أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - البوليس السياسي















المزيد.....


البوليس السياسي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7444 - 2022 / 11 / 26 - 20:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل دول العالم يوجد ما يسمى بالبوليس السياسي ، فلا يمكن تصور وجود دولة او كيان ، دون وجود البوليس السياسي الذي يتولى مهمة الشأن العام . بل حتى داخل التنظيمات الحزبية والنقابية ، توجد فرق من المشتغلين مهمتهم التقصي ، والبحث ، والتدقيق ، وفي نفس الوقت إعطاء الأوامر لمفتولي العضلات الذين يكوّنون فرقا خاصا ، للتصدي لمواجهة معارضة تتبلور داخل التنظيم للجْمِها قبل ان يستفحل امرها ، وتصبح تنافس أصحاب القرار الجاثمين على صدر الحزب ، او اصدار الأوامر للتعاطي مع إزعاج او تنافس يشكله تنظيم من خارج التنظيم ، للوصول الى قيادة إطارات قد تكون عمالية او طلابية ، خاصة اذا كان الخصم يمثل تعارضا عقائديا مع التوجه الأيديولوجي للمتنازعين او المتصارعين .. فمثلا الصراع بين الإسلام السياسي ، وبين الأحزاب والتنظيمات المعارضة له ، لاكتساح الساحة والاستفراد منها ، وحصر الأعداء المعارضين في زاوية ضيقة .. وقد يصل عنف فرق العضلات المفتولة ( البوليس السياسي ) داخل الحزب او التنظيم ، الى استعمال الأسلحة البيضاء ، وممارسة العنف بكل اشكاله المقززة الذي يصل في مرات الى التصفية الجسدية .
فالبوليس السياسي ليس موجودا كجهاز عند الدول والحكومات ، بل هو موجود حتى داخل الأحزاب ، والمنظمات ، والتنظيمات النقابية ، والسياسية المختلفة . لكن انّ الفرق بين الجهازين ، انّ بوليس الدولة او الحكومة مُدسْتر وتحكمه القوانين الخاصة ، في حين ان الفُرُق المفتولين العضلات ، تحتكم لسلطة الامر الواقع التي يفرضها الصراع في الساحة .
في جميع الدول وأياً كان شكل حكمها ، توجد إدارات قد يكون بها فريق يزاول عمل البوليس السياسي ، الى جانب فرق من نفس الإدارة تمارس عملا لا يدخل في اختصاص عمل البوليس السياسي بالمفهوم المتعارف عليه . وقد توجد إدارات بكاملها متخصصة في عمل البوليس السياسي بكل تفرعاته المختلفة ، من الانكباب على الشأن السياسي الصّرف ، الى الانكباب على الشأن الاقتصادي ، الى الانكباب على الشأن الاجتماعي ، وبما فيه الانكباب على بحث أسباب الفقر ، مدن الصفيح ، الغلاء ، البغاء ، الشواذ ، الفن من غناء ، ورقص ، وكباريهات ، الى دور القمار .. فتخصص هذه الإدارات هو ملتصق بالشأن العام ، دون الاخذ بعين الاعتبار طرق عمل هذه الإدارات ، والقرارات التي تتخذها وتصدرها الى السلطة السياسية التي تحكم البلد .
في المغرب كان للبوليس السياسي ولا يزال ، الدور الرئيسي في اعداد التقارير التي تبني عليها الدولة قراراتها في مختلف الميادين التي تؤرقها ، او تريد معالجتها بالالتفاف على حقيقتها ، حتى تبرر مشروعية رد فعلها الذي يكون مشمولا بسلطة الامر ، والنهي ، وبالجبر . فالدولة باعتبارها دولة بوليسية مخزنية ، فهي تعتمد على قرارات البوليس السياسي لرسم أي افق ، لأية مشكلة ، بما فيها ما يسمى ( بالتنمية ) . بل ان سلطة البوليس السياسي هي التي تتولى توجيه الإذن للنيابة العامة لفتح تحقيق بخصوص قضية ما ، كالقضايا التي لها علاقة بالتدوينات ، ويسميها البوليس السياسي بالجرائم الالكترونية . فمَنْ يراقب ويتابع آلاف التدوينات والنشر البوليس السياسي ، وليس النيابة التي تُشْعر بإخطار البوليس ، لفتح متابعة حتى تضفى عليها صبغة قضائية، وليس صبغة بوليسية ، من جهة لتفادي ملاحظات منظمات حقوق الانسان الدولية ، ومن جهة لتوجيه المتابعة كما يريد البوليس السياسي باسم النيابة العامة ( القضاء ) ، وليس باسمه حيث يتحول المشكل او اصل تحريك المتابعة ، من البوليس الى النيابة العامة التي سيتصبح شكليا رئيسة للبوليس السياسي ، توجه له الأمر بفتح التحقيق او المتابعة ، في حين اصل المشكل هو البوليس السياسي الذي يتحكم بتقاريره في جهاز النيابة العامة ، التي تتبنّى محاضره جملة وتفصيلا .. بل حتى قضاء الجلوس الذي من المفروض ان يلعب دور المحايد ، الذي يجب الاّ يميل الى البوليس السياسي في شكل تبني النيابة العامة لإشارة وتوجيهات البوليس ، او للمتهم بمحضر البوليس الذي تبنته النيابة العامة ، وهي هنا تكون إدارة طيعة في يد البوليس ، يتعامل مع المتهم كمُدان من الأصل ، رغم ان الأصل هو البراءة ما لم توجد اذلة وحجج تؤكد صحة التهمة البوليسية ضد الشخص المتهم ، فالبوليس السياسي والبوليس بوجه عام ، يتحكم حتى في القضاء الواقف والجالس .
انّ البوليس السياسي في الدولة البوليسية ،هو صاحب الحل والنهي في كل القضايا كبيرها وصغيرها . وعندما نتكلم عن البوليس السياسي ، فليس المعنى المقصود " مديرية الاستعلامات " ضمن " المديرية العامة للأمن الوطني " ، وليس المقصود " المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني " ، بل المقصود جميع الأجهزة التي تشتغل بالشأن العام ، من جيش ، ودرك ، ووزارة الداخلية ..
عندما أحرز المغرب على استقلال Aix-les Bains ، وشرع في بناء جهازه البوليسي ، " الإدارة العامة للأمن الوطني " ، التي حوّلها الخائن سارق المال العام المدعو الشرقي ضريس ، الى " المديرية العامة للأمن الوطني " ، وقبول فؤاد علي الهمة نزولا عند نزوات المدعو الشرقي ضريس بهذا التغيير ، وهو الذي كان ولا يزال يتحكم في السلطان محمد السادس باسم زمالة " الكوليج رويال " Le collège royal ، كان أول ما فكر النظام القيام به ، هو ان يكون اشتغال الإدارة المذكورة ، سياسيا ، هدفه الحفاظ على النظام السلطاني الذي بدأ يتخوف من تهديد المقاومة ، وأزعجته بعض الشعارات التي كان يرددها المتأثرون بأنظمة برجوازية الدولة في الشرق ، قبل بزوغ التجربة الجزائرية التي تأثروا بها عندما اختارت الجزائر " النهج الاشتراكي " المحلي غداة استقلال 1962 . وهنا لا ننسى ان ادريس المحمدي وزير الداخلية ، ولغزاوي المدير العام للأمن الوطني ، كانا ينتميان الى حزب الاستقلال ، الذي مارس بولسه السياسي ، " الفرق ذوي العضلات المفتولة " ، مجزرة رهيبة في دار بريشة ضد حزب الدستور الليبرالي لصاحبه محمد بن الحسن الوزاني ، حيث تمت تصفية كوكبة من الحزب عددهم ثلاثون ضحية .. ، ودور هذه العضلات المفتولة التابعة لحزب الاستقلال ، وبالتنسيق مع بوليس المديرية العامة للأمن الوطني ، في تصفية العشرات من المقاومين بشوارع الدارالبيضاء ، والرباط ، وتقف وراء اغتيال أحد قواد جيش التحرير في الشمال عباس المسعدي . وكما ذكرت أعلاه ففي هذه الحقبة الحالكة من تاريخ الاغتيالات ، كان وزير الداخلية هو ادريس المحمدي ، والمدير العام للأمن الوطني هو محمد لغزاوي ، وكلاهما ينتمي الى حزب الاستقلال .
عندما كان الجنرال محمد افقير وزيرا للداخلية ، تحكم في جهاز البوليس السياسي عن طريق الكمندار الغازي بعزات من قرية " الكاموني / علال البحراوي " ، وتحكم في الأمن وفي الشؤون السياسية عن طريق قسم الشؤون السياسية بوزارة الداخلية ، وهذا القسم كان يوجد بالطابق الأول بالبناية التي توجد بها مصلحة الصحافة والاعلام في عهد ادريس البصري ، الذي حول إسم قسم الشؤون السياسية ، الى مديرية الشؤون العامة التي أصبحت تتولى الجانب الأمني البوليسي الصرف ، وتتولى الجانب السياسي الذي له طبعا علاقة مفصلية مع الجانب البوليسي .
وقبل فترة إدريس البصري ، لا ننسى ان الكلونيل / الجنرال احمد الدليمي كان في عهد وزارة الجنرال محمد افقير لوزارة الداخلية ، مديرا عاما للأمن الوطني ، ومباشرة بعد اغتيال الجنرال محمد أفقير بعد فشل انقلاب 16 غشت في سنة 1972 ، سيؤسس الجنرال احمد الدليمي ومن معه ، الإدارة التي تشرف بان يكون اول مديرها ، هي " الإدارة العامة للدراسات والمستندات " DGED ، التي تتولى الامن الخارجي ، وتشتغل حتى على الامن الداخلي كالمديريات ذات الاختصاص الداخلي DGST ، وسيؤسس فريق ادريس البصري " مديرية مراقبة التراب الوطني " الذي كان مديرها الحقيقي ، رغم وجود حسين جميل ، وعبدالعزيز علابوش كمدراء ، لم يسبق للسحن الثاني ان استقبلهما ، لأنه كان يكرههما خاصة علابوش ، وعندما شعر عبدالعزيز علابوش بكره الحسن الثاني له ، سيلعب عرابه ادريس البصري دورا حتى يستقبله السلطان ، وذلك عندما تم تعيينه عاملا مديرا لمديرية الشؤون العامة بوزارة الداخلية DAG ، وهي مديرية كانت تتولى وظيفة الامن ، لأنها هي من يتحكم باسم ادريس البصري في الإدارة العامة للأمن الوطني ، وفي مديرية مراقبة التراب الوطني التي ستصبح مع محمد السادس بالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، كما كانت له سلطة مطلقة على مديرية الولاة ، والعمال ، والسلطة .
عندما استفرد كل من الجنرال احمد الدليمي وادريس البصري بتأسيس إدارتيْهما ، فرغم ان الإدارة العامة للدراسات والمستندات DGED من حيث المبدأ العام ، تختص بالأمن الخارجي خارج الحدود ، خاصة في الجزائر ، وفرنسا ، واسبانية ، وبلجيكا ، وليبيا ... الخ ، فهي كانت تتصرف في المجال الداخلي كإدارة متخصصة في الامن الداخلي للدولة المخزنية ، ونفس الشيء بالنسبة ل DST ووزارة الداخلية " مديرية الشؤون العامة " DAG ، فمن حيث المبدأ العام رغم انها تختص بالشأن الداخلي ، فهي كان لها عيون كثيرة ، وكانت تنشط خارج حدود المغرب .. أي كان هناك تنافس في الاشتغال بين الادارتين ، لكن كانت الإدارة العامة للدراسات والمستندات ، تحظى بنوع من الغلبة والافضلية والامتياز السلطانية عند الحسن الثاني ، لمكانة احمد الدليمي كجنرال وقائد لمنطقة الجنوب ، وكانت تأتي وزارة الداخلية بأدرعها " المديرية العامة للأمن الوطني " DGSN ، و " مديرية مراقبة التراب الوطني " DST ، و " مديرية الشؤون العامة " DAG في مرتبة ادني نسبيا ، لان بعد فشل انقلاب الجنرال احمد الدليمي ، ستصبح وزارة الداخلية وكل ادرعها ، هي صاحبة الامر والنهي الذي لا يشق لسلطتها غبار ، فاصبح الجميع يخشى ويخاف الوزارة وبما فيهم الجيش .. وامام هذه السطوة التي أصبحت عليها وزارة الداخلية ، سيتفاعل الجنرال حسني بنسليمان مع هذا الوضع الجديد ، وبقدرة قادر سيصبح ادريس البصري صديقه المفضل الذي انقلب عليه بمجرد موت الحسن الثاني ، ومجيء محمد السادس الذي كان يكره ادريس البصري . " الله ينصر من اصبح " . ..
لقد تجسدت الدولة البوليسية بالملموس زمن ادريس البصري ، فكان كل شيء في الدولة يرجع فيه الى البوليس ، سواء البوليس السياسي الذي طغى وتجبر ، حيث كانت الوزارة من خلال DST و DGSN و DAG و مديرية الولاة والعمال ورجال السلطة ، والمفتشية العامة للقوات المساعدة FA ، تتحكم في الوضع الأمني والسياسي ، حيث كانت الاعتقالات عشوائية تمس كل شرائج المجتمع ، والدواعي طبعا سياسية ، كما كانت تهندس وتبرمج الخريطة الحزبية ، ومنه الخريطة السياسية عند التحضير للاستحقاقات السياسية ، وبفضل البوليسية الراقية التي تميز بها ادريس البصري ، أصبحت له عيون في جميع الأحزاب والنقابات ، واستدعاه محمد نوبير الاموي كضيف شرف في المؤتمر الثالث للكنفدرالية الديمقراطية للشغل في سنة 1997 ، بل نجح ادريس البصري في تكوين مجموعة ضغط داخل بعض الأحزاب ، يحركها كلما دعت الضرورة الى ذلك ، كمجموعة فندق حسان التي انفصلت عن منظمة العمل الديمقراطي الشعبي OADP التي شكلت ( الحزب الاشتراكي ) ، الذي حل نفسه سريعا وعاد الى الانضمام الى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، كما كانت له مجموعة داخل حزب التقدم والاشتراكية كان يقودها تهامي لخياري ونبيل بنعبدلله ..
لذا عندما تكون نتيجة الانتخابات قد حصدها حزب تكوّن في ظرف أربعة وعشرين ساعة كالاتحاد الدستوري ، وتقبل أحزاب ( المعارضة ) بنتيجة اللعبة المغشوشة ، هنا تكون آلة القمع الجهنمية حقا قد جسدت السيطرة المطلقة على الدولة ، ومنها على المجتمع الذي وهب ثقته لزعامات سياسية كانت في خدمة الدولة ، ومنها خدمة مصالحها ، ولم تكن ابدا في خدمة المنتسبين الى الأحزاب التي كانت تعرف الانشقاقات ، بسبب الخيانات والضرب في مشروعية القرارات التي تخرج بها المؤتمرات ، او الهيئات المسؤولة في الحزب كاللجنة الإدارية مثلا ..
عندما توفي الحسن الثاني ، وجاء بعده محمد السادس ، ظهرت بعض المؤشرات نحو الرغبة في الدولة الديمقراطية ، والحد من دولة البوليس التي اساءت الى وجه المغرب ، كما اساءت الى الشعب المغربي .. فأصبحت الملامح الجديدة لدولة الحق والقانون ، تزعج وتخيف السلطويين Les autoritaires ، والمافيوزيين ، وشلة الاجرام بمختلف اصنافها التي حلبت الدولة حلبا بالسرقات ، والغش ، والتلاعب ، فتحول الشمكارة الخاوين الوفاض الى مالكين لثروة لا تقدر بثمن .
فمؤشرات العهد الذي سمي بالجديد ، هددت مراكز عدة ، خاصة حين تم الترويج لبعض الشعارات التي كانت في اصلها مجرد أكاذيب خادعة ، كالمفهوم الجديد للسلطة ، والحداثة ، والدولة الديمقراطية التي لا محيد منها ، وملك الفقراء .. وامام هذا الخطر المحدق بهذه الأوساط ، ستتحرك آلة القمع من جديد لتثبيت وجودها ، وسيعلن عن انقلاب / تفجيرات 16 مايو 2003 بالدارالبيضاء ، من مدينة القنيطرة ، وسيشرع وفي وقت قصير في اصدار قانون الإرهاب الذي ارجع المغرب الى عهد الدولة البوليسية الأكثر بشاعة من عهد الحسن الثاني .. فاستعمل هذا القانون بعد انقلاب 16 مايو 2003 في لجم الافواه ، واخراس الساحة ، وفي تنظيم محاكمات بمحاضر بوليسية مطبوخة ، وتم رمي المنتقدين، والمعارضين السلميين ، والمنددين بفساد الزمرة والشلة الجديدة في غياهب السجون ، وعادت حليمة الى عاداتها القديمة ، لكن بشكل اكثر مقزز ورديء ..
فالفرق بين بوليس الحسن الثاني الذي تميز بالاحترافية ، انه كان يعالج القضايا كما هي ، دون ان يصبغها ، او يحولها ، او يحورها . أيْ انّ الإدانة او التهمة تكون على ضوء الفعل الحاصل .. في حين سنجد بوليس محمد السادس يترك الأصل ، وينزوي يفبرك ويطبخ التهم الواهية التي لا علاقة لها بالفاعل .. فعوض مجابهة الفاعل بمواقفه الديمقراطية والاختيارية ، تُكيّف الجريمة الى جريمة الحق العام ، خاصة جرائم الجنس والبرنوغرافية التي تخصص فيها المدير العام الحالي للبوليس السياسي المدعو عبداللطيف الحموشي . فكل الملفات التي تم طبخها للمعتقلين تخص الجنس غير الجنس ، في حين ان هؤلاء معروفين بنشاطاتهم السياسية كداعين للدولة الديمقراطية ، ولدولة الحق والقانون ، والعديد منهم ينددون بالفساد ، وبالظلم ، وبسرقة المال العام ، ويرفضون الاعتداء على المواطنين من قبل البوليس السياسي الفاشي ، ومن قبل الجهاز السلطوي الطقوسي القروسطوي المرادف للجهاز البوليسي ..وهو الجهاز الذي تفنن في جلد الرعايا في الشوارع ، والدروب والازقة من دون خجل ..
في زمن ادريس البصري ، كانت جميع الإدارات الموازية ، تتبع وتابعة لوزارة الداخلية ، ومن بينها DGSN ، و DST ، وDAG ، و FA . فتعيين المدراء العامين لهذه الإدارات كانت من اختصاص وزير الداخلية ادريس البصري ، والطاقم المحيط به كالكتابة الخاصة التي كان على رأسها العامل حفيظ بنهاشم ، الذي سيعين مديرا عاما للأمن ، والديوان الذي كان به مجرمون بصفة مستشارين يحددون مصير الأشخاص المرشحين لتولي المناصب الاستراتيجية في الدولة . بل ان ترقية موظفي المديرية العامة للأمن ، او موظفي مديرية مراقبة التراب الوطني ، لم تكن تمر الاّ بموافقة طاقم ادريس البصري وعلى رأسهم رئيس ديوانه وصهر الحسن الثاني الوالي حسين بنحربيط ، والعامل حفيظ بنهاشم ..
في عهد محمد السادس سنجد ان الوضع البوليسي استفحل طغيانا ، لانفلاته من المراقبة المباشرة لوزارة الداخلية ، حيث أصبحت DGSN و DGST و FA إدارات مستقلة عن وزارة الداخلية ، فصار المدير العام المدعو عبداللطيف الحموشي ، كأنه يتصرف في ضيعته او في مملكته ، مع العلم ان علاقة وزارة الداخلية بهذه المديريات كان ينبغي ان تكون علاقة تسلسل اداري ، أي تابعين لوزارة الداخلية لا منفصلين عنها .. وقد ظهر هذا الجديد عندما كان الخائن سارق المال العام المدعو الشرقي ضريس مديرا عاما للأمن ، حيث كان يتصرف من دون الرجوع الى وزارة الداخلية ، وبقدرة قادر عندما اصبح وزيرا منتدبا في الداخلية ، اصبح يحرص على تبعية المديرية العامة للأمن الوطني لوزارة الداخلية .. وهذا عمل اجرامي واضح يستغل الأجهزة الاستراتيجية للدولة في خدمة المصالح الخاصة لهؤلاء المجرمين .
ان الوضعية الاعتبارية للمدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، والمديرية العامة للأمن الوطني المدعو عبداللطيف الحموشي ، أسمى وأرفع من وضع وزير الداخلية المدعو عبدالوافي لفتيت الذي يعتبر من الناحية العملية خاضعا للمدعو عبداللطيف الحموشي . فوزارة الداخلية أصبحت في وضع أدنى من وضع DGST ، و DGSN ، وأضحت مكانة المدعو عبداللطيف الحموشي ، أرفع وأعلا عند صديق السلطان محمد السادس ، المدعو فؤاد علي الهمة ، الذي يتحكم في الدولة في غياب السلطان المريض .
بل بعد إبعاد الجنرال حسني بنسليمان الذي كان في وضع شنآن مع صديق السلطان علي الهمة ، سيصبح جهاز الدرك يخضع لصديق الملك الذي يتولى شؤون الأمن والشؤون السياسية ، وهو غربال الديوان الملكي . وبما ان السلطان مريض بمرض خطير ، نتساءل عن الجهة التي يغربل لها صديق السلطان ما يَرِدُ من تقارير وملفات على الديوان الملكي ... فهل صديق السلطان يغربل لنفسه وحده الاخبار والتقارير ، فيقبل منها ما يروقه ويرمي ما لا يروقه ، رغم انه وحده الكل في الكل من دون منافس . بل ان صديق السلطان فؤاد علي الهمة ، هو وحده من يتلقى تقارير الإدارة العامة للدراسات والمستندات ، وبما ان السلطان مريض فأين تتخذ وجهتها تلك التقارير ، والجهة طبعا هي علي الهمة دون غيره ..
في عهد الحسن الثاني ، كان للبوليس السياسي مكانة محترمة ، وكان مقدرا من قبل الدول ، خاصة من دول الخليج كقطر ، والامارات العربية المتحدة ، والمملكة العربية السعودية .. كما كان محط احترام من قبل الدولة الفرنسية خاصة مؤسساتها الأمنية التي تمثلها وزارة الداخلية . فالتعامل كان يجري بين الكبار .. الاحترام والاحترام المتبادل .
في عهد محمد السادس تغيرت الصورة بالكامل نحو الانحطاط ، والرداءة ، والصبيانية ، وانعدام المسؤولية .. ووصل الانحطاط درجته القصوى ، عندما شرع المدير الجديد المدعو عبداللطيف الحموشي يطبخ المحاضر بتهم الجنس والبرنوغرافية ، لإرسال الناس الى السجون بسبب مواقفهم السياسية والحقوقية ، وزاد الانحطاط عندما شرع يفخخ الفنادق بالكاميرات لتصوير الناس ، لإخضاعهم الى ابتزاز نفسيته ونزواته المريضة التي تتطلب معاينة طبيبا نفسيا ، وبلغ الانحطاط قمته عندما شرع يعتدي على الناس ظلما ومن دون سبب ، فقط لان نفسيه المريضة الملعونة تدفعه الى ذلك .. وحتى يغلف الوضع زوراً وكذباً ، شرع في خلق الاساطير الخيالية ، والتماهي بقدرته " العيروضية " العفريت عيروض ، في الانتصار على الصعاب ، وخلق له صحافة " مرْقاوية " للدعاية والبوز Booz ، وتخصص في نسج الخيال البوليسي على طريقة الأفلام الهليودية الهندية ، همّه ان يبقى على رأس البوليس بكل السبل الماكرة لتفريغ مكبوتاته النفسية في حق المجتمع والناس .. ..
بل ان اكبر انحطاط وصبيانية بوليسية ، هو حين شرع ومن دون مسؤولية ، في تفخيخ هاتف الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، وسياسيين فرنسيين ، بالبرنامج الإسرائيلي Pegasus ، وفخخ هاتف رئيس وزراء اسبانية Pedro Sanchez ، ووزير الداخلية ، ووزير الدفاع الاسباني بنفس البرنامج .. فهل بوليس الحسن الثاني الاحترافي يجرأ على اقتراف هذه الجرائم ، فتسبب في قطع العلاقات بين الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، وبين رئيسه السلطان محمد السادس . وهل ان المدعو عبداللطيف الحموشي تصرف من دون استشارة وموافقة صديق السلطان ومستشاره فؤاد علي الهمة ، وفي النهاية موافقة السلطان لاعتقاده كما زيّنوا له بصعوبة تحديد جهة الاختراق التي عرى عنها مسؤول كبير في الموساد للرئيس الفرنسي .. فهل بوليس الحسن الثاني سيسقط في صبيانية الأفعال التي نتائجها ستمس القضايا الاستراتيجية للدولة ..
واكبر مصيبة ، هو حين روّج المدعو عبداللطيف الحموش على نفسه مشاركته في تأمين تنظيم كأس العالم بدولة قطر الفتية .. والمصيبة ان القطريين الذين يعرفونه جيدا ، ويعرفون طينته ، تجاهلوه بالمرة ، وعوض ان يكون ضمن الوفود الدولية الأمنية المختلفة التي رحبت بمجيئها دولة قطر للمشاركة في تأمين كأس العالم ، لم يكن من ضمن الوفود ، تجاهلوه وأرسلوه في زيارة خاصة لزيارة مراحيض الملعب ، وزيارة الملعب وحيدا مرفقا بشخصين بسيطين عاديين في ترتيب السلم الأمني القطري ..
فهل في عهد الحسن الثاني كان سيُفْعل بالمدير العام لبولسه السياسي ، ما حصل لمدير البوليس السياسي لمحمد السادس ، من إهانة كانت إهانة للسلطان محمد السادس ، اكثر من إهانة لصديق السلطان محمد السادس فؤاد علي الهمة المسؤول عن كل ما يحصل ويجري .. فمباشرة بعد الزيارة الرسمية للمراحيض Les toilettes ، سيتم ترحيله الى المغرب منهزما يجر ويتجرع اذيال الخيبة التي ما بعدها خيبة .
فعندما تسند الأمور الى غير أهلها ، الى الظالمين المجرمين ، فانتظر Jean Pierre – Tuquoi " Le dernier roi " .
يجب تقديم هذا الشخص وكل من معه ، وكل من أساء الى سمعة المغرب ومرّغها في الوحل ، الى المحاكم لتقول فيهم كلمتها مع التّتْريك . من أين لك هذا ؟ وتلك المهمة الرئيسية للحسن الثالث اذا أراد مغربا مستقرا ، واراد الحكم من دون تفجيرات داخلية ، او تفجيرات خارجية Madrid ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( الجريمة ) السياسية
- أنا جمهوري . أنا ملكي – أنا ملكي . أنا جمهوري
- معارضة ومعارضة
- أول معارضة ظهرت كانت اسلامية قبل ظهور ماركس ، ولينين ، وماو ...
- ثمانية عشرة سنة مرت على تسميم ياسر عرفات
- 14 نونبر 1975 -- 14 نونبر 2022 .. ذكرى إتفاقية مدريد المشؤوم ...
- الصراع ( السني ) ( الشيعي ) على نظام الخلافة الاسلامية .
- الثقافة قضية والقضية هي التغيير
- النظام السياسي المغربي نظام سلطاني مخزني وبوليسي بامتياز
- عودة اليمين الى الحكم في الولايات المتحدة الامريكية ، وفي اس ...
- إدارة الفايسبوك
- إعلان طنجة لطرد الجمهورية الصحراوية من الاتحاد الافريقي . رق ...
- دور ووضع الجيش من دور ووضع الشعب .
- نحو بديل سياسي إسلامي لتسيير الشأن العام – دولة الشورى . الش ...
- المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو . 13 و 14 و 15 و 16 ينا ...
- تحليل قرار مجلس الأمن رقم 2654 الصادر يوم الخميس 2022/10/27 ...
- خبر . المغرب يتجهز لاستقبال لقاء مغربي ، اسرائيلي ، امريكي ، ...
- هل سيحضر السلطان محمد السادس مؤتمر القمة العربية في الجزائر ...
- أزمة روسية ، أم أزمة أوكرانية
- العلاقة بين السياسة والحرب


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - البوليس السياسي