أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - قد تكون مظلومًا.. لكن هل حقًا تشعر بذلك؟














المزيد.....

قد تكون مظلومًا.. لكن هل حقًا تشعر بذلك؟


حسين علي
كاتب

(Hussein Ali Hassan)


الحوار المتمدن-العدد: 7343 - 2022 / 8 / 17 - 23:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ أن قدم الفلاح المصرى الفصيح شكواه، وتاريخ الشرق حافل بالمظالم، إنه سجل ضخم للظلم والقهر، ومع هذا– أو قل لهذا– ينضح تراثنا بالأقوال والحِكَم والمواعظ التى تبرر الظلم وتحثنا على قبوله، بل يصل الأمر إلى درجة أننا نجد من بين هذه الأقوال ما يحبب الظلم والبلاء إلى نفوسنا. ففى مجتمعاتنا كثيرًا ما نجد المرء حين يحيق به ظلم أو يتعرض لغبن أو تصيبه مصيبة، يسارع معزيًا نفسه قائلًا: «بلاءه رحمة»، ويجد من يهمس فى أذنه مواسيًا: «المؤمن مصاب»، نردد كثيرًا مثل هذه الأقوال دون فحص أو إعمال عقل، ولا نكلف أنفسنا عناء السؤال عما إذا كان ما أصابنا هو حقًا بلاء من الله وليس مكيدة من تدبير البشر؟ وإذا كانت مكيدة بشرية، فما مبرر تحملها؟ ولماذا الإحجام عن محاسبة مدبرها؟ لا نسأل ولا نبحث، ونكتفى بالتفسيرات الدينية لنريح عقولنا ونُرْضِى أنفسنا. والأمر نفسه ينسحب على القول بأن «المؤمن مصاب» التى نرددها دومًا، ونردد فى مقابلها «النار لا تحرق مؤمنًا» ولا نلتفت أو ننتبه إلى التناقض الصارخ الكامن بين القولين، نغض الطرف عن هذا التناقض حتى نريح أنفسنا من عناء الفكر وهمومه.
هكذا نحن دائمًا كشعوب عربية مسلمة نسعى إلى ما يساعدنا على البقاء فى حالة السكون والجمود، ونشيح بوجهنا عن كل ما يحفزنا للنهوض!
حتى فى معظم أغنياتنا العاطفية يشجينا التغنى بالظلم، ونتلذذ بالاستماع إلى الشدو بالعذاب.. إننا فى حياتنا العاطفية «نشترى الحب بالعذاب.. نشتريه.. فمن يبيع؟» على حد تعبير الشاعر بالغ الرقة كامل الشناوي.
وإذا أردنا أن نبرهن، على سبيل الدلالة فقط لا الحصر، على صحة ما ذهبنا إليه من أن أغنياتنا العاطفية تتغنى بالظلم والظالمين، ومشحونةً دومًا بعواطف الاستجداء والتوسل للظالم. فعلينا أن نستمع لمقطع واحد من أغنية «يا ظالمني» لسيدة الغناء العربى أم كلثوم، وهى تشدو قائلة: «وتغضب لما أقول لك يوم يا ظالمني»، فتتعالى صيحات جمهور الحضور بأصوات مدوية هادرة مشاركًة أم كلثوم أنينها من الظالم، بدلًا من أن تستهجن خنوعها له على الأقل بالصمت، وهذا أضعف الإيمان!!
إن الظلم لم يقتصر على إهدار حقوق الناس، بل أفقدهم نفوسهم أيضًا، فتجد فى تراثنا الشعبى أقوالًا تدعو المرء إلى منافقة الظالم مع علمه المؤكد بظلمه: «إذا كان لك عند الكلب حاجة قل له يا سيدي»، و«اليد التى لا تستطيع قطعها بوسها».
مثل هذه الأقوال تصنع دائرة جهنمية لعينة يدور داخلها موظفو الدولة (بطبيعة الحال هناك استثناءات مشرفة). فالمرءوس يقف خاضعًا ذليلًا أمام رئيسه، وهو ذاته يستأسد فى مواجهة موظفيه ومرءوسيه، وكل واحد من هؤلاء الموظفين يقف وكأنه الحاكم بأمره أمام مرءوسيه، وهكذا وهكذا- عملًا بالمبدأ السابق مع التحوير- «إذا كان لك عند الكلب حاجة كن كلبًا ذليلًا فى تعاملك معه حتى تنقضى حاجتك».
إننا كثيرًا ما نبث شكوانا لبعضنا البعض فى أية مناسبة من ظلم الظالم واستبداده وحين يعود كل منا إلى عمله فى الصباح؛ فإنه يرتكب من صنوف الظلم والاستبداد ما لا يقل أبدًا عما كنا نشتكى منه فى المساء، وهذه واحدة من المفارقات الغريبة التى نعايشها فى الشرق منذ أزمان بعيدة. إن بعض المثقفين والكتاب حين يكون الواحد منهم لا يشغل منصبًا قياديًا وبعيدًا عن مراكز صنع القرار يحلو له كثيرًا التشدق بالحرية والديمقراطية، ويداوم على توجيه سهام النقد لكل من يتبوأ منصبًا، وحين يجود عليه الدهر بمنصب قيادى ويستحوذ على رضا السلطة الحاكمة، ويسكن حضنها الدافئ، ويحتل أحد المناصب العليا فى الدولة، ينقلب حاله من معارض شرس للسلطة الحاكمة إلى عدو للناس، مناهضًا لمطالبهم المشروعة، وحقوقهم المستحقة، ولا يرى حقًا أو حرية للمواطن فى شيء، وإنما الحق كل الحق للحاكم فى أن يقول ويفعل ما يشاء فى من يشاء.
الظلم شيء، والإحساس بالظلم شيء آخر، قد تكون مظلومًا ولا تدرك ذلك، إن وجود الظلم ذاته لا يشكل أية مشكلة للظالم والمظلوم، المشكلة تبدأ حين يستشعر إنسان ما أن ثمَّة ظلمًا حاصلًا، ويشرع فى محاولة رفع هذا الظلم بالقول أو بالفعل. من هو هذا الإنسان المقاوم للظلم؟ هل هو من وقع عليه الظلم بالفعل؟ فى كثير من الأحيان لا يكون هو ذاته بالضرورة. إن الضحية الدائمة للظلم هم الفقراء والمعدمون وبسطاء الناس، وهؤلاء غالبًا ما يحمدون الله على كل شيء، دائمًا يرددون: «الحمد لله على ما ابتلانا».. «افتكاره رحمة»
ويراهن الحكام المستبدون على قوة تحمل هذه الفئة وصبرها واستكانتها، كما أن هذا يفسر لنا سر هذا التحالف المريب بين الحاكم ورجال الدين على مر العصور، وكيف تم على مر العصور توظيف الدين وتطويعه وتسويقه بغرض تهجين الناس.
إن المخلصين من قادة الفكر والمثقفين المميزين هم من يمتلكون قرون استشعار يتحسسون بها مواطن الظلم، لذلك لا تجد السجون مكتظة بالفقراء والمعدمين والبسطاء إلا من كان منهم قد ارتكب جرائم جنائية، فى حين أن المفكرين والمثقفين تضيق بهم السجون والمعتقلات بتهم سياسية، فهم أكثر إحساسًا بالظلم رغم أنك تجد حال معظمهم ميسورًا مقارنةً بحال الفقراء والبسطاء.



#حسين_علي (هاشتاغ)       Hussein_Ali_Hassan#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحق.. والحقيقة
- الحرية تاج على رؤوس الأحرار
- مجتمعات تذبح الإناث
- أوهام بشرية
- قِطَع الإسفنج
- نهج التهويل والتهوين في الإعلام الغربي
- هل الإنسان كائن حر؟
- «بلاش فلسفة . . !!»
- الاعتياد.. والاعتقاد
- سحر الكلمات


المزيد.....




- مصادر في الخليج توضح لـCNN موقفها بشأن وقف إطلاق النار بين إ ...
- الحرب الكورية التي لم تنتهِ، كيف بدأت؟
- ثماني طرق تساعدك على التخلص من -المماطلة-
- هل تستفيد غزة من نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران؟
- الموت بحثا عن الطعام في غزة.. استخدام الغذاء سلاحا في غزة جر ...
- سوريا: توقيف عدد من المتورطين بتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق ا ...
- مسلسل موبلاند: حين تحاصر المخاطر أكبر عائلة مافيا في لندن
- عبر الخريطة التفاعلية نتعرف على أبرز الهجمات الإيرانية على إ ...
- رئيس الوزراء القطري: نؤثر دوما الدبلوماسية والحكمة على أي شي ...
- دراسة: التفاؤل يقلل من فقدان الذاكرة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - قد تكون مظلومًا.. لكن هل حقًا تشعر بذلك؟