أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - الدين المعاملة














المزيد.....

الدين المعاملة


حسين علي
كاتب

(Hussein Ali Hassan)


الحوار المتمدن-العدد: 7363 - 2022 / 9 / 6 - 21:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما ذهب الإمام محمد عبده لمؤتمر باريس عام ١٨٨١ ثم عاد من هناك إلى مصر، قال قولته المأثورة: «ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين.. ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكننى لم أجد إسلامًا!!».



هذه المقولة انتشرت وشاعت وصارت ترددها الأفواه كما تردد الأمثال والحِكم والمواعظ.. هذه المقولة فى حاجة إلى وقفة لتأمل معناها ومغزاها.. نحن فى حاجة إلى فهم ما كان يعنيه الإمام محمد عبده.. هل كان يقصد أن الناس فى الغرب - رغم كونهم غير مسلمين - يسلكون فى كل مناحى حياتهم وفقًا لنسق من القيم الأخلاقية الرفيعة؟! فيحترم بعضهم بعضا، ويؤدون عملهم بإخلاص ودقة وأمانة، ولا ينال أحدهم من حرية الآخر، لذلك نجد التطور والتقدم والحداثة فى تلك البلدان الغربية.. بينما نجد الفوضى وعدم الشعور بالمسئولية والتراجع والتخلف فى بلداننا الشرقية.. ومن ثمًّ عقد محمد عبده مقارنة سريعة بين أخلاق الأوروبيين، وأخلاق المسلمين فوجد أن الأوروبيين يتخلقون بأخلاق الإسلام فى معاملاتهم وأعمالهم على حين أن المسلمين بعيدون عن أخلاق دينهم!!



إذا صح نسب هذه العبارة إلى الشيخ الإمام محمد عبده؛ فعلينا أن نقول بوضوح إن الرجل قد جانبه الصواب، وأخطأ فى تقديم التفسير الصحيح لما شاهده هنا وهناك!!.. هو لم يدرك أن ما شاهده من صلاح الحال فى الغرب ليس مصدره الإسلام وتعاليمه.. وأن سوء الأوضاع فى بلادنا ليس مرده غياب تطبيق تعاليم الإسلام.



إن الإمام محمد عبده - مع احترامنا الشديد له - لم يدرك أن سبب رقى أخلاق الأوروبيين يكمن فى حرصهم على تطبيق القانون واحترامه، وفاته أن الناس فى الغرب اعتادوا على الالتزام باحترام القوانين والخضوع لها بحيث لا تطغى المصلحة الشخصية على المصلحة العامة للمجتمع، وذلك من خلال تطبيق عقوبات رادعة على كل من يتجرأ على مخالفة القانون، ودون أي استثناءات لأحد أيًا كان منصبه أو مركزه.

أما أن نقول: «إسلام بلا مسلمين‏..‏ ومسلمون بلا إسلام».

فنحن نروج دون قصد – أو حتى عن قصد – لما ينادى به الإخوان المسلمين والجماعات التكفيرية من ضرورة تطبيق الشريعة من أجل إصلاح المجتمع!!



إذا كان الأستاذ الإمام قد فهم أنك إذا ذهبت إلى الغرب فستجد مبادئ وتعاليم الإسلام مطبقة من قِبَـل أناس ليسوا مسلمين.. وفى أوطاننا الشرقية تجد شعوبًا مسلمة لكن سلوكياتها وتعاملاتها غير إسلامية!! إذا كان هذا هو معنى ومغزى عبارة محمد عبده.. بل إن كان هذا هو المطلوب أن نفهمه منها.. فلا شك أنه فهم مضلل.. لأنه يؤدى إلى تزييف وعى الناس، فيعتقدون خطأ أن الحلول الدينية والأخلاقية لا الحلول السياسية هى السبيل القويم لإصلاح المجتمعات.. ما أقوله لا يعنى التقليل من أهمية الدين أو الأخلاق، بقدر ما يعنى أن التدين والتحلى بالقيم الأخلاقية هو شرط ضرورى ولكن ليس كافيًا وحده لإصلاح المجتمعات.. إن الأولوية يجب أن تُعطَى لاحترام القوانين.. إذ فى غياب القوانين الملزمة والمطبقة بحسم واستمرار، يتحول المجتمع إلى غابة تسودها الفوضى وتحكمها الهمجية.



إن «الجزاء» أو «العقاب» هو أهم سمة تميز القانون عن الأخلاق.. ومن ثمَّ فإن فلسفة القانون لا تكمن فقط فى معاقبة من يرتكب مخالفات أو جرائم، بل تتمثل فى «الردع» أيضًا، تطبيق القانون لا يحقق معاقبة المجرمين فحسب، بل يمنع المواطن العادى من مجرد التفكير فى ارتكاب مخالفات أو جرائم خشية العقاب!!.. أما الأخلاق فهى التزام داخلى لا توجد عقوبات سريعة فى الدنيا لتوقيعها على المخالفين.. فالكذب والنفاق وعدم الوفاء بالوعد.. إلخ، كلها رذائل ومع ذلك تتم ممارستها يوميًا من قِبَل معظم الناس دون توقيع عقوبات على مرتكبى هذه الرذائل!!



إذا أردنا أن نفسر ما شاهده الإمام محمد عبده، وما يشاهده غيره حتى اليوم من رقى أخلاق الناس فى الغرب وتقدم مجتمعاتهم تفسيرًا صحيحًا فعلينا أن نقول:

إنه من كثرة اعتياد المواطنين فى البلدان الغربية على احترام القوانين.. صار سلوكهم اليومى منضبطًا وكأنهم قد جبلوا وفطروا على الأخلاق القويمة.. وعلى الجانب الآخر فإن الناس فى بلادنا قد اعتادوا على الاستهانة بالقوانين وعدم احترامها، متخذين من بعض كبار المسئولين قدوة لهم فى الاستهتار بالقوانين ورفض تطبيقها وعدم الانصياع لبنودها.. مسئولون كبار فى بلادنا تصدر ضدهم أحيانًا أحكام نهائية من كبرى المحاكم، ومع هذا يماطلون فى تنفيذها.. بل يرفضون تنفيذ هذه الأحكام.. هذا هو السر الذى لم ينتبه إليه فضيلة الإمام محمد عبده.. غياب احترام القانون هنا هو علة تخلفنا، واحترامه هناك هو سر تفوقهم ورقيهم وتحضرهم!! المسألة ليست متعلقة بأن الشعوب الغربية ملتزمة أخلاقيًا، والشعوب الشرقية وُلِدَت بجينات أخلاقية رديئة!!.



#حسين_علي (هاشتاغ)       Hussein_Ali_Hassan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة التغافل
- زكى نجيب محمود وتجديد الفكر العربى
- قد تكون مظلومًا.. لكن هل حقًا تشعر بذلك؟
- الحق.. والحقيقة
- الحرية تاج على رؤوس الأحرار
- مجتمعات تذبح الإناث
- أوهام بشرية
- قِطَع الإسفنج
- نهج التهويل والتهوين في الإعلام الغربي
- هل الإنسان كائن حر؟
- «بلاش فلسفة . . !!»
- الاعتياد.. والاعتقاد
- سحر الكلمات


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محاضرة في الجامعة العبرية بتهمة الت ...
- عبد الملك الحوثي: الرد الإيراني استهدف واحدة من أهم القواعد ...
- استطلاع: تدني شعبية ريشي سوناك إلى مستويات قياسية
- الدفاع الأوكرانية: نركز اهتمامنا على المساواة بين الجنسين في ...
- غوتيريش يدعو إلى إنهاء -دوامة الانتقام- بين إيران وإسرائيل و ...
- تونس.. رجل يفقأ عيني زوجته الحامل ويضع حدا لحياته في بئر
- -سبب غير متوقع- لتساقط الشعر قد تلاحظه في الربيع
- الأمير ويليام يستأنف واجباته الملكية لأول مرة منذ تشخيص مرض ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف وحدة المراقبة الجوية الإسرا ...
- تونس.. تأجيل النظر في -قضية التآمر على أمن الدولة-


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - الدين المعاملة