أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 22














المزيد.....

قطار آخن 22


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7414 - 2022 / 10 / 27 - 11:30
المحور: الادب والفن
    


صَبَّت هنيلوري الشاي البارد في الفناجين، قدمت لكلٍ فنجانه.

رفع إبراهيم يديه إلى الهواء حتى صارت أصابعه في وجه هنيلوري، قال بعصبية مفاجئة:
ـ لا أريد الشاي، لا أطمئن لهذه الحركة منكما، لم أسمع بهذا من قبل، هل تريدان قتلي، كما يحدث في الأفلام الأميركية؟
ـ رَوِّقْ يا إبراهيم، لا داعي للعصبية والخوف، تنفس بعمق.

الألمان يتكلمون عادة بثقة وهدوء، لا يستعملون الأصابع ولا الأيادي أثناء نقاشاتهم الجادة أو حواراتهم المسائية الخفيفة بهدف التسلية، الألمان يستهجنون لغة التَشْبِير الشرقية ويخافونها. اضطراب الأيادي والتلويح بها أثناء النقاش له مدلولاته الانفعالية ويخيف الغرب. التَشْبِير هو لغة الجسد الشرقي، لغة ثانية للكلام ووسيلة لإيصال فكرة. من يختار زيّ الضابط عليه أن يكون مُلِمّاً بعض الشيء بتعاليم الضباط الكبار. "يمكن للإنسان إعطاء النصيحة للآخرين، لكنه لن يستطيع تعليمهم السلوك الحضاري". هذا ما كتبه الضابط الفرنسي "فرانسوا دو لا روشفوکولد" قبل أكثر من ثلاثمئة عام.
ما هو السلوك الحضاري؟ كيف يتّشكل؟ ما هي ميزاته ومواصفاته؟ هل هو صفة مكتسبة؟ أي يتعلمه الإنسان خلال عملية احتكاكه بالمجتمع، أم هو غريزة؟ أي أنّه سلوك يُولد مع الإنسان ولا يتم اكتسابه، كيف يتم تعميمه على كافة أطياف وشرائح المجتمع دفعة واحدة ليصبح حالة اجتماعية بديهية؟

شعر إبراهيم بخيبة أمل وموجة خجل، ثم اِستدرك نفسه يجمجم:

ـ كل دقيقة أتعلم شيئاً جديداً في هذا المنزل لكني لا أرغب أن أموت كما مات الفنَّان "أحمد زكي" في فلم الإمبراطور.
**

جهزت الممرضة الناراجيل ثم صاحت باحتفالية:
ـ سيداتي سادتي، الأنابيب جاهزة للسحب.
ـ جَفَّ رِيقي، هل لدى المؤمنات ماء؟ سأل الضابط.
ـ أنت رجل غريب الأطوار. الخراطيم جاهزة للسحب وأنت تريد الماء، تفضّلْ يا سيادة الضابط، ها هي زجاجة الماء، اشرب كما تشاء.
ـ أريد فقط جرعة صغيرة لأني أخاف من ضيق التنفس، والموت بالسكتة الدماغية.

بعض الأزمات القلبية والنوبات الدماغية في الشرق مَرَدّها نقص الماء! كل ألماني تقريباً، من مختلف الأعمار، يحمل في حقيبته أو سيارته زجاجة ماء غازية، لا تفارقه، عليه أن يشرب حوالي ليترين أو ثلاثة لِيترات يومياً، بجرعات خفيفة وفي كل الأوقات. يستطيع الإنسان أن يصبح إنساناً فقط من خلال التربية نعم، إنه لا شيء إلا ما عملت منه التربية، كما تفلسف الألماني "إيمانويل كانت". الأعمار بيد الله حتماً، لكن لا داعي للقلق من الأمراض إذا كنت تعيش في ألمانيا، بين المستشفى والمستشفى يوجد مستشفى، بين العيادة والعيادة يوجد عيادة، بين الصيدلية والصيدلية يوجد صيدلية. نظام التأمين الصحي في هذا البلد هو الأقوى والأشمل عالمياً، الحكومة الألمانية بأحزابها المتباينة تَكَفَّلَت بضمان صحي متساوٍ لكل الشرائح الاِجتماعية، على قاعده التساوي كبشر، الفرق يكمن فقط في المساهمة، من لا يعمل أو من لا يستطيع العمل تدفع عنه الدولة للحصول على العلاج الجيد، من يعمل، يدفع رسوماً شهرية أعلى، مناصفة مع رب العمل، من يكسب شهرياً أكثر، يدفع أقساطاً أعلى بكثير من مبدأ التعاضد الاِجتماعي، لكنه يتمايز بعض الشيء عن الآخرين من حيث الرفاهية الطبية. من ناحية أخرى لا تسمح الحكومة للأطباء والصيادلة أن يتحولوا إلى مقاولين وتجار كما الحال عالباً في الشرق الحزين. هنا يوجد سقف دخل محدد لكل طبيب، كي تُتاح فرص العمل والربح للآخرين، لكن بالمقابل له الحق في الشهرة وأن يتمايز بمهاراته ومتابعاته للجديد في الطب ومُعَدّاته. يُسمح له ودون حدود بقبول وعلاج كل شخص يحمل بطاقة تأمين صحي، لكن تبقى تسعيرة الفحص والمعالجة ويبقى سقف الأجور دون تغيير بحسب القوانين الناظمة. وحدهم الأطباء الأجانب في هذا البلد قد بَرَعَوا، لكن بحدود ضيقة، في التجاوزات الطبية والتهرب من الضرائب والرسوم والاحتيال على شركات التأمين الصحي.
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار آخن 21
- قطار آخن 20
- قطار آخن 19
- قطار آخن 18
- قطار آخن 17
- قطار آخن 16
- قطار آخن 15
- قطار آخن 14
- قطار آخن 13
- قطار آخن 12
- قطار آخن 11
- قطار آخن 10
- قطار آخن 9
- قطار آخن 8
- قطار آخن 7
- قطار آخن 6
- قطار آخن 5
- قطار آخن 4
- قطار آخن 3
- قطار آخن 2


المزيد.....




- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
- الحرب والغرب، والثقافة
- -الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي ...
- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 22