخلق بالتوازي ايضا متضادا لتحقيق الغايات النهائية ، مما انتج انفلات خيوط اللعبة في التحكم المطلق عليها من الخارج .
الظاهر عربيا كواقع مشترك ( المستغل في اللعبة زيفا كتبرير لضرورة حدوث مروج الثورة الشعبية ) : 1 - ازمة نظام الحكم السياسي : المختنق ، الذي يعاني من انسداد تام لا يؤهل استمرار بقائه على الحكم ، مطبوع على الفساد الشامل لعمل سلطات الدولة الخليطة بين الجهل بالعمل المؤسسي وانحلال الاخلاق الحاكمة للعمل والمسئولية ، وعلى حكم ممارس خارج عن الدستور والقوانين المشرعة النافذة . 2 - عن النقطة السابقة تمخض عنها واقعا الظلم والقمع ومصادرة الحقوق ، تزايد معها الفقر الاجتماعي والبطالة وضعف دخل الافراد مقابل تنامي غلاء المعيشة بعشرات الاضعاف خلال العقدين الاخيرين – الى ما قبل 2011م – رغم غنى البلد في مصادرها الطبيعية وتعدد مصادر منافذها المدرة ثروات طائلة للدخل القومي الوطني . فثروات المجتمع الطبيعية وعائدات الدخل القومي والملكيات العامة للدولة لا تعود الى ميزانية الدولة ومنها لتحرير عيش المواطنين من الحاجة والازمات المعيشية ، ولكن تبتلع نهبا من مراكز نفوذ الحكم وسلاسلهم المرتبطة بهم مافويا على صعيدي عمل اجهزة الدولة او المميزة اجتماعيا – كأعيان ومشيخات واسريات وبيوتات مالية تجارية نافذة – وصولا الى وسط وادنى تلك السلاسل المنتفعة التابعة لمراكز النفوذ او محسوبة عليها . وكل بضع سنوات تمر ، يزداد الفقر اجتماعيا وتختل الحياة ، فالدخل العائلي لم يعد ممكنا على تلبية ابسط الحاجات الاولية الضرورية لكل اسرة عامة مع انغلاق كافة الابواب للخروج من تلك الحالة على صعيد المنظور المستقبلي ، حتى أن الفرص اصبحت متلاشية لتحسين الدخل او تغيير الوضع المعيشي ، فخريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا لا يجدون عملا او وظيفة ، كما ولا يجدون دونهم عملا يتعيشون من خلاله . 3 - وعن ما سبق . . نتج انهيارا لقيم العمل ، وانهيارا لمخرجات التعليم الهابط والفاسد طبيعته النظامية ، فتخلق عنهما تسرب متعاظم عن العملية التعليمية ، ما انتج هبوطا للوعي وتطبعه بالزيف الى جانب تعمم القيم المجتمعية المحتقرة ( ضمنيا ) العمل والتعليم ومعاداة المعرفة النظرية – التي لا تؤكل عيش – مقابل اعلاء وشيوع قيم الانتفاع الرخيصة للارتزاق اجتماعيا – حتى على الصعيد الفردي - بما فيها الانتهازية لتحقيق العيش ونيل الفرص ، والتي تعد طرقها لاغية معايير الكفاءة والاخلاق وجهد العمل المبذول ، ولكنها تكتفي بالخنوع التابع واداء العمل والسلوك اللاأخلاقي او غير القانوني وفق ما يؤمر به ويسلك به بطواعية ذاتية عفوية كتقديس فارض على المجتمع للرمز الذي يعتقد انه منسب إليه ، باعتقاد توهمي كحارس امين على مكانة ومصالح سيده و . . الذي يعد بالنسبة له استقواء على المجتمع بما يمنحه من عائد ومكانة او مهابة ظلية من مهابة وسطوة سيده – أي كلما نما وتوسع نفوذ سيده ، كلما طالت يده على الاخرين ومصالحهم وحياتهم وحقوقهم – وهو ما انتج مجاور موازي للفساد والتسلط على المقدرات والمداخيل تخلق وشيوع ممارسة ارهاب الحكم – في اجهزته الرسمية او من خلال بطاناته الاجتماعية المسلحة – على المجتمع في مختلف فئاته مناطقيا او عشائريا او مذهبيا وصولا الى وجوده المعبر عنه على صعيد الفرد – تحت قول مبدئي مطلق : من هو ليس معنا فهو ضدنا . 4 - وعليه انتج ما سبق . . اختلالا مجتمعيا تشوهي شامل ، من القيم المجردة الى قيم عيش الحياة ومنها الموصولة بالعلاقات الاجتماعية المنهارة ، ما سبب اختلالا تشوهي في النسيج الاجتماعي والمواقف وشيوع الفهم التصوري الزائف في كل الامور المختلفة . حقيقة ما وصل إليه الوضع الاجتماعي عبر تراكم من الفساد وانهيار القيم وتزايد نسبة الفقر الى ما يزيد عن 65% ، وبنسبة الثلثين من القيمة المتبقية غير قادرة على تحمل نفقات العيش الامن الضروري . . ما اوصل الحياة ان تعد مهددة لغالبية انسان المجتمع ، فكل الطرق مسدودة على كافة الاصعدة ، أكانت من قبل نظام الحكم المعاق كليا او من خلال ما هو اجتماعي ذاتي . ظاهر التذرع الاستغلالي الغربي لتنفيذ مشروعا : 1 - حماية انسانيتنا وحقنا كمواطنين مستضعفين في بلداننا من قبل انظمة استبدادية بوليسية لحاكم فرد – فقد كل منهما اهلية استمراره على الحكم – كدعم لوجستي ومادي وتشريع دولي متخفي وراء المنظمة الدولية للأمم المتحدة كوقوف مع شعوبنا في حقهم لتقرير مصيرهم واختيار حاكميهم واستبدالهم سلميا دون اراقة الدماء او الانزلاق في هاوية الاحتراب ، حقهم كثورة شعبية سلمية تخلع الحاكم الفرد ونظامه المستبد الفاسد ودولته المعرفة ب ( الدولة العميقة البوليسية ) ، والذي هو من وجه اخر شل القبضة الترويعية العسكرية من استخدامها ضد المواطنين العزل . 2 - أما المخرج التبريري المساند دوليا لإسقاط الانظمة العربية تلك ، ومنها تقييد حكامها من استخدام القوة العسكرية والبوليسية لإجهاض اية ثورة تقوم بادعاء انها تمرد خياني على الوطن . . لمؤامرة خارجية – وذلك تحت زيف ادعاء العولمة كنازعة لتحرير انسان شعوب العالم ليكون مشاركا في انتاج حضارة انسانية واحدة – كانت هناك تخريجة ثورة العصر المغايرة لكل مفهوم الثورات التي عبرت خلال التاريخ الانساني منذ القديم البدائي وحتى ما قبل 2011م. – لكي تتطابق مع المسمى الذي اطلقه اوباما كمبشر روحي للعرب عند زيارته لمصر قبل الحدث بعامين او اكثر بأنه يزف خبرا سعيدا سيحدث في المنطقة العربية قريبا . . في بعض بلدان منها ، والتي ستعبد الطريق للجميع لاحقا لعيش المعاصرة تماثلا مع غيرها من الشعوب المتقدمة ، والتي ستعد ثورات تغييرية لم تأتي مثلها في التاريخ قبلا ، والتي اسماها ب ( ثورات الربيع العربي ) ، ثورات شبابية شعبية ، لا تقودها احزاب او رموز سياسية او اجتماعية ، ثورات سلمية . . احتجاجية اعتصاميه – تقابل قوة ارهاب الدولة وجيوشها المسلحة غير النظامية ب ( صدور عارية ) .
المبررات والاهداف المخفية غير المعلنة وراء الاجندة : 1 - إعادة ترتيب المنطقة العربية – استباقا – لتقاسم النفوذ الغربي بت بعية مطلقة شاملة إليها . . قبل الولوج الى متفق عالمي لتوازن القوى بين الاقطاب النافذة – خاصة مع روسيا والصين . 2 - تنامي غطرسة الحكام العرب امام قادة الغرب والتهديد المبطن لربط مصالح التبعية في اتجاه روسيا والصين ، مع تنامي خطاباتهم بتحررهم من قيد الخنوع الذاتي التابع لشخوصهم مماثلة بتبعية انظمتهم وشعوبهم من حيث الدرجة . 3 - أن الانظمة العربية وشخوص حاكميها الفردين اللذين انتجتهما وحمت وجودهما واستمرارهما خلال العقود السابقة . . قد حققا الحد الاقصى من خدمة تحقيق اهداف ومصالح بلدان المركز الغربي ، بينما اصبحا وجودهما معيقا لأهدافها القادمة لبناء معادل توازن القوى في النظام العالمي الجديد – المتأخر – بما يخدم تسيد مصالحها واهدافها كقطب فوق الاقطاب الاخرى .
الغايات الاستراتيجية السرية في الغربية : 1 - انهاء الايديولوجية الوطنية السياسية . . كعدو ( سري او علني ) معيق لتعميق التبعية وتحكم الخارج بمختلف الشئون الداخلية وفق المطلوب مستقبلا . 2 - وعن الاول سينتج انتهاء دور الاحزاب والنقابات في دورها الولائي الوطني ، واحلال محلها مفرخاتها بمسمى المنظمات الاهلية التابعة لها مباشرة وبصورة غير مباشرة ، ومحو الرمز الوطني من الافراد واحلال مواضعهم مفرخات محلية من انتاجها يتم تلميعها وتمكينها في داخل اوطانها ، ويكون ولائهم المبطن للخارج وفي ظاهر الخطاب كولاء وطني . 4 - متطلب التبعية المستقبلية واستمرار تناميها يتمثل متطلباتها في أن يكون كل بلد عربي – وتحديدا بأولوية منها من حيث الثروات او الموقع الاستراتيجي الخطير دوليا واقليميا او من حيث توازن الصراع بالمشيئة الغربية – أن : أ ) تكون كل اطراف الصراع المحلية على الحكم والنفوذ ضعيفة امامها وخاضعة لإملاءاتها . ب ) أن يكون النسيج الاجتماعي مفتت ومتنازع فيه وشيوع ثقافة الكراهية ، بما يمنع مستقبلا ظهور وحدة مجتمعية دافعة الى قيام تحول وطني حقيقي بديل . ج ) انهاء قيام دولة وطنية واستبدالها بدولة شكلية تقوم على المحاصصة والولاء للخارج . وبحيث تكون صوريا قابضة ممثلة لنظام الحكم ومعبرة عن المجتمع ، بينما واقعيا تكون الكانتونات المسلحة المفرخة على خارطة البلد تمثل السلطة القابضة على حكم المجتمع باقتسام جغرافي سكاني مناطقي وفق معادلة اقتسام حصص الوطن ، والتي يمثل كل كانتون منها وكيلا محليا للخارج ، يطبع واقعه المحلي وانسانه على الخضوع المطلق للخارج ومن جانب اخر يمثل اداة لخلخلة البلد إذا ما استجدت ضرورة لإعادة ترتيبه على شروط مستجدة . د ) ذوبان الهوية الوطنية المحلية والقومية العربية في هوية الذات المتسيدة لبلد المركز الغربي في خديعة بناء الحضارة الانسانية التشاركية العالمية الواحدة .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزء السابع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي
...
-
43 – مدخل . . الى العقل المتصنم النظام الحاكم ، طبيع
...
-
42 – مدخل . . إلى العقل المتصنم متشوه الإرث البش
...
-
الجزء السادس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي
...
-
ملامسة صفرية . . لجانب من عطبنا
-
الجزء الخامس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي
...
-
الجزء الرابع رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ال
...
-
الجزء الثالث رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الر
...
-
نسخة معدلة ( اغنية ثانية - لبغدادية - مرتبكة )
-
41 – مدخل . . الى العقل المتصنم / نفوس متطبعة . . على متكرر
...
-
وقفة اجلال على وجه من التاريخ
-
نظرية العبقرية / المعجزة - إشكالية مبحث يقود الى نظرية جامعة
...
-
40 – مدخل . . الى العقل المتصنم نفوس متطبعة . . على متكرر
...
-
ومضة ملهات وآقعية - بطرفة عين
-
هاجس . . بكلمتين لا أكثر
-
الجزء الثاني رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الر
...
-
الجزء الاول رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الرو
...
-
39 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في د
...
-
38 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في دورا
...
-
37 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في دوران خ
...
المزيد.....
-
مسيرة احتجاجية حاشدة مؤيدة لفلسطين وسط لندن (فيديو)
-
الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة جديدة لجنوده القتلى في القتال مع
...
-
عشرات المتظاهرين يلصقون أفواههم بشريط -غزة- و-فلسطين- وينصبو
...
-
نعيمة البحاري// الذبح مستمر، الشعب يقاوم، قافلة الشهداء
...
-
عبد الناصر عيسى.. عميد أسرى نابلس وقائد الحراك الثقافي بسجون
...
-
أوزغور أوزيل.. الرئيس الثامن لحزب الشعب الجمهوري التركي
-
تيسير خالد : الولايات المتحدة تقدم نفسها من جديد ...دولة معا
...
-
محاكمة مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا بتهمة الاختل
...
-
المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: خطاب الكراهية والتأجيج
...
-
محاكمة مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا بتهمة اختلاس
...
المزيد.....
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
-
الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج
/ سعيد العليمى
-
جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 47، جوان-جويلية2018
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|