أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - المغزى السياسي من استقبال الملك محمد السادس للمنتخب الوطني















المزيد.....

المغزى السياسي من استقبال الملك محمد السادس للمنتخب الوطني


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7469 - 2022 / 12 / 21 - 14:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منْ لم يدرك المغزى السياسي من الاستقبال الملكي للفريق الوطني ، طبعا سيستمر في الهذيان ، وفي التنبؤ ، وسيستمر بعيدا عن فهم ومعرفة أصل النظام السياسي المغربي ، كنظام سلطاني مخزني ، رعوي ، وبطريركي ، وثيوقراطي .
فالنظام السياسي المغربي كنظام فريد ، له خصوصياته وقيمه المخزنية التقليدية ، عصيٌّ عن التنظير للإطاحة به ، لأنه نظام لن يسقط ابدا ، مادام يحتفظ بأصول السلطنة والمخزنية ، التي تجعل العلاقة بينه كنظام رعوي بطريركي وثيوقراطي ، وبين الرعية وليس الشعب ، علاقة تابع ومتبوع ، أي علاقة مباشرة لا تحتاج الى وسطاء او الى أجهزة ، هي دون مستوى التمثيل الذي يعكسه النظام داخل مجتمع الرعايا التي ترتبط بالسلطان مباشرة ، دون غيره من القوى التي تشتغل بالشأن العام .
انّ مناسبة كأس العالم التي حقق فيها الفريق الوطني نتائج أبهرت العالم ، وأبكت كبار اللاعبين البرتغاليين حين خسروا المقابلة مع الفريق المغربي ، أعطت للنظام فرصة لتوظيف الحدث ، بما يزيد من تأكيد الراعي ، والدولة الرعوية ، والرعايا المرتبطة بشخص السلطان لا بغيره . فكان توظيف الاستقبال الملكي للفريق ، والحشد الغفير من الرعايا التي تدفقت طول الأرصفة من مطار سلا حتى دخول باب القصر ، بمثابة بيعة شعبية من الرعايا للراعي ، والأمير ، والامام ، خاصة وانّ من اصطف يهتف ، ويصيح ، ويلوح بيديه ، هم من الفقراء ، ومن أشباه الفقراء ، الذين جاؤوا من تلقاء نفسهم ، ولم يأتوا تلبية لدعوة لم توجه أصلا . وهذا الحشر الشعبي اللاّإرادي يذكرنا بجنازة الحسن الثاني ، الذي خرج وبكاه الرعايا الفقراء رغم تجويعه لهم ، ولم يخرج ولم يذرف دمعة واحدة على غيابه آل الفاسي ، لا كبار البرجوازيين Les supers sujets ، الذين اراحهم موته .. فالحشد الشعبي الذي خرج للقاء الفريق الوطني ، كان مثله او اكثر منه ، من الحشد الذي خرج في جنازة الحسن الثاني ، فكان طوفانا لم يشهده المغرب من قبل ، وهو طوفان كان يردد " عاش الملك " " عاش سيدنا " ، وكلمة سيدنا تعني ان الحشد المصطف ، هم راعيا متعلقة بالسلطان ، الذي يرعاهم في مسراتهم وفي خيباتهم ، وانّ الدولة الحاكمة هي دولة رعوية بطريركية باختيار الرعايا طواعية ، ومن دون جبر أو فرض ، أو إكراه .
ان طريقة خروج الحشد الشعبي ، مثل الحشد الشعبي عند وفاة الحسن الثاني ، وبتلك الطريقة التلقائية ، تذكرنا بالحشد الشعبي الذي خرج كرعايا ، وتوجه الى القصر عند وفاة محمد الخامس ، حيث خرج الفقراء وليس الأغنياء يبكونه ، ويتمرغون من أجله في التراب ، ويندبون وجوههم بأظافرهم التي تركت ندوبا لم تمحوها قساوة العيش وقساوة الزمن ، والفرق انّ خروج الحشد الشعبي للقاء الفريق المغربي ، كان فرحة واحتفالا ، ولم يكن حزنا ولا بكاء ..
وحين يردد اللاّعبون كلمة " سيدنا " ، " سيدنا استقبلنا " " عاش سيدنا " ، وهم الذين ازدادوا في الدول الاوربية ، وعاشوا فيها ، ومنهم من يجهل التحدث بالدارجة المغربية ، فأحرى اللغة العربية ، أكيد انّ هؤلاء رغم حياتهم الاوربية ، فهم يحتفظون بالأصل الذي يميز النظام السياسي المغربي في شكل الدولة السلطانية المخزنية ، خاصة في العلاقة المباشرة بين الراعي والرعية في الدولة الرعوية .. وهذه القاعدة العامة المغربية ، كانت الصخرة التي تحطمت فوقها كل مشاريع التجاوز للدولة ، التي ظلت واقفة صامدة ، واعداءها الذي خططوا لقلبها ، بعد الاستغفار والتوبة ، عادوا ليعيشوا في حضنها كرعايا سلطانيين ومخزنيين .
فما جرى من أرصفة المطار حتى الدخول الى القصر ، لم يكن عاديا ، وكان منتظراً ، لان المخزن الذكي يعرف كيف يوظف الاحداث ، في خدمة مشروع الدولة السلطانية المخزنية ، وبما يجعل المسافة تضيق مع معارضيه جذريين ، أو نصف جذريين ، أو حتى إصلاحيين ، أو عقائديين ..
لقد كان الحشد الشعبي الغفير ، وفتح أبواب قصر " تْوارْگة " الذي يحيل على الطقوس السلطانية ، وطريقة الاستقبال التقليدية ، والعشاء الفاخر ، وتقديم هدايا دار المخزن ، بمثابة بيعة حقيقية للسلطان كحاكم رعوي ، يحكم دولة رعوية ، بطريركية تركز على الأصول ، والثوابت ، والتقاليد المرعية ، والطقوس السلطانية ، في تثبيت دعائم دولة وليس فقط نظام ، لن تهزه الريح العاتية من اين أتت . ولن يسقط مادام يتغلف بأصول الدولة السلطانية ، ومنها التركيز واحتكار الدين في ضبط الدولة ، وضبط النظام ، ولجم الرعية التي وصفها يوما الحسن الثاني ب " الأسد المشدود بخيط " .
ان رفع طوفان الحشد الشعبي المصطف من أرصفة المطار حتى أبواب قصر " تْوارْگة " ، لشعار " عاش الملك " ، وترديد لاعبي الفريق الوطني لمصطلح " سيدنا " " استقبلنا سيدنا " " عاش سيدنا " ، وهم الذي خُلِقوا في اوربة في تقاليد اوربية ، هو اكبر برهان ، على ارتباط الرعية بالراعي الامام ، والأمير ، وبالسلطان ، وبالتقاليد المخزنية التي تربط الكل بعقد البيعة ، الذي يجمع مباشرة السلطان بالرعية ، من دون وساطة حزبية او برلمانية .. وهذه الحقيقة القاعدة ، يؤمن بها الجميع ، بما فيهم " اليسار " الرخوي ، الذي اندمج مع الموروث الأيديولوجي لدار المخزن ، حين بدأ يشارك في استحقاقاتها السياسية والتشريعية ..
ان تقبيل بعض اللاعبين كتف الملك ، وتقبيل آخرين يده ، وترديدهم كلمة " سيدنا " ، وترديد طوفان الحشد الشعبي شعار " عاش الملك " ، وخروجهم تلقائيا ومن دون دعوة ، والتوجه الى القصر ، كان بيعة للراعي ، والامام ، والأمير ، وانّ المغرب لا ولن يكون غير دولة سلطانية ، مخزنية طقوسية ، أميرية .. هذه هي الحقيقة الساطعة التي تؤمن بها الدول الاوربية وعلى رأسها الجمهورية الفرنسية ، التي جاءت وزير خارجيتها Catherine Colonna تتودد للرباط ، وتبشر بالزيارة المرتقبة للرئيس Emanuel Macron الرئيس العصري لمقابلة السلطان التقليدي .. " جايْ بحْدُ بْلا دعوة " ..
فهل فهمتم الآن لماذا كان الحسن الثاني في خطاباتهم يبدئها ب " رعايانا الاوفياء " .. نعم الرعايا دائما وفية لراعيها ، تجوع هي ويشبع هو ، تمرض هي ويصح هو ، تُفقر هي ويغتني هو ..
ما حصل اكيد سيتسبب في هجر النوم عن الكثيرين المصدومين .. لأنها ضربة مْعلّمْ ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية حركة حقوق الانسان بالمغرب
- من يرفض التغيير ، ومن يرفض الإصلاح ؟
- المنتخب الوطني لكرة القدم
- - الوطن غفور رحيم -
- هل انفرط عقد الوُدّ بين جماعة العدل والإحسان ، وبين حزب النه ...
- مسيرة الرباط الشعبية ضد الغلاء الفاحش ، وضد دولة البوليس الج ...
- تغيير المجتمع
- هل الدولة السلطانية المخزنية العلوية البوليسية قابلة للإصلاح ...
- مستقبل العلاقات المغربية الاسبانية
- البوليس السياسي
- ( الجريمة ) السياسية
- أنا جمهوري . أنا ملكي – أنا ملكي . أنا جمهوري
- معارضة ومعارضة
- أول معارضة ظهرت كانت اسلامية قبل ظهور ماركس ، ولينين ، وماو ...
- ثمانية عشرة سنة مرت على تسميم ياسر عرفات
- 14 نونبر 1975 -- 14 نونبر 2022 .. ذكرى إتفاقية مدريد المشؤوم ...
- الصراع ( السني ) ( الشيعي ) على نظام الخلافة الاسلامية .
- الثقافة قضية والقضية هي التغيير
- النظام السياسي المغربي نظام سلطاني مخزني وبوليسي بامتياز
- عودة اليمين الى الحكم في الولايات المتحدة الامريكية ، وفي اس ...


المزيد.....




- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري
- بارون ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري في فلوريدا
- عاصفة شمسية -شديدة- تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003
- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - المغزى السياسي من استقبال الملك محمد السادس للمنتخب الوطني