أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - الجشع البشري














المزيد.....

الجشع البشري


حسين علي
كاتب

(Hussein Ali Hassan)


الحوار المتمدن-العدد: 7455 - 2022 / 12 / 7 - 01:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أراد أحد ملوك الصين القديمة أن يكافئ أحد مواطنيه نظير الخدمات التي قدمها ذلك المواطن للمملكة. أتى الملك به، وقدم له عرضًا سخيًا؛ قال الملك للرجل:
- سوف أهب لك مساحة كبيرة من الأرض تكون ملكًا خالصًا لك.
فكر الملك مليًا في مقدار مساحة تلك الأرض التي سوف يهبها لذلك الرجل، ثم تفتق ذهنه عن عرض طرحه على ذلك المواطن، قائلاً له:
- سوف تمتلك كل مساحة الأرض التي تستطيع أن تقطعها سيرًا على قدميك.
هلل الرجل فرحًا لهذا العرض الكريم من جلالة الملك العظيم.
في الصباح الباكر استيقظ الرجل مهرولاً، وأخذ يعدو لقطع أكبر مساحة من الأرض، سار مسافات طويلة، كان يهرول بجنون، نال منه التعب ، ففكر أن يعود إلى الملك ليمنحه المسافة التي قطعها، ولكن سرعان ما طرد هذه الفكرة من ذهنه، مقررًا مواصلة السير للحصول على المزيد من الأرض، قطع مسافات أطول، وفكر في الرجوع إلى الملك مكتفيًا بما وصل إليه؛ ولكنه للمرة الثانية يتردد في العودة طمعًا في الاستحواذ على مساحات أكبر، واصل المسير، ظل الرجل يسير ويسير ...، نال منه التعب والإنهاك فسقط صريعًا. إن تلك المساحات الشاسعة من الأرض التي بذل حياته من أجل الاستحواذ عليها لم يمتلك منها سوى مساحة مترين تم دفنه فيها.
لا حدود للجشع البشري!! .. هكذا نحن نحرص على اكتناز المال وامتلاك العقارات، ونقضي أعمارنا سعيًا للمزيد، نتوهم أننا سوف نعيش أبد الدهر، وأن الموت لن يعرف طريقه إلينا. نسلك على هذا النحو، ونشقى في سبيل الحصول على مزيد من الثروة، نضحي بأجمل سنوات عمرنا من أجل امتلاك مال أو عقار لكي يتمتع به غيرنا، إن كل ما نملكه سوف يؤول إلى الأزواج والزوجات والأبناء والأحفاد، صحيح أن الواجب يحتم علينا أن نترك لهم ما يساعدهم على مواجهة صعاب الحياة، لكن للأسف الشديد نحن في سعينا إلى اكتناز المزيد من المال والعقار نعتقد وهمًا أن سعادتنا سوف تزداد بقدر زيادة ما نملكه، غافلون عن أننا نتعب ونشقى وقد ندخل في معارك ضارية يضيع فيها العمر وينجم عنها عداء الكثيرين لنا.
إن دائرة الجشع لا تقتصر على المال والعقار فقط، بل تتسع لتشمل أيضًا الطمع في السلطة، إن الحرص على المناصب والتكالب عليها هو أبشع صور الجشع، إن شهوة امتلاك السلطة تذل أعناق الرجال، فيجعلون «خدودهم مداسًا» حتى يصلوا إلى ما يبتغون، وما إن يصلوا حتى يطمعوا في المزيد ولا تتوقف أطماعهم عند حد؛ ظنًا منهم أنهم سيظلون سادة حتى قيام الساعة، وينسون أن الأيام دول، غافلون عن أنها لو كانت دامت لغيرهم، ما وصلت إليهم،
إن ما نقوله هنا لا يعني أن يزهد المرء في الحياة، ويكف عن العمل، ويقعد عن السعي للرزق. إن الطموح الإنساني والسعي لتحقيق الذات وتحقيق حياة كريمة أمر مشروع ومطلب نبيل، لكن التكالب على المال من جانب أناس يملكون منه الكثير، والحرص على سلطة هم غير مؤهلين لها، هو ضياع لأعمارهم من أجل الاستحواذ على مال يفيض عن حاجتهم؛ وسلطة تفوق قدرتهم؛ فهذا هو الجشع المرفوض.
لقد وُلِدَ الإنسان ليعيش الحياة .. لا ليستعد لها.



#حسين_علي (هاشتاغ)       Hussein_Ali_Hassan#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طه حسين ومستقبل الثقافة في مصر «4»
- طه حسين ومستقبل الثقافة في مصر «3»
- طه حسين ومستقبل الثقافة في مصر (2)
- طه حسين ومستقبل الثقافة في مصر (1)
- الخرافة.. والعلم
- ليس بالكتل الخرسانية وحدها تـُبنى الأوطان
- هل لدينا فلاسفة؟
- وجوه .. وأقنعة
- الصورة الذهنية والواقع الفعلي
- الدين المعاملة
- فلسفة التغافل
- زكى نجيب محمود وتجديد الفكر العربى
- قد تكون مظلومًا.. لكن هل حقًا تشعر بذلك؟
- الحق.. والحقيقة
- الحرية تاج على رؤوس الأحرار
- مجتمعات تذبح الإناث
- أوهام بشرية
- قِطَع الإسفنج
- نهج التهويل والتهوين في الإعلام الغربي
- هل الإنسان كائن حر؟


المزيد.....




- الأولى منذ وقف إطلاق النار.. إسرائيل: رصد دفعة صاروخية إيران ...
- ما هي مكاسب نتنياهو من الحرب مع إيران؟
- ترامب: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران -دخل حيز التنفيذ- ...
- أوكرانيا : مقتل ثلاثة أشخاص من بينهم طفل في غارات روسية وموس ...
- هل تحظر بريطانيا -بالستين أكشن- بموجب قانون الإرهاب؟
- قطر توجه رسالة إلى غوتيريش ومجلس الأمن بشأن هجوم إيران على ق ...
- ماذا تعرف عن الفتق؟
- هآرتس: أما آن لحرب غزة أن تتوقف؟
- بالفيديو.. تحذير مستشعر -ليدار- في السيارات يتلف كاميرات اله ...
- مستوطنون يقحمون أنفسهم في أعمال ترميم بالأقصى


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - الجشع البشري