|
قمّة المناخ في شرم الشيخ وما تنتظره البشريّة منها .
علي فضيل العربي
الحوار المتمدن-العدد: 7426 - 2022 / 11 / 8 - 02:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تكن قمّة المناخ الحالية ، المنعقدة في شرم الشيخ ، و لا القمم السابقة ، لتنعقد أبدا ، لولا عنجهية الإنسان المعاصر و رعونته و استبداده و جبروته و تهوّره ، لكنّ المثل القائل " يداك أوكتا و فوك نفخ . " ، هو خير ما ينطبق عليه ، و يفضح مسؤوليته عن تدهور المناخ . هذا الإنسان الذي خلقه الله تعالى ، ليستعمر الأرض من خيراتها الظاهرة و الباطنة ، فإذا به يمسي و يصبح في خرابها و استنزافها . فيحرق الغابات ، عمدا أو إهمالا ، و يزيل غطاءها النباتي ممّا نتج عنه التصحّر ، و يلوّث الجو و المياه العذبة و المالحة ، و يغرق التربة بالنفايات السائلة و الصلبة ، المشعّة و السامة . و يطلق العنان للملوّثات الصادرة من المصانع والكبرى و الصغرى ، ممّا أدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب الأرضي ، بواحد في المائة و ربّما إلى واحد و نصف في المائة ، سنة 2030 م ، و ذوبان الجليد ، و حدوث الفيضانات ارتفاع منسوب البحار و المحيطات . كلّ ذلك ، طمعا في تحقيق طموحه الدنيوي ، المتمثّل في التنافس لعولمة الكرة الأرضيّة . لا أدري ، بالضبط ، إلى أين يريد أن يصل هذا الإنسان بسلوكه المتهوّر ، و هو يعامل الطبيعة ، و كأنّها عدوّ لدود ؟ و هو يعلم ، أن لا موطن له سواها . أم أنّه يفكّر في غزو الفضاء ، لإيجاد كوكب آخر ، و وطن آخر . ككوكب المريخ مثلا . إنّ الفكر الميتافيزيقي ، لن يحقّق للإنسان المعاصر ، و ما بعد المعاصر ، مقدار قطمير من أحلامه المتمثّلة في غزو كواكب أخرى و استعمارها ، كما فعل غزاة الأمس ،حين اكتشفوا قارات و جزر ، و استوطنوها . إنّها ( أحلامه ) ضرب من الجنون و الخبل . و مهما يكن ، فإن الاستدراك خير من السقوط الحرّ . و معالجة العلّة خير من تركها تستفحل ، و ضياع الجزء أفضل من ضياع الكلّ . لعلّ قمّة شرم الشيخ بأم الدنيا - التي سيستمّر انعقادها من يوم الأحد 06 إلى 18 نوفمبر الجاري - تتوصّل إلى تشخيص حقيقيّ و شامل للكارثة البيئية ، المهدّدة للوجود الإنساني و الحيواني و الغطاء النباتي . و إيجاد الحلول الناجعة لأزمة المناخ ، نتيجة الانبعاثات الملوّثة ، و الخروج باتّفاق مشترك بين الدوّل المجتمعة ، و خاصة الدول الصناعيّة الكبرى . و الواضح للعيان ، أنّ العلم المعاصر قد صار له وجهان . وجه مضيء ، نيّر ، و وجه أسود ، مظلم و لنبدأ بالوجه المنير منه ، فقد استطاع العقل - خاصة منذ القرن عشر الرابع ، و بداية مسيرة الازدهار العلمي و الفلسفي في عصر التنوير الأوربي و النهضة - تحقيق إنجازات علميّة و سياسيّة و فكريّة باهرة ، في شتى ميادين الحياة اليوميّة ، و خير شاهد على ذلك هذا التطوّر التكنولوجي المادي ، و وسائل الترف و الراحة . أمّا وجهه الأسود ، المظلم ، فلا يخفى على من له بصر و بصيرة . لقد ابتدع الإنسان لنفسه نوعا من الخوف و الفزع و ( الفوبيا ) من ذاته . فلجأ إلى اختراع سياسة السباق نحو التسلّح بوسائل القتل و التدمير ، من أسلحة فتّاكة و قنابل تقليديّة و ذريّة و بيولوجيّة و كيماوية و جرثوميّة ، و اختلق حروبا عالميّة مدمّرة ( الحربان العالميتان ) ، و حروبا إقليميّة و أهليّة . و حروبا باردة ، مهّدت لحروب حاميّة الوطيس . أجلّ ، إنّ الحرب الدائرة ، منذ ثمانيّة أشهر ، بين الروس و الأوكرانيين - أو لنقل بين حلف الناتو من جهة ، خلف الستار الأوكراني ، و الحلف الروسي ، الصيني ، الإيراني ، الكوري الشمالي ، خلف الستار الروسي – بالإضافة إلى أزمة المناخ ، ستقصم ظهر الإنسانيّة ، و ستعيدها إلى العصر الحجري ، إذا تحوّلت إلى حرب نووية . و ستكون انقراضا للجنس البشري ، كما انقرضت الديناصورات قبل آلاف السنين . و بالتالي ستكون نهاية فظيعة لحضارة قضى من أجل بنائها ملايين البشر . إذن ، فلتكن قمّة شرم الشيخ ، فرصة سانحة للمجتمعين - و خاصة أصحاب الحلّ و العقد - لإيقاف الحرب بين روسيا وأوكرانيا ، و تطهير مناخ كوكبنا الجميل من مخلّفات الرعونة البشريّة و النفايات الضارة . و لتكن البداية ، بتوقيف جميع الحروب و النزاعات ، و إنقاذ ضحايا الجوع و الجفاف و الاستبداد و الإرهاب ، و نشر الأمن و السلام بين عموم البشر .
#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكتب لكم من الجنوب ( 6 )
-
أكتب لكم من الجنوب ( 5 )
-
أكتب لكم من الجنوب ( 4 )
-
أكتب لكم من الجنوب ( 3 )
-
أكتب لكم من الجنوب ( 2 )
-
أكتب لكم من الجنوب
-
ليلة إلقاء فاطمة بيدار في نهر السين
-
حديث عن أم ريفيّة ( 5 )
-
موسم الهجرة نحو الجنوب
-
متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟
-
جوع في الجنوب و حرب في الشمال
-
ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة
...
-
حديث عن أم ريفيّة ( 4 )
-
حديث عن أم ريفيّة ( 3 )
-
العقل قبل كل شيء
-
حديث عن أم ريفيّة ( 2 )
-
حديث عن أم ريفيّة
-
الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟
-
الحرب النظيفة و الحرب القذرة
-
أزمة الذكورة و الأنوثة في المجتمع العربي ؟ أين الخلل ؟
المزيد.....
-
أرعبت دولًا بالقتل والمخدرات والدعارة.. عصابة -ترين دي أراغو
...
-
-صفعة- عمرو دياب تتصدر المشهد وليدي غاغا تنفي شائعة حملها..
...
-
-إطلاق صواريخ فلق 2 واشتعال النيران بمبنى للاستخبارات-..عملي
...
-
ماذا يحمل وزير النقل اللبناني في حقيبته إلى روسيا؟
-
الحج بـ -التهريب-: -اضطررنا إلى التحايل لأداء الفريضة-
-
-أنقذوهم الآن-.. إطلاق منطاد ضخم في سماء تل أبيب للمطالبة با
...
-
موجة حارة تضرب اليونان وتركيا ومخاوف من حرائق الغابات
-
في عمر 101.. جندي أمريكي سابق يتحول إلى نجم على تيك توك
-
الخارجية الإيرانية تتحدث عن سوء تفاهم مع السعودية على خلفية
...
-
شولتس: القمة السويسرية حول أوكرانيا لن تشكل اختراقا بل ستكون
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|